السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حقيقة الأمر أن مسألة الصفات الفعلية ، وقضية التسلسل هي من أعوص المسائل في باب الصفات ، لذلك لا يحسن إطالة الكلام فيها أكثر من ذلك .
والحمد لله الجميع هنا متفق على إثبات تلك الصفات ، وأن الله يفعلها متى شاء وكيف شاء ، ولم يزل الله متصفًا بتلك الصفات ، ولا يزال متصفًا بها سبحانه وتعالى .
مع الإقرار والتسليم بأن الله خالق كل شيء وأن ماعداه مخلوق ، وأن كل مخلوق مسبوق بعدم نفسه ومسبوق بخالقه سبحانه وتعالى.
وأن الله أول بلا ابتداء ، وآخر بلا انتهاء سبحانه وتعالى ، لا رب غيره ولا معبود بحق سواه .
والحمد لله رب العالمين .
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
لقد اطلعت على استفسارك أخي العقيدة و لعل الجواب أبسط مما تتصوره :
صفة الخلق من صفات الله الفعلية و هي متعلقة بمشيئته عز و جل , يخلق ما شاء و متى شاء , و هو متصف بصفة الخلق منذ الأزل . فهناك فرق بين الصفة و الفعل.
أرجو أن أكون قد أجبت عن استفسارك أخي زادك الله علما و فهما.
ملحوظة: لم أطلع على جميع الردود على استفسارك .
سلان الله عليكم - إخوتي الكرام - ورحمته وبركاته .
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ؛
وبعد : فأعتذر أنا قبلا على التأخر في الرد - وعسى الله أن يزيدنا الحرص والعزم في المستقبل للتفقه في الدين علما وعملا .
نسأل الله أن يبارك الله فيك أخي الكريم ويصرفك عما لا يعنيك ويجنبك من الفتن ما ظهر منها وما بطن . الحقيقة ، أن المسألة - كما أشار إليه فضيلة المشرف الشريف - من محارات العقول ، فلا يقدم فيه إلا من استعد للغوص في بحار المعاني متمسكا فيه بهدي الكتاب والسنه وكلام أئمة الأمة رضي الله عنهم أجمعين . فإن أنت قررت - أخي الفاضل - أن تبتعد عن هذه المسألة خوفا من الضرر والفساد في الدين ، فحق لك ذلك . ولعله أسلم وأصلح لك ولمن يخاطبك من هؤلاء المذكورين . إلا أن مثلي ومثل كثير من الناس ممن لهم عادة التعايش مع هذه القضايا العقدية والتعامل مع شبهات هؤلاء المبطلين من أهل الكلام والفلسفة - أو حتى التعامل مع تفاسير بعض الآيات وشروح بعض الأحاديث المتعلقة بهذا الأمر - لا يسعنا الإعراض عن مدارسة هذه المسألة والتعمق في فروع قضاياها ، بغية الوصول إلى الحق المنشود والرشد المطلوب كي تنشرح بها الصدور وتطمئن بها العقول فزالت عنها الشبهات وذهبت منها الشطحات وأقبلت على ما في النصوص البينات من المعاني المحكمات الطيبات .المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العقيدة
فأحثك - بناء على هذا - أن لا تدع رد بدعهم بالكلية ، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم سمات أهل السنة في كل الأزمان . بل يكفيك أن ترد عليهم بأن تمنعهم من دعوى استحالة قيام الأفعال الاختيارية بذات الله تعالى أزلا وأبدا ، وتمنعهم كذلك من دعوى حدوث الخلق بلا سبب حادث . والأدلة العقلية والنقلية في هذا الأمر - بحمد الله - كثيرة جدا ، وهي إلى القوة ما هي . وأما مسألة "وقوع التخليق" منه تعالى قبل زمن معين في الماضي فيكفيك أن تقول : إنه غير مستحيل ! - بغض النظر عن وقوعه بالفعل أو عدم وقوعه .
هذا ما لزم ، والله الموفق للسداد . . .
وما يدريك - سامحك الله وإيانا - أنه رجم بالغيب ؟
أفلا يلزم المعترض أن يأتي بالبينة قبل الوصف والحكم والقضاء ؟!
الدليل - أخي المتحمس - قول ربنا جل في علاه : (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) . يقول المفسرون : أي إلا بما بيّن . وقد قال الفاروق ررر : قام فينا رسول الله مقاما فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم واهل النار منازلهم . وفي حديث القلم المشهور : أن الله لما خلقه قال اكتب ، قال وماذا أكتب ، قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة .
فالذي لم يبين الله تعالى أمره في الكتاب ولم يكن يكتبه عند خلقه القلم ولا بينه الرسول في حديثه ، كيف يتاح للعباد أن يعرفوا ذلك ؟ وهل لهم مصادر العلم بذلك غير ما ذكرت ؟! يقول الرب سبحانه : (ويخلق ما لا تعلمون) . وقال في أمر النار أو عموما : (إلا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد) .
فلذلك يقول شيخنا ابن تيمية - ذلك النحرير الفاضل المحقق رحمه الله - كما في الفتاوى (18/231) :
(فأخبروا الناس بخلق هذا العالم الموجود المشهود وإبتداء خلقه وأنه خلقه فى ستة أيام وأما ما خلقه قبل ذلك شيئا بعد شىء فهذا بمنزلة ما سيخلقه بعد قيام القيامة ودخول أهل الجنة وأهل النار منازلهما وهذا مما لا سبيل للعباد إلى معرفته تفصيلا) .
أرجو أن قد اتضح لك الأمر والله المستعان . . .
أخي أسامة سامحك الله ؛
كيف يحق لك أن تطرح طرحا خبيثا ثم تمنع غيرك من أعضاء هذه الملتقى المباركة أن يردوا عليه ؟ وتقرر أنت الانسحاب من (المدارسة) التى لم تكن تتفاعل أنت فيها والتى زعمت جورا أو خطأ أن غيرك أيضا لم يكونوا يدارسونها بالفعل ؟!
فالذي ألقيته - أخي في الله - ليس شيئا جديدا ! بل هي شبهة قديمة عنيقة مشهورة مكشوفة لهؤلاء المجادلين الذين يحاولون قصدا أو جهلا أن ينكروا قيام الأفعال الاختيارية بالله تعالى . قالوا : كل فعل من الأفعال حادث كائن بعد أن لم يكن ، فالمجموع إذن حادث ، فليس للباري تعالى فعل في الأزل ، لبطلان حوادث لا أول لها مطلقا (!)
وقد رد (العمدة) على أمثال هذه الشبهات في غير ما موضع . ففي الدرء ، وفي المنهاج ، وفي الجواب ، وفي الصفدية ، وفي نقض التأسيس ، وفي النبوات ، وفي كثير من تفاسير الآيات وشروح الأحاديث الموجودة بالفتاوى .
قديما يقول الآمدي رحمه الله : (وإذا لم يكن شيء من الأبعاض موجودا في الأزل ، فالجملة غير موجود في الأزل . فإنه لا وجود للجملة دون وجود أبعاضا) . وهذا عين ما طرحته سابقا - وكنت أرجو رجاء شديد أن لا تناقض منهجك الأول الذي طالبت به غيرك : (قل لي قال الله قال رسول الله!) .
والرد على أمثال هذه الشبهة الخبيثة سهلة ميسرة - بحمد الله سبحانه . منها هذه الكلمات من (العمدة) : فتبين أن الجواب فيه مغلطة وحقيقة الجواب أنه يجب الحكم على الجملة بما يحكم به على أفرادها ، وقد بين هو وغيره فساد هذا الجواب . وقبله : والمنتفي إنما هو وجود شيء من أبعاضها في الأزل ولا يلزم من انتفاء كون الواحد من أبعاضها قديما أزليا أن لا يكون موجودا .
والحمد لله رب العالمين .