النبي صلى الله عليه وسلم قال كما عند أبي داود : ( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه )
هذا الحديث حديث صحيح ,وصححه قبل الألباني رحمه الله محدثون كثر ، ولكن وقع عندهم إشكال وهذا الإشكال هو كيف يرد إلى النبي صلى الله عليه وسلم روحه مع أنه حي ؟ وبالتالي فإن هذا الحديث يشكل من حيث إن هناك مفارقة لروح النبي عليه الصلاة والسلام لبدنه ويترتب على ذلك محظورات من بينها / أن هناك موتات ترد على النبي صلى الله عليه وسلم ، مع أن الله عز وجل لم يذكر إلا موتتين وحياتين ، قال عز وجل { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون } وقال تعالى عن أهل النار { قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين } فيلزم من ذلك أن تتردد روح النبي عليه الصلاة والسلام على بدنه لأن المصلين عليه كثر ، بل ربما أن الصلاة تتكرر عليه في آن واحد إذا حصلت صلاة من هذا ومن هذا ومن ذاك في وقت واحد ، وهذا إشكال تحدث عنه بأوجه كثيرة /
القول الأول : إن الروح هنا عبارة عن ملك ، لأن الملك قد يعبر عنه بالروح في كتاب الله عز وجل ،وبهذا يتفق مع قول النبي عليه الصلاة والسلام ( إن لله ملائكة سياحيين في الأرض يبلغونني عن أمتى السلام )
القول الثاني : أن النبي عليه الصلاة والسلام مستغرق في عبادة الله عز وجل كما هو الشأن في موسى، فقد رآه النبي عليه الصلاة والسلام يصلي في قبره ، وهذا من التلذذ ، فيكون رد الروح ليس معنى أنها كانت مفارقة له ثم رجعت وإنما رد الروح هو إيقاظه وتنبيهه
القول الثالث : إن قوله عليه الصلاة والسلام ( إلا رد الله علي روحي ) جملة حالية للماضي والجملة الحالية إذا كانت مصدرة بالفعل الماضي فيقدر قبلها [ قد ] ( إلا رد الله علي روحي ) يعني روحه مردودة إليه في الماضي ، يعني إلا قد رد الله علي روحي ، وذكروا أن البيهقي رواه بإضافة ( قد ) ولذا قال تعالى { حصرت صدورهم } هنا جملة حالية لكنها مصدرة بالفعل الماضي فيقد قبلها قد ، يعني قد حصرت ، وهذه فائدة اللغة العربية ، هذه أوضح وأبين ما قيل فيها ، حتى تحدث عنها علماء كبار كالسخاوي رحمه الله والسيوطي وغيرهم ، هذه أجوبة ، مع أن من ذكرها من هؤلاء لا يزال الإشكال باقيا عندهم لأنها أجوبة فيها ما فيها ، وذلك لأن (قد) اتيانها بعد (إلا) غير وارد لكن هذه الرواية التي عند البيهقي لم أقف عليها ، ولكن إن ثبتت ففيها رد على من منع مجيء قد بعد إلا في الجملة الحالية ،
وأما من قال بالقول الأول : أن الروح عبارة عن ملك ، فلا يمكن أن تحمل على هذا الحديث لأن فيه ركاكة ( ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ) أضاف الروح إليه فكيف يكون ملكاً ، فهذا التوجيه فيه شيء من البعد .
وأما من قال : إن النبي مستغرق في العبادة ، نقول له أين الدليل ؟! والصحيح أن هذه امور غيبية لا ندركها فنبقى على ظاهر النص .