بسم الله الرحمن الرحيم


يا من تنظِّمون (الرحلات المختلطة) : كفاكم لعباً بالثوابت الإسلامية !


(حول تنظيم بعض الطلاب لرحلات ترفيهية مختلطة في الجامعات )

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين . وبعد :
فإن من محاسن هذا الدين الإسلامي العظيم أنه لم يغفل جانباً من الجوانب الإنسانية ، بل أعطى لكل جانب حقه ، فكما أنه شرع شرائع تغذي الروح وتنميها وتوثق صلتها بالرب جل وعلا ، فإنه أعطى للجسد حقه ، كما قال سلمان الفارسي رضي الله عنه لصاحبه أبي الدرداء : " إن لربِّك عليك حقاً ، ولنفسك عليك حقاً ، ولأهلك عليك حقاً ، فأعطِ كُلَّ ذي حقٍّ حقَّه " . أخرجه البخاري .
ومن حق الجسد ، أن يأخذ حظه من الترفيه واللهو المباح ، ليتقوى بذلك على الغاية التي خلق الإنسان من أجلها ، هذا حق كفله الشرع وهو مظهر من مظاهر سماحة الإسلام .
عن عائشة، قالت: " وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذقني على منكبيه لأنظر إلى زَفْن الحبشة – أي إلى رقصهم بالسيوف - ، حتى كنت التي مللت، فانصرفت عنهم ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ : " لتعلم يهود أن في ديننا فُسحَة ، إني أرسلت بحنيفية سمحة " . أخرجه أحمد .
لكن لما نشأ في المسلمين قوم تربوا على أخلاق وعادات مناقضة لسماحة الإسلام ، ظنوا أن الترفيه واللهو لا يحصل إلا بارتكاب ما حرمه الله !
فهؤلاء ينظرون إلى أحكام الإسلام أنها أحكام جاءت لتكبِّلهم وتمنعهم من لذاتهم وشهواتهم ، لذلك فهم يضربون بها عرض الحائط ، ويدوسون بأقدامهم كل الثوابت الإسلامية !
إن تنظيم الرحلات المختلطة بين شباب وشابات في الجامعات أو غيرها ، – وإن ظن أصحابه أنه مجرد لهو وترفيه – : فتنةٌ عظيمةٌ مناقضةٌ للثوابت الإسلامية والمقاصد الضرورية التي جاء الإسلام بحفظها ، وهو سبب لحلول غضب الرب وسخطه .
وهذا الأمر أيضاً مخالف لقيم مجتمعاتنا المحافظة وأخلاقها وعاداتها ، فمن هو الأب الغيور الذي يرضى لابنته أن تخرج برفقة ذئاب مفترسة ؟!
إنَّ الرِّجَال الناظرينَ إلى النسا = مثلُ الكلاب تطوفُ باللُّحمانِ
إن لم تصُن تلك اللحومَ أسودُهَا = أُكِلَت بلا عِوَضٍ ولا أثمانِ
إن هؤلاء الشرذمة القليلين من الطلاب ، الذين ينظمون الرحلات المختلطة ؛ ينقصهم خُلُقَان عظيمان :
الأول : خلق الحياء الذي هو خُلُق الإسلام ، فلو أن لدى هؤلاء أدنى درجات الحياء لما فعلوا ما فعلوه ، وقلة حيائهم هي نتيجة حتمية لقلة دينهم وإيمانهم ، كما قال ابن عمر رضي الله عنهما : " إن الحياء والإيمان قُرِنَا جميعاً ، فإذا رُفِع أحدهما رفع الآخر " .
الثاني : خلق الغيرة : قال ابن القيم رحمه الله : " ومَن لا غيرَةَ لهُ لا دينَ لهُ ، فالغيرةُ تحمِي القلبَ فتحمي له الجوارحَ ، فتدفع السوءَ والفواحشَ ، وعدم الغيرة تميتُ القلب فتموت الجوارحُ فلا يبقى عندها دفعٌ البتَّةَ " [«الداء والدواء» ص(167-168) ] .
لذلك لا تتعجب إذا علمت أن أحد هؤلاء سُئل : هل ترضى لأختك أن تخرج في رحلة مختلطة ؟! فأجاب - بكل دِيَاثة - : وما المانع !
يا هؤلاء :
إن كانت الغيرة قد ماتت في قلوبكم ، ونُزِع الحياء منكم ، فليس جميع طلاب وطالبات الجامعة مثلكم ، فانكمشوا على أنفسكم ، لأنكم مرضى تحتاجون لـ(حَجْرٍ صحي ) ، حتى لا تنتشر فيروساتكم المُعدِيَة ، واحذروا أن تكونوا ممن قال الله تعالى فيه : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [سورة النور : 19 ] .
كتبه محمد براء ياسين
عصر يوم الجمعة 11/3/2011 م