بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري

احذروا مثل هذه العبارات الشركية

ومنها على سبيل المثال لا الحصر

(الله ..الوطن.. الملك وبس)

(ما شاء الله وشئت)

(نعتمد على الله وعليك)

لقوله تبارك وتعالى في محكم تنزيله الكريم في سورة البقرة 21- 22

يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون * الذي جعل لكم الأرض فراشاً والسماء بناءً وانزل من السماء ماءً فاخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أنداداًوأنتم تعلمون

وعند أمر المولى تبارك وتعالى لنا : فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون... سنقف طويلا وذلك بالنهي نهياً مطلقاً بالشرك بالله عزوجل , وبألا نجعل لله عزوجل نداً أوشريكا سواء في الملك أوالألوهية أوالربوبية أو الصفات أو كل ما من شأن من شئون الله تبارك وتعالى , وهو الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا احد , وتجلى امر الله عزوجل لنا نحن عباده في قوله تعالى الكريم

فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون

ويجبالتنبيه على ما ورد في هذه الآية الكريمة من التحذير من الشرك مع العلم بانه شرك، ذلك أن الشرع رفع الاثم عن الانسان بما لا يعلم, أو لا علم له به، وان} علم فعليه بالتوبة النصوح والاستغفار في الشرك فيما لا يعلم، خاصة وأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان كثيراً ما يقول: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم، فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون

أي لا تجعلوا لله شركاء , ولا تنسبوا لغيرالله عزوجل شيئا من خصائص الربوبية والألوهية وأنتم تعلمون ، والعلم بذلك هو القصد والارادة، وكما روى ان ابي حاتم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية: الأنداد : الشرك أخفى من دبيب النمل على صفات سوداء في ظلمة الليل

وفي عالم اليوم وفي خضم الأحداث التي يشهدها العالم الاسلامي , كثيرا ما نسمع الناس وبشكل ملفت للنظر أنها تهتف هتافات شركية يضاهئون بلادهم ورئيسهم بالله عزوجل , كأنّ يقولون من على شاشات التلفزة: الله في السماء وفلان في الأرض وهذا شرك واضح , وقولهم : ما شاء الله وشئت وأيضا هذا شرك صريح, وقولهم: نحن مع فلان للأبد، أي أبدٍ هذا الذي يتكلمون عنه والخلد صفة مطلقة لله وحده لا شريك له من يدّعي أنه شريكا فيها قصمه الله عزوجل؟ وأيضاً قولهم: الله .. الوطن .. الملك او الرئيس وبس

انّ العبارة الايمانية الصحيحة لا تكون بهذه الألفاظ الشركية وانما تكون بتعليق الأمور لتكون كلها لله وحده لا شريك له, انما تكون بقولنا: الله وحده لا شريك له ولا احدٍ سواه, لذا فلا نجعل فيها فلانا وفلانا نضاهيه بالله عزوجل ، فهذه العبارات كلها عبارات شركية ومنها الحلف بالآباء والأبناء والأمهات, وهي كلها تقود قائلها الى النار من حيث لا يدري والعياذ بالله منها.

انّ الله سبحانه وتعالى له أن يُقسم بما شاء من خلقه ومخلوقاته، ولكن لا يجوز للمخلوق أن يُقسم بخلق الله عزوجل ولا بمخلوقاته جلّ وعلا, وليس للمخلوق أن يُقسم بمخلوق آخر مثله، وحتى ولو بواو الاستعطاف لا يجوز فيها القسم، كما في حديث أم حرام رضي الله عنها، كذلك قول الرجل لصاحبه ما شاء الله وشئت بالعطف بالواو، فهذا محذور شرعا، فيقال: ما شاء الله ثم ما شئت، وفي المشيئة لا بد من إثبات ثم.

ولله تعالى المثل الأعلى وله عزوجل ما ليس لعباده, له عزوجل أن يُقسم بمخلوقاته , ولا يجوز للمخلوق أن يُقسم او يحلف الا بالله عزوجل وحده, لذا نجد كيف عطف رسوله على اسمه الجليل في عدد من الآيات الكريمات، براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين، والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين

إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا

وللمشيئة خصوص فإن مشيئة المخلوق لا تتم إلا بعد مشيئة الله عزوجل, له سبحانه وتعالى ما يشاء، لقول الله تعالى:

لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين

وقول الرجل لولا الله وفلان، فهذه العبارة أيضا لا تجوز لآنها عبارة شركية, لا يجوز لنا قولها او قول، أعتمد على الله وعلى فلان أو أتكل على الله وفلان أو وعليك وهكذا.

فهذا هذا كله شرك ومما لا يجوز فيه , وهو من الشرك البيّن , فلا بد حينئذ من الفصل بحرف العطف: ثم.

وذلك لما رواه الترمذي وحسّنه وصحّحه الحالك رحمهما الله من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك

فإن عمر رضي الله عنه قال: سمعني رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلف بأبي فقال: لا تحلفوا بآبائكم فمن حلف بغير الله فقد أشرك

فمن حلف بغير الله تعظيما لذلك الغير وإنزالا له في منزلة الألوهية فقد أشرك بالله , هذا كله من الشرك الأصغر.

كل ما في الباب من الشرك الأصغر، قال ابن مسعود رضي الله عنه:

لأن أحلف بالله كاذبا أحب إليّ من أن أحلف بغيره صادقا

فالحلف بالله كاذبا شرك وكبيرة من الكبائر، وقد روى ابو داوود بسند صحيح من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان

وهذا في المشيئة وهو تنصيص عليها، وهل يحمل عليها غيرها ويقاس عليها قد سبق خلاف أهل العلم في ذلك وأن الراجح أن ذلك مما يختص بالمشيئة وما يشبهها كالتوكل والاعتماد، وجاء عن إبراهيم النخعي أنه يكره أعوذ بالله وبك، فالعوذ أيضا قد سبق أن الاستعاذة من خصائص الألوهية، ويجوز أن يقول بالله ثم بك، وبالنسبة للاستعاذة الذي سبق فيها أنه لا يجوز الاستعاذة بالمخلوق، وقد ذكر فيها حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ويقول: لولا الله ثم فلان، ولا تقولوا لولا الله ثم فلان

فهذا فيما يتعلق بالأفعال، فيه مسائل الأولى تفسير آية البقرة، وهي قول الله تعالى:

فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون

وجاء في تفسير الأنداد في هذه الآية: هو كل من يذكر مع الله عزوجل.

واذا كان الصحابة رضوان الله تعالى عنهم يفسرون الآية النازلة في الشرك الأكبر أنها تعم الشرك الأصغر.

هذا عدا على أن الحلف بغير الله شرك, وان كان شركا أصغرا كما سبق الا أنه شركا، وللعلم بأنه من حلف بغير الله صادقا فهو عند ابن مسعود رضي الله عنه أكبر واعظم من اليمين الغموس, ذلك لأنّ الحلف بغير الله اشراك ولا كفارة للشرك الا بالتوبة النصوح, بينما الحلف باليمين الغموس له كفارة كما هو معلوم.

ثم الفرق بين حرف العطف الواو وحرف العطف ثم في اللفظ, فالواو تعطف السابق على اللاحق واللاحق على السابق، وهي تقتضي المصاحبة وذلك معناها، وثم هي للترتيب بالانفصال، وهي تقتضي التأخر.

وروى ابن ماجه رحمه الله , ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تحلفوا بآبائكم , من حلف بالله فليصدُق , ومن حُلِفَ له بالله فليرض، ومن لم يرض فليس من الله

وهذا الحديث فيه ثلاث مسائل

الأولى: أنه لا يجوز الحلف بالآباء وغيرهم من بني البشر , فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا النوع من الحلف ، لأن الحلف بغير بالله عزوجل فيه التعظيم للمحلوف به ولا تعظيم الا لله وحده, وهذا الحلف هو من الشرك الأصغر ومثلهم كل معظم، فلا يجوز للانسان أن يحلف بغير الله عز وجل

ثانيا: أنه من حلف بالله فليصدُق، ذلك انّ اليمين يلزم ويجب الحفاظ عليها لقوله تعالى: واحفظوا أيمانكم

الثالثة: ومن حلف له بالله فليرض، فمن حُلف له بالله فليقنع، فكفى بالله مَقْنَعًا، ومن لم يرض فليس من الله تعالى في شيء، نسأل الله السلامة والعافية، فهذا دليل على أنه قد ابتعد عن منهج لله.

أما قول: ما شاء الله وشئت, وقول: الله ..بلدنا, رئيسنا وبس.. فهذان بابان آخران من أبواب الشرك الخفي وهو من الشرك الأصغر والذي كثر دورانه على ألسنة بعض الناس خاصة في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها بعض الدول الاسلامية, لذا وجب التحذير منه، لما رواه النسائي رحمه الله من حديث قتيلة رضي الله عنه أن يهوديا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال اليهودي: إنكم تشركون، تقولون ما شاء الله وشئت وتقولون والكعبة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا ورب الكعبة وأن يقولوا ما شاء الله ثم شئت

وهذا بيان واضح من النبي صلى الله عليه وسلم : لأن المؤمن لا يستنكف ولا يستكبر عن الحق إذا سمعه ولو كان يسمعه من يهودي أو عدو لله، فإذا سمع الإنسان الحق قبله مطلقا , كما قال الله تعالى في سورة الزمر 18:

فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتعبون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب

وللنسائي رحمه الله أيضا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما, أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت , فقال له عليه الصلاة والسلام:

أتجعلَني لله نداً، ما شاءَ اللهُ وحدَهُ

وهذا مما يكثر دورانه على ألسنة الناس، من اتخاذ الأنداد فيقول أحدهم لله ورسوله , إذا أراد أن يسأل ويطلب، فيقول لله ورسوله، فيقال له لله وحده، وحتى إن بعض الناس إذا أراد أن يُودع صديقا له نسأل الله السلامة يقول له استودعتك الله ورسوله، وهذا العطف في غير موضعه، فالنبي صلى الله عليه وسلم أنكره إنكارا شديدا وقال: أتجعلني لله ندا، ما شاء الله وحده.

ولابن ماجة عن الطفيل أخي عائشة لأمها رضي الله عنهم قال رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود قلت: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون: عزير بن الله، قالوا وأنتم لأنتم القول لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، ثم مررت بنفر من النصارى فقلت إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح بن الله، قالوا وأنتم لأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، فلما أصبحت أخبرت بها من أخبرت ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، قال: هل أخبرت بها أحدا، قلت نعم، قال: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن طفيلا قد رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها،فلا تقولوا ما شاء الله وشاء محمدولكن قولوا ما شاء الله وحده

وهذا الحديث مثل سابقه فيه زجرٌ ونهيٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا يقول الإنسان ما شاء الله وشاء محمد، لأنّ في ذلك شرك بالله من اتخاذ نداً لله، فحذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبب ذلك هذه الرؤيا التي رآها الطفيل رضي الله عنه فإنه رأى في المنام أنه مر على رهط من اليهود فقال: لأنتم القوم، أي أنتم القوم المرضيون لولا أنكم تقولون عزير ابن الله , فأنكر عليهم أكبر ما وقعوا فيه من الخطإ , فأجابوه فقالوا: ولأنتم القوم أيضا مدحوا المسلمين إلا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، وكذلك مر على رهط من النصارى فقال: لأنتم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله فأنكر عليهم أكبر ما لديهم من الشرك، فردوا عليه أيضا باستنكار هذا لدى المسلمين،

واذا قوله صلى الله عليه وسلم أجعلتني لله ندا؟

مَنْ سبَّ الدهر فقد آذى الله عزوجل

نعم ومن سبّ الدهر فقد اشرك, ومن الشرك الخفي : سب الدهر، وقد يقع فيه كثير من المسلمين، وقد ورد النهي عن سب الدهر، وقول الله تعالى على لسان المشركين:

وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر

وهذا من كلام المشركين الذين أخذوا برأي الدهرية الذين يرون أن هذه الحياة هي الحياة الحقيقية، وأنه ليس بعدها حياة أخرى، قالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا، فليس بعدها حياة أخرى، نموت ونحيا، أي يقصدون بذلك الحياة ثم الموت بعدها والعطف لا يقتضي الترتيب، العطف بالواو هنا لا يقتضي الترتيب، فالمقصود نحيا ثم نموت، وما يهلكنا إلا الدهر، فهم يزعمون أن الدهر هو الذي يُهلكهم وأنه هو الذي يتصرف، وهذا مثل مذهب الدُّهْرِيَّةُ الذين الأرحام تدفع , والأرض تبلع وما يهلكنا إلا الدهر، وهو مذهب منكر من مذاهب المجوس قديما، وقد انتقل إلى جزيرة العرب فقال به بعض مشركيها، فرد الله عليهم ذلك ونعاه، وفي الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى:

يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار

فقد بيّن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث القدسي ما رواه عن ربه عز وجل أنه يقول: يؤذيني ابن آدم، والإيذاء هنا بمعنى المَسَبّة، أي يسُبُّني ابن آدم، يسبُّ الدهر وأنا الدهر، فإنه إنما يسب الدهر بسبب التصرف، والتصرف هو من عند الله وليس من عند الدهر، فالدهر ظرف للتصرف يجعل الله فيه ما شاء من الخير والشر، فإذا سب الإنسان الدهر أو الزمن اليوم أو الشهر أو السنة أو نحو ذلك، فإنما يتسخط قدر الله عزوجل الذي أجرى في ذلك الظرف الزمني، لهذا قال تعالى: يسب الدهر وأنا الدهر.. أي أنا المقصود حينئذ، وليس المقصود الدهر الذي هو الزمان، بل المقصود مُجْرِي الدهر الذي يصرفه كيف يشاء، ويصرف فيه ما شاء، ومن هنا كل تسخط للدهر هو تسخط لقضاء الله وقدره، لأن الله هو الذي أجرى الأمور كلها في هذا الزمان وشغل الزمان بها، والله يُقلب الليل والنهار، أي أن التصرف الحاصل في الدهر هو من عند الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، وليس لليل ولا للنهار ولا للشهر ولا للسنة أي تأثير في أي شيء، فالله يجعل في يوم بردا وفي يوم حرا، وفي يوم خِصْبًا وفي يوم قَحْطًا وفي يوم حربا وفي يوم سِلْما، فهو يُصرف الليل والنهار ويُقلبهما ويفعل فيهما ما يشاء، وهو القابض الباسط، وفي الحديث النبوي الشريف : لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر

وهذا حديث مستقل لأن الأول حديث قدسي، يرويه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل، والثاني حديث نبوي وكلاهما وحي من عند الله عزوجل، والفرق بينهما أن الحديث القدسي رواه رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظه ومعناه، أوحي الله عزوجل إليه لفظه ومعناه، والحديث النبوي أوحي الله عزوجل إليه معناه فعبر هو عنه صلى الله عليه وسلم بكلامه، فقال: لا تسبوا الدهر فهذا نهي عن سب الدهر مطلقا فإن الله هو الدهر، أي إذا سببتموه فإنما تسبون الله لأن الدهر لا تصرف له وليس فيه ما يقتضي مدحا ولا ذما، إنما يجري الله فيه ذلك.

التسمية بملك الملوك

وهذه من المسميات المحذورة والمنهي عنها لفظا لما فيها نقص للتوحيد واعتداء ومنها التسمي بملك الأملاك وما يشبه ذلك من الأسماء، فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي بيده الأمر كله وإليه يرجع الأمر كله وهو الملك وهو الذي يقضي بالحق، وما اطلاق المخلوق على نفسه مثل هذه المسميات والألقاب الا تجاوز وتعد على صفة الالوهية وصفة الخالق، وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله فهذا الحديث الشريف يبين لنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن أخنع الأسماء: أي أذلها عند الله عزوجل، رجل تسمى ملك الأملاك، أي هذا الاسم وهو ملك الملوك أو ملك الأملاك، ثم عقب على ذلك بقوله: لا مالك إلا الله، فمن تسمى بذلك وأراد به الكبر والتجبر في الأرض، فهو أخنع عند الله من جميع المتسمين بما سوى ذلك من الأسماء والمتلقبين

وقد كان في دعاء أُبَيّْ رضي الله عنه: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونخنع لك ونخلع ونترك من يكفرك

قال سفيان الثوري رحمه الله: (مثل شاهان شاه)، وهذه الكلمة من الفارسية، والشاه الملك، وشاه شاه معناه ملك الملوك بالفارسية.

وفي الحديث الشريف

أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه من تسمى ملك الأملاك

فأغيظ رجل أي من ادعى ما ليس له, والكبرياء رداء الله, والعظمة ازاره عزوجل فمن نازعه فيهما قصمه الله تعالى, فالتسمي بملك الأملاك او ملك الملوك او قاضي القضاة فيه من الكبرياء ومن المبالغة وتجاوز الحد ما فيه لوجوب النار لقوله تعالى في الحديث القدسي الجليل:

الكبرياء ردائي والعظمة ازاري فمن نازعني فيهما أدخلته ناري

ذلك أن الله سبحانه وتعالى هو الملك , وهو قابض السماوات السبع والأراضين السبع بيمينه , فيهزهن ويقول:

أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟

ولنعلم جميعا بأن النهي عن التكبر والتجبر انما لإجلال الله سبحانه وتعالى واعترافا بنا نحن بنو آدم بمقام الألوهية وإجلالا لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له.

الاستهزاء بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسولصلى الله عليه وسلم

والاستهزاء بآيات الله عزوجل وأسماءه الحسنى صفاته الجليلة او بآية من كتاب الله أو برسول الله صلى الله عليه وسلم هو نوع من أنواع الشرك يخرج فاعله من ملة الاسلام, ان فعل ذلك عامدا به عالما به، فمن رمى شيئا من القرآن في قذر، أو شيئا فيه اسم الله في قذر، وأراد بذلك الاستهزاء بالاسم فقد كفر بذلك، ومثل ذلك ما فيه اسم الرسول صلى الله عليه وسلم أو ذكر له، يقول الله تعالى في سورة التوبة 65:

ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب, قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون

فهذه الآية من سورة التوبة نعى الله فيها على المنافقين أنهم يعتذرون بأنهم غير جادين وأنهم إنما قالوا ذلك استهزاءً ولعبا , فلم يعذرهم الله بذلك لأنه لا فرق في هذا الأمر بين الجد واللعب.

والله وليُّ التوفيق وهو وحده اعلم بغيبه