ومن ( سجود التلاوة ) قوله : " عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا .
رواه أبو داود والبيهقي والحكم وقال : صحيح على شرط الشيخين " .
قلت : فيه ملاحظتان : الأولى : أن الحديث ضعيف لأن في سنده عند أبي داود - وعنه رواه البيهقي - عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف كما قال الحافظ في " التلخيص " ولذلك قال في " بلوغ المرام " : " سنده فيه لين " .
وقال النووي في " المجموع " : " إسناده ضعيف " .
وقد روى جمع من الصحابة سجوده صلى الله عليه وسلم للتلاوة في كثير من الآيات في مناسبات مختلفة فلم يذكر أحد منهم تكبيره عليه السلام للسجود ولذلك نميل إلى عدم مشروعية هذا التكبير .
وهو رواية عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله .
الثانية : أن الحاكم ليس في روايته : " كبر " وهو موضع الشاهد من الحديث وهو إنما رواه من طريق عبيد الله بن عمر العمري وهو المصغر وهو ثقة بخلاف أخيه عبد الله المكبر فهو ضعيف كما تقدم .
والحديث في " الصحيحين " أيضا وغيرهما من طريق عبيد الله المصغر لا المكبر فهو من أدلة ضعفه وانظر " الإرواء " ( 471 و472 ) .
وقوله : " وقال عبد الله بن مسعود : إذا قرأت سجدة فكبر واسجد وإذا رفعت رأسك فكبر " .
كذا ذكره دون أن يعزوه لأحد وما وجدت من عزاه لابن مسعود وإنما علقه البيهقي ( 2 / 325 ) لغيره فقال : ويذكر عن الربيع بن صبيح عن الحسن البصري أنه قال : فذكره .
والربيع هذا قال الحافظ : " صدوق سيئ الحفظ " .
وقد وجدت له أصلا عن ابن مسعود من فعله .
أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 2 / 2 ) من طريق عطاء بن السائب قال : كنا نقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي ونحن نمشي فإذا مر بالسجدة كبر وأومأ وسلم وزعم أن ابن مسعود كان يصنع ذلك .
لكن عطاء بن السائب كان اختلط .
وروي عن أبي الأشهب والحسن أنهما قالا : " إذا قرأ الرجل السجدة فليكبر إذا رفع رأسه وإذا سجد " .
ورجاله ثقات لكن فيه هشيم عن مغيرة وهما مدلسان .
وأخرج عن أبي قلابة وابن سيرين أنهما قالا : " إذا قرأ الرجل السجدة في غير الصلاة قال : الله أكبر " .
قلت : وإسناده صحيح ورواه عبد الرزاق في " المصنف " ( 3 / 349 / 5930 ) بإسناد آخر صحيح عنهما نحوه .
ثم روى التكبير عند سجود التلاوة هو والبيهقي عن مسلم بن يسار .
وإسناده صحيح .
انظر تمام المنة ص 267