* جاءَ في طَبقات الحَنابِلةِ ( ص 19 ـ 21 ) :
أنبأَنَا عليٌّ، عن ابنِ بطَّةَ، حدَّثنا أبُو بَكرٍ النَّجَّادُ، حدَّثني هارُونُ بنُ العبَّاس، حدثَّنا محمَّد بن بِشرٍ، قالَ : حدَّثنا عبدُ الرَّحمن بنُ شَرِيكٍ، حدَّثنا أَبِي، حدَّثنا أَبُو يَحْيَى القَتَّاتُ، عَن مُجاهِدٍ.
قَالَ النَّجَّادُ : وحدَّثنا مُعاذُ بنُ المُثنَّى، حدَّثنا خلَّادُ بنُ أَسْلَم، قَالَ : حدَّثنا مُحمَّدُ بنُ فُضَيلٍ، عن لَيْثٍ، عن مُجَاهِدٍ ـ كُلّهُم ـ قَالَ في قَولِ اللَّـهِ عزَّ وجلَّ :عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا
قالَ : يُجْلِسُهُ مَعَهُ على العَرشِ.
قَالَ النَّجَّادُ : وسَأَلتُ أبَا يحيى النَّاقِدَ ويَعقوبَ المُطَوّعِيَّ وعبدَ اللَّـهِ بنَ أحمدَ بنِ حَنبلٍ، وجَمَاعَةً مِن شُيُوخِنَا، فَحدَّثُوني بِحديثِ مُحمَّدِ بنِ فُضَيلٍ، عَن لَيْثٍ، عَن مُجَاهِدٍ، وسألتُ أبَا الحَسَنِ العَطَّارَ عَن ذلكَ ؟ فحدَّثني بحديثِ مُجَاهِدٍ، ثُمَّ قالَ: سَمِعتُ مُحَمَّدَ بنَ مُصْعَبٍ العَابِدَ يَقُولُ هَذا، حتَّى تَرَى الخَلائِقُ مَنْزِلَتَهُعِندَ رَبِّهِ تَبارَكَ وتَعالَى، وكَرَامَتَهُ لَدَيْهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ مُحَمَّدٌ
إلى غُرَفِهِ وَجَنَّاتِهِ وأَزْوَاجِهِ، ثُمَّ يَنْفَرِدُ عَزَّ وَجَلَّ بِرُبُوبِيَّتِه ِ .
* قال النَّجَّادُ: ثُمَّ نَظَرْتُ فِي كتابِ أحمدَ بنِ الحَجَّاجِ المَرُّوذِيِّ، ـ وهُوَ إِمامُنا وقُدوَتُنا والحُجَّةُ لنا في ذلكَ ـ فَوَجَدْتُ فيه ما قَد ذَكَرهُ مَن رَدَّ حديثَ عبد اللَّـه بنِ سلام ومُجَاهِدٍ، وذَكَرَ أسماءَ الشُّيُوخِ الّذين أنكروا على مَن ردَّ ذلكَ أَو عارَضهُ .
قالَ النّجّادُ: فالذي نَدِينُ اللَّـهَ تَعَالَى بِهِ، ونَعْتَقِدُهُ: مَا قَد رَسَمْنَاهُ وَبَيَّنَّاهُ مِن مَعَانِي الأَحَادِيثِ المُسْنَدَةِ عَن رَسُولِ اللَّـهِ، وَمَا قَالَهُ عبدُ اللَّـهِ بنُ العَبَّاسِ ومَن بَعدَهُ مِن أَهلِ العِلمِ، وأَخَذُوا بِهِ كِابِرًا عَن كَابِرٍ، وجِيْلًا عَن جِيلٍ، إِلى وَقتِ شُيُوخِنا، فِي تَفْسِيرِ قَولِهِ تَعَالَى :
عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا
أنَّ المَقَامَ المَحْمُوْدَ : هُوَ قُعُودُهُمَعَ رَبِّهِ على العَرْشِ، وكانَ مَن جَحَدَ ذَلكَ وتَكَلَّمَ فِيهِ بالمُعارَضَةِ إنَّمَا يُرِيدُ بِكَلَامِهِ فِي ذلكَ كلامَ الجَهْمِيَّةِ، يُجَانَب ويُبَاين ويُحَذَّرُ عَنهُ،
وكذلكَ أخبرني أَبُو بَكرٍ الكاتبُ عَن أَبِي دَاوُدَ السِّجِسْتَانِي ِّ أَنَّهُ قَالَ: مَن رَدَّ حَديثَ مُجَاهِدٍ فَهُوَ جَهِمِيٌّ .
وحدَّثنا مُحمَّدُ بنُ صُهَيْبٍ، وجَماعَةٌ مِن شُيُوخِنا عَن مُحمَّد بنِ عَبدِ المَلِكِ الدَّقيقيِّ، قالَ: سَمِعْتُ هَذا الحديثَ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَة، مَا سَمِعْتُ أَحَدًا يُنْكِرُهُ، إِنَّمَا يُكَاذبُهُ الزَّنَادِقَةُ والجَهْمِيَّةُ .
قالَ النَّجَّادُ: وَذَكَرَ لنا أَبُو إِسْماعِيلَ السُّلَمِيُّ أَمْرَ التِّرمِذِيِّ الَّذي رَدَّ فَضِيلَةَ النَّبِيِّوصَغَّرَ أَمْرَهُ، وَقَالَ: لَا يُؤْمِنُ بِيَومِ الحِسابِ .
قالَ النَّجَّادُ : وَعَلَى ذلكَ مَن أَدْرَكْتُ مِن شُيُوخِنَا أَصْحابِ أَبِي عَبدِ اللَّـهِ أَحْمدَ بنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، فَإِنَّهُم مُنكِرُون عَلَى مَن رَدَّ هَذِهِ الفَضِيلَةَ، وَلَقَدْ بيَّنَ اللَّـهُ ذلكَ عَلَى أَلْسِنَةِ أهلِ العِلمِ على تَقَادُمِ الأَيَّامِ، فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ بِالقَبُولِ، فَلَا أَحَدٌ يُنْكِرُ ذَلِكَ ولَا يُنَازِعُ فِيهِ .
قالَ النَّجادُ: فَبِذَلِكَ أَقُولُ: وَلَو أَن حَالِفًا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا أَنَّ اللَّـهَ يُقْعِدُ مُحَمَّدًامَعَهُ عَلَى العَرْشِ، وَاسْتَفْتَانِي فِي يَمِينِهِ، لَقُلْتُ لَهُ : صَدَقْتَ فِي قَولكِ، وبَرَرتَ فِي يَمِينِكَ، وامْرَأَتُكَ عَلَى حَالِهَا، فَهَذا مَذْهَبُنَا، ودِينُنَا، واعْتِقَادُنَا، وعَلَيهِ نَشَأْنَا، ونَحنُ عَلَيْهِ إلى أَن نَمُوت إِنْ شَاءَ اللَّـهُ، فَلَزِمَنَا الإِنْكَار عَلَى مَن رَدَّ هَذِهِ الفَضِيلَةَ الَّتي قَالَهَا العُلَمَاءُ، وتَلَقَّوْهَا بِالقَبُولِ فَمَن رَدَّها فَهُوَ مِن الفِرَقِ الهَالِكَةِ .