خزانة مؤسسة الفقيه محمد بن أبي بكر التطواني بمدينة سلا:

تفتتح 'مؤسسة الفقيه التطواني للعلم والأدب' يوم 13 نونبر 2010 بسلا لتكون فضاء للحفاظ على ذاكرة هذا الفقيه وجزء هام من مسيرته العلمية والأدبية والوطنية كأحد أعلام المغرب ورموزه التاريخية.

وسيفتتح المقر بلقاء علمي تتخلله مداخلات بعض الشخصيات حول المسار الفكري والأدبي للفقيه أبو بكر التطواني وتشكيل لجن المؤسسة التي ستعنى بالجوانب الاجتماعية والعلمية والإعلامية والإدارية وكذا لجنتي جائزة الفقيه التطواني الإبداعية والجامعة الصيفية.

وتهدف المؤسسة إلى إنشاء بنك للمعلومات يشمل الوثائق والمنشورات والإصدارات التي تتعلق بحياة الفقيه التطواني ووضع خزانته رهن إشارة الباحثين وإغنائها باستمرار والقيام بتنظيم ندوات ذات طابع ثقافي وعلمي وتهييئ فرص التعاون والتواصل بين الباحثين.

كما تهدف إلى عقد اتفاقيات شراكة وتعاون مع المؤسسات المماثلة ومراكز الأبحاث والدراسات وتنظيم ندوات متخصصة للتعريف بنساء ورجالات المغرب وتكريمهم وترسيخ ودعم الهوية الثقافية والوطنية إضافة إلى المساهمة في ترسيخ حب العلم والثقافة لدى الأطفال والشباب عبر ندوات وحلقات دراسية تواصلية.

ومحمد بن أبي بكر التطواني ( 1901 -1993) الذي استقر بسلا بعد قدومه إليها من تطوان كان مرجعا حيا للباحثين والطلبة بمؤلفات ومخطوطات وتراجم أعلام من المغرب والأندلس.
سلا تشهد ميلاد مؤسسة الفقيه التطواني للعلم والأدب «أبو بكر لفقيه التطواني» رئيسا بالإجماع
انعقد خلال نهاية الأسبوع الماضي، بمدينة سلا، الجمع العام التأسيسي لمؤسسة الفقيه التطواني للعلـم والأدب بحضور العديد من الفعاليات الفكرية والعلمية والجمعوية. انطلق الجمع التأسيسي بكلمة الافتتاح التي ألقاها رئيس الجلسة باسم العائلة الأستاذ أحمد الفقيه التطواني، استعرض من خلالها أهمية مؤسسة الفقيه التطواني في الحفاظ على ذاكرة الراحل العزيز، كما استعرض جزء هاما من مسيرته العلمية والأدبية والوطنية كأحد أعلام المغرب ورموزه التاريخية.
وبعد كلمة الافتتاح أخبر رئيس الجلسة الجمع العام بترشيح أبوبكر لفقيه التطواني لرئاسة المؤسسة، حيث لقي هذا الترشيح إجماع الحاضرين. من جهته قدم الرئيس المنتخب أبو بكر لفقيه التطواني عرضا عن أهداف المؤسسة وبرامجها وتوجهاتها المستقبلية مذكرا بأن هذه الجمعية تولد وتنطلق في ظل أجواء إيجابية وبيئة تمكينية تقوم على ثلاثة محاور:
- المحور الأول: ما تحظى به أسرة العلم والعلماء من عناية مولوية كريمة لدى صاحب الجلالة رعاية ودعما وتشجيعا؛
- المحور الثاني: الحركية التي تشهدها منظمات المجتمع المدني في مجال تنشيط الحقل الثقافي وإغنائه؛
- المحور الثالث: الرصيد العلمي والأخلاقي والأدبي الذي تختزله شخصية العلامة الفقيه التطواني.
وعن أهداف الجمعية، ركز رئيس المؤسسة على بعض التوجهات الإستراتيجية التي تتمثل في الإسهام في تنشيط الحقل الثقافي المحلي والوطني والانفتاح على المؤسسات المماثلة وعقد اتفاقات شراكة ودعم الهوية الثقافية والوطنية، إضافة إلى إحداث الجامعة الصيفية لمدينة سلا وجائزة الفقيه التطواني الإبداعية، إضافة إلى جوانب متعددة تهم العمل الاجتماعي والإبداعي.
عقب جلسة الانتخاب تناولت الكلمة، للإدلاء بشهادات حول الراحل الفقيه التطواني، شخصيات وطنية وعلمية في مقدمتهم الأستاذ المجاهد أبوبكر القادري، الذي ألقى كلمة مرتجلة مؤثرة، استعرض خلالها تاريخا حافلا من الذاكرة الوطنية والعلمية التي كانت تجمعه بصديقه الكبير الراحل محمد بن أبي بكر التطواني واصفا إياه بالشخصية الفريدة من نوعها التي كانت تجمع فيها خصال العلم والصوفية والوطنية والتواضع الجم
بعد ذلك، تليت شهادة العالم الجليل الأستاذ عبد العزيز بنعبد الله، ألقاها نيابة عنه السيد أبو بكر الفقيه التطواني ومما جاء فيها: «لم يكن العلامة الفقيه محمد بن أبي بكر التطواني صديقا حميما لي فقط، بل كانت تصلني بشخصه الكريم عرى أكثر من حميمة وروابط روحية صميمة جعلت من شخصيتنا الثنائية كيانا واحدا في أسلوب تفكيره ومنهج تحليله وأهداف بحثه ومسار صوفيته، ما لبث أن تعزز بشخص كريم ثالث هو الأستاذ الجليل العلامة محمد المختار السوسي.
وبعد ذلك ألقى الأستاذ نور الدين اشماعو كلمة باسم جمعية أبي رقراق أكد من خلالها على أهمية الحدث بخلق مؤسسة الفقيه التطواني باعتباره من أحد الوجوه العلمية البارزة في المغرب والعالم العربي والإسلامي، مؤكدا على الحرص في ربط جسور التعاون مع المؤسسة الجديدة.

مقر المؤسسة الكائن ب-17 شارع فلسطين بطانة سلا
لمؤسسة الفقيه محمد بن ابي بكر التطواني الموقع الالكتروني
www.fkihtetouani.0fees.net

* محمد بن أبي بكر التطواني (ت 1410هـ):

محمد بن أبي بكر بن محمد الشاوي السلوي الفقيه التطواني، ولد بمدينة سلا في متم رمضان عام 1318هـ/ 1901م، في أسرة علمية عريقة أصلها من عرب الشاوية، انتقلوا إلى سلا بعد أن كان استقرارهم بمدينة تطوان، ولذلك عرفت أسرتهم بالتطوانيين.

نشأ في هذه الأسرة فأخذه والده معه إلى طنجة لما عين بها كاتباً بدار النيابة، حيث أدخله كتّاب محمد التوزاني لحفظ القرآن، ولم يتجاوز حينها السنة الرابعة من عمره، ثم استكمل بعد ذلك حفظ كتاب الله وتجويده بمسقط رأسه على يد خيرة فقهاء وأساتذة بلده أمثال محمد بوعلو، ومحمد بنسعيد، ومحمد بريطل، ودرس العلوم اللغوية والشرعية على يد والده، وأحمد بن الفقيه الجراري، وفي أوائل عام (1337هـ) رحل إلى فاس قصد إتمام دراسته، إلاَّ أن وفاة والده عجلت برجوعه، ولم تسمح له حالته المادية بعد ذلك لإتمام دراسته مما اضطره للاشتغال بالكتابة في إحدى الإدارات، واستطاع توفير بعض المال من أجرته البسيطة التي كان يتقاضاها، وعندها رجع إلى مدينة فاس لإتمام دراسته، وبقي هناك عشر سنين لازم فيها الشيخ عبد الحي الكتاني، فكان ينسخ له مؤلفاته ومخطوطاته، مما مكنه من الاستفادة من علوم شيخه، واطلاعه الواسع على العلوم الإسلامية والحديثية، كما حضر مجالس كبار العلماء المسلمين والمستشرقين الذين يتوافدون على الشيخ الكتاني باستمرار، وهكذا تمكن الشيخ التطواني خلال مقامه بفاس من تحصيل كل العلوم التي كانت تدرس بالقرويين النقلية منها والعقلية، على يد علماء أجلاء بلغ عددهم الثمانين، أجازه منهم نحو ثلاثين، ومن أبرز شيوخه في هذه المرحلة: أحمد بن الخياط، ومحمد بن رشيد العراقي، وأحمد بن المامون البلغيثي، والشريف التكَناوتي، ومحمد بن جعفر الكتاني، كما كانت رحلاته إلى الجزائر وتونس وليبيا ومصر وسوريا ولبنان والحجاز فرصة للقاء بأعلام المشرق والمغرب ولقي هناك نحو تسعين عالماً

كان الشيخ رحمه الله علاَّمة فهَّامة من المتضلعين في العلم، ومرجعاً حياً للباحثين والطلبة، يزودهم بما تختزنه ذاكرته من معارف ومظان، وكان من المشتغلين بالبحث في المخطوطات، ولم يكن رحمه الله يتشوف للوظائف العالية التي عرضت عليه ولم يقبلها، وعرف عنه أنه اشتغل بعد رجوعه من فاس ببيع الكتب، وكانت له مكتبة بالرباط، وأخرى بالشراكة مع محمد بن عبد الله الغربي، كما ولي خطابة المسجد الأعظم بسلا بعد طول امتناع، ثم تخلى عنها لغيره، وشارك رحمه الله في الحركة الوطنية، واعتقل من طرف المستعمر، وأوذي فصبر واحتسب.

نال المترجم من الحظ والشهرة بين أهل عصره ما لا يلحق به غيره، وتجلى ذلك في ثناء العلماء عليه، قال عنه العلامة إدريس بن الماحي القيطوني: «صديقنا الفقيه العلامة المشارك المطلع المؤرخ النقادة الأديب الكاتب البارع الديّن الخَيِّر الصالح، من أهل العلم والدين المتين والصلاح...

اهتم الفقيه التطواني بمجال التأليف وهو ما يزال طالباً بفاس، وكان من نتاجه العلمي تآليف تدل على طول باعه وسعة علمه، منها كتب صغيرة في كراريس، نذكر منها: ذيل فهرس الفهارس لمحمد عبد الحي الكتاني، محاضرات أدبية وتاريخية، رسالة عن القاضي عياض، رسالة عن الشيخ المكي البطاوري، وله كناشات علمية مخطوطة بالخزانة الصبيحية، منها كناشة تحمل رقم 454 تحتوي على مجموعة من التراجم لمشارقة وأندلسيين، وكناشة تحمل رقم 455 تحتوي على تراجم أعلام ما قبل القرن السابع من علماء المغرب، وكناشة أخرى تحمل رقم 458 فيها مختارات من تاريخ بغداد، ونوازل العلمي، ونشر المثاني، وسلوة الأنفاس...
ومن آثاره المنشورة: ابن الخطيب من خلال كتبه في جزئين صغيرين، وجلالة العرش المحمدي في ظل راية القرآن، وله مقالات منشورة في مجلات مغربية وجزائرية وتونسية

توفي الشيخ التطواني رحمه الله بمسقط رأسه سلا في العاشر من محرم عام 1410هـ، ويوجد قبره بجوار الشيخ أحمد بن عاشر الذي كان مواظباً على زيارته في حياته.

مصادر ترجمته:
معجم المطبوعات المغربية للقيطوني (57-58)، إسعاف الإخوان الراغبين بتراجم ثلة من علماء المغرب المعاصرين (164-166)، معلمة المغرب (7/2407-240)