بسم الله الرحمن الرحيم
(إذا) الشرطية


الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير

((يُكفرُ اللهُ)) قال ابن حجر: هو بضم الراء؛ لأن (إذا) وإن كانت من أدوات الشرط لكنها لا تجزم، واستعمل الجواب مضارعاً وإن كان الشرط بلفظ الماضي لكنه بمعنى المستقبل، وفي رواية البزار: ((إذا أسلم العبد فحسن إسلامه كفر الله)) فواخى بينهما، يعني بين الشرط والجزاء.
قال العيني: قلت -متعقباً ابن حجر-: "هذا كلام من لم يشم من العربية شيئاً، قال الشاعر:


استغنِ ما أغناك ربك بالغنى *** وإذا تصبك خصاصة فتجملِ

فقد جزم قوله: تصبك بـ(إذا) وقد قال الفراء: تستعمل (إذا) للشرط، ثم أنشد الشعر المذكور، ثم قال: ولهذا جزمه.
ابن حجر لا ينكر أنها شرطية، لكنه قال: بضم الراء، يعني لا تجزم، في التعليق الطابع على عمدة القاري محمد منير الدمشقي، يقول: لعل الشارح -رحمه الله تعالى- يعني العيني- ذهل عن كون محل جزمها إنما هو في الشعر خاصة؛ لأنه أورد بيت الشعر، وهذا البيت يورد في كتب النحو كلها.
يقول: ذهل عن كون محل جزها إنما هو في الشعر خاصة لا في النثر، وإلا فذلك أمر ضروري، ولم يخل عنه أصغر كتاب في علم النحو.
قال ابن آجروم: "وإذا في الشعر خاصة" يعني من الجوازم، ولكن شغف الشارح في الرد على بعض الشارحين أوقعه في ذلك.
وفي المبتكرات بعد أن ذكر كلام العيني وابن حجر، يقول: فتحصل أن الشيخين متفقان على أن إذا في الحديث شرطية، إلا أن النزاع بينهما يكفر بالرفع والجزم، أو الرفع لا غير، فالأول للعيني، والثاني لابن حجر، والحاكم بينهما كتب الفن، والموجود في كتب الفن أن (إذا) لا تجزم إلا في ضرورة الشعر.
المقدم: الحق مع ابن حجر.
نعم، وأشهر كتب الفن تداولاً ألفية ابن مالك، ونصها:


وشاع جزم بـ(إذا) حملاً على *** (متى) وذا في النثر لم يستعملا

وظاهره الإطلاق، إلا أن الأشموني نقل عن التسهيل جواز ذلك في النثر على قلة، يعني مقتضى قول ابن مالك، وقبله كلام ابن آجروم أنها لا ترد إلا في الشعر خاصة.
نقل الأشموني عن التسهيل جواز ذلك في النثر على قلة، ونقل عنه أيضاً أنه في النثر نادراً، وفي الشعر كثير، وأنشد بيت العيني الذي رد به على ابن حجر، وعبارة ابن هشام في المغني هكذا: ولا تعمل (إذا) الجزم إلا في الضرورة كقوله: "استغنِ" يعني البيت الذي أورده العيني.
يقول صاحب المبتكرات من هو؟ من صاحب المبتكرات؟ البوصيري، وهو متأخر ما هو بصاحب البردة، متأخر في القرن الماضي، يقول: فابن حجر ما مشى إلا على الجادة البيضاء، والعربية السمحاء، فقد أكل العربية أكلاً، ذاك يقول: ما شم، العيني يقول: ما شم العربية، وذا يقول: فقد أكل العربية أكلاً، وشم عطر عرائس فنون الأدب شماً، ولا عطر بعد عروس، فوصف كلامه بأنه صادر عن من لم يشم من العربية شيئاً يقال فيه: يا سبحان الله، يا للعلماء.

المصدر: شرح: التجريد الصريح – كتاب الإيمان (24)

وهنا صوتي