لا تَقُل: (أعلاه)، (الآنف الذكر)،(مُسْبقاً)*!
إذا أدرج مؤلِّفٌ في مقاله العلمي مخططاً مثلاً، فَلَهُ أن يقول: «يبين الشكل مخطط الجهاز المستعمل، ويلاحَظ في أعلاه وجودُ…»
الضمير في كلمة (أعلاه) هنا عائدٌ إلى المخطط، والجملة سليمةٌ معافاة.
أما في العبارة: «أعلنت أمريكا أنها سوف تتبع الخيار المذكور أعلاه»، فالهاء ضمير لا مَرْجِع له! وهذا خطأ. وقبل أن نذكر وجه الصواب نورد ما جاء في معاجم اللغة:
ففي (لسان العرب): «وفعلتُ الشيءَ آنفاً: أي في أول وقت يقرب مني، وجاؤوا قُبَيْلاً» بضمّ القاف وفتح الباء على صيغة التصغير.
وفي (المعجم الوسيط): «يقال: فَعَله آنفاً أو قريباً.» وفي (أساس البلاغة): «أتيته آنفاً.»
ونرى أن (آنفاً) جاء في كلام العرب ظرف زمان، ولم يشتق من فِعل (أَنِفَ) الذي يعني استنكف وتَنَزَّه (واسم الفاعل منه آنِف). وعلى هذا من الخطأ أن نقول: «الخيار المذكور أعلاه، أو الآنف الذكر»، والصواب أن يقال: (المذكور آنفاً، أو المتقدم ذكره، أو المذكور قريباً) (أي المذكور من قريب). وفي التنْزيل العزيز: }كَمَثَلِ الذين من قَبْلِهم قريباً ذاقوا وَبالَ أمرِهم ولهم عذاب أليم{.
ويقال: (قلت كذا آنفاً وسالِفاً. وجاؤوا آنفاً) (المعجم الكبير - مجمع القاهرة).
وهناك خطأ شائع آخر، نحو قولهم: (فَعَل ذلك مُسْبقاً)! ذلك أنه جاء في (لسان العرب)، وفي (المعجم الوسيط - الطبعة الثالثة): «أَسْبَقَ القومُ إلى الأمر: بادروا»، فالأمر مُسْبقٌ إليه! (لا بد من «إليه» بعد «مسبق» لأن «أسبَقَ» فِعلٌ لازم لا يتعدى بنفسه وإنما بالحرف!).
وليس بين المعنى المعجمي والمعنى المراد بالخطأ الشائع المذكور أي صلة.
والصواب أن نقول: فعل ذلك مُقدَّماً وَسَلَفاً. أو - في سياق آخر - فعل ذلك سابقاً/سالِفاً/ قَبْلاً (إذا أردتَ قَبْليَّةً غيرَ معيَّنة)/ مِن قَبْلُ (إذا كنتَ تعني قَبل شيء معيَّن).
ولنا أن نقول مثلاً:
· يجري تجميع المباني السابقة الصُّنْع (أو: القَبْلِيَّة الصنع) بسرعة.
· كان يَتوقع حضورَه فهيأ له سلفاً بعض الأسئلة.
· لا ترتجل محاضرتك (درسك/ خطبتك)! حَضِّرها/ أَعِدََّها مُقدَّماً…
· يحتاج هذا الجهاز إلى تسخين قَبليٍّ ليكون أداؤه جيداً…
· يتطلب هذا الأمر إذناً سالفاً/ قبليّاً.