(وحين ندرك حقيقة الإسلام على هذا النحو، فإن هذا الإدراك بطبيعته سيجعلنا نخاطب الناس ونحن نقدم لهم الإسلام، في ثقة وقوة، وفي عطف كذلك ورحمة.. ثقة الذي يستيقن أن ما معه هو الحق، وأن ما عليه الناس هو الباطل، وعطف الذي يرى شقوة البشر وهو يعرف كيف يسعدهم، ورحمة الذي يرى ضلال الناس وهو يعرف أين الهدى الذي ليس بعده هدى!
لن نتدسس إليهم بالإسلام تدسسًا، ولن نربت على شهواتهم وتصوراتهم المنحرفة... سنكون صرحاء معهم غاية الصراحة.. هذه الجاهلية التي أنتم فيها نجس، والله يريد أن يطهركم... هذه الأوضاع التي أنتم فيها خبث، والله يريد أن يطيّبكم.. هذه الحياة التي تحيونها دون، والله يريد أن يرفعكم... هذا الذي أنتم فيه شقوة وبؤس ونكد، والله يريد أن يخفف عنكم ويرحمكم ويسعدكم.. والإسلام سيغير تصوراتكم وأوضاعكم وقيمكم، وسيرفعكم إلى حياة أخرى تنكرون معها هذه الحياة التي تعيشونها...).
وقال أيضًا:
(هكذا ينبغي أن نخاطب الناس ونحن نقدم لهم الإسلام؛ لأن هذه هي الحقيقة، ولأن هذه هي الصورة التي خاطب الإسلام الناس بها أول مرة، سواء في الجزيرة العربية أم في فارس أم في الروم، أم في أي مكان خاطب الناس فيه.
نظر إليهم من علٍ؛ لأن هذه هي الحقيقة، وخاطبهم بلغة الحب والعطف؛ لأنها حقيقة كذلك في طبيعته، وفاصلهم مفاصلة كاملة لا غموض فيها ولا تردد؛ لأن هذه هي طريقته، ولم يقل لهم أبدًا: إنه لن يمس حياتهم وأوضاعهم وتصوراتهم وقيمهم إلا بتعديلات طفيفة! أو إنه يشبه نظمهم وأوضاعهم التي ألفوها.. كما يقول بعضنا اليوم للناس وهو يقدم إليهم الإسلام.. مرة تحت عنوان: (ديمقراطية الإسلام)! ومرة تحت عنوان: (اشتراكية الإسلام)! ومرة بأن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والقانونية القائمة في عالمهم لا تحتاج من الإسلام إلا لتعديلات طفيفة!!! إلى آخر هذا التدسس الناعم والتربيت على الشهوات).