.. الحلم العربي ..


بين إخوانه يتوسط منزله الشعبي القرية , نهض من نومه , لم يسمع
أصوات الأطفال , زوجته لم يكن لها أثر , الصمت يحيط
بالمكان , راودته الوساوس , خاف عليهم , ارتدى ثوبه ,
وضع شماغه على رأسه , خرج من منزله , بستان مترامي
الأطراف يحيط به , فرك عينيه , لم يصدق ما يرى , لا يعلم
كيف جاء البستان , أين منازل إخوانه , إختفت فجأة , مشى فيه
ليستطلع أمره , أوغل في داخله , شاهد أشجارا باسقة
وفواكه يانعة , أصبح موطنه غابة ملأ بالحيوانات , شاهد
من بين الأشجار رجل ضخم البنية , أحمر البشرة ,
بيده سوط يجلد رجلا أسمر , لم يتبين شكله ,
أوجس منه خيفة , سلم عليه فلم يرد السلام ,
زجره بلغة لم يعرفها , فهم أنه يطلب منه ألا يتدخل , حث
الخطى مبتعدا عنه , أثناء سيره ناداه رجل باسمه , بدا
غريبا في مظهره , يلحن في اللغة العربية , دقق في نظرته
إليه , لم يعرفه , ابتسم له ,
قال له : أنا أخوك
رد عليه باستغراب : أخوي , واللهجة والزي الغربي ..!
عانقه وسارا معا
قال له : أنت تأخرت في نومك فسبقناك إلى هنا
سأله : ماذا تفعلون هنا ؟
أجابه : نحن عمال عند مالك هذا المكان
سأله : أين منازلكم ؟
قال : سيدنا أعطى كلا منا منزلا حديثا بوسط هذه الحدائق الغناء
بدلا عنها
قال : لكنكم أجراء عنده
أجابه بخجل : لقد وعدنا بتحقيق أحلامنا وامتلاك تلك المنازل في المستقبل
عاتبه قائلا : ماضيكم , أرضكم , كرامتكم ...!
طأطأ رأسه وقال : تغير الناس , والدنيا تطورت
سأله عن زوجته , قال : اطمأن إنها تعمل في القصر الكبير
سأله بلهفة : وأطفالي ؟
أجابه : يعملون مع أطفال القرية
قال بتعجب : ودراستهم والمستقبل ؟
قال : المال هو المستقبل
قابل جميع إخوته , حاول إقناعهم بالعودة لقريتهم , كانت إجابتهم الرفض ,
سأل أحدهم : كيف أعود لمنزلي ؟
وصف له الطريق وتركه , مر بجانب بحيرة , جلس على
حافتها , خرج من بين الأشجار ثور أسود , جذبه اللون
الأحمر , هجم عليه , قفز جاريا , كاد أن يلحق به ,
ألقى بنفسه في الماء , لم يكن يعرف السباحة , حرك
يديه ورجليه , شرق بالماء , كاد أن يغرق , سقط
الثور خلفه , أمسك رأس الثور , ألقاه بعيدا , خرج
وترك شماغه , هدأ الثور , وعاد من حيث أتى ,
رجع لمنزله , فكر ماذا يفعل ؟
لمعت في رأسه خطة , جمع أشمغة حمراء , ذهب
وقابل إخوانه , أهداها لهم , قال : الموعد عند الماء ,
اجتمعوا , لبسوا أشمغة عربية فوق اللبس الغربي , دخل
الغابة , ساق إليهم قطيع الثيران , صاح بها , هجمت عليهم ,
قتلت كل العمال , ماتت أشجار البستان , اختفى الرجل
الأحمر , عاد الصبية للعب أمام المنزل , في الأرض الجرداء
برزت بيوت القتلى , وعلى الأبواب كتب بيوت الشهداء .






..... فواز أبوخالد .


__________________