تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: من هو عبد الهوى ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb من هو عبد الهوى ؟

    من هو عبد الهوى ؟
    إعداد الدكتور أمل العلمي

    عبد الهوى هو من اتخذ إلهه هواه، عبد الهوى هو من يتبع الظن وما تهوى الأنفس، عبد الهوى هو الذي استهوته الشياطين في الأرض، عبد الهوى هو الذي اتبع هواه وصد عن الذكر الحكيم، عبد الهوى هو الذي إذا ذكر بالله أخذته العزة بالإثم واستكبر وطغى وأعرض عن القرآن المبين، عبد الهوى هو من يدعو من دون الله من لا يضره ولا ينفعه، عبد الهوى هو الذي يتبع الهوى ولا يعدل، عبد الهوى هو الذي اختار طريق الشيطان وأعرض عن طريق الرحمن. عبد الهوى كل أفاك أثيم تتنزل عليه الشياطين. عبد الهوى من يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم. عبد الهوى كل حلاف مهين، هماز مشاء بنميم، مناع للخير معتد أثيم، عتل بعد ذلك زنيم. عبد الهوى والدرهم كل مانع أموال الزكاة وآكل أموال الناس بالإثم... ويل لكل همزة لمزة، الذي جمع مالا وعدده، يحسب أن ماله أخلده، كلا لينبذن في الحطمة، وما أدراك ما الحطمة، نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة، إنها عليهم موصدة في عمد ممددة. عبد الهوى كل من يتحايل على شرع الله. عبد الهوى كل مفسد في الأرض قطاع للأرحام، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم، عبد الهوى من أسخط والديه. عبد الهوى من اتبع سبيل فرعون، وقارون وهامان. عبد الهوى من اتبع سبيل أبا جهل وأبا لهب. عبد الهوى هو من يتعدى على آل البيت والعثرة النبوية الشريفة... وإلى غير ذلك من أمثلة الضلال والفساد في الأرض من تقطيع الأرحام والكذب على الله ورسوله وعلى أولياء الله المتقين. وحسبنا الله ونعم الوكيل. ويعرض القرآن في عدد كبير من الآيات في توصيف من يتبع هواه بغير هدى من الله ومغبة ذلك والترهيب من اتباع الهوى والصد عن الله ورسوله... اخترت منها ما يلي من الآيات على سبيل الذكرى لمن يتذكر وعبرة لمن يعتبر، ولا تزيد الظالمين إلا خسارا... نعرض لها في هذه الصفحة تباعاً إن شاء الله.
    الجاثية: ٢٣
    الفرقان: ٤٣ – ٤٤
    النجم: ٢٣
    الأنعام: ٧١
    الأعراف: ١٧٥ – ١٧٩
    النساء: ١٣٥
    المائدة: ٧٦ – ٧٧
    الروم: ٢٨ – ٢٩
    القصص: ٥٠
    محمد: ١٤

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: من هو عبد الهوى ؟

    من سورة الجاثية: الآيات 21-23

    قال تعالى: ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ (21) وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (22)أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (23) ﴾ الجاثية: 21-23

    في تفسير ابن كثير: يقول تعالى: لا يستوي المؤمنون والكافرون؛ كما قال عز وجل:
    { لاَ يَسْتَوِىۤ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ وَأَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ } [الحشر: 20] وقال تبارك وتعالى هاهنا: { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَـٰت } أي: عملوها وكسبوها { أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰت ِ سَوَآءً مَّحْيَـٰهُمْ وَمَمَـٰتُهُمْ } أي: نساويهم بهم في الدنيا والآخرة { سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } أي: ساء ما ظنوا بنا وبعدلنا أن نساوي بين الأبرار والفجار، في الدار الآخرة وفي هذه الدار. قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا مؤمل بن إهاب، حدثنا بكير بن عثمان التنوخي، حدثنا الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد الباجي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: إن الله تعالى بنى دينه على أربعة أركان، فمن صبر عليهن، ولم يعمل بهن، لقي الله من الفاسقين، قيل: وما هن يا أبا ذر؟ قال: يسلم حلال الله لله، وحرام الله لله، وأمر الله لله، ونهي الله لله، لا يؤتمن عليهن إلا الله.
    قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم " كما أنه لا يجتنى من الشوك العنب، كذلك لا ينال الفجار منازل الأبرار " هذا حديث غريب من هذا الوجه، وقد ذكر محمد بن إسحاق في كتاب السيرة أنهم وجدوا حجراً بمكة في أس الكعبة مكتوب عليه: تعملون السيئات، وترجون الحسنات، أجل كما يجنى من الشوك العنب. وروى الطبراني من حديث شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي الضحى عن مسروق: أن تميماً الداري قام ليلة حتى أصبح يردد هذه الآية { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَـٰت أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰت ِ }؟ ولهذا قال تعالى: { سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } وقال عز وجل: { وَخَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ } أي: بالعدل { وَلِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }.
    ثم قال جل وعلا: { أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ }؟ أي: إنما يأتمر بهواه، فمهما رآه حسناً فعله، ومهما رآه قبيحاً تركه، وهذا قد يستدل به على المعتزلة في قولهم بالتحسين والتقبيح العقليين، وعن مالك فيما روي عنه من التفسير: لا يهوى شيئاً إلا عبده، وقوله: { وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } يحتمل قولين: أحدهما: وأضله الله لعلمه أنه يستحق ذلك، والآخر: وأضله الله بعد بلوغ العلم إليه وقيام الحجة عليه. والثاني يستلزم الأول، ولا ينعكس { وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَـٰوَةً } أي: فلا يسمع ما ينفعه، ولا يعي شيئاً يهتدي به، ولا يرى حجة يستضيء بها. ولهذا قال تعالى: { فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ }؟ كقوله تعالى: { مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِى طُغْيَـٰنِهِمْ يَعْمَهُونَ }.

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: من هو عبد الهوى ؟

    الفرقان: 41 – 44

    قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولا (41) إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلا (42) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلا (43)أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا (44) ﴾ الفرقان: 41 – 44

    في تفسير ابن كثير: يخبر تعالى عن استهزاء المشركين بالرسول صلى الله عليه وسلم إذا رأوه؛ كما قال تعالى: { وَإِذَا رَآكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً } [الأنبياء: 36] الآية، يعنونه بالعيب والنقص. وقال ههنا: { وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِى بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } أي: على سبيل التنقص والازدراء، فقبحهم الله؛ كما قال: { وَلَقَدِ ٱسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ } [الأنعام: 10] الآية. وقوله تعالى: { إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ ءَالِهَتِنَا } يعنون: أنه كاد يثنيهم عن عبادة الأصنام، لولا أن صبروا وتجلدوا واستمروا عليها. قال الله تعالى متوعداً لهم ومتهدداً: { وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ } الآية.
    ثم قال تعالى لنبيه منبهاً أن من كتب الله عليه الشقاوة والضلال، فإنه لا يهديه أحد إلا الله عز وجل، { أَرَءَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } أي: مهما استحسن من شيء، ورآه حسناً في هوى نفسه، كان دينه ومذهبه؛ كما قال تعالى: { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءَ عَمَلِهِ فَرَءَاهُ حَسَناً فَإِنَّ ٱللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَآءُ } [فاطر: 8] الآية، ولهذا قال ههنا: { أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً }؟ قال ابن عباس: كان الرجل في الجاهلية يعبد الحجر الأبيض زماناً، فإذا رأى غيره أحسن منه، عبد الثاني، وترك الأول. ثم قال تعالى: { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ }؟ الآية، أي: هم أسوأ حالاً من الأنعام السارحة، فإن تلك تعقل ما خلقت له، وهؤلاء خلقوا لعبادة الله وحده لا شريك له، وهم يعبدون غيره، ويشركون به، مع قيام الحجة عليهم، وإرسال الرسل إليهم.

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: من هو عبد الهوى ؟

    من سورة النجم: 19-26

    قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22)إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى (23) أَمْ لِلإِنسَانِ مَا تَمَنَّى (24) فَلِلَّهِ الآخِرَةُ وَالأُولَى (25) وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى (26) ﴾ النجم: 19-26

    في تفسير ابن كثير: يقول تعالى مقرعاً للمشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد والأوثان، واتخاذهم البيوت لها مضاهاة للكعبة التي بناها خليل الرحمن عليه السلام: { أَفَرَءَيْتُمُ ٱللَّـٰتَ } وكانت اللات صخرة بيضاء منقوشة، وعليها بيت بالطائف، له أستار وسدنة، وحوله فناء معظم عند أهل الطائف، وهم ثقيف ومن تابعها، يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب بعد قريش، قال ابن جرير: وكانوا قد اشتقوا اسمها من اسم الله، فقالوا: اللات، يعنون: مؤنثة منه، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً، وحكي عن ابن عباس ومجاهد والربيع بن أنس: أنهم قرأوا: اللات، بتشديد التاء، وفسروه بأنه كان رجلاً يلت للحجيج في الجاهلية السويق، فلما مات، عكفوا على قبره، فعبدوه. وقال البخاري: حدثنا مسلم، هو ابن إبراهيم، حدثنا أبو الأشهب، حدثنا أبو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: { ٱللَّـٰتَ وَٱلْعُزَّىٰ } قال: كان اللات رجلاً يلت السويق؛ سويق الحاج. قال ابن جرير: وكذا العزى من العزيز، وكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، وهي بين مكة والطائف، وكانت قريش يعظمونها؛ كما قال أبو سفيان يوم أحد: لنا العزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم " وروى البخاري من حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعالَ أقامرك، فليتصدق " فهذا محمول على من سبق لسانه في ذلك؛ كما كانت ألسنتهم قد اعتادته في زمن الجاهلية، كما قال النسائي: أخبرنا أحمد بن بكار، وعبد الحميد بن محمد قالا: حدثنا مخلد، حدثنا يونس عن أبيه، حدثني مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: حلفت باللات والعزى، فقال لي أصحابي: بئس ما قلت! قلت هجراً!. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: " قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وانفث عن شمالك ثلاثاً، وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم لا تعد " وأما مناة، فكانت بالمشلل عند قديد بين مكة والمدينة، وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتها يعظمونها، ويهلون منها للحج إلى الكعبة. وروى البخاري عن عائشة نحوه، وقد كان بجزيرة العرب وغيرها طواغيت أخر تعظمها العرب كتعظيم الكعبة، غير هذه الثلاثة التي نص عليها في كتابه العزيز، وإنما أفرد هذه بالذكر؛ لأنها أشهر من غيرها.
    قال ابن إسحاق في السيرة: وقد كانت العرب اتخذت مع الكعبة طواغيت، وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة، لها سدنة وحجاب، وتهدي لها كما يهدى للكعبة، وتطوف بها كطوافها بها، وتنحر عندها، وهي تعرف فضل الكعبة عليها؛ لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم عليه السلام. ومسجده، فكانت لقريش، ولبني كنانة العزى بنخلة، وكان سدنتها وحجابها بني شيبان من سليم، حلفاء بني هاشم، قلت: بعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد ابن الوليد، فهدمها وجعل يقول:
    يا عُزَّى كُفْرانَكِ لا سُبْحانَك
    إنِّي رأيْتُ اللّهَ قَدْ أهانَك
    وقال النسائي: أخبرنا علي بن المنذر، أخبرنا ابن فضيل، حدثنا الوليد بن جميع عن أبي الطفيل قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، بعث خالد بن الوليد إلى نخلة، وكانت بها العزى، فأتاها خالد، وكانت على ثلاث سمرات، فقطع السمرات، وهدم البيت الذي كان عليها، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: " ارجع فإنك لم تصنع شيئاً " فرجع خالد، فلما أبصرته السدنة، وهم حجبتها، أمعنوا في الحيل، وهم يقولون: يا عزى يا عزى فأتاها خالد، فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثو التراب على رأسها، فغمسها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: " تلك العزى! " قال ابن إسحاق: وكانت اللات لثقيف بالطائف، وكان سدنتها وحجابها بني معتب. قلت: وقد بعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم المغيرة بن شعبة، وأبا سفيان صخر ابن حرب، فهدماها وجعلا مكانها مسجداً بالطائف. قال ابن إسحاق: كانت مناة للأوس والخزرج ومن دان بدينهم من أهل يثرب على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها أبا سفيان صخر ابن حرب، فهدمها، ويقال: علي بن أبي طالب. قال: وكانت ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة، ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة. قلت: وكان يقال لها: الكعبة اليمانية، وللكعبة التي بمكة: الكعبة الشامية، فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم جرير بن عبد الله البجلي، فهدمه، قال: وكانت فَلْس لطيء ومن يليها بجبلي طيء من سلمى وأجأ، قال ابن هشام: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليه علي بن أبي طالب، فهدمه، واصطفى منه سيفين: الرسوب والمخْذم، فنفله إياهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فهما سيفا علي. قال ابن إسحاق: وكان لحمير وأهل اليمن بيت بصنعاء يقال له: ريام، وذكر أنه كان به كلب أسود، وأن الحبرين اللذين ذهبا مع تبع، استخرجاه وقتلاه، وهدما البيت. قال ابن إسحاق: وكانت رضاء بيتاً لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، ولها يقول المستوغر بن ربيعة بن كعب بن سعد حين هدمها في الإسلام:
    ولَقَدْ شَدَدْتُ على رِضاءٍ شَدَّةً
    فتَرَكْتُها قَفْراً بِقاعٍ أَسْمَحا
    قال ابن هشام: إنه عاش ثلاثمائة وثلاثين سنة، وهو القائل:
    ولَقَدْ سَئِمْتُ منَ الحَياة وطولِها
    وعُمِرْتُ من عَدَدِ السنينَ مِئينا
    مائةً حدَتْها بعدَها مِئتانِ لي
    وعُمِرْت من عددِ الشهور سِنينا
    هل ما بقي إلا كما قد فاتَنا
    يومٌ يمرُّ وليلةٌ تَحْدونا
    وقال ابن إسحاق: وكان ذو الكعبات لبكر وتغلب ابني وائل وإياد بسنداد، وله يقول أعشى بني قيس بن ثعلبة:
    بينَ الخَوَرْنَقِ والسَّديرِ وبارقٍ
    والبيت ذو الكعباتِ من سندادِ
    ولهذا قال تعالى: { أَفَرَءَيْتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلْعُزَّىٰ وَمَنَوٰةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } ثم قال تعالى: { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنثَىٰ }؟ أي: أتجعلون له ولداً، وتجعلون ولده أنثى، وتختارون لأنفسكم الذكور؟ فلو اقتسمتم أنتم ومخلوق مثلكم هذه القسمة، لكانت { قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } أي: جوراً باطلة، فكيف تقاسمون ربكم هذه القسمة التي لو كانت بين مخلوقين كانت جوراً وسفهاً؟ ثم قال تعالى منكراً عليهم فيما ابتدعوه وأحدثوه من الكذب والافتراء والكفر من عبادة الأصنام وتسميتها آلهة: { إِنْ هِىَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُم } أي من تلقاء أنفسكم { مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَـٰنٍ } أي: من حجة} إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأَنفُسُ } أي ليس لهم مستند إلا حسن ظنهم بآبائهم الذين سلكوا هذا المسلك الباطل قبلهم، وإلا حظ نفوسهم في رياستهم وتعظيم آبائهم الأقدمين. { وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ ٱلْهُدَىٰ } أي ولقد أرسل الله إليهم الرسل بالحق المنير، والحجة القاطعة، ومع هذا ما اتبعوا ما جاؤوهم به، ولا انقادوا له.
    ثم قال تعالى: { أَمْ لِلإِنسَـٰنِ مَا تَمَنَّىٰ }؟ أي: ليس كل من تمنى خيراً حصل له } لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيِّكُ ْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ {]النساء:123]ما كل من زعم أنه مهتد يكون كما قال، ولا كل من ود شيئاً يحصل له. قال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا تمنى أحدكم، فلينظر ما يتمنى، فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته " تفرد به أحمد. وقوله: { فَلِلَّهِ ٱلآخِرَةُ وٱلأُولَىٰ } أي: إنما الأمر كله لله مالك الدنيا والآخرة، والمتصرف في الدنيا والآخرة، فهو الذي ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن. وقوله تعالى: { وَكَمْ مِّن مَّلَكٍ فِي ٱلسَّمَـٰوَٰتِ لاَ تُغْنِي شَفَـٰعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرْضَىٰ } كقوله:} مَن ذَا ٱلَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ {]البقرة: 255[} وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَـٰعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ {]سبأ:23]فإذا كان هذا في حق الملائكة المقربين، فكيف ترجون أيها الجاهلون شفاعة هذه الأصنام والأنداد عند الله، وهو تعالى لم يشرع عبادتها ولا أذن فيها، بل قد نهى عنها على ألسنة جميع رسله وأنزل بالنهي عن ذلك جميع كتبه؟

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: من هو عبد الهوى ؟

    من سورة الأنعام: الآية 71

    قال تعالى: ﴿ قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71) ﴾ الأنعام: 71

    في تفسير ابن كثير: قال السدي: قال المشركون للمسلمين: اتبعوا سبيلنا، واتركوا دين محمد، فأنزل الله عز وجل:
    } قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا } أي: في الكفر { بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ٱللَّهُ } فيكون مثلنا مثل الذي استهوته الشياطين في الأرض، يقول: مثلكم إن كفرتم بعد إيمانكم، كمثل رجل خرج مع قوم على الطريق، فضل الطريق، فحيرته الشياطين، واستهوته في الأرض، وأصحابه على الطريق، فجعلوا يدعونه إليهم يقولون: ائتنا؛ فإنا على الطريق، فأبى أن يأتيهم، فذلك مثل من يتبعهم بعد المعرفة بمحمد صلى الله عليه وسلم ومحمد هو الذي يدعو إلى الطريق، والطريق هو الإسلام، رواه ابن جرير، وقال قتادة: { ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَـٰطِين فِى ٱلأَرْضِ }: أضلته في الأرض، يعني: استهوته: سيرته؛ كقوله:} تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ {]إبراهيم:37[ وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، في قوله: { قُلْ أَنَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا } الآية، هذا مثل ضربه الله للآلهة ومن يدعو إليها، والدعاة الذين يدعون إلى هدى الله عز وجل، كمثل رجل ضل عن الطريق تائهاً، إذ ناداه مناد: يا فلان بن فلان هلم إلى الطريق، وله أصحاب يدعونه: يا فلان هلم إلى الطريق، فإن اتبع الداعي الأول، انطلق به حتى يلقيه إلى الهلكة، وإن أجاب من يدعوه إلى الهدى، اهتدى إلى الطريق، وهذه الداعية التي تدعو في البرية من الغيلان، يقول: مثل من يعبد هذه الآلهة من دون الله، فإنه يرى أنه في شيء، حتى يأتيه الموت، فيستقبل الندامة والهلكة، وقوله: { كَٱلَّذِى ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَـٰطِين فِى ٱلأَرْضِ } هم الغيلان { يَدْعُونَهُ } باسمه واسم أبيه وجده، فيتبعها، وهو يرى أنه في شيء، فيصبح وقد رمته في هلكة، وربما أكلته، أو تلقيه في مضلة من الأرض يهلك فيها عطشاً، فهذا مثل من أجاب الآلهة التي تعبد من دون الله عز وجل، رواه ابن جرير، وقال ابن أبي نجيح: عن مجاهد: { كَٱلَّذِى ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَـٰطِين فِى ٱلأَرْضِ حَيْرَانَ } قال: رجل حيران يدعوه أصحابه إلى الطريق، وذلك مثل من يضل بعد أن هدى، وقال العوفي عن ابن عباس قوله: { كَٱلَّذِى ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَـٰطِين فِى ٱلأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَـٰبٌ } هو الذي لا يستجيب لهدى الله، وهو رجل أطاع الشيطان، وعمل في الأرض بالمعصية، وحاد عن الحق، وضل عنه، وله أصحاب يدعونه إلى الهدى، ويزعمون أن الذي يأمرونه به هدى، يقول الله ذلك لأوليائهم من الإنس، { إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ } والضلال ما يدعو إليه الجن، رواه ابن جرير، ثم قال: وهذا يقتضي أن أصحابه يدعونه إلى الضلال، ويزعمون أنه هدى، قال: وهذا خلاف ظاهر الآية، فإن الله أخبر أنهم يدعونه إلى الهدى، فغير جائز أن يكون ضلالاً، وقد أخبر الله أنه هدى، وهو كما قال ابن جرير؛ فإن السياق يقتضي أن هذا الذي استهوته الشياطين في الأرض حيران، وهو منصوب على الحال، أي: في حال حيرته وضلاله، وجهله وجه المحجة، وله أصحاب على المحجة سائرون، فجعلوا يدعونه إليهم وإلى الذهاب معهم على الطريقة المثلى، وتقدير الكلام: فيأبى عليهم، ولا يلتفت إليهم، ولو شاء الله لهداه، ولرد به إلى الطريق، ولهذا قال: { قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ } كما قال:} وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ {]الزمر: 37] وقال:} إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّـٰصِرِينَ {]النحل: 37] وقوله: { وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِين } أي: نخلص له العبادة وحده لا شريك له،...

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: من هو عبد الهوى ؟

    من سورة الأعراف: 175-179

    ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175)وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ (177)مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178)وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) الأعراف: 175-179

    في تفسير ابن كثير: قال عبد الرزاق: عن سفيان الثوري عن الأعمش، ومنصور عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِىۤ ءاتَيْنَـٰهُ ءَايَـٰتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا } الآية قال: هو رجل من بني إسرائيل يقال له: بلعم بن باعوراء. وكذا رواه شعبة وغير واحد عن منصور به وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس: هو صيفي بن الراهب. قال قتادة: وقال كعب: كان رجلاً من أهل البلقاء، وكان يعلم الاسم الأكبر، وكان مقيماً ببيت المقدس مع الجبارين. وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنه: هو رجل من أهل اليمن يقال له: بلعم، آتاه الله آياته فتركها، وقال مالك بن دينار: كان من علماء بني إسرائيل، وكان مجاب الدعوة، يقدمونه في الشدائد، بعثه نبي الله موسى عليه السلام إلى ملك مدين يدعوه إلى الله، فأقطعه وأعطاه، فتبع دينه وترك دين موسى عليه السلام. وقال سفيان بن عيينة: عن حصين عن عمران بن الحارث عن ابن عباس: هو بلعم بن باعوراء، وكذا قال مجاهد وعكرمة. وقال ابن جرير: حدثني الحارث، حدثنا عبد العزيز، حدثنا إسرائيل عن مغيرة عن مجاهد عن ابن عباس قال: هو بلعام. وقالت ثقيف: هو أمية بن أبي الصلت. وقال شعبة: عن يعلى بن عطاء عن نافع بن عاصم عن عبد الله بن عمرو في قوله: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِىۤ ءاتَيْنَـٰهُ ءَايَـٰتِنَا{الآية قال: هو صاحبكم أمية بن أبي الصلت، وقد روي من غير وجه عنه، وهو صحيح إليه، وكأنه إنما أراد أن أمية بن أبي الصلت يشبهه؛ فإنه كان قد اتصل إليه علم كثير من علم الشرائع المتقدمة، ولكنه لم ينتفع بعلمه، فإنه أدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغته أعلامه وآياته ومعجزاته، وظهرت لكل من له بصيرة، ومع هذا اجتمع به ولم يتبعه، وصار إلى موالاة المشركين ومناصرتهم وامتداحهم، ورثى أهل بدر من المشركين بمرثاة بليغة، قبحه الله. وقد جاء في بعض الأحاديث أنه ممن آمن لسانه ولم يؤمن قلبه، فإن له أشعاراً ربانية وحكماً وفصاحة، ولكنه لم يشرح الله صدره للإسلام. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن أبي نمر، حدثنا سفيان عن أبي سعيد الأعور عن عكرمة عن ابن عباس في قوله: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِىۤ ءاتَيْنَـٰهُ ءَايَـٰتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا } قال: هو رجل أعطي ثلاث دعوات يستجاب له فيهن، وكانت له امرأة له منها ولد، فقالت: اجعل لي منها واحدة، قال: فلك واحدة، فما الذي تريدين؟ قالت: ادع الله أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل، فدعا الله، فجعلها أجمل امرأة في بني إسرائيل، فلما علمت أن ليس فيهم مثلها، رغبت عنه، وأرادت شيئاً آخر، فدعا الله أن يجعلها كلبة، فصارت كلبة، فذهبت دعوتان، فجاء بنوها، فقالوا: ليس بنا على هذا قرار، قد صارت أمنا كلبة يعيرنا الناس بها، فادع الله أن يردها إلى الحال التي كانت عليها، فدعا الله فعادت كما كانت، وذهبت الدعوات الثلاث، وتسمى البسوس، غريب، وأما المشهور في سبب نزول هذه الآية الكريمة فإنما هو رجل من المتقدمين في زمن بني إسرائيل كما قال ابن مسعود وغيره من السلف، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هو رجل من مدينة الجبارين يقال له بلعام، وكان يعلم اسم الله الأكبر، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيره من علماء السلف: كان مجاب الدعوة، ولا يسأل الله شيئاً إلا أعطاه إياه، وأغرب بل أبعد بل أخطأ من قال: كان قد أوتي النبوة فانسلخ منها، حكاه ابن جرير عن بعضهم، ولا يصح، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لما نزل موسى بهم - يعني: بالجبارين - ومن معه أتاه - يعني: بلعم - أتاه بنو عمه وقومه، فقالوا: إن موسى رجل حديد، ومعه جنود كثيرة، وإنه إن يظهر علينا يهلكنا، فادع الله أن يرد عنا موسى ومن معه، قال: إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي، فلم يزالوا به حتى دعا عليهم، فسلخه الله ما كان عليه، فذلك قوله تعالى: { فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ{الآية.
    وقال السدي: إن الله لما انقضت الأربعون سنة التي قال الله: { فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً } بعث يوشع بن نون نبياً، فدعا بني إسرائيل، فأخبرهم أنه نبي، وأن الله أمره أن يقاتل الجبارين، فبايعوه وصدقوه، وانطلق رجل من بني إسرائيل يقال له: بلعام، فكان عالماً يعلم الاسم الأعظم المكتوم، فكفر - لعنه الله - وأتى الجبارين، وقال لهم: لا ترهبوا بني إسرائيل، فإني إذا خرجتم تقاتلونهم أدعو عليهم دعوة فيهلكون، وكان عندهم فيما شاء من الدنيا، غير أنه كان لا يستطيع أن يأتي النساء؛ لعظمهن، فكان ينكح أتاناً له، وهو الذي قال الله تعالى: { فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا } وقوله تعالى: { فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } أي: استحوذ عليه وعلى أمره، فمهما أمره امتثل وأطاعه، ولهذا قال: { فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ } أي: من الهالكين الحائرين البائرين. وقد ورد في معنى هذه الآية حديث رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده حيث قال: حدثنا محمد بن مرزوق، حدثنا محمد بن بكر عن الصلت بن بهرام، حدثنا الحسن، حدثنا جندب البجلي في هذا المسجد: أن حذيفة، يعني: ابن اليمان رضي الله عنه، حدثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    " إن مما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن، حتى إذا رئيت بهجته عليه، وكان رداؤه الإسلام، اعتراه إلى ما شاء الله، انسلخ منه ونبذه وراء ظهره، وسعى على جاره بالسيف، ورماه بالشرك " قال: قلت: يا نبي الله أيهما أولى بالشرك، المرمي أو الرامي؟ قال: " بل الرامي " إسناد جيد، والصلت بن بهرام كان من ثقات الكوفيين، ولم يرم بشيء سوى الإرجاء، وقد وثقه الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما.
    وقوله تعالى: { وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَـٰهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ } يقول تعالى: { وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَـٰهُ بِهَا } أي: لرفعناه من التدنس عن قاذورات الدنيا بالآيات التي آتيناه إياها { وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ } أي: مال إلى زينة الحياة الدنيا وزهرتها، وأقبل على لذاتها ونعيمها، وغرته كما غرت غيره من غير أولي البصائر والنهى، وقال أبو الراهرية في قوله تعالى: }وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ } قال: تراءى له الشيطان على علوة من قنطرة بانياس، فسجدت الحمارة لله، وسجد بلعام للشيطان، وكذا قال عبد الرحمن بن جبير بن نفير وغير واحد، وقال الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه الله: وكان من قصة هذا الرجل ما حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا المعتمر عن أبيه أنه سئل عن هذه الآية: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِىۤ ءاتَيْنَـٰهُ ءَايَـٰتِنَا } فحدث عن سيار: أنه كان رجلاً يقال له بلعام، وكان مجاب الدعوة، قال: وإن موسى أقبل في بني إسرائيل يريد الأرض التي فيها بلعام، أو قال: الشام، قال: فرعب الناس منه رعباً شديداً، فأتوا بلعام، فقالوا: ادع الله على هذا الرجل وجيشه، قال: حتى أوامر ربي، أو: حتى أؤامر، قال: فآمر في الدعاء عليهم، فقيل له: لا تدع عليهم؛ فإنهم عبادي، وفيهم نبيهم، قال: فقال لقومه: إني قد آمرت ربي في الدعاء عليهم، وإني قد نهيت، فأهدوا له هدية فقبلها، ثم راجعوه فقالوا: ادع عليهم، فقال: حتى أوامر ربي، فأومر فلم يحر إليه بشيء، فقال: قد وامرت فلم يحر إليّ بشيء، فقالوا: لو كره ربك أن تدعو عليهم لنهاك كما نهاك المرة الأولى، قال: فأخذ يدعو عليهم، فإذا دعا عليهم جرى على لسانه الدعاء على قومه، وإذا أراد أن يدعو أن يفتح لقومه دعا أن يفتح لموسى وجيشه، أو نحواً من ذا إن شاء الله، قال: فقالوا: ما نراك تدعو إلا علينا، قال: ما يجري على لساني إلا هكذا، ولو دعوت عليه أيضاً ما استجيب لي، ولكن سأدلكم على أمر عسى أن يكون فيه هلاكهم، إن الله يبغض الزنا، وإنهم إن وقعوا في الزنا هلكوا، ورجوت أن يهلكهم الله، فأخرجوا النساء تستقبلهم، فإنهم قوم مسافرون، فعسى أن يزنوا فيهلكوا، قال: ففعلوا فأخرجوا النساء تستقبلهم، قال: وكان للملك ابنة، فذكر من عظمها ما الله أعلم به، قال: فقال أبوها، أو بلعام: لا تمكني نفسك إلا من موسى، قال: ووقعوا في الزنا، قال: فأتاها رأس سبط من أسباط بني إسرائيل، فأرادها على نفسه، فقالت: ما أنا بممكنة نفسي إلا من موسى، فقال: إن منزلتي كذا وكذا، إن من حالي كذا وكذا، فأرسلت إلى أبيها تستأمره، قال: فقال لها مكنيه، قال: ويأتيهما رجل من بني هارون ومعه الرمح، فيطعنهما.
    قال: وأيده الله بقوة، فانتظمهما جميعاً، ورفعهما على رمحه، فرآهما الناس - أو كما حدث - قال: وسلط الله عليهم الطاعون، فمات منهم سبعون ألفاً. قال أبو المعتمر: فحدثني سيار: أن بلعاماً ركب حمارة له حتى إذا أتى المعلولي، أو قال: طريقاً من المعلولي، جعل يضربها ولا تتقدم، وقامت عليه فقالت: علام تضربني؟ أما ترى هذا الذي بين يديك؟ فإذا الشيطان بين يديه، قال: فنزل وسجد له، قال الله تعالى: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِىۤ ءاتَيْنَـٰهُ ءَايَـٰتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَـٰهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَٰلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } قال: فحدثني بهذا سيار ولا أدري لعله قد دخل فيه شيء من حديث غيره (قلت): هو بلعام، ويقال: بلعم بن باعوراء، ويقال: ابن أبر، ويقال: ابن باعور بن شهتوم بن قوشتم بن ماب بن لوط بن هاران، ويقال: بن حران بن آزر، وكان يسكن قرية من قرى البلقاء، قال ابن عساكر: وهو الذي كان يعرف اسم الله الأعظم، فانسلخ من دينه، له ذكر في القرآن، ثم أورد من قصته نحواً مما ذكرناه ها هنا، أورده عن وهب وغيره، والله أعلم. وقال محمد بن إسحاق بن يسار: عن سالم أبي النضر أنه حدث: أن موسى عليه السلام لما نزل في أرض بني كنعان من أرض الشام، أتى قوم بلعام إليه، فقالوا له: هذا موسى بن عمران في بني إسرائيل قد جاء يخرجنا من بلادنا، ويقتلنا ويحلها بني إسرائيل، وإنا قومك، وليس لنا منزل وأنت رجل مجاب الدعوة، فاخرج فادع الله عليهم، قال: ويلكم نبي الله معه الملائكة والمؤمنون، كيف أذهب أدعو عليهم، وأنا أعلم من الله ما أعلم؟ قالوا له: ما لنا من منزل، فلم يزالوا به يرققونه ويتضرعون إليه حتى فتنوه، فافتتن، فركب حمارة له متوجهاً إلى الجبل الذي يطلعه على عسكر بني إسرائيل، وهو جبل حسبان، فلما سار عليها غير كثير ربضت به، فنزل عنها فضربها، حتى إذا أزلقها قامت فركبها، فلم تسر به كثيراً حتى ربضت به، فضربها، حتى إذا أزلقها أذن لها فكلمته حجة عليه، فقالت: ويحك يا بلعم أين تذهب؟ أما ترى الملائكة أمامي تردني عن وجهي هذا؟ تذهب إلى نبي الله والمؤمنين لتدعو عليهم، فلم ينزع عنها يضربها، فخلى الله سبيلها حين فعل بها ذلك، فانطلقت به حتى إذا أشرفت به على رأس حسبان على عسكر موسى وبني إسرائيل، جعل يدعو عليهم، ولا يدعو عليهم بشر إلا صرف الله لسانه إلى قومه، ولا يدعو لقومه بخير إلا صرف لسانه إلى بني إسرائيل، فقال له قومه: أتدري يا بلعم ما تصنع؟ إنما تدعو لهم وتدعو علينا، قال: فهذا ما لا أملك، هذا شيء قد غلب الله عليه، قال: واندلع لسانه فوقع على صدره، فقال لهم: قد ذهبت مني الآن الدنيا والآخرة، ولم يبق إلا المكر والحيلة، فسأمكر لكم وأحتال، جملوا النساء وأعطوهن السلع، ثم أرسلوهن إلى العسكر يبعنها فيه، ومروهن فلا تمنع امرأة نفسها من رجل أرادها، فإنهم إن زنى رجل منهم واحد كفيتموهم، ففعلوا، فلما دخلت النساء العسكر مرت امرأة من الكنعانيين اسمها كسبتى - ابنة صور رأس أمته - برجل من عظماء بني إسرائيل، وهو زمري بن شلوم رأس سبط شمعون بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، فلما رآها أعجبته، فقام فأخذ بيدها، وأتى بها موسى، وقال: إني أظنك ستقول: هذا حرام عليك، قال: أجل هي حرام عليك، لا تقربها، قال: فوالله لا أطيعك في هذا، فدخل بها قبته، فوقع عليها، وأرسل الله عز وجل الطاعون في بني إسرائيل، وكان فنحاص بن العيزار بن هارون صاحب أمر موسى، وكان غائباً حين صنع زمري بن شلوم ما صنع، فجاء والطاعون يجوس فيهم، فأخبر الخبر، فأخذ حربته، وكانت من حديد كلها، ثم دخل القبة وهما متضاجعان، فانتظمهما بحربته، ثم خرج بهما رافعهما إلى السماء، والحربة قد أخذها بذراعه، واعتمد بمرفقه على خاصرته، وأسند الحربة إلى لحييه، وكان بكر العيزار، وجعل يقول: اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك، ورفع الطاعون، فحسب من هلك من بني إسرائيل في الطاعون فيما بين أن أصاب زمري المرأة إلى أن قتله فنحاص، فوجدوه قد هلك منهم سبعون ألفاً، والمقلل لهم يقول: عشرون ألفاً في ساعة من النهار، فمن هنالك تعطي بنو إسرائيل ولد فنحاص من كل ذبيحة ذبحوها القبة والذراع واللحى؛ لا عتماده بالحربة على خاصرته، وأخذه إياها بذراعه، وإسناده إياها إلى لحييه، والبكر من كل أموالهم وأنفسها؛ لأنه كان بكر أبيه العيزار، ففي بلعام بن باعوراء أنزل الله: { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِىۤ ءاتَيْنَـٰهُ ءَايَـٰتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَـٰهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَٰلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـثَايَـٰتِنَا فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } وقوله تعالى: { فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث } اختلف المفسرون في معناه، فعلى سياق ابن إسحاق عن سالم عن أبي النضر: أن بلعاماً اندلع لسانه على صدره، فتشبيهه بالكلب في لهثه في كلتا حالتيه إن زجر وإن ترك ظاهر، وقيل: معناه: فصار مثله في ضلاله واستمراره فيه وعدم انتفاعه إلى الإيمان وعدم الدعاء كالكلب في لهثه في حالتيه، إن حملت عليه وإن تركته، هو يلهث في الحالين، فكذلك هذا لا ينتفع بالموعظة والدعوة إلى الإيمان ولا عدمه كما قال تعالى:}سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ {]البقرة: 6[}ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ {]التوبة:80[ ونحو ذلك، وقيل: معناه: أن قلب الكافر والمنافق والضال ضعيف فارغ من الهدى، فهو كثير الوجيب، فعبر عن هذا بهذا، نقل نحوه عن الحسن البصري وغيره، وقوله تعالى: { فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ } يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم { فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ } أي: لعل بني إسرائيل العالمين بحال بلعام وما جرى له في إضلال الله إياه وإبعاده من رحمته؛ بسبب أنه استعمل نعمة الله عليه في تعليمه الاسم الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب، في غير طاعة ربه، بل دعا به على حزب الرحمن وشعب الإيمان، أتباع عبده ورسوله في ذلك الزمان، كليم الله موسى بن عمران عليه السلام، ولهذا قال: { لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } أي: فيحذروا أن يكونوا مثله، فإن الله قد أعطاهم علماً، وميزهم على من عداهم من الأعراب، وجعل بأيديهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم يعرفونها كما يعرفون أبناءهم، فهم أحق الناس وأولاهم باتباعه ومناصرته ومؤازرته؛ كما أخبرتهم أنبياؤهم بذلك وأمرتهم به، ولهذا من خالف منهم ما في كتابه وكتمه، فلم يعلم به العباد، أحل الله به ذلاً في الدنيا موصولاً بذل الآخرة. وقوله: { سَآءَ مَثَلاً ٱلْقَوْمُ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا } يقول تعالى: ساء مثلاً مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا، أي: ساء مثلهم أن شبهوا بالكلاب التي لا همة لها إلا في تحصيل أكلة أو شهوة، فمن خرج عن حيز العلم والهدى، وأقبل على شهوة نفسه واتبع هواه، صار شبيهاً بالكلب، وبئس المثل مثله، ولهذا ثبت في الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه " وقوله: } وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ } أي: ما ظلمهم الله، ولكن هم ظلموا أنفسهم بإعراضهم عن اتباع الهدى، وطاعة المولى، إلى الركون إلى دار البلى، والإقبال على تحصيل اللذات وموافقة الهوى.
    }مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ{
    يقول تعالى: من هداه الله، فإنه لا مضل له، ومن أضله، فقد خاب وخسر وضل لا محالة؛ فإنه تعالى ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، ولهذا جاء في حديث ابن مسعود: " إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله " الحديث بتمامه رواه الإمام أحمد وأهل السنن وغيرهم.

    }وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَافِلُونَ{
    يقول تعالى: { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ } أي: خلقنا وجعلنا لجهنم { كَثِيرًا مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ } أي: هيأناهم لها، وبعمل أهلها يعملون، فإنه تعالى لما أراد أن يخلق الخلق، علم ما هم عاملون قبل كونهم، فكتب ذلك عنده في كتاب قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، كما ورد في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء " وفي صحيح مسلم أيضاً: من حديث عائشة بنت طلحة عن خالتها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: دعي النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار، فقلت: يا رسول الله طوبى له عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السوء، ولم يدركه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أو غير ذلك يا عائشة؛ إن الله خلق الجنة وخلق لها أهلاً وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلاً وهم في أصلاب آبائهم " ، وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود: " ثم يبعث الله إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات، فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد " وتقدم أن الله لما استخرج ذرية آدم من صلبه، وجعلهم فريقين أصحاب اليمين وأصحاب الشمال، قال: " هؤلاء للجنة ولا أبالي، وهؤلاء للنار ولا أبالي " والأحاديث في هذا كثيرة، ومسألة القدر كبيرة ليس هذا موضع بسطها، وقوله تعالى: { لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ } يعني: ليس ينتفعون بشيء من هذه الجوارح التي جعلها الله سبباً للهداية؛ كما قال تعالى: { وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَـٰراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَـٰرُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مِّن شَىْءٍ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِـآيَـٰتِ ٱللَّهِ } [الأحقاف: 26] الآية، وقال تعالى: { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } [البقرة: 18] هذا في حق المنافقين. وقال في حق الكافرين: { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } [البقرة: 171] ولم يكونوا صماً ولا بكماً ولا عمياً إلا عن الهدى، كما قال تعالى: { وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ } [الأنفال: 23] وقال: { فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَـٰرُ وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ } [الحج: 46] وقال: { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُم ْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } [الزخرف: 36-37] وقوله تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَـٰمِ } أي: هؤلاء الذين لا يسمعون الحق ولا يعونه، ولا يبصرون الهدى، كالأنعام السارحة التي لا تنتفع بهذه الحواس منها إلا في الذي يقيتها في ظاهر الحياة الدنيا؛ كقوله تعالى: { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ ٱلَّذِى يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً } أي: ومثلهم في حال دعائهم إلى الإيمان كمثل الأنعام، إذا دعاها راعيها، لا تسمع إلا صوته، ولا تفقه ما يقول.
    ولهذا قال في هؤلاء: }بَلْ هُمْ أَضَلُّ } أي: من الدواب؛ لأنها قد تستجيب مع ذلك لراعيها إذا أنس بها، وإن لم تفقه كلامه، بخلاف هؤلاء، ولأنها تفعل ما خلقت له، إما بطبعها وإما بتسخيرها، بخلاف الكافر، فإنه إنما خلق ليعبد الله ويوحده، فكفر بالله وأشرك به، ولهذا من أطاع الله من البشر، كان أشرف من مثله من الملائكة في معاده، ومن كفر به من البشر، كانت الدواب أتم منه، ولهذا قال تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَـٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَـٰفِلُون {.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: من هو عبد الهوى ؟

    من سورة النساء: ١٣٥

    قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا النساء: ١٣٥

    في تفسير ابن كثير: يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط، أي: بالعدل، فلا يعدلوا عنه يميناً ولا شمالاً، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ولا يصرفهم عنه صارف، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه، وقوله: { شُهَدَآءِ للَّهِ } كما قال:}وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَـٰدَةَ لِلَّهِ {]الطلاق:2]أي: ليكن أداؤها ابتغاء وجه الله، فحينئذ تكون صحيحة عادلة حقاً خالية من التحريف والتبديل والكتمان، ولهذا قال { وَلَوْ عَلَىۤ أَنفُسِكُمْ{أي: اشهد الحق، ولو عاد ضررها عليك، وإذا سئلت عن الأمر، فقل الحق فيه، ولو عادت مضرته عليك، فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجاً ومخرجاً من كل أمر يضيق عليه. وقوله: { أَوِ ٱلْوَٰلِدَيْن وَٱلأَقْرَبِينَ } أي: وإن كانت الشهادة على والديك وقرابتك، فلا تراعهم فيها، بل اشهد بالحق، وإن عاد ضررها عليهم، فإن الحق حاكم على كل أحد. وقوله: } إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَٱللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا } أي: لا ترعاه لغناه، ولا تشفق عليه لفقره، الله يتولاهما، بل هو أولى بهما منك، وأعلم بما فيه صلاحهما. وقوله: { فَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُواْ } أي: فلا يحملنكم الهوى والعصبية وبغض الناس إليكم على ترك العدل في أموركم وشؤونكم، بل الزموا العدل على أي حال كان، كما قال تعالى:}وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُوا اللهَ {]المائدة:8[، ومن هذا القبيل قول عبد الله بن رواحة لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم يخرص على أهل خيبر ثمارهم وزروعهم، فأرادوا أن يرشوه ليرفق بهم، فقال: والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلي، ولأنتم أبغض إلي من أعدادكم من القردة والخنازير، وما يحملني حبي إياه، وبغضي لكم على أن لا أعدل فيكم، فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض، وسيأتي الحديث مسنداً في سورة المائدة إن شاء الله تعالى. وقوله: { وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ } قال مجاهد وغير واحد من السلف: تلووا، أي: تحرفوا الشهادة وتغيروها، واللّيُّ: هو التحريف، وتعمد الكذب، قال تعالى:}وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِٱلْكِتَـٰبِ {]آل عمران: 78] الآية، والإعراض: هو كتمان الشهادة وتركها، قال تعالى:}وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ ءَاثِمٌ قَلْبُهُ {]البقرة: 283] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " خير الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها " ولهذا توعدهم الله بقوله: { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } أي: وسيجازيكم بذلك.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: من هو عبد الهوى ؟

    من سورة المائدة: ٧٦ – ٧٧

    قال تعالى: ﴿ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76)قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ (77)المائدة: ٧٦ – ٧٧

    في تفسير ابن كثير: يقول تعالى منكراً على من عبد غيره من الأصنام والأنداد والأوثان، ومبيناً له أنها لا تستحق شيئاً من الإلهية، فقال تعالى: { قُلْ } أي: يا محمد لهؤلاء العابدين غير الله من سائر فرق بني آدم، ودخل في ذلك النصارى وغيرهم: { أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً } أي: لا يقدر على دفع ضر عنكم، ولا إيصال نفع إليكم، { وَٱللَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } أي: السميع لأقوال عباده، العليم بكل شيء، فلم عدلتم عنه إلى عبادة جماد لا يسمع ولا يبصر، ولا يعلم شيئاً، ولا يملك ضراً ولا نفعاً لغيره ولا لنفسه؟ ثم قال: { قُلْ يَـٰۤأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ لاَ تَغْلُواْ فِى دِينِكُمْ غَيْرَ ٱلْحَقِّ } أي: لا تجاوزوا الحد في اتباع الحق، ولا تطروا من أمرتم بتعظيمه، فتبالغوا فيه حتى تخرجوه عن حيز النبوة إلى مقام الإلهية؛ كما صنعتم في المسيح، وهو نبي من الأنبياء، فجعلتموه إلهاً من دون الله، وما ذاك إلا لاقتدائكم بشيوخكم، شيوخ الضلال الذين هم سلفكم ممن ضل قديماً، { وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ } أي
    : وخرجوا عن طريق الاستقامة والاعتدال إلى طريق الغواية والضلال.
    وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبيه، عن الربيع بن أنس، قال: وقد كان قائم قام عليهم، فأخذ بالكتاب والسنة زماناً، فأتاه الشيطان، فقال: إنما تركت أثراً أو أمراً قد عمل قبلك، فلا تجمد عليه، ولكن ابتدع أمراً من قبل نفسك، وادع إليه، وأجبر الناس عليه، ففعل، ثم ادّكرَ بعد فعله زماناً، فأراد أن يتوب منه، فخلع سلطانه وملكه، وأراد أن يتعبد، فلبث في عبادته أياماً، فأتي فقيل له: لو أنك تبت من خطيئة عملتها فيما بينك وبين ربك عسى أن يتاب عليك، ولكن ضل فلان وفلان وفلان في سبيلك حتى فارقوا الدنيا وهم على الضلالة، فكيف لك بهداهم؟ فلا توبة لك أبداً، ففيه سمعنا وفي أشباهه هذه الآية: { قُلْ يَـٰۤأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ لاَ تَغْلُواْ فِى دِينِكُمْ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوۤاْ أَهْوَآءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ{..

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    183

    افتراضي رد: من هو عبد الهوى ؟

    بارك الله فيك ..
    "والله لا أحل ما حرَّم الله، فالله حرَّم عرضي وحرم غيبتي فلا أحلها لأحد، فمن اغتابني فأنا أقاصه يوم القيامة"ابن المسيب.

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: من هو عبد الهوى ؟

    من سورة الروم : ٢٨ – ٢٩

    ﴿ ضَرَبَ لَكُم مَّثَلا مِنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاء فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (29)الروم: ٢٨ – ٢٩

    في تفسير ابن كثير: هذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين به، العابدين معه غيره، الجاعلين له شركاء، وهم مع ذلك معترفون أن شركاءه من الأصنام والأنداد عبيد له، ملك له؛ كما كانوا في تلبيتهم يقولون: لبيك لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك. فقال تعالى: { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ } أي: تشهدونه وتفهمونه من أنفسكم { هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِى مَا رَزَقْنَـٰكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ } أي: يرضى أحدكم أن يكون عبده شريكاً له في ماله، فهو وهو فيه على السواء،
    } تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ } أي: تخافون أن يقاسموكم الأموال. قال أبو مجلز: إن مملوكك لا تخاف أن يقاسمك مالك، وليس له ذاك، كذلك الله لا شريك له، والمعنى: إن أحدكم يأنف من ذلك، فكيف تجعلون لله الأنداد من خلقه؟ وهذا كقوله تعالى:} وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ {]النحل:62] أي: من البنات، حيث جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً، وجعلوها بنات الله، وقد كان أحدهم إذا بشر بالأنثى، ظل وجهه مسوداً وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به، أيمسكه على هون، أم يدسه في التراب؟ فهم يأنفون من البنات، وجعلوا الملائكة بنات الله، فنسبوا إليه ما لا يرتضونه لأنفسهم، فهذا أغلظ الكفر، وهكذا في هذا المقام، جعلوا له شركاء من عبيده وخلقه، وأحدهم يأبى غاية الإباء، ويأنف غاية الأنفة من ذلك، أن يكون عبده شريكه في ماله يساويه فيه، ولو شاء لقاسمه عليه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
    قال الطبراني: حدثنا محمود بن الفرج الأصفهاني، حدثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، حدثنا حماد بن شعيب عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان يلبي أهل الشرك: لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك. فأنزل الله تعالى: { هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَـٰنُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِى مَا رَزَقْنَـٰكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ }؟ ولما كان التنبيه بهذا المثل على براءته تعالى، ونزاهته بطريق الأولى والأحرى، قال تعالى: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } ثم قال تعالى مبيناً أن المشركين إنما عبدوا غيره سفهاً من أنفسهم وجهلاً، { بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } أي: المشركون { أَهْوَآءَهُم } أي: في عبادتهم الأنداد بغير علم، { فَمَن يَهْدِى مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ }؟ أي: فلا أحد يهديهم إذا كتب الله ضلالهم، { وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِينَ } أي: ليس لهم من قدرة الله منقذ ولا مجير، ولا محيد لهم عنه؛ لأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: من هو عبد الهوى ؟

    من سورة القصص: 48-51

    ﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِن قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48)قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (49)فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50) وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) ﴾ القصص: 48-51

    في تفسير ابن كثير: يقول تعالى مخبراً عن القوم الذين لو عذبهم قبل قيام الحجة عليهم، لاحتجوا بأنهم لم يأتهم رسول: أنهم لما جاءهم الحق من عنده على لسان محمد صلى الله عليه وسلم قالوا على وجه التعنت والعناد والكفر والجهل والإلحاد: { لَوْلاۤ أُوتِيَ مِثْلَ مَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ } الآية، يعنون ــــ والله أعلم ــــ من الآيات الكثيرة مثل العصا واليد والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وتنقيص الزروع والثمار؛ مما يضيق على أعداء الله، وكفلق البحر وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى إلى غير ذلك من الآيات الباهرة، والحجج القاهرة، التي أجراها الله تعالى على يدي موسى عليه السلام؛ حجة وبرهاناً له على فرعون وملئه وبني إسرائيل، ومع هذا كله لم ينجع في فرعون وملئه، بل كفروا بموسى وأخيه هارون، كما قالوا لهما: { أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءابَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا ٱلْكِبْرِيَآء ُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ } [يونس: 78] وقال تعالى: { فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِين َ } [المؤمنون: 48] ولهذا قال ههنا: { أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } أي: أولم يكفر البشر بما أوتي موسى من تلك الآيات العظيمة، { قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَـٰهَرَا } أي: تعاونا، { إِنَّا بِكُلٍّ كَـٰفِرُونَ } أي: بكل منهما كافرون، ولشدة التلازم والتصاحب والمقاربة بين موسى وهارون، دل ذكر أحدهما على الآخر، كما قال الشاعر:
    فما أَدْري إذا يَمَّمْتُ أَرضاً
    أُريدُ الخيرَ أَيُّهما يَليني
    أي: فما أدري: أيليني الخير، أو الشر؟ قال مجاهد بن جبر: أمرت اليهود قريشاً أن يقولوا لمحمد صلى الله عليه وسلم ذلك، فقال الله: { أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ قَالُواْ سِحْرَانِ تَظَـٰهَرَا } قال: يعني: موسى وهارون صلى الله عليهما وسلم { تَظَـٰهَرَا } أي: تعاونا وتناصرا، وصدق كل منهما الآخر وبهذا قال سعيد بن جبير وأبو رزين في قوله: { سِحْرَانِ } يعنون: موسى وهارون، وهذا قول جيد قوي، والله أعلم. وقال مسلم بن يسار عن ابن عباس { قالوا سِحْرَانِ تظاهرا } قال: يعنون موسى ومحمداً صلى الله عليهما وسلَّم، وهذه رواية عن الحسن البصري. وقال الحسن وقتادة: يعني عيسى ومحمداً صلَّى الله عليهما وسلَّم، وهذا فيه بعد؛ لأن عيسى لم يجر له ذكر ههنا، والله أعلم.
    وأما من قرأ: { سِحْرَانِ تَظَـٰهَرَا } فقال علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس: يعنون التوراة والقرآن، وكذا قال عاصم الجندي والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم. قال السدي: يعني: صدق كل واحد منهما الآخر. وقال عكرمة: يعنون: التوراة والإنجيل، وهو رواية عن أبي زرعة، واختاره ابن جرير. وقال الضحاك وقتادة: الإنجيل والقرآن، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، والظاهر على قراءة { سِحْرَانِ } أنهم يعنون التوراة والقرآن؛ لأنه قال بعده: { قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَـٰبٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ } وكثيراً ما يقرن الله بين التوراة والقرآن؛ كما في قوله تعالى:{ قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَـٰبَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ }ــــ إلى أن قال ـــ } وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ {]سورة الأنعام:91-155] وقال في آخر السورة:} ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ{]الأنعام: 154] الآية، وقال:}وَهَـٰذَا كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ مُبَارَكٌ فَٱتَّبِعُوهُ وَٱتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {]الأنعام: 155] وقالت الجن:}إِنَّا سَمِعْنَا كِتَـٰباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ {]الأحقاف:30] وقال ورقة ابن نوفل: هذا الناموس الذي أنزل على موسى. وقد علم بالضرورة لذوي الألباب أن الله تعالى لم ينزل كتاباً من السماء، فيما أنزل من الكتب المتعددة على أنبيائه، أكمل ولا أشمل، ولا أفصح ولا أعظم ولا أشرف من الكتاب الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن، وبعده في الشرف والعظمة الكتاب الذي أنزله على موسى بن عمران عليه السلام، وهو الكتاب الذي قال الله فيه:}إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّانِيّ ونَ وَٱلأَحْبَارُ بِمَا ٱسْتُحْفِظُوا ْ مِن كِتَـٰبِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ {]المائدة:44] والإنجيل إنما أنزل متمماً للتوراة، ومحلاً لبعض ما حرم على بني إسرائيل، ولهذا قال تعالى: { قُلْ فَأْتُواْ بِكِتَـٰبٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ{ أي: فيما تدافعون به الحق، وتعارضون به من الباطل، قال الله تعالى: { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ } أي: فإن لم يجيبوك عما قلت لهم، ولم يتبعوا الحق، { فَٱعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَآءَهُمْ } أي: بلا دليل ولا حجة، { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ ٱللَّهِ } أي: بغير حجة مأخوذة من كتاب الله، { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِين {.
    وقوله تعالى: { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ } قال مجاهد: فصلنا لهم القول. وقال السدي: بينا لهم القول. وقال قتادة: يقول تعالى: أخبرهم كيف صنع بمن مضى، وكيف هو صانع؛ { لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } قال مجاهد وغيره: { وَصَّلْنَا لَهُمُ } يعني: قريشاً، وهذا هو الظاهر، لكن قال حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن رفاعة - رفاعة هذا هو ابن قرظة القرظي، وجعله ابن منده: رفاعة بن سموال خال صفية بنت حيي، وهو الذي طلق تميمة بنت وهب التي تزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير بن باطا، كذا ذكره ابن الأثير ـ قال: نزلت: { وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ ٱلْقَوْلَ } في عشرة، أنا أحدهم، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من حديثه.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    الدولة
    فاس - المغرب
    المشاركات
    768

    Lightbulb رد: من هو عبد الهوى ؟

    من سورة محمد: 14-19

    قال تعالى: ﴿ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ (14) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15) وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ (16)وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ (17) فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَالْمُؤْمِنَات ِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) ﴾ محمد: 14-19

    في تفسير ابن كثير: يقول تعالى: { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ } أي على بصيرة ويقين من أمر الله ودينه بما أنزل في كتابه من الهدى والعلم، وبما جبله الله عليه من الفطرة المستقيمة { كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ } أي ليس هذا كهذا، كقوله تعالى: { أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ } [الرعد: 19] وكقوله تعالى: { لاَ يَسْتَوِيۤ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ وَأَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَـٰبُ ٱلْجَنَّةِ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ } [الحشر: 20] ثم قال عز وجل: { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } قال عكرمة: { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ } أي نعتها { فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ } قال ابن عباس رضي الله عنهما والحسن وقتادة: يعني: غير متغير. وقال قتادة والضحاك وعطاء الخراساني: غير منتن، والعرب تقول: أسن الماء إذا تغير ريحه، وفي حديث مرفوع أورده ابن أبي حاتم: " { غَيْرِ آسِنٍ } يعني: الصافي الذي لا كدر فيه " وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا وكيع عن الأعمش عن عبد الله بن مرة، عن مسروق قال: قال عبد الله رضي الله عنه: أنهار الجنة تفجر من جبل من مسك { وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ } أي بل في غاية البياض والحلاوة والدسومة، وفي حديث مرفوع: " لم يخرج من ضروع الماشية " { وَأَنْهَـٰرٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّـٰرِبِين } أي ليست كريهة الطعم والرائحة كخمر الدنيا بل حسنة المنظر والطعم والرائحة والفعل { لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } [الصافات: 47] { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ } [الواقعة: 19] { بَيْضَآءَ لَذَّةٍ لِّلشَّـٰرِبِين } [الصافات: 46] وفي حديث مرفوع: " لم يعصرها الرجال بأقدامهم " { وَأَنْهَـٰرٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى } أي وهو في غاية الصفاء وحسن اللون والطعم والريح. وفي حديث مرفوع: " لم يخرج من بطون النحل " وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا الجريري عن حكيم بن معاوية عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " في الجنة بحر اللبن وبحر الماء وبحر العسل وبحر الخمر، ثم تشقق الأنهار منها بعد " ورواه الترمذي في صفة الجنة عن محمد بن بشار عن يزيد بن هارون، عن سعيد بن أبي إياس الجريري وقال: حسن صحيح. وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا أحمد بن محمد بن عاصم، حدثنا عبد الله بن محمد بن النعمان، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة الأيادي، حدثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هذه الأنهار تشخب من جنة عدن في جوبة ثم تصدع بعد أنهاراً " وفي الصحيح: " إذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن " وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا مصعب بن إبراهيم بن حمزة الزبيري وعبد الله بن الصقر السكري قالا: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، حدثنا عبد الرحمن بن المغيرة، حدثني عبد الرحمن بن عياش عن دلهم بن الأسود، قال دلهم: وحدثنيه أيضاً أبي الأسود عن عاصم بن لقيط قال: إن لقيط بن عامر خرج وافداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله فعلام نطلع من الجنة؟ قال صلى الله عليه وسلم: " على أنهار عسل مصفى، وأنهار من خمر ما بها صداع ولا ندامة، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وماء غير آسن، وفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون، وخير من مثله، وأزواج مطهرة " قلت: يا رسول الله أو لنا فيها زوجات مصلحات؟ قال: " الصالحات للصالحين تلذونهن مثل لذاتكم في الدنيا ويلذونكم، غير أن لا توالد " وقال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا: حدثنا يعقوب بن عبيدة عن يزيد بن هارون، أخبرني الجريري عن معاوية بن قرة عن أبيه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لعلكم تظنون أن أنهار الجنة تجري في أُخدود في الأرض والله إنها لتجري سائحة على وجه الأرض، حافاتها قباب اللؤلؤ، وطينها المسك الأذفر، وقد رواه أبو بكر بن مردويه من حديث مهدي بن حكيم عن يزيد بن هارون به مرفوعاً.
    وقوله تعالى: { وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ } كقوله عز وجل:} يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَـٰكِهَةٍ ءَامِنِينَ { ]الدخان: 55] وقوله تبارك وتعالى:} فِيهِمَا مِن كُلِّ فَـٰكِهَةٍ زَوْجَانِ {]الرحمن:52]وقوله سبحانه وتعالى: { وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ } أي مع ذلك كله. وقوله سبحانه وتعالى: { كَمَنْ هُوَ خَـٰلِدٌ فِي ٱلنَّارِ } أي هؤلاء الذين ذكرنا منزلتهم من الجنة، كمن هو خالد في النار؟ ليس هؤلاء كهؤلاء، وليس من هو في الدرجات كمن هو في الدركات { وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً } أي حاراً شديد الحر لا يستطاع { فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ } أي قطع ما في بطونهم من الأمعاء والأحشاء، عياذاً بالله تعالى من ذلك.
    قال تعالى:}وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُواْ مِنْ عِندِكَ قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ} * {وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} * {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَٰهُمْ} * {فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَٱلْمُؤْمِنَات وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ{
    يقول تعالى مخبراً عن المنافقين في بلادتهم وقلة فهمهم، حيث كانوا يجلسون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستمعون كلامه فلا يفهمون منه شيئاً، فإذا خرجوا من عنده { قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } من الصحابة رضي الله عنهم: { مَاذَا قَالَ ءَانِفاً } أي الساعة، لا يعقلون ما قال، ولا يكترثون له. قال الله تعالى: { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ } أي فلا فهم صحيح ولا قصد صحيح. ثم قال عز وجل: { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى } أي والذين قصدوا الهداية، وفقهم الله تعالى لها، فهداهم إليها وثبتهم عليها وزادهم منها، { وَءَاتَـٰهُمْ تَقُوَاهُمْ } أي ألهمهم رشدهم. وقوله تعالى: { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً } أي وهم غافلون عنها { فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا } أي أمارات اقترابها كقوله تبارك وتعالى: { هَـٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ ٱلنُّذُرِ ٱلأُوْلَىٰ أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ } [النجم: 56 ــــ 57] وكقوله جلت عظمته: { ٱقْتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلْقَمَرُ } [الانشقاق: 1] وقوله سبحانه وتعالى: { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } [النحل: 1] وقوله جل وعلا: { ٱقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَـٰبُهُمْ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ } [الأنبياء: 1] فبعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة؛ لأنه خاتم الرسل الذي أكمل الله تعالى به الدين وأقام به الحجة على العالمين. وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بأمارات الساعة وأشراطها، وأبان عن ذلك وأوضحه بما لم يؤته نبي قبله، كما هو مبسوط في موضعه. وقال الحسن البصري: بعثة محمد صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة، وهو كما قال ولهذا جاء في أسمائه صلى الله عليه وسلم أنه نبي التوبة، ونبي الملحمة، والحاشر الذي يحشر الناس على قدميه، والعاقب الذي ليس بعده نبي. وقال البخاري: حدثنا أحمد بن المقدام، حدثنا فضيل بن سليمان، حدثنا أبو حازم، حدثنا سهل بن سعد رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بأصبعيه هكذا؛ بالوسطى والتي تليها: " بعثت أنا والساعة كهاتين " ثم قال تعالى: { فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ } أي فكيف للكافرين بالتذكر إذا جاءتهم القيامة، حيث لا ينفعهم ذلك؟ كقوله تعالى: { يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَـٰنُ وَأَنَّىٰ لَهُ ٱلذِّكْرَىٰ } [الفجر: 23]. { وَقَالُوۤاْ ءَامَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ } [سبأ: 52]. وقوله عز وجل: { فَٱعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلا ٱللَّهُ } هذا إخبار بأنه لا إله إلا الله، ولا يتأتى كونه آمراً بعلم ذلك، ولهذا عطف عليه قوله عز وجل: { وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰت ِ } وفي الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: " اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي "
    وفي الصحيح: أنه كان يقول في آخر الصلاة: " اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت إلهي لا إله إلا أنت " وفي الصحيح أنه قال: " يا أَيها الناس توبوا إلى ربكم فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ". وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن عاصم الأحول قال: سمعت عبد الله بن سرجس قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلت من طعامه، فقلت: غفر الله لك يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم: " ولك " فقلت: أستغفر لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم ولكم " وقرأ: }وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰت ِ } ثم نظرت إلى نُغض كتفه الأيمن ــــ أو كتفه الأيسر شعبة الذي شك ــــ فإذا هو كهيئة الجمع عليه الثآليل، ورواه مسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن عاصم الأحول به، وفي الحديث الآخر الذي رواه أبو يعلى: حدثنا محمد بن عون، حدثنا عثمان بن مطر، حدثنا عبد الغفور عن أبي نصيرة عن أبي رجاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار، فأكثروا منهما فإن إبليس قال: إنما أهلكت الناس بالذنوب، وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار، فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء، فهم يحسبون أنهم مهتدون " وفي الأثر المروي: " قال إبليس: وعزتك وجلالك لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الله عز وجل: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني " والأحاديث في فضل الاستغفار كثيرة جداً. وقوله تبارك وتعالى: { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ } أي يعلم تصرفكم في نهاركم، ومستقركم في ليلكم؛ كقوله تبارك وتعالى:
    }
    وَهُوَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّـٰكُم بِٱلَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِٱلنَّهَارِ {]الأنعام: 60] وقوله سبحانه وتعالى:} وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَه َا كُلٌّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ {]هود:6[ وهذا القول ذهب إليه ابن جريج وهو اختيار ابن جرير، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: متقلبكم في الدنيا ومثواكم في الآخرة، وقال السدي: متقلبكم في الدنيا ومثواكم في قبوركم، والأول أولى وأظهر، والله أعلم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •