بــــــسم الله الرحمــن الرّحيـــمولاشكّ أنّ علم التوحيد والسنّة من أرفع العلوم وأجلّها و أفضلها وأحسنها وعلم النّحو وسيلة إلى فهم أدلّتهما من الكتاب والسنّة فقد قال العلاّمة ابن العثيمين رحمه الله في ثمرة تعلّم علم النّحو :* فهم القرآن والسنّة فإنّ فهم الكثير منهما متوقف على معرفة النّحو*. وبما أنّ هذا شأنه جاء هذا الكتاب منّي معربا ومقرّبا لمعانيه وشارحا لألفاظه ومبانيه وما كان إلاّ من باب الإسهام نحوت به مجرّد الإعلام وتقريب ما أبهم فيه من الكلام قصدي بذلك متن المصنّف الهمام. سائلا المولى جلّ وعلا أن يجعله خالصا لوجهه الكريم وأن يجعله عملا نافعا لي يوم الدّين. وكان ممّا فتح الله عليّ أن قرأت بعض كتب من شرح هذا المتن المبارك ، فرأيت منهم من اختصر ومنهم من اقتصر على توضيح المهمّات واستغنى بها عن ذكر الفوائد المتمّمات، وكلهم أحسن وأتقن وأجاد وأفاد إلاّ أنّي رأيت أن يكون هذا الشرح مكمّلا ببعض الفوائد والنوادر مما جاء في كتب بعض الشرّاح ومتمّم لما قد استغنى أهل السابقة والفضل عن ذكره لحكم رأوها ومصالح رعوها ومعربا ومقرّبا لما قد ذكروه فخلاصته أنّه جامع لشروحات هذا المتن المبارك والله أسأل أن يجعل ما قدّموه في ميزان حسناتهم وأن يكفّر به عن سيئاتهم إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.
إنّ الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنـــا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لآ إلــه إلاّ الله وحده لاشريك له و أشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، صلوات ربّي وسلامه عليه، أمّــا بعد:
فهذه ورقات يسيرة جاءت لتقريب وتسهيل متن المقدّمة الآجروميّة، من كلام الأئمّة والأعلام ممّن اعتنى بهذا المتن المبارك في مبادئ علم العربية. وما دلّ على جلالة نفعها وعظيم منزلتها إلاّ أنّ الأئمّة وعلماء الأمّة تلقوها بالقبول وجعلوها أصلا من الأصول تُمتطى لتسهيل فهم النُّقول وأقبلوا عليها تعليما في الحلقات و المعاهد والكلّيات شرحا وتعليقا، وكيف لا وهي سبيل إلى إقامة اللّسان على الكلام العربّي، فشرفها تابع لشرف اللّغة العربيّة، ويكفيها عزّا ورفعة وشرفا أن نّزل بها القرآن الذي هو كلام الملك الدّيان كما قال جلّ ذكره وتبارك اسمه:* إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا *. وقال سبحانه وتعالى: * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ *. وكان السلف رضوان الله عليهم جميعا يرون إتقان الكلام وتعلّم العربيّة رجولة وشرفا واللّحن مذمّة وعيبا. وكانوا يأمرون بضرب من يلحن في الكلام، فقد روى الخطيب في الجامع عن عمر رضي الله عنه قال:*تعلّموا العربية، فإنّها تزيد في المروءة*. وروى رحمه الله أيضا عن جماعة من السّلف أنّهم كانوا يضربون أولادهم على اللّحن. وأسند الخطيب عن الرّحبي قال :* سمعت بعض أصحابنا يقول إذا كتب لحاّن فكتب عن اللّحان لحّان آخر صار الحديث بالفارسية.*وأنشد المبرّد:
النّحو يبسّط من لسان الألكن *** والمرء تكرمه إذا لم يلحن
فإذا أردت من العلوم أجلّها *** فأجلّها منها مقيم الألسن