أيها السادة المكرمون, سلام الله عليكم وبعد, فقد وقفت في هذه المسألة من كتب الحنابلة من غير تنقيب على ما يلي:
في الإقناع ما نصه: ويكره لبس ما يصف البشرة للرجل والمرأةولو في بيتها -إن رآها غير زوج أو سيد تحل له-, ويكره للنساء لبس ما يصف اللين والخشونة والحجم.
وفي الإنصاف: ومنها يكره لبس ما يصف البشرة للرجل والمرأة الحي والميت ولو لامرأة في بيتها نص عليه
وقال أبو المعالي: لا يجوز لبسه
وذكر جماعة: لا يكره لمن لم يرها إلا زوج أو سيد
وذكره أبو المعالي, وصاحب المستوعب, والنظم في آدابه, قال في الرعاية وهو الأصح.
وأما لبسها ما يصف اللين والخشونة والحجم فيكره.
وفي الفروع: ويكره إن وَصف البشرة لرجل وامرأة حي وميت نص عليه. وقال أبو المعالي وغيره: لا يجوز لبسه، وذكره جماعة: لا يكره لمن لم يرها إلا زوج وسيد، وذكر أيضا أبو المعالي وإن وصف اللين والخشونة والحجم كره للنساء فقط.
قلت في نفسي: لعل المراد في الصلاة فقط, ويشكل عليه أمران:
1- أنهم ساقوا جملة من مكروهات اللباس في الموطن ذاته لا تعلق لها بالصلاة, وفي الروض: ويكره الأحمر الخالص والمشي بنعل واحدة وكون ثيابه فوق نصف ساقه أو تحت كعبه بلا حاجة وللمرأة زيادة إلى ذراع ويكره لبس الثوب الذي يصف البشرة للرجل والمرأة وثوب الشهرة وهو ما يشتهر به عند الناس ويشار إليه بالأصابع.
2- سياق كلام أبي المعالي يفيد عمومه في الصلاة وغيرها.
وتطلبت جوابا في حاشية ابن القاسم فوجدته يقيده بحال الصلاة, حيث قال معلقا: أي تظهر معه حال الجلد، وتبين هيئته من بشرة الرجل أو المرأة للخبر، وتقدم ولأنه لا يسمى ساترا.
وفي المنتهى: تتمة: يسن أن يأتزر الرجل فوق سرته ويشد سراويله فوقها ... و يباح ثوب من صوف ووبر وشعر من حيوان طاهر و يكره رقيق يصف البشرة وخلاف زي أهل بلده بلا عذر ومزرية و كثرة الإرفاه وزي أهل الشرك وثوب شهرة ما يشتهر به عند الناس و يشار إليه بالأصابع.
فهل هذا السياق في ما يتعلق بالصلاة خاصة, أم في أحكام اللباس عموما؟
وفي كشاف القناع تحت: فصل في أحكام اللباس والصلاة وغيرها: (ويكره لبس ما يصف البشرة ) أي مع ستر العورة بما يكفي في الستر لما تقدم أول الباب ويأتي ( للرجل والمرأة ولو في بيتها ) نص عليه ( إن رآها غير زوج أو سيد تحل له ) قال في المستوعب يكره للرجل والمرأة لبس الرقيق من الثياب وهو ما يصف البشرة غير العورة ولا يكره ذلك للمرأة إذا كان لا يراها إلا زوجها ومالكها وصحح معناه في الرعاية وظاهر ما قدمه في شرح المنتهى يكره مطلقا ( ولا يجزىء ) ما يصف البشرة ( كفنا لميت ) لأنه غير ساتر ( ويأتي ) في الجنائز ( ويكره للنساء لبس ما يصف اللين والخشونة والحجم ) لما روي عن أسامة بن زيد قال كساني الرسول صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة كانت مما أهدى له دحية الكلبي فكسوتها امرأتي فقال صلى الله عليه وسلم ما لك لا تلبس القبطية قلت يا رسول الله كسوتها امرأتي فقال مرها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخاف أن تصف حجم عظامها رواه أحمد.
يوضحه أكثر ما في مطالب أولي النهى شرح غاية المنتهى: ( وكره لهما ) - أي : الرجل والمرأة - ( لبس ما يصف البشرة ) أي : مع ستر العورة بما يكفي في الستر . ( و ) كره ( لها ) - أي : المرأة - لبس ( ما يصف الحجم ) لما روي عن أسامة بن زيد قال : كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة كانت مما أهدي له دحية الكلبي فكسوتها امرأتي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لك لا تلبس القبطية ؟ قلت : يا رسول الله كسوتها امرأتي فقال : مرها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخاف أن تصف حجم عظامها رواه أحمد . ( ويتجه تحريم ) لبس المرأة ( ما ) - أي : ثوبا ونحوه كمنديل على وجهها - ( يصف البشرة ) أي : يحكي هيئتها من بياض أو سواد إذا كانت يراها أجنبي في الصلاة وخارجها وكان ( مفردا ) عن ساتر تحته ( كما مر ) أول الباب وهو متجه.
فهل بعد هذا يمكن القول بأن لُبس المرأة ما يصف بشرتها أو يظهر ليونتها أو خشونتها للرجل الأجنبي, أو يحكي حجمها مكروه في مذهب الحنابلة؟؟ أفيدونا بارك الله فيكم علما أني لا أريد حكم المسألة في ذاتها فلا حاجة في نقل الفتاوى والبحوث في هذا الشأن