بارك الله فيكم.
يا أستاذنا وليدا، إن التواضعَ من خصالِ المتقي!
زادكم الله فضلا
قال أبو العباس-رحمه الله-: (قوله:
(من يكون نهارُه جلاداً ويمسي ليلُه غيرَ نائم) يريد: يمسي هو في ليله ويكون ه في نهاره، ولكنه جعل الفعل لليل والنهار على السعة، وفي القرآن:

بل مكر الليل والنهار

، والمعنى بل مكركم في الليل والنهار، وقال رجلٌ من أهل البحرين من اللصوص:
أما النهارُ ففي قيد وسلسلة ... والليلُ في جوف منحوتٍ من الساجِ
وقال جرير:
لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى ... ونمتِ وما ليلُ المطي بنائمِ
ولو قال:
(من يكون نهارَه جلاداً ويمسي ليلَه غير نائم.) لكان جيداً، وذلك أنه أراد من يكون نهارَه يجالد جلاداً، كما تقول: إنما أنت سيرًا، وإنما أنت ضربًا تريد تسير سيرًا، وتضرب ضربًا، فأضمر لعلم المخاطب أنه لا يكون هو سيرًا، ولو رفعه على أن يجعل الجلاد في موضع المجالد، على قوله: أنت سير أي أنت سائر، كما قالت الخنساء:
*فإنما هي إقبال وإدبار*
وفي القرآن:

قل أرءيتم إن أصبح ماؤكم غوراً

أي: غائراً، وقد مضى تفسير هذا بأكثر من هذا الشرح،
ولو قال: ويمسي ليلُه غيرُ نائم لجاز: يضمر اسمه في يمسي، ويجعل (ليله) ابتداء، و(غير نائم) خبره على السعة التي ذكرت.)
[الكامل1357،1356]