بسم الله الرحمن الرحيم
خطرت لي فكرة فيما يجري على كثير من العالم من المصائب الشديدة ، و البلايا العظيمة ، التي تتناهى إلى نهاية الصعوبة فقلت : سبحان الله ! إن الله أكرم الأكرمين ، والكرم يوجب المسامحة .
فما وجه هذه المعاقبة؟
فتفكرت ، فرأيت كثيراً من الناس في وجودهم كالعدم ، لايتصفحون أدلة الوحدانية ، ولاينظرون في أوامر الله تعالى ونواهيه ، بل يجرون ـ على عاداتهم ـ كالبهائم .
فإن وافق الشرع مرادهم و إلا فمعولهم على أغراضهم . وبعد حصول الدينار ، لا يبالون ، أمن حلال كان أم من حرام . وإن سهلت عليهم الصلاة فعلوها ، وإن لم تسهل تركوها . وفيهم من يبارز بالذنوب العظيمة ، مع نوع معرفة الناهي . وربما قويت معرفة عالم منهم ، وتفاقمت ذنوبه ، فعلمت أن العقوبات ، وإن عظمت دون إجرامهم . فإذا وقعت عقوبة لتمحص ذنباً صاح مستغيثهم : ترى هذا بأي ذنب ؟ و ينسى ما قد كان ، مما تتزلزل الأرض لبعضه .
وقد يهان الشيخ في كبره حتى ترحمه القلوب ، ولا يدري أن ذلك لإهماله حق الله تعالى في شبابه . فمتى رأيت معاقباً ، فاعلم أنه لذنوب .اه
صيد الخاطر _ ابن الجوزي