وقال شيخ الأزهر إن اختلاف الأديان والألسنة والألوان مشيئة إلهية وآية من آيات الله، لقوله تعالى " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين"، مطالبا كل أتباع الأديان السماوية باحترام تلك المشيئة الإلهية، مشيئة الله في الاختلاف ، مستشهدا بقوله تعالى "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، وقال إن الأقباط هم أهل مودة للمسلمين ولا يقبل أن تكون المودة بدون قبول لطقوسهم ودور عبادتهم.
http://gate.ahram.org.eg/NewsContent...%88%D8%A8.aspx
==================
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه .... أما بعد :
قال تعالى { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ }[سورة هود آية : 118-119] .
فهذه الآية فيها إخبار مقرون بذم ومدح من العليم الحكيم , ذم لما كان وسوف يكون من الاختلاف والفرقة خصوصًا بين أهل الإسلام , ومدح لأهل الرحمة والاجتماع , التاركون للفرقة والعذاب , المعتصمون بحبل الله التواب , فجمع جل وعلا المختلفين وأفرد المرحومين , مما يعني أن أهل الاختلاف طوائف شتى , وأما أهل الرحمة فطائفة واحدة .
وفي هذا شاهد لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكره لاختلاف أمته إلى ثلاث وسبعين فرقة , وأن الرحمة والنجاة لفرقة واحدة , والوعيد بالعذاب لباقي الثنتين والسبعين فرقة المفارقة لسبيل المؤمنين .
ويغلط من يظن أن الله العليم الحكيم خلق الخلق للاختلاف والعذاب مستدلًا بقوله تعالى { وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ } , والصواب أن اسم الإشارة راجع للرحمة المذكورة في قوله { إِلاّ مَنْ رَحِمَ } لأنه أقرب مذكور فيكون المعنى { وَلِذَلِكَ } أي للرحمة { خَلَقَهُمْ } وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما وعلى هذا أكثر المفسرين والمحققين من أهل العلم .
فالاختلاف بين طوائف الأمة أمر واقع والأدلة من الكتاب والسنة متضافرة في تأكيد ذلك , إلا أن الله قد استثنى أهل الرحمة وهم الناجون من الفرقة والاختلاف كما في قوله عليه الصلاة والسلام : " لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " متفق عليه
فالواجب على العاقل من المسلمين أن يتلمس صفات هذه الفرقة الناجية من عذاب الفرقة والاختلاف , وصفتها البارزة هي الاعتصام بالسنة والكتاب وتعظيم ما جاء فيهما وعدم تقديم عقول الرجال وأهواء الجهال عليهما , ولا يكون ذلك إلا باقتفاء أثر أئمة العلم والهدى من الصحابة والتابعين لهم بإحسان من السابقين واللاحقين, لأن إتباع الكتاب والسنة لا يكون إلا بفهم خير القرون وأتباعهم بإحسان , فهما متلازمان , فمن لم يتبع سلف الأمة لم يكن متبعًا للسنة والكتاب , ومن لم يتبع السنة والكتاب كان مفارقًا لهدي السلف والأصحاب.
فاتّباع هذه الفرقة الناجية إنما يكون بإتّباع أصولها لا أفرادها من المنتسبين إليها , لأن الأفراد معرضون للخطأ والغلط والنسيان , وأما الأصول التي اجتمع عليها أهل الرحمة فهي ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص , فالاعتصام إنما يكون بهذه الأصول المستمدة من الكتاب والسنة والتي أجمع على اعتقادها سلف الأمة .
ولو نظرت أخي المسلم لشناعة الأقوال الباطلة التي بنيت على عقائد ونحل مخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة أصحاب الحديث , لعلمت ضرورة الانحياز لهذه الفرقة الناجية والتدين بأصولها وسلوك طريقة أئمتها , وترك كل ما خالفها من أهواء وشبهات عاقبتها البوار والخسران ومن ذلك :
يقول الدكتور أحمد السايح أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر : " إن ولاية غير المسلمين على المسلمين جائزة ولا حرج فيها إذا كانت تخص أمرا مدنيا مثل المسلمين الذين يعيشون فى فرنسا أو بريطانيا أو أى دولة غير إسلامية يخضعون لقوانين تلك الدولة فى الأمور الدنيوية وليس الدينية. واستدل السائح بقول الله تعالى "ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " أى أن مشيئة الله اقتضت تعدد الأديان والمذاهب وينبغي على المسلم احترام مشيئة الله واحترام كافة الأديان والمذاهب.
وأيده الشيخ سيد عسكر من علماء الأزهر وأحد ممثلي جماعة الإخوان المسلمين في مجلس الشعب فقال : إن ترشيح القبطي لرئاسة الجمهورية أمر جائز وعلى الشعب أن يختار من يمثله عبر صناديق الانتخابات...وقال أيضًا : " نحن كمسلمين نكفر بعقيدة الصلب والمسحيين يؤمنون بها، ونكفر أيضا بأن المسيح هو مخلص الناس من الذنوب وهم يؤمنون بذلك، وفى نفس الوقت هم يكفرون بمحمد ونحن نؤمن به، وكون المسيحي الذي لايعترف بمحمد كافرا فنحن في نظر المسحيين أيضا كفار بدينهم " ...وأضاف قائلًا : القاعدة تقول "إن أي مؤمن بشئ كافر بضده " وهذا أمر يندرج على الجميع " . انتهى
http://www.alarabiya.net/articles/20...21/111949.html
أقول مستعينًا بالله العليم الحكيم : قول الدكتور السايح " أن مشيئة الله اقتضت تعدد الأديان والمذاهب وينبغي على المسلم احترام مشيئة الله واحترام كافة الأديان والمذاهب" هذه هي عقيدة الجبرية الضالة المخالفة للكتاب والسنة وعقيدة أهل السنة أصحاب الحديث في الإيمان بالقدر , وحاصلها أن كل ما يقع في الكون من الكفر والابتداع والفسوق والعصيان محبوب إلى الله تعالى وهو عنه راضي , لأنه وقع بعلم الله وتحت مشيئته !!
فالجبرية يزعمون أن العباد ليس لهم قدرة ولا مشيئة وإنما حركاتهم كحركات الأشجار في مهب الريح , ويزعمون أن الله تعالى عن قولهم قد أكره الكافر على كفره والمبتدع على بدعته والزاني على زناه تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا , لذلك فهم لا يثربون على الكافر كفره ولا على الزاني زناه ولا على المبتدع بدعته ويعللون ذلك بما علله الدكتور السايح بقوله " أن مشيئة الله اقتضت ذلك " والله تعالى ورسوله وعباده المؤمنون يبرئون من هذا القول الفاسد الضال .
فالذي دل عليه الكتاب والسنة وعليه سلف الأمة أن الله تعالى خلق العباد وجعل لهم قدرة ومشيئة كما قال تعالى { لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ } وقوله { فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } وأمدهم سبحانه بالسمع والبصر وخلق لهم قلوب يعقلون بها ويميزون ما ينفعهم وما يضرهم بالإضافة إلى إرسال الرسل وإنزال الكتب لتبصيرهم بطريق الخير ليتبعوه وطريق الشر ليجتنبوه قال تعالى { أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ } وقال سبحانه { أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }
وقال جل شأنه { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ } .
فمن لا يعرف الفَرق بين الفِرق لن يعرف الحق من الباطل , فهذه العقيدة الباطلة التي تمجها العقول الصحيحة , هاهو أستاذ العقيدة والفلسفة في الأزهر يصرح بها على رؤوس الأشهاد , والتي عاقبتها أن نرضى بالكفر والفسوق والعصيان ومن ذلك أن يلي الكافر الولاية العظمى على من آمن بالله ورسوله من أهل الإسلام وهذا مردود بإجماع أهل العلم وقد نقل الإجماع ابن حزم رحمه الله في مراتب الإجماع فقال : واتفقوا أن الإمامة لا تجوز لامرأة ولا لكافر ولا لصبي لم يبلغ وإنه لا يجوز أن يُعقد لمجنون . انتهى
فانظر أخي الكريم في هذين العالمين الأزهريين وأحدهما من حزب الإخوان المسلمين الجامع لكثير من الانحرافات الفكرية والعقدية , فهما لا يقصران عن معرفة هذا الإجماع , ولكنهما ينطقان بهذا الحكم المخالف للكتاب والسنة والإجماع بسبب عقيدة باطلة أو منهج منحرف ينتحلانه , فأمر العقيدة جد خطير , ولذلك شدد أئمة السلف ومن تبعهم من العلماء السلفيين اليوم في أمر الاعتقاد وأن الاجتماع لن يتم إلا بصفاء العقيدة وهو المطلب الأول لترجع الأمة لسابق عزها ومجدها فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم , ومن هنا يتيقن الحصيف عظيم أمر العقيدة ووجوب حمايتها من الشوائب والأكدار , فصحة العقيدة تعني سلامة التدين من الانحراف كما هو مشاهد في هذا المثال الحي لمن تبصر .
وأخيرًا لعل في هذا المثال تذكرة لبعض من جهل الفرق بين الفرق , فساوى بين علماء أهل السنة والاجتماع , وبين علماء البدعة والافتراق , وطالب بقبول التعدد في الفتيا والأخذ عن كل أحد , بدعوى التيسير , ولم يعلم أن الخلاف الفقهي يرجع في أكثره إلى اختلاف الاعتقاد وأصول الاستدلال , فتجد الأزهري أو الإخواني حليقًا للحيته بالكلية , مع أن حلقها بالكلية حرام إجماعًا , وما ذلك إلا لاعتقاده الباطل أو لاستدلاله الفاسد, فينشأ عن ذلك الضرر الكبير على دين أهل الإسلام ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المبطلون , فاللهم ثبتنا على نعمة الإسلام والسنة وصل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.
وكتبه / أبو طارق علي النهدي
14 رجب 1431 هجرية