قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

وبناء على هذا نقول إن الذين يحكمون القوانين الآن ويتركون وراءهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما هم بمؤمنين ليسوا بمؤمنين لقول الله تعالى } فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم { ولقوله } ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون {
وهؤلاء المحكمون للقوانين لا يحكمونها في قضية معينة خالفوا فيها الكتاب والسنة لهوى أو لظلم ولكنهم استبدلوا الدين بهذه القوانين جعلوا هذا القانون يحل محل شريعة الله وهذا كفر حتى لو صلوا وصاموا وتصدقوا وحجوا فهم كفار ما داموا عدلوا عن حكم الله وهم يعلمون بحكم الله إلى هذه القوانين المخالفة له
} فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما {
فلا تستغرب إذا قلنا إن من استبدل شريعة الله بغيرها من القوانين فإنه يكفر ولو صام وصلى لأن الكفر ببعض الكتاب كفر بالكتاب كله فالشرع لا يتبعض إما أن تؤمن به جميعا وإما أن تكفر به جميعا وإذا آمنت ببعض وكفرت ببعض فأنت كافر بالجميع لأن حالك تقول إنك لا تؤمن بما يخالف هواك وأما ما خالف هواك فلا تؤمن به هذا هو الكفر فأنت بذلك اتبعت الهوى واتخذت هواك إلها من دون الله فالحاصل أن المسألة خطيرة جدا من أخطر ما يكون بالنسبة لحكام المسلمين اليوم فإنهم قد وضعوا قوانين تخالف الشريعة وهم يعرفون الشريعة ولكن وضعوها والعياذ بالله تبعا لأعداء الله من الكفرة الذين سنوا هذه القوانين ومشى الناس عليها والعجب أنه لقصور علم هؤلاء وضعف دينهم أنهم يعلمون أن واضع القانون هو فلان ابن فلان من الكفار في عصر قد اختلف العصور عنه من مئات السنين ثم هو في مكان يختلف عن مكان الأمة الإسلامية ثم هو في شعب يختلف عن الأمة الإسلامية ومع ذلك يفرضون هذه القوانين على الأمة الإسلامية ولا يرجعون إلى كتاب الله ولا إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين الإسلام وأين الإيمان وأين التصديق برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه رسول للناس كافة وأين التصديق بعموم رسالته وأنها عامة في كل شيء؟

(من كتاب شرح رياض الصالحين ج 1 ص: 508 - 509 طبعة دار العقيدة - الإسكندرية
أو ج 2 ص: 261 - 262 في طبعة مدار الوطن عام 1425 هـ. )

( 227 ) وسئل - حفظه الله - : عن حكم من حكم بغير ما أنزل الله .
فأجاب قائلًا : أقول وبالله - تعالى - أقول وأسأله الهداية والصواب : إن الحكم بما أنزل الله - تعالى - من توحيد الربوبية ؛ لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته ، وكمال ملكه وتصرفه؛ ولهذا سمى الله - تعالى - المتبوعين في غير ما أنزل الله - تعالى - أربابًا لمتبعيهم فقال - سبحانه - : { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } فسمى الله - تعالى - المتبوعين أربابًا حيث جعلوا مشرعين مع الله - تعالى - ، وسمى المتبعين عُبادًا حيث إنهم ذلوا لهم وأطاعوهم في مخالفة حكم الله - سبحانه وتعالى - . وقد « قال عدي بن حاتم لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنهم لم » « يعبدوهم فقال النبي ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بل إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم » .
إذا فهمت ذلك فاعلم أن من لم يحكم بما أنزل الله ، وأراد أن يكون التحاكم إلى غير الله ورسوله وردت فيه آيات بنفي الإيمان عنه ، وآيات بكفره وظلمه ، وفسقه.
فأما القسم الأول:
فمثل قوله تعالى - : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } فوصف الله - تعالى - هؤلاء المدعين للإيمان وهم منافقون بصفات:
الأولى : أنهم يريدون أن يكون التحاكم إلى الطاغوت ، وهو كل ما خالف حكم الله - تعالى - ورسوله ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لأن ما خالف حكم الله ورسوله فهو طغيان واعتداء على حكم من له الحكم وإليه يرجع الأمر كله وهو الله قال الله - تعالى - : { أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } .
الثانية : أنهم إذا دُعُوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول صدوا وأعرضوا.
الثالثة : أنهم إذا أصيبوا بمصيبة بما قدمت أيديهم ، ومنها أن يعثر على صنيعهم جاءوا يحلفون أنهم ما أرادوا إلا الإحسان والتوفيق كحال من يرفض اليوم أحكام الإسلام ويحكم بالقوانين المخالفة لها زعمًا منه أن ذلك هو الإحسان الموافق لأحوال العصر.
ثم حذر - سبحانه - هؤلاء المدعين للإيمان المتصفين بتلك الصفات بأنه - سبحانه - يعلم ما في قلوبهم وما يكنونه من أمور تخالف ما يقولون ، وأمر نبيه أن يعظهم ويقول لهم في أنفسهم قولًا بليغًا ، ثم بين أن الحكمة من إرسال الرسول أن يكون هو المطاع المتبوع لا غيره من الناس مهما قويت أفكارهم واتسعت مداركهم، ثم أقسم - تعالى - بربوبيته لرسوله التي هي أخص أنواع الربوبية والتي تتضمن الإشارة إلى صحة رسالته ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أقسم بها قسمًا مؤكدًا أنه لا يصلح الإيمان إلا بثلاثة أمور :
الأول : أن يكون التحاكم في كل نزاع إلى رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الثاني : أن تنشرح الصدور بحكمه ولا يكون في النفوس حرج وضيق منه.
الثالث : أن يحصل التسليم التام بقبول ما حكم به وتنفيذه بدون توان أو انحراف.
وأما القسم الثاني: فمثل قوله - تعالى - : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } وقوله : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } . وقوله: { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } . وهل هذه الأوصاف الثلاثة تتنزل على موصوف واحد؟
بمعنى أن كل من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر ظالم، فاسق ؛ لأن الله - تعالى - وصف الكافرين بالظلم والفسق فقال - تعالى - : { وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ } . وقال - تعالى - : { إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ } . فكل كافر ظالم فاسق ، أو هذه الأوصاف تتنزل على موصوفين بحسب الحامل لهم على عدم الحكم بما أنزل الله؟
هذا هو الأقرب عندي والله أعلم.
فنقول : من لم يحكم بما أنزل الله استخفافًا به، أو احتقارًا له ، أو اعتقادًا أن غيره أصلح منه، وأنفع للخلق فهو كافر كفرًا مخرجًا عن الملة ، ومن هؤلاء من يضعون للناس تشريعات تخالف التشريعات الإسلامية لتكون منهاجًا يسير الناس عليه، فإنهم لم يضعوا تلك التشريعات المخالفة للشريعة الإسلامية إلا وهم يعتقدون أنها أصلح وأنفع للخلق ، إذ من المعلوم بالضرورة العقلية ، والجبلة الفطرية أن الإنسان لا يعدل عن منهاج إلى منهاج يخالفه إلا وهو يعتقد فضل ما عدل إليه ونقص ما عدل عنه.
ومن لم يحكم بما أنزل الله وهو لم يستخف به، ولم يحتقره، ولم يعتقد أن غيره أصلح منه، وأنفع للخلق ، وإنما حكم بغيره تسلطًا على المحكوم عليه، أو انتقامًا منه لنفسه أو نحو ذلك ، فهذا ظالم وليس بكافر وتختلف مراتب ظلمه بحسب المحكوم به ووسائل الحكم.
ومن لم يحكم بما أنزل الله لا استخفافًا بحكم الله ، ولا احتقارًا ، ولا اعتقادًا أن غيره أصلح ، وأنفع للخلق ، وإنما حكم بغيره محاباة للمحكوم له، أو مراعاة لرشوة أو غيرها من عرض الدنيا فهذا فاسق ، وليس بكافر ، وتختلف مراتب فسقه بحسب المحكوم به ووسائل الحكم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فيمن اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله : إنهم على وجهين:
أحدهما : أن يعلموا أنهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل ويعتقدون تحليل ما حرم ، وتحريم ما أحل الله اتباعًا لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل فهذا كفر ، وقد جعله الله ورسوله شركًا.
الثاني : أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحليل الحرام وتحريم الحلال - كذا المنقولة عنه - ثابتًا لكنهم أطاعوهم في معصية الله كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصٍ فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب .

( 228 ) وسئل: هل هناك فرق في المسألة المعينة التي يحكم فيها القاضي بغير ما أنزل الله وبين المسائل التي تعتبر تشريعًا عامًا؟
فأجاب بقوله : نعم هناك فرق فإن المسائل التي تعتبر تشريعًا عامًا لا يتأتى فيها التقسيم السابق وإنما هي من القسم الأول فقط ؛ لأن هذا المشرع تشريعًا يخالف الإسلام إنما شرعه لاعتقاده أنه أصلح من الإسلام وأنفع للعباد كما سبقت الإشارة إليه.
والحكم بغير ما أنزل الله ينقسم إلى قسمين :
أحدهما : أن يستبدل هذا الحكم بحكم الله -تعالى - بحيث يكون عالمًا بحكم الله، ولكنه يرى أن الحكم المخالف له أولى وأنفع للعباد من حكم الله ، أو أنه مساو لحكم الله ، أو أن العدول عن حكم الله إليه جائز فيجعله القانون الذي يجب التحاكم إليه فمثل هذا كافر كفرًا مخرجًا عن الملة لأن فاعله لم يرض بالله ربًا ولا بمحمد رسولًا ولا بالإسلام دينًا وعليه ينطبق قوله - تعالى - : { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } وقوله - تعالى - : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } . وقوله -تعالى - : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ } ولا ينفعه صلاة ، ولا زكاة ، ولا صوم ، ولا حج ؛ لأن الكافر ببعض كافر به كله قال الله - تعالى - : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }
وقال سبحانه : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا } .
الثاني : أن يستبدل بحكم الله - تعالى - حكمًا مخالفًا له في قضية معينة دون أن يجعل ذلك قانونًا يجب التحاكم إليه فله ثلاث حالات : الأولى : أن يفعل ذلك عالمًا بحكم الله - تعالى - معتقدًا أن ما خالفه أولى منه وأنفع للعباد ، أو أنه مساو له ، أو أن العدول عن حكم الله إليه جائز فهذا كافر كفرًا مخرجًا عن الملة لما سبق في القسم الأول.
الثانية : أن يفعل ذلك عالمًا بحكم الله معتقدًا أنه أولى وأنفع لكن خالفه بقصد الإضرار بالمحكوم عليه أو نفع المحكوم له ، فهذا ظالم وليس بكافر وعليه يتنزل قول الله - تعالى - : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } .
الثالثة : أن يكون كذلك لكن خالفه لهوى في نفسه أو مصلحة تعود إليه فهذا فاسق وليس بكافر وعليه يتنزل قول الله تعالى - : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } .
وهذه المسألة أعني مسألة الحكم بغير ما أنزل الله من المسائل الكبرى التي ابتلي بها حكام هذا الزمان فعلى المرء أن لا يتسرع في الحكم عليهم بما لا يستحقونه حتى يتبين له الحق ؛ لأن المسألة خطيرة - نسأل الله - تعالى – أن يصلح للمسلمين ولاة أمورهم وبطانتهم كما أن على المرء الذي آتاه الله العلم أن يبينه لهؤلاء الحكام لتقوم الحجة عليهم وتبين المحجة ، فيهلك من هلك عن بينة ، ويحيا من حيَّ عن بينة ، ولا يحقرن نفسه عن بيانه ، ولا يهابن أحدًا فيه فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين. والله ولي التوفيق .


[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين جزء 2، ص: 140-148]
المؤلف : محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى : 1421هـ)
جمع وترتيب : فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان
الناشر : دار الوطن - دار الثريا
الطبعة : الأخيرة - 1413 هـ