الرقية المشروعة والرقية المحظورة
جمع وإعداد
صاحب الفضيلة الشيخ: فؤاد بن يوسف أبو سعيد حفظه الله تعالى
الحمد لله؛
هذه المادة جمعتها لإلقائها في إذاعة الأقصى من مساء يوم الجمعة على مدار ثلاث حلقات، وكان الإلقاء فيه اختصار كثير، فأحببت أن أعرضها في الموقع كاملة لينتفع بها من أراد الله تعالى نفعه، والله المستعان وعليه التكلان، ومنه نستمد العون والرضا والغفران.
تعريف الرقية :
[الرقية المشروعة: هي دعاء يدعو به المرء يحصن به نفسه، وينفث على بدنه أو في يديه أو على من يرقيه، ينفث أو يتفل ... فهي بكتاب الله جل وعلا، أو بالأدعية التي فيها استعانة واستعاذة بالله جل وعلا وحده، ورجاء ما عنده في دفع المرض أو في رفعه، أو في دفع العين أو في رفعها.
فالرُّقى الشرعية هي التي تكون بهذا المعنى؛ يعني فيها توحيد الله جل وعلا، استعانةً واستعاذة، وفيها الإقبال على الله جل جلاله دون ما سواه.

تاريخها وبدايتها:
الرقى عموما يعرفها العرب في الجاهلية قبل الإسلام، وهي إما مباحة، أو مشوبة بالشرك، فجاء الصحابة رضي الله تعالى عنهم يستشيرون النبي صلى الله عليه وسلم فيها، فقال: "اعرضوا عليَّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا".
حكم طلب الرقية: يجوز للمريض أن يطلب من غيره أن يرقيَه، ولكنّ رقيته لنفسه أولى إن كان يعرفها.

الفرق بين الرقية والشعوذة:
الرقية الشرعية بشروط ثلاثة، غير موجودة في الشعوذة، وهي:
الأول: أن تكون بأسماء الله وصفاته جل وعلا؛ يعني أن يستعين فيها بالله جل وعلا متوسلا بأسماء الله جل وعلا وبصفاته.
والثاني: أن تكون باللغة العربية، أو ما يعرف معناه إن كان بغير العربية.
والثالث: أن يعتقد الراقي والمرقى أن هذه الرقية سبب من الأسباب، ونفع الأسباب إنما هو بإذن الله جل وعلا، قد تنفع وقد لا تنفع بإذن الله جل جلاله.
و[الشعوذة والشعبذة: هي خفة في اليد، وأخذٌ كالسحر، يرى الشيء بغير ما عليه أصله في رأي العين، .. وتقوم على الخداع].

الفروق بين الرقية الشرعية والشعوذة:
1 - الرقية الشرعية تكون بكلام الله وأسمائه والذكر المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوراد .كما مر معك قريبا في كلام العلماء .
1 -الشعوذة تكون بألفاظ شركية، وكلمات سحرية تعظمها الجن فمتى أقسم المعزم بها أجابت إلى ما طلب منها.
2 -الرقية الشرعية تقرأ بصوت مسموع واضح الألفاظ، معلوم المعنى، خال من المحظورات الشرعية ، كالاستغاثة والاستعانة بالجن ..
3- الشعوذة تكون بتمتمة، وغالبا ما تكون بألفاظ مبهمة معقدة غير معقولة المعنى، وربما تخلل ذلك كلمات مسموعة من الذكر، .. وربما ذكر أسماء للشياطين، واستغاث بهم، كأن يقول: (شمهروش، ألداؤوت أدوناي، ...)
3 - الرقية الشرعية تكون باللسان العربي المبين، أي بالقرآن أو غيره، ما دام معقول المعنى، كما في رقية الشفاء التي عرضتها على النبي وأقرها، وأمرها أن ترقي بها وأن تعلمها حفصة ولفظها: "بسم الله، صلوب، حين يعود من أفواهها، ولا تضر أحدا، اللهم اكشف البأس، رب الناس، قال: ترقي بها على عود كُركم سبع مرات، وتضعه مكانا نظيفا، ثم تدلكه على حجر وتطليه على النملة". انظر الصحيحة (ح178) [وهي كلام كانت نساء العرب تستعمله، يعلم كل من سمعه أنه كلام لايضر ولا ينفع، ورقية النملة التي كانت تعرف بينهن أن يقال للعروس تحتفل وتختضب، وتكتحل، وكل شيء يفتعل، غير أن لا تعصي الرجل] أهـ من كلام الشوكاني، عقب عليه الشيخ: بقوله: [كذا قال، ولا أدري ما مستنده؟!] انظر الصحيحة (ج1/ص133).
وعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ قَالَ: (كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ؟!) فَقَالَ: "اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لا بَأْسَ بِالرُّقَى؛ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ" مسلم
وعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال: (لَدَغَتْ رَجُلاً مِنَّا عَقْرَبٌ، وَنَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرْقِيه؟) قَالَ: "مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ". مسلم. ولم يحدد صلى الله عليه وسلم رقية معينة.
أما التميمة فيقول الشاعر:
وإِذا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفارَها ** أَلْفَيْتَ كلَّ تَميمةٍ لا تَنْفَع
(التمائم)، جمع تميمة: خرزات تعلق لاتقاء العين، وقيل :إن التَّمِيمةَ خَرزةٌ زرقاء أو نحوها تُنْظَم في السَّير ثم يُعقد في العُنق، وهي التَّمائم، وقيل: هي قِلادة يجعل فيها سُيُور وعُوَذ؛ فالتَّمِيمةُ: عُوذةٌ تعلق على الإِنسان؛ قال ابن بري: ومنه قول سلَمة بن الخُرْشُب:
تُعَوَّذُ بالرُّقى من غير خَبْلٍ *** وتُعْقَد في قَلائدها التَّمِيمُ

والودعة
قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلا أَتَمَّ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ". قَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: رِجَالُهُمْ ثِقَاتٌ.
فالتمائم خرز ونحوه، والودع صدف ونحوه مما يخرج من البحر؛ يعلق على الصبيان والحيوان، للحفظ من العين والحسد وأنواع الشر.
والنُّشرة:
هي حلُّ السحر عن المسحور، فإن كانت بسحر مثله فلا يجوز، وإن كانت النشرة بالرقية الشرعية فجائز.

آداب الراقي والمرقي:
1) سلامة التوحيد، وصحة المعتقد، وصدق اللجوء إلى الله تعالى.
2) إخلاص العمل، والتوجه إلى الله سبحانه.
3) المحافظة على الفرائض والنوافل، من حيث أداء الصلوات مع الجماعة، والمحافظة عليها في وقتها، ونحو ذلك من أمور العبادات الأخرى.

آداب خاصة بالراقي:
1) العلم الشرعي الذي يحصنه من المخالفات والبدع، والعلم الشرعي الذي يعرفه العلاج النبوي.
2) المظهر والسمت الإسلامي من لحية وثوب ونحو ذلك.
3) التقوى والورع والخوف من الله تعالى؛ يسارع في الشفاء.
4) التواضع وخفض الجناح، والبشاشة ورحابة الصدر.. وعدم التكبر والتعالي على الناس، أو احتقارِهم وازدراؤهم.
5) في تفريج كرب المسلمين، فلا يكون همُّه المال، ففي الحديث: "من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة".

آداب المرقي:
1) التوكل على الله جل جلاله.
2) الاعتقاد أن الشفاء من عند الله لا من عند الراقي، ولكن الراقي سبب.
3) كثرة الدعاء والصلاة، والصدقة وفعل الخيرات وحبُّ الخير للناس..
المرقَى منه والمراد به وما هي أنواعه؟
المرقى منه هو العين أو الحسد أو السحر، أو آلام لا يدري سببها، أو لدغ حشرات، ..
المرقَى به وما المراد به؟ وما هي أنواعه؟
المرقَى به هو الكلام الذي يقرؤه الراقي على المريض، سواء كان من القرآن، أو من السنة، أو بأسماء الله وصفاته، وكل ما يقصد به دفع الضر وجلب النفع، بأي لغة بشرط خلوها من الشرك والشعوذة.

الرقية المشروعة والتقيد بألفاظها:
التقيد بألفاظ الرقى المشروعة ليس لازما، للحديث السابق "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل"
حكم الرقية بالمعنى:
وتجوز الرقية بالمعنى إن عجز عن الإتيان بها بلفظها.
رقية المريض لنفسه:
وهذا أفضل من أن يرقيَه غيره،
الرقى الممنوعة والمحرمة:
وهي الرقى الشركية، التي فيها استعانة واستعاذة بغير الله من الجن وملوكهم ونحو ذلك.
حكم الراقي الجاهل:
يجوز للراقي الجاهل أن يرقي نفسه، بعد السؤال من أهل العلم عن الرقية الشرعية، خوفا من استدراج الشيطان له.
الساحر والمشعوذ والدجال والعراف ونحوهم:
الساحر هو الذي يستخدم الشياطين لأغراضه وأهدافه، وذلك عن طرق يسترضي بها شيطانَه، فلا يرضى حتى يقول الكفر، ويعمل الكفر، أو يعتقد الكفر.
والمشعوذ هو الذي عنده خفة يدٍ بحيث ترى أشياء ليست بحقيقة.
والدجال الكذاب الذي يكذب على الناس فيصدقونه بأشياء يأتي بها.
والكاهن والعراف: [الكاهن من يزعم مطالعة الغيب ويخبر عن الكوائن] فيض القدير (4/ 124)
[قال النووي: والفرق بين الكاهن والعراف؛ أن الكاهن إنما يتعاطى الأخبار عن الكوائن المستقبلة، ويزعم معرفة الأسرار.
والعراف: يتعاطى معرفة الشيء المسروق، ومكانَ الضالة، ونحو ذلك، ومن الكهنة من يزعم أن جنيا يلقي إليه الأخبار، ومنهم من يدعي إدراك الغيب بفهم أعطيه، وأمارات يستدل بها عليه] فيض القدير (6/ 29).

التميز والتفريق بين الراقي الصادق والكاذب:
1- المشعوذ أو المعزم، يستخدم الطلسمات والعزائم السحرية، والحروف، والأرقام، وأسماء كبار الجن والسحرة، والمطالع والنجوم، والتخييل، واستحضار الأرواح، والاستكشاف .. إلخ مما هو محظور شرعا.
2- الراقي لا يستخدم التمائم ولا التولة؛ وهو التفريق بين الأحبة، ولا الحصون، مما يسمى ب(الحروز)، ولا الكف التي فيها خمسُ أصابع والعين داخلها، والثعبان ملتوي على الأصابع ولا غير ذلك...لأن النبي صلى الله عليه سلم قال: "من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له" أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه، وأحمد من وجه آخر بلفظ: "من تعلق تميمة فقد أشرك".
3- والمشعوذ يعتمد على ما سبق، ويكتب اسم المريض أمِّه وإلى جانبها أسماء الجن.
4- الراقي الشرعي يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها، وإنما بإذن الله سبحانه وتعالى، ولا أحد يملك الشفاء بمعنى البرء، ولا أحد يدفع العين، ويطرد الجن، وما الرقية الشرعية إلا سبب من العلاج.
5- والمشعوذون يعتقدون عكس ذلك، وهذا شرك في التوكل.
6- الراقي الشرعي يطهر المكان الذي يرقي فيه من المحرمات الموجودة فيه، كالصور، والتماثيل، والغناء والموسيقى، والنجاسات، وغير ذلك.
ويهيئ نفسه بالطهارة وتصحيح النية، ثم يهيئ نفسية المريض، بإلقاء كلمة في التوحيد وإخلاص التعلق بالله تعالى وحده، وعدم التعلق بغيره، والإيمان الصادق، والاستعانة به، والتوكل عليه والتعرف على ربه أكثر، والتقرب منه بالمحافظة على أداء الواجبات، والابتعاد عن المحرمات. والتحصن بذكره تعالى فهو الحصن الحصين، مع تبرأه من الحول والقوة إلا بالله تعالى ...
6- المشعوذ على العكس من ذلك، بل إذا لم يكفر بالله ويشرك به؛ لم تستجب له مردة الجنِّ وشياطينُهم ليخدموه.
ولا يهيئ نفسه بالطهارة، والتسمية، والتعوذ بالله من الشياطين، ولا يهيئ نفسَ المريض، ولا يرشده إلى شيء من طاعة الله، ولو كان المريض متلبسا بشرك أو بمعصية كبيرة مجاهرا بها، كتبرج النساء وغيره، بل يظهر أمامه أنه قادر على أن يشفيَه، وأن الأمر إليه.
7- الراقي يقوم بتشخيص الداء عن طريق السؤال والجواب، حتى يتبين له أعراض المرض عند المريض، وربما كان مرضه مرضا عضويا يحتاج إلى الطب المادي، أو مرض نفسي يحتاج إلى أن يعرض نفسه على طبيب نفساني، ومن خلال ذلك يقوم بالعلاج بالرقية على ما وصفنا.
7 - المشعوذ لا يقوم بتشخيص الداء بل يخبر المريض بما به من مرض، دون معرفة الأعراض التي تثبت وتبين المرض، بل بعضهم بمجرد ما يدخل المريض من الباب، يخبره باسمه واسم أمِّه، والجهة التي قدم منها، والأمر الذي جاء من أجله، بل منهم من ينتفض عند رؤية المريض، ويتأوه لذلك، ويقول: هذا المريض به كذا وكذا..
8 - الراقي الشرعي، لا يسأل المريض عن اسم أمه، ولا عن اسم أحد أقاربه، وإنما يسأله عن اسمه فقط، حتى إذا ظهر عليه جني يعرف كيف يتعامل معه، فإذا ظهر الجني ونطق على لسان المريض، فإنه يأمره وينهاه، ولا يسترسل معه في الحوار، ولا يطلب منه أن يكشف عن حالة المريض، وعمن سحره، فيكذب عليه الجني ليوقع العداوة بين الأقارب والأرحام، والجيران والأصحاب ..
9- المشعوذ يسأل المريض عن اسمه واسم أمه أو أحد أقاربه، وهذا ليس من أجل أن يفرق بين المريض والجني عند اللزوم، وإنما من أجل اتفاقيات بينه وبين سحرة الجن ومردتهم، ويسترسل مع الجني في الحديث، ويسأله عن حالة المريض، وعمن سحره إلى غير ذلك مما يحصل به العداوة بين من ذكرنا من المسلمين ..
10- الراقي لا يحدد مكانا ولا زمانا للرقية الشرعية، فهو يرقي في كل وقت ما عدا أوقات الصلاة، وفي كل مكان ما عدا أماكن النجاسة، أو التي فيها قبور وشركيات، ومعاصٍ ولا يستطيع تطهيرها، فيجتنبها ولا يرقي فيها، ويرقي بحضور بعض أقارب المريض، وينبغي أن يكون المكان فيه ضوء وإنارة، وليس في الظلام.
11- المشعوذ على العكس منذلك.
12- الراقي يشترط على المريض شروطا شرعية، كأن يكون على طهارة، وأن يكون يصلي، وهل صلى الفجر ذلك اليوم في وقته، وهل ويصوم، وإن كان من الأغنياء هل يزكي؟
فإن لم يكن كذلك أمره ونهاه عن ترك الصلاة، والواجبات الأخرى، من العقوق، وقطيعة الرحم وغيرها.. والمرأة يجب أن تكون متحجبة متجلببة جلبابا شرعيا، محتشمة بعيدة عن استعمال العطور، ومساحيق التجميل، وكلما بالغت في الستر كان أفضل، ولا يرقيهن إلا بحضور محرم.
13- أما المشعوذ على العكس من ذلك؛ فلا يراعي هذه الأمور بتاتا، فلا يهمه، بل يحب أن تأتيه النساء متبرجات عاريات، ويرقيهن كذلك، ويدخلهن في تلك الغرفة المظلمة دون محارم معهن.
14- الراقي يحقق في نفسه ما يدعوا الناس إليه من تقوى الله، من امتثال الأوامر ما استطاع إلى ذلك سبيلا واجتناب النواهي كلية، فأكثر الذين وقعوا في مخالفات أوتوا من هذا الباب .
15- أما المشعوذون فأكثرهم جهال لا يعرفون حتى القراءة السليمة للقرآن، ولا أبسط الأحكام الشرعية، فضلا عن تحقيق التوحيد الصحيح والإيمان الصادق، ولذلك يقعون في حبال عدوهم إبليس.
16- الراقي الشرعي، لا يشترط شيئا إلا الجعل، فمن حقه، وإذا اشترطه لا يبالغ فيه، وإذا أعطي شيئا من غير تشرف نفس فحلال عليه، ولا يلام على أخذه ذلك.
17- المشعوذ يشترط أشياء كثيرة، كالتيس أو الدجاج، أو البقر بأوصاف معينة، وفي أوقات معينة، أو الذهب من المرأة، أو المبالغ الخيالية، وربما لا يطلب من المريض في أول زيارة، فإذا استطاع أن يمسك به، هنا يفرغ جيوبه.

كيفية العلاج بالرقية الشرعية وألفاظها:
العلاج بالرقية وذلك بوضع اليد، أو بالنفث، أو على الماء ونحوه، ثم قراءة آيات من القرآن كالفاتحة، وآية الكرسي، والمعوذتين، وآيات أخرى، وهذه بعض الأحاديث في الرقية: عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا اشتكى الإنسان الشيءَ منه، أو كانت به قُرحة أو جُرح, قال النبي -صلى الله عليه وسلم- بإصبَعه هكذا؛ ووضع سفيان بن عيينة سبابته بالأرض, ثم رفعها وقال: "بسم الله؛ تربةُ أرضنا، بريقة بعضنا, يشفى سقيمُنا بإذن ربنا". مسلم، البخاري.
وعن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كانَ يُعَوِّذُ بعض أهله, يمسح بيده اليمنى ويقول: "اللهمّ ربِّ الناسِ أذهبِ البأسَ, واشفِ أنتَ الشافي, لا شفاء إلا شفاؤك, شفاءً لا يغادرُ سَقَماً".
فلما ثقل في مرضه الذي مات فيه أخذت بيده فجعلت أمسحه بها وأقولها. (الصحيحة 2775).
وعن عائشة أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- كان يَرْقي يَقولُ: "امسَحِ البأسَ, ربَّ النّاس؛ بِيَدِكَ الشِّفاءُ, لا كاشِفَ لهُ إلا أنتَ". البخاري.
عن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن جبريل -عليه السلام- أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا محمد! اشتكيت؟" قال: "نعم!" قال: "بسم الله أرقيكَ, من كل شيء يؤذيك, من شرِّ كلِّ نفسٍ أو عين حاسدٍ؛ الله يشفيك, بسم الله أرقيك". مسلم.
عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: كان إذا اشتكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رقاه جبريل -عليه السلام- قال: "بسم الله يُبِريك, ومن كل داءٍ يَشفيك, ومن شرِّ حاسدٍ إذا حسد, وشرِّ كل ذي عين". مسلم.
عن عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله! عَرَضَ لي شيءٌ في صَلواتي, حتى ما أدري ما أُصلّى. قالَ: "ذاكَ الشيطانُ, أدنُه" فدنوتُ منه, فجلستُ على صُدورِ قَدَميَّ، قالَ: فَضَربَ صدري بيدَه, وتَفَلَ في فَمِي, وقالَ: "اخرجْ عدوَّ الله". ففعلَ ذلكَ ثلاثَ مرَّاتٍ. ثمَّ قال: "الحقْ بعَمَلِكَ". قال عثمان: فَلَعمْرِي! ما أحسبُهُ خالطني بعدُ. صحيح ابن ماجه 3614.
عن علي -رضي الله عنه- قال: لدَغَت النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- عقربٌ وهو يصلي, فلما فرغ قال: "لَعَنَ اللهُ العقربَ, لا تَدَعُ مُصَلِّياً ولا غيرَهُ", ثم دعا بماءٍ ومِلْحٍ, وجعلَ يمسحُ عليها ويقرأ: بـ{قُلْ يأيُّهَا الكافرون}، و{قُلْ أعوذُ بربِّ الفلق}، و{قُلِ أعوذُ بربِّ الناس}.
ورقية الأطفال: "أُعيذُكُما بكلِماتِ الله التَّامَّةِ، من كُلِّ شيطانٍ وهامَّةٍ, ومن كُلِّ عينٍ لامَّةٍ" ويقول: "إنّ أباكُما كانَ يُعوِّذُ بها إسماعيلَ وإسحاقَ". صحيح ابن ماجه 3590.
الرقية قبل وقوع الداء وبعده:
قبل الوقوع نقول عنه تحصن، وبعده نقول تداوي وعلاج.

هل هناك رقية للأمراض العضوية؟
[والاستشفاء بالقرآن يكون في أمور البدن كما يكون في أمور النفس؛ يعني إذا مرض الإنسان في عضو من أعضائه أو أصابه شيء فإن القرآن شفاء للأمراض العضوية كما مر معك في حديث اللديغ؛ هذا رجل لدغته حية أو عقرب فرُقي بالفاتحة بكتاب الله جل وعلا فبرئ، فقام كأن لم يصبه شيء، هذا مرض حسي ولدغة شديدة أزالها القرآن؛ أزالها الله جل وعلا بسبب الرقية بكتابه، كذلك الأمور المعنوية أو الأمور النفسية؛ مثل ضيقة الصدر أو مثل العين التي تؤثر على العقل أو على النفس ونحو ذلك هذا أيضا شفاؤها بالرقية بكتاب الله جل وعلا وبسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو بما شرع مما يجوز من استعمال الأدعية المعروفة المعنى.

رقية الحسد والعين والمس والصرع والوسوسة والفزع والأرق المانع من النوم:
رقية الحسد والعين بالقراءة في ماء والشرب والاعتسال، إذا لم يعرف العائن الحاسد، فإذا عرف فليتوضأ للمحسود، ويصب الوضوء على رأس المريض دفعة واحدة من خلفه.

***********
حكم أخذ الأجر على الرقية، والاستغناء عن العمل والوظيفة...

حكم الرقية على الماء
هو أمر جائز فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفث في الماء والطعام وفي اليدين وعلى الجسم وفي فم الصبي، للبركة والعلاج.
خلط الرقية مع الريق بالتراب:
ثبت في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا اشْتَكَى الإِنْسَانُ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جُرْحٌ قَالَ بِأُصْبُعِهِ هَكَذَا؛ وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبّابَتَهُ بِالأَرْضِ ثُمّ رَفَعَهَا، وَقَالَ: "بِسْمِ اللّهِ، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقِيمُنَا، بِإِذْنِ رَبّنَا".

كتابة الرقية ومحوها بالماء وشربها والاغتسال:
من (الرقى وأحكامها) للشيخ صالح عبد العزيز آل الشيخ:
[وهذا النفث أو التفل؛ قد يكون مباشرة على البدن، وقد يكون بواسطة ماء أو بواسطة زيت أو شيء آخر، كلُّ هذا مأذون به، أو بكتابته على الشيء؛ كتابة بعض الآيات على المريض ونحو ذلك، وقد جاء عن الصحابة في هذا أشياء منها؛ أن ابن عباس كان يأمر أن يكتب للمرأة إذا كانت شقت عليه الولادة، أو تأخرت ولادتها؛ أن يكتب في إناء: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} (الأحقاف: 35). وكذلك الآية الأخرى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} (النازعات: 46)، وتُسقى منه المرأة التي تأخرت ولادتها، أو شق عليها ذلك، ويصب الباقي على صدرها، وعلى شيء من بطنها.
ونحو ذلك مما جاء عن بعض الصحابة أنهم كانوا يكتبون على بعض.. {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} (البقرة: 266).
قد قال صالح بن الإمام أحمد رحمه الله تعالى: اعتلَلْتُ مرة، فقرا لي أبي في ماء، ونفث فيه، ثم أمرني بشربه، وأن أغسل رأسي، وكذلك روى عبد الله بن الإمام أحمد في جواز ذلك].
رقية الغائب وعبر الهاتف والإذاعة والشريط، كل ذلك جائز إذا كانت الرقية دعاء.
الرقية على جمع من المرضى بمكبر الصوت:
دون اختلاط بين الرجال والنساء.

حكم كتابة الرقية وتعليقها:
ورد عن بعض العلماء جواز ذلك، والأكثر على منعه، والذي أراه أن القراء أفضل وأكثر تأثيرا من الكتابة، والتعليق.

رقية المرأة لمثلها وللرجل
لا مانع شرعا من أن ترقي المرأة مثلها، بالشروط والضوابط السابقة، لكن لا تتخذها مهنة، ولا بأس من رقية المرأة زوجها ومحارمها، فقد كانت عائشة رضي الله تعالى عنها ترقي النبي صلى الله عليه وسلم في مرض وفاته.
أما الرجل الأجنبي عنها فلا ترقيه المرأة إلا عند عدم وجود الرجل الراقي.

رقية الرجل للمرأة
كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي: [وقال أحمد بن حنبل: لا بأس بالرقية من العين، وسأله مهنا عن الرجل تأتيه المرأة مسحورة فيطلق عنها السحر؟ فقال: لا بأس، وأما الاستشفاء بالقرآن، والدعاء فهو في معنى الرقية، فلا يكره بحال]
حكم النظر والمس والخلوة بالمرأة:
كل ذلك لا يجوز، فإن اضطر فمن وراء حائل أما اللمس المباشر فلا.
رقية الحائض والجنب والنفساء:
لا مانع من الرقية لهم ومنهم.

هل الاسترقاء يقدح في التوكل؟
هو لا يقدح في التوكل وإنما ينقصه ويقلله.
إتيان الكهان والسحرة إذا لم ينجح الطب:
هذا لا يجوز بل إذا لم ينجح الطب نتوجه إلى الله، ونتداوى بكتاب الله، وبما ثبت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هل يجوز فك السحر بالسحر؟
لا يجوز ذلك، لكن يجبر الساحر على فك السحر.
طرق فك السحر:
أما الطريقة الأولى: وهو الذي يتقى به خطر السحر قبل وقوعه فأهم ذلك وأنفعه هو التحصن بالأذكار الشرعية والدعوات والتعوذات المأثورة ومن ذلك قراءة آية الكرسي خلف كل صلاة مكتوبة.
الطريقة الثانية: بالتصبح بسبع تمرات.
الثالثة: بحل السحر وإفساده إذا علمنا مكانه.
الرابعة بالمداومة على قراءة سورة البقرة يوميا.
والله تعالى أعلم