إليكم هذه الفتوى من فتح العلي المالك للشيخ عليش المالكي رحمه الله.
( مَا قَوْلُكُمْ ) دَامَ فَضْلُكُمْ فِي فَقِيهٍ دَخَلَ بَيْتًا فَوَجَدَ فِيهِ جَمَاعَةً يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ , وَيَشْرَبُونَ الدُّخَانَ فِي مَجْلِسِ الْقُرْآنِ فَنَهَاهُمْ عَنْ شُرْبِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَامْتَثَلُوا , وَتَابُوا , وَحَلَفُوا أَنْ لَا يَعُودُوا لِهَذَا الْأَمْرِ فَجَاءَ رَجُلٌ آخَرُ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ , وَسَبَّ النَّاهِيَ , وَاغْتَابَهُ , وَكَذَّبَهُ , وَرَدَّهُمْ جَمِيعًا إلَى شُرْبِهِ فَهَلْ الْحَقُّ مَعَ الْأَوَّلِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ ؟
فَأَجَابَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى رحمه الله تعالى بِمَا نَصُّهُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الدُّخَانُ الْمَشْرُوبُ لَا نَصَّ فِيهِ لِلْمُتَقَدِّمِ ينَ لِعَدَمِ وُجُودِهِ فِي زَمَنِهِمْ , وَإِنَّمَا حَدَثَ بَعْدَ الْأَلْفِ , وَكَانَ حُدُوثُهُ فِي مِصْرَ فِي زَمَنِ اللَّقَانِيِّ وَالْأُجْهُورِي ِّ فَأَفْتَى اللَّقَانِيُّ بِتَحْرِيمِهِ , وَنَسَبَ ذَلِكَ لِلشَّيْخِ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ , وَأَلَّفَ فِي تَحْرِيمِهِ , وَتَبِعَهُ الْقُرَشِيُّ وَجَمَاعَاتٌ , وَعَلَّلَ بِتَعَالِيلَ مِنْهَا إضَاعَةُ الْمَالِ بِحَرْقِهِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ , وَأَفْتَى الْأُجْهُورِيُّ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ , وَأَلَّفَ فِي ذَلِكَ وَرَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ بِالتَّحْرِيمِ , وَتَبِعَهُ جَمَاعَاتٌ , وَاعْتَمَدَ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِي نَ كَلَامَ الْأُجْهُورِيُّ , وَإِنْ كَانَتْ أَدِلَّةُ التَّحْرِيمِ أَقْوَى , وَكُلُّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ , وَالْمَحَافِلِ , وَأَمَّا فِيهَا فَلَا شَكَّ فِي التَّحْرِيمِ ; لِأَنَّ لَهُ رَائِحَةً كَرِيهَةً , وَإِنْكَارُهَا عِنَادٌ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَعَاطِي مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ فِي الْمَسْجِدِ , وَالْمَحَافِلِ , وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ يَشْتَدُّ التَّحْرِيمُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ عَدَمِ التَّعْظِيمِ , وَمَنْ أَنْكَرَ مِثْلَ هَذَا لَا يُخَاطَبُ لِجُمُودِهِ أَوْ عِنَادِهِ , وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُفْتِي الْأَوَّلُ الَّذِي نَهَى عَنْ شُرْبِ الدُّخَانِ فِي مَجْلِسِ الْقُرْآنِ قَدْ أَصَابَ فِي نَهْيِهِ أَثَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ , وَاَلَّذِي كَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ هُوَ الْكَاذِبُ فَهُوَ ضَالٌّ مُضِلٌّ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْذُورًا لِنَحْوِ سَهْوٍ أَوْ نِسْيَانٍ , - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ التَّسَاهُلِ - , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . الْفَقِيرُ مُصْطَفَى الْبُولَاقِيُّ الْمَالِكِيُّ غُفِرَ لَهُ آمِينْ