الخزانة الأزاريفية بسوس:
نسبة إلى أزَارِيف قرية على قمة جبل بايت حامد، تأسست مدرستها من القرن الثامن على يد أجداد هذه الأسرة المباركة التي اشتهرت فيها كثيرون، وخصوصا في العهد السعدي والعهد الإسماعيلي فما بعده، ولَهم خزائن مَحفوظة تزخر بالنوادر من المخطوطات فضلا عن غيرها، ولا يزال العلم الآن في الأسرة، ومنهم الحاج سيدي مُحمد بن أبي بكر قاطن البيضاء من الفقهاء الكبار ومن المؤلفين اللَّقنين.
حيث المدرسة التي يُقال أنَّها تأسست في القرن الثامن فيما يقال، وقد كان الشيخ سيدي مُحمد بن يَحيى المتوفى عام (1164هـ) أحد الأولين من فطاحل علماء أزاريف هو وأولاده، فزخرت بِهم الخزانة، ثُم هلم جرّا إلى أن صارت في يد الفقيه الْحَسن بن مَحمد بن الحسين، وقد زرت الْخزانة وبقيت نَحو ثلاثة أيام، ولا شغل لي إلا أن يؤتى لي بأكداس من الكتب الخطية، فأمر عليها عيني، وقد رأيتُ منها نوادر...
لم ننشب بع د الجلوس أن دخانا في المقصود، فأول ماأرانا الفقيه ، ظهائر الملوك التي تشتمل من ظهير المولى الغالب بالله السعدي الى مادون الا أن بعضها تمزق، والبعض لملو ذكر الفقيه أنه لم يكن تحت يده، ثم رأينا بعد ظهائر أخرى عند سيدي عابد من هذه الأسرة المباركة، وبعد الافطار قدمنا رب المتوى الى دويرة داخل الدار، وهي محل الخزانة، فأفبلت مع الأستاذ ابن الطاهر على التصفح، وقد أعانني لأنه يدري ماأريد، فمرونا على ماشاء الله من الكتب ذلك النهار ومابعده من الثلاثاء ... تم أكببت أيضا على الكتب بقية الخميس وصبيحة الجمعة، فتأتي المرور المستعجل عليها كلها مع أنها مئات من المخطوطات فشكرا عضيما لهذا السيد الكريم النفس والمائدة والخلق، فقد رأيت منه ماملك مشاعري واسترق عواطفي فقد لازمني غاية، ويصابر معي بياض النهار وسواد الليل مع أنه مطوق بالدراسة لبعض الفنون بالمدرسة ... فأفردنا الفقيه في تلك الدويرة مع أكداس من الكتب العتيقة العدملية ونحن نقاسي من نفض الغبار عنها بالضرب بالأيدي...
وهاك ما وقعت عليه في الخزانة الأزاريفية ، بعدما اتخطى مآت من الكتب العادية على عادتي من أنني أقف عند كل كتاب لسوسي فأصفه ان لم يتقدم وصفه في أدوز، وعند كل كتاب غريب ، أو عند نسخة قيمة منه، وان لم يكن مافيها غريبا ...
تم وصف المختار السوسي 79 مخطوطا وصفا دقيقا بين فيه محتويات كل كتاب وعد أوراقه وناسخه وتاريخ نسخ المخطوط. راجع خلال جزولة 2/78 – 94
تم قال: هذا ماتيسر من ذكر الكتب التي رأيناها تستحق الذكر من الخزانة الأزاريفية العظيمة ومن سوق بعض فوائد وقفنا عليها أثناء الكتب العادية ولابد أن يفلت منا بعض النوادر لأننا انما نلقي نظرات عجلى مارين كما |أننا ربما نصف وصفا غير شاف ماذكرناه من نوادر المخطوطات، ولكن مالايدرك كله لايترك كله والنقع بالندى، ولايموت بالصدى...
فتح جديد في الشعر الأندلسي من سوس العالمة بالمغرب الأقصى:
نهدي القاريء العربي كشفا غير مسبوق، شفت عنه احدى خزائن سوس العالمة : خزانة الزاوية الأزاريفية العامرة بالعلم وأهله ، المزدانة رحابها بكرم أهلها ونبل أخلاقهم، فلا يخيب واردها على أي حال. كانت زيارتنا لها بدافع التبرك ، والظفر بشرف النظر الى مخطوطات انتهت الى مسامعنا أخبارها مما كتبه عنها المختار السوسي رحمه الله في كتابه "خلال جزولة" ، ومما يرويه أهل العلم الذين عرفوا قدرها ووجدنا في أستاذنا العالم الرباني سيدي محمد بن الحسن الشبي من كريم الاحتفاء ما أقدرنا على الاطلاع على مجمل ما احتوته الخزانة من النفائس.
وكان منها مخطوط عتيق، مبتور الأول والاخر، عرفه لنا الشيخ حفظه الله بوصفه مجموعا في الشعر الأندلسي، قبل أن نلم بجميع مافيه، ويتبين لنا أنه من كتب الاختيارات الأدبية الأندلسية الموسومة بالفقدان، ولا ذكر لها في الفهارس، خاصة بعدما قارنا بين الأشعار التي ساقها المؤلف لبعض الشعراء )ومنهم الجراوي، ومرج الكحل، وابن حريق) وبين دواوينهم المنشورة، ومنها ماوقع الاستدراك عليه أكثر من مرتين ، فوجدنا أن المجموع يحتوي على كثير من النصوص ندت عنها الدواوين المشار اليها.
وبهذه الصفة عن لنا أن الكتاب على جانب كبير من الأهمية ، وأن نشره يعد فتحا عظيما في ميدان الأدب الأندلسي، وبدأنا العمل فيه بتحري مؤلفه بوسائل البحث المعروفة، فاهتدينا الى ابن الفخار الرعيني الذي في ذيل برنامجه أن بين يديه كتابا سماه : "جني الأزاهر النضيرة، وسني الزواهر المنيرة" ، ..
أما القرائن العلمية التي قادتنا الى اكتشاف صاحب المجموع، فنرجيء تفصيلها حتى نخرج الكتاب تاما، وقد حققنا معظمه، ورأينا قبل ذلك أن نستل منه مالم يعرف من شعر بعض شعراء المجموع يقدم بين يدي دواوينهم قصد استكمالها، بادئين بأبي العباس الجراوي، فمر الكحل الأندلسي، وأبي بحر صفوان ابن ادريس التيبي، وابن حريق البلنسي، ثم الأديب أبي القاسم عامر بن هشام، وأبي اسحاق الزوالي، وقد اختار لهم الرعيني في كتابه هذا قدرا كبيرا من القصائد ليس لها وود في دواوينهم المنشورة.
والمموع يضم ترام وأشعارا وبعض رسائل لأدباء الغرب الاسلامي في العصر الموحدي عاصرهم المؤلف وسمع منهم، أو خاطبوه كتابة بانتاجهم الأدبي ، تدل على ذلك صيغ الرواية في المجموع : "أنشدني" ، "وكتب الي". كتب بخط مغربي سن مشكول في أغلبه، تبللت بعض أوراقه الا أنها مقروءة، في هوامشه طرر شر واستدراك وتصي، مقابل على نسخة أخرى برمز المقابلة : (ب)، مقياسه: 19ع*27ط، وعدد صفاته
136 صفحة ، ألقت به بعض الوراق في أوله وآخره تتضمن فوائد مختلفة...
وسيرد التعريف بجميع الشعراء وسواهم ممن ذكروا في المجموع حين نخرج الكتاب تاما مصححا ومحققا.
أماعملنا الحالي – كما ذكرنا في أول الحديث – فهو استكمال دواوين الكحل الأندلسي، وأبي صفوان بن ادريس التجيبي، وابن حريق البلنسي، وأبي الحسن هيتم بن جعفر، وأبي العباس الجراوي، نقابل مانشر منها بما في المجموع ، ونستدرك عليها ماليس فيها وهو كثير.
لهذا قر العزم على البدء بديوان شاعر الخلافة الموحدية أبي العباس الجراوي.
المستدرك على شعر أبي العباس الجراوي - تحقيق: البشير التَّهالي، ورشيد كِنانِي - مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط1، 1426هـ/ 2005