أعتذر للأخ الكريم أبي أحمد الميداني، إذ لم أفطن إلى أنه رفع دفعة ثانية من المقارنة بين الكتابين.
ولعل من المفيد أن أصرِّح للقارئ الكريم بأنني لست طرفاً في القضية، ولا مصلحة لي فيها من قريب أو بعيد، وأتمنى منه أن يصرِّح بنفس الشيء ليكون الحوار على محجَّة.
وعتاب أخي الكريم ناجي مقبول، وهذا هو عذري، ولعله يقبله إن شاء الله. كما أشكر له عباراته اللطيفة.
نعم، الفصلان متطابقان ولكن!
ولا شك بأن التطابق كبير جدا بين فصل (احذر قيود اليأس) ونظيره في كتاب الشيخ، كما أن هناك جملاً مشتركة بين المقدمتين، وربما تكون هناك فصول أخرى مشتركة. فهذه النصوص - إن لم تكن لشخص ثالث! - فهي لأحدهما وسطا عليها الآخر وسلخها سلخاً قبيحاً. وإن كان الشيخ عايض قد فعل ذلك فهو أمر قبيح لا يليق به ولا يُقبل منه وليس بحاجة إليه.
ولكن الموضوع - كما ذكرتُ أعلاه - صار أعقد مما كان في أول الأمر، بعد ثبوت سلخ الكاتبة لفصول بتمامها من كتبه، إذ لا أستطيع أن أجزم - ولا الأخوة فيما أعتقد - بأن هذا الفصل وأمثاله خالص لها. وكتب الشيخ ومحاضراته لا حصر لها، ولم نسمع دفاعه بعدُ.
ولا بدَّ أن تصنع المؤلفة جدولاً جديداً صحيحاً صادقاً، بدلاً من ذلك الجدول المزيَّف، وتقول فيه بصريح العبارة: هذه الفصول سلختُها من فلان وفلان، وهذه من إنشائي وسلخها فلان وفلان!
وهذا يضع المسؤولية على الشيخ لإبراء ساحته، وهو على البراءة الأصلية إلى أن يثبت العكس، ولم تثبت سرقته ولا براءته إلى الآن.
وعلى كل حال فإن سلخها لفصول بتمامها كتب الشيخ - وهو ثابت يقيناً - قد أسقط حقها القانوني والأخلاقي في اتهامها له أو لغيره بالسرقة.
وهذا لا يمنع غيرها من اتهام الشيخ، بشرط الإثبات لذلك من كتبها أو كتب غيرها.
فإن ثبت أن الفصل المذكور خالص لها فالقول قولها، وإلا فلا.
حتى الأخ أبو أحمد نفسه لم يصرِّح بأن هذا الفصل من إنشائها، بل هو يستغرب حاجة الشيخ إلى سلخ هذا الفصل وأمثاله، ويحتاج إلى طامَّة عظمى لتفسير ذلك، وهي أن الناس يصنِّفون للشيخ!
قائمة المصادر لا تكفي للتوثيق:
إن من بديهيات الكتابة العلمية والأدبية أن الباحث يجب عليه أن يعزو الأقوال إلى أصحابها، وأن يميِّز كلامه من كلامهم، ويستوي بعد ذلك أن يصنع قائمة بالمصادر أو لا يصنع.
ويستوي أن يقتنع خصوم الشيخ بذلك، أو يكابرون بدعوى أن قائمة المصادر تسمح لتلك المؤلفة أن تسلخ من كتب الشيخ ما تشاء! ثم يغلون في المكابرة فيعطونها الحق في التشهير بالشيخ والتشهير به في الوئام وإيلاف ومطالبته بالملايين!
الغرض من قائمة المصادر معروف، وهو سرد المصادر في سياق واحد، والدلالة على طبعاتها التي رجع إليها المؤلف، وليس لتوثيق النقول ولا لتسويغ السرقات الأدبية. وكثير جداً من الكتب العربية والغربية ليس فيها قائمة مصادر، لأنهم يذكرون المصادر في الحواشي عند الاقتباس منها، ويذكرون الطبعة في أول مناسبة، فيحتاج القارئ أحياناً إلى البحث عن الطبعة في حواش كثيرة.
ولذلك فإن وجود قائمة المصادر وحدها لا يكفي ولا يعتبر توثيقاً للنصوص المسروقة، بل إن القائمة هي في الواقع الملموس إحدى حِيَل اللصوص والسرَّاق، فإذا قيل لأحدهم: هذا النص مسروق من فلان! قال: لقد ذكرته في قائمة المصادر!
والخلاصة أن توثيق النقول والاقتباسات يكون في الحواشي أو في المتون، وأن قائمة المصادر لها غرض آخر غير التوثيق. المهم هو توثيق النقول وعزوها لأصحابها، وقد كان أسلافنا يفعلون ذلك في المتون بواسطة الأسانيد، وصرنا نضعه في الحواشي، والنتيجة واحدة.
المهم أن يعرف القارئ أن جملة كذا من كلام فلان وليس من إنشاء المؤلف، وإذا تحقق هذا فلا قيمة للشكليات.
وقد ذكرت المؤلفة في قائمتها 44 كتاباً، فالسؤال هو: الفصل الذي صوَّرتُه أعلاه هل هو من إنشائها، أو من إنشاء عايض القراني، أو نيلسون مانديلا، أو محمد بن راشد المكتوم، أو غيرهم من أصحاب تلك الكتب الكثيرة؟! الجواب طبعاً: القارئ العادي لا يدري، ولن يسأل نفسه أصلاً، بل سيفترض أن جميع الكلام بين الدفَّتين كلامها!
وقول الأخ الكريم يؤول إلى أن قائمة المصادر تبيح للمؤلفة أن تسلخ من تلك المصادر الأربعة والأربعين ما شاءت، بل تصبح الفصول المسلوخة ملكاً لها، فتطالب هؤلاء بالتعويض المادي والمعنوي إذا نشروها بدون إذنها أو الإحالة عليها، (وعملها هذا علمي لا ريب فيه)، (وعملها هذا لا شيء فيه لأنها ذكرت كتبه في قائمة مصادرها).
وكل ذلك لا أصل له، لا في كتب مناهج البحث ولا في قوانين حقوق النشر. وهذا كلام الدكتور أحمد شلبي في الموضوع، وكتابه هو معتمد المبتدئين:
المهم عنده هو التوثيق في الحواشي
بل إن نقل الفصول بتمامها يعتبر سرقة أدبية وقانونية، حتى لو عُزيت إلى أصحابها ومصادرها بصراحة، لأنه أمر زائد على الاقتباس، وإنما يكون الاقتباس لتأييد رأي أو نقضه، والذي ههنا هو الاستيلاء على فصول بتمامها ونقلها من كتاب إلى كتاب. أما الكلام الطويل فلا ينقل، بل يشار إلى فحواه بعبارة من إنشاء الباحث بحيث إذا احتاج القارئ إلى مطالعة نصّ الكلام فعليه أن يراجعه في أصله (وقد قرر شلبي ذلك أعلاه).
إلا بشرط واحد: أن ينصَّ المؤلف ابتداء من غلاف الكتاب على أن فصوله مختارة من كتب الناس، بعد استئذان أصحاب الحقوق!
ومن المعلوم أن العبيكان قد اشترى حقوق كتاب (لا تحزن)، فلا يجوز لأحد أن ينقل منه نصوصاً طويلة إلا بإذنه.
طريقة السيوطي:
وأما قول الأخ الكريم:
لا بأس!واسمح لي أن أقول: إن كلامك أنت غير صحيح بالمرة، (ولكن دون أسف)!
ولو كان كلامك صحيحا لصار أئمة علمائنا وشيوخ مؤلفينا قديما وحديثا : سراق.
وعلى رأسهم الإمام السيوطي، الذي كان ينقل فصولا كاملة من بعض الكتب، بل إن بعض أئمة علمائنا من ينقل الصفحات بلا عزو ولا ذكر لصاحب الأصل، وانتقد كثيرون لذلك!!
أما مع عزو النقل فلا شيء في نقل الصفحات والفقرات من الآخرين، لأنك قد أحلت القارئ على مصدر الكلام.
وليتك تراجع كتاب السيوطي (الاقتراح في أصول النحو) لترى كيف بنى كتابه كله على نقل فصول كاملة من خصائص ابن جني وسر صناعة الإعراب، والإعراب عن كتب الأعراب!!
فهل نقول: إن السيوطي شيخ السارقين؟؟!!
ويسرُّني أن أتعلَّم وأستفيد من الأخ الكريم، ويا حبذا لو تفضَّل بمراجعة تلك الكتب وتحرير الكلام لتكون إفادته مفيدة.
وأنا - بحمد الله - أعرف مسألة نقل السيوطي من تلك الكتب معرفةَ تخصص منذ أربعين عاما، واقتنيت أكثرها منذ أربعين عاما. وأعلم يقيناً أن طريقة السيوطي هذه قد انتقدها الناس قديماً وحديثاً، وأنه قد سار فيها على خلاف سنة العلماء في النقول وإسنادها لأهلها، لأنه - وهو من علماء الحديث ويعرف دستور العلماء - قد استولى على فصول كاملة من كتب ابن جني وابن الأنباري، محفوفة بدعاوى الابتكار والاجتهاد، مع الاحتياط الذكي لنفسه أحيانًا!
وسأحيلك هلى مليّ! فهذا كلام الأستاذ سعيد الأفغاني شيخ العربية بالشام في مقدمة كتاب ابن الأنباري الذي أشرتَ إليه:
ويلاحظ أن السيوطي قد تحايل ليذكر اسم ابن الأنباري من غير الإقرار بنقل كلامه، فزعم أنه وقف على كلامه لاحقاً! وهو نفس ما يفعله الذين يسرقون من كتب الناس ويدرجون اسماءها مع عشرات الكتب الأخرى في قائمة المصادر!
سبحان الله! سرقة محضة لا خلاف فيها لمجرَّد أن أحد الإخوة ذكر ذلك!الشيخ عائض في كتبه عموما وفي كتابه الأخير (لا تيأس) لم يذكر مصادره ولا مراجعه التي اعتمد عليها، وهو بذلك مخالف للمنهج العلمي، لأن القارئ يظن أن كل ما في الكتاب هو من بنات أفكاره وإنشائه الصرف، والواقع أن مادة كتابه كلها مجموعة بطريقة القص واللزق واللطش!!
3- بيَّن أحد الإخوة أنه تتبع بعض كتب الشيخ عائض القرني، فتبين له سرقة الشيخ لمواضع وفقرات كثيرة من كتاب الشيخ محمد الغزالي (جدد حياتك) دون عزو ولا إشارة ولاذكر لمصادر أو مراجع!! وهذه هي السرقة المحضة التي لا خلاف فيها!!
لماذا تُضَيَّع الأوقات - والحسنات أيضًا - في إشاعة الإشاعات وتضخيمها وتأكيدها؟!
ألا ينبغي مثلاً أن تطلب من ذلك الأخ بضعة مواضع، أو تحتسب وتستخرجها بنفسك، لتكون ممن شهد بالحق وهم يعلمون؟
وكتب الشيخين مصورة على الشبكة!
وهذا النقد للشيخ غير دقيق، إلا إذا ثبت (أن مادة كتابه كلها مجموعة بطريقة القص واللزق واللطش)، وإث ثبت ذلك فلا ينفعه أن يذكر المصادر أو يتجاهلها.
وقد آب الأخ الفاضل - من غير أن يدري! - إلى دستور العلماء بقوله (القارئ يظن أن كل ما في الكتاب هو من بنات أفكاره وإنشائه الصرف)، فهذا هو قانون الكتابة العلمية! يجب أن يعرف القارئ أن هذه الجملة من إنشاء المؤلف وهذه من إنشاء فلان وفلان!
عجبي!
لقد نسي الأخ أنه قال عن المؤلفة (وعملها هذا علمي لا ريب فيه - وعملها هذا لا شيء فيه لأنها ذكرت كتبه في قائمة مصادرها)!!
هل سيفطن القارئ أن فصولها المسلوخة من كتاب الشيخ هي من بنات أفكار الشيخ وإنشائه الصرف، أم سيعتقد - بل يجزم - بأنها من بنات أفكار المؤلفة التي وضعت اسمها على الغلاف؟!
لعل الأخ يتوقع أن يراجع القارئ كل صفحة من كتابها على كتب الشيخ الخمسة والكتب الأربعين الأخرى المذكورة في قائمة مصادرها؟!
أبصر ما تقول أيها الأخ الفاضل: فصل (انتظر الفرج) المصور أعلاه هو للشيخ بكل تأكيد، وقد سلخته المؤلفة بعنوانه بكل تأكيد، وهي تزعم أنه سلخه منها تحت عنوان جديد (فرج بعد شدَّة).إن المطلع على الكتابين وعلى كتب الشيخ عائض الأخرى يتبين له: أن المادة التي أخذها من كتاب الأخ سلوى، وكانت هي نقلتها من كتبه الأخرى، لم يرجع الشيخ فيها إلى كتبه هو، وإنما سلخها من كتابها مباشرة، والدليل على ذلك: أنه في كثير من المقالات التزم نفس عناوينها في كتابها، ولم يلتزم العناوين التي كان وضعها هو لهذه المقالات في كتبه السابقة.
والقول بأن الشيخ سرق كلام نفسه من كتب غيره ظريف جداً
أرجو أن لا تكون معركة مؤلفين أو ناشرين!بعد التدقيق الشديد يظهر لي - على الظن الأقرب إلى الرجحان - أن الشيخ عائض ليس هو مؤلف الكتاب ولا يدري عنه شيء ولا عن مادته، وأنه كلف من يؤلفه له ليضع عليه اسمه، ثم فوجئ بأن من كلفه قد سلخ جمهور مادة كتاب الأخت سلوى سلخا تامًا.
وحقيقة: أستبعد جدا أن يكون الشيخ هو الذي سرق مباشرة بهذا الأسلوب الفج والطريقة الشنيعة!!
سبحان الله! ما أشد انحرافك عن الشيخ!أما قول الأخ خزانة الأدب: (أما سكوت الشيخ وتقريظه لكتابها فمن حسن خلقه) فقد اهنت بكلامك هذا الشيخ عائض أقبح إهانة وأشدها.. لأن هذا الفعل لا يدل أبدا على حسن الخلق. إلا ان يكون قدم لكتابها دون أن يقرأه، وهذا وارد وما أكثر ما يفعله المشايخ والكتاب يقدمون لكتب ويقرظونها، ولا يكونون قد قرؤوا حرفا واحدا فيها، واليوم بتنا نرى رسائل جامعية تقدم في الدكتوراه ولم يقرأ المشرف عليها حرفا فيها!!
والشيخ بكل حال مؤاخذ ومخطئ!!
تهديه المؤلفة نسخة من كتابها، ويتلطف في جوابها وتشجيعها، فلا ترى في صنيعه إلا سوء الخلق وخيانة المسلمين!
لمطالعة الصور بوضوح فضلاً تكبير الشاشة أو تحميل الصور ومطالعتها بواسطة الرسام