هذه بعض المنكرات في العقائد والعبادات والأخلاق؛ عرف بها أهل التصوف ،يحكيها عنهم المؤرخ السلاوي في كتابه الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، أحببت أن أسوقها لأخواني حتى يعرفوا دين القوم. يقول السلاوي: قد ظهر ببلاد المغرب وغيرها منذ أعصار متطاولة لا سيما في المائة العاشرة وما بعدها بدعوة قبيحة وهي اجتماع طائفة من العامة على شيخ من الشيوخ الذين عاصروهم أو تقدموهم ممن يشار إليه بالولاية والخصوصية ويخصونه بمزيد المحبة والتعظيم ويتمسكون بخدمته والتقرب إليه قدرا زائدا على غيره من الشيوخ بحيث يرتسم في خيال جلهم أن كل المشايخ أو جلهم أن دونه في المنزلة عند الله تعالى ويقولون نحن أتباع سيدي فلان وخدام الدار الفلانية لا يحولون عن ذلك ولا يزولون خلفا عن سلف، وينادون باسمه ويتسغيثون به ويفزعون في مهماتهم إليه، معتقدين أن التقرب إليه نافع والإنحراف عنه قيد شبر ضار، مع أن النافع والضار هو الله وحده، وإذا ذكر لهم شيخ آخر أو دعوا إلي حاصوا حيصة حمر الوحش من غير تبصر في أحواله هل يستحق ذلك التعظيم أم لا، فصار الأمر عصبيا وصارت الأمة بذلك طرائق قدد،ا ففي كل بلد أو قرية عدة طوائف وهذا لم يكن معروفا في سلف الأمة الذين هم القدوة لمن بعدهم وغرض الشارع إنما هو في الإجتماع وتمام الألفة واتحاد الوجهة وقد قال تعالى لأهل الكتاب { تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم } الآية…
ثم استرسل هؤلاء الطغام في ضلالهم حتى صارت كل طائفة تجتمع في أوقات معلومة من مكان مخصوص أو غيره على بدعتهم التي يسمونها الحضرة فما شئت من طست وطار وطبل ومزمار وغناء ورقص وخيط وفحص وربما أضافوا إلى ذلك نارا أو غيرها يستعملونه على سبيل الكرامة بزعمهم ويستغرقون في ذلك الزمن الطويل حتى يمضي الوقت والوقتان من أوقات الصلوات وداعي الفلاح ينادي على رؤوسهم وهم في حيرتهم يعمهون لا يرفعون به رأسا ولا يرون بما هم فيه من الضلال بأسا بل يعتقدون أن ما هم فيه من أفضل القرب إلى الله تعالى الله عن جهالتهم علوا كبيرا.
ولا تجد في هذه المجامع الشيطانية غالبا إلا من بلغ الغاية في الجفاء والجهل من لا يحسن الفاتحة فضلا عن غيرها مع ترك الصلاة طول عمره أو من في معناه من معتوه ناقص العقل والدين فما أحوج هؤلاء الفسقة إلى محتسب يغير عليهم ما هم فيه من المنكر العظيم واللبس المقيم، وأعظم من هذا كله أنهم يفعلون تلك الحضرة غالبا في المساجد فإنهم يتخذون الزاوية باسم الشيخ ويجعلونها مسجدا للصلاة بالمحراب والمنار وغير ذلك ثم يعمرونها بهذه البدعة الشنيعة فكم رأينا من عود و رباب ومزمار على أفحش الهيأت في محاريب الصلوات.