بسم الله الرحمن الرحيم
أحببت أن أنقل كلاما لابن الجوزي رحمه الله من كتابه الماتع (صيد الخاطر), ففيه مواعظ طيبة عندما يقف الانسان عليها ويتأملها, أسأل الله أن ينفعني بها ومن يقرأها, قال ابن الجوزي في (صيد الخاطر):
(قد يعرض عند سماع المواعظ للسامع يقظة ، فإذا انفصل عن مجلس الذكر عادت القساوة و الغفلة ! فتدبرة السبب في ذلك فعرفته .
ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك ، فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفته من اليقظه عند سماع الموعظة و بعدها ، لسببين :
أحدهما : أن المواعظ كالسياط ، و السياط لا تؤلم بعد انقضائها إيلامها وقت وقوعها .
الثاني : أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مزاح العلة ، قد تخلى بجسمه و فكره عن أسباب الدنيا ، وأنصت بحضور قلبه ، فإذا عاد إلى الشواغل اجتذبته بآفاتها ، وكيف يصح أن يكون كما كان ؟ .
وهذه حالة تعم الخلق إلا أن أرباب اليقظة يتفاوتون في بقاء الأثر :
فمنهم من يعزم بلا تردد ، ويمضي من غير التفات ، فلو توقف بهم ركب الطبع لضجوا ، كما قال حنظلة عن نفسه : نافق حنظلة ! و منهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلة أحياناً ، ويدعوهم ما تقدم من المواعظ إلى العمل أحياناً ، فهم كالسنبلة تميلها الرياح ! وأقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه ، كماء دحرجته على صفوان).اه (ابن الجوزي, صيدالخاطر)