وقد بين الإمام أبو شامة في شرحه للشاطبية ما يقبل أن تُنقَل إليْه حركة الهمزة، وذلك في شرحه للبيت:
وَحَرِّكْ لِوَرْشٍ كُلَّ سَاكِنٍ اخِرٍ * * * صَحِيحٍ بِشَكْلِ الهَمْزِ واحْذِفْهُ مُسْهِلا
قال:
وصفَ الساكنَ بوصفَين؛ أحدُهُما: أن يكون آخِر الكلمة والهمْز أوَّل الكلمة التي بعدها؛ لأنَّ الأطراف أنسب للتغيير من غيرها، والثاني: أن يكون الساكن الآخر صحيحًا؛ أي: ليس بحرف مدٍّ ولِين، نحو: (في أنفسهم) و (قالوا آمنا)؛
لأنَّ حرفَ المد لِِما فيه من المدِّ بِمنزلة المتحرِّك فلم يُنقل إليه كما لم يُنقَل إلى المتحرك، ويدخُل في هذا ميمُ الجمع قبل الهمْز لأنَّ ورشًا يصِلُها بواوٍ، فلا ينقل حركة ذلك الهمز في نحو: (ومنهمو أميون)؛ لأنَّ قبله حرف مدٍّ ولين وهو الواو التي هي صلة الميم.
فإن كان قبل الهمزةِ ياء أو واو ليسا بِحرْفَي مدٍّ ولين - وذلك بأن ينفتحَ ما قبلهما - فإنه ينقل حركة الهمزة إليْهما؛ نحو: (ابنَي آدم) - (ذواتَي أكل) - (خلَوا إلى) - (تعالَوا أتل) - (ولَو أنهم).
ودخل في الضابط أنه ينقل حركة الهمزة في (أحسب الناس) إلى الميم من "ألف لام ميم" في أوَّل العنكبوت، وينقل إلى تاء التأنيث نحو: (قالت أولاهم)، وإلى التنوين نحو: (كفؤا أحد)، وإلى لام التعريف نحو: "الأرض - والآخرة"؛ لأنها منفصلة مِما بعدها؛ فهي وهمزتها كلمة مستقلة نحو "قد" و "هل" حرف دخل لمعنى فكانت لذلك آخِر كلمة وإن اتَّصلتْ خطًّا.
والتنوينُ معدودٌ حرفًا؛ لأنه نون لفظًا وإن لم تثبتْ له صورة في الخطِّ.
وقد نصَّ في "التيسير" على النقل إلى جَميع ما ذكرناه من الأمثلة.
وليس هذان الشرطان بلازِمَين في اللغة؛ فالنقل جائز في وسط الكلمة كما يَجوز في آخرها، وهذا سيأتي في مذهب حمزة في الوقف.
ويَجوز النقل إلى حرف المدِّ غير الألف مثل قاضو أبيك وابتغي أمره، نصّ الزمخشري عليهما في "المفصل"، وفي كتاب سيبويه من ذلك أمثلة كثيرة.