تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: فقه الرقية الشرعية

  1. #1

    Lightbulb فقه الرقية الشرعية

    حكـــم الرقيــــة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
    للعلماء في استحباب استخدام الرقية قولان :
    فقد اختارت طائفة من العلماء تفضيل عدم الاسترقاء ، لأنه ربما يقلل من منزلة العبد ومكانته عند ربه ، وربما طعن في توكله على الله .
    فقال ابن عبد البر رحمه الله([1]) : ذهبت طائفة إلى كراهية الرقى والمعالجة .
    قالوا : الواجب على المؤمن أن يتركَ ذلك اعتصامًا بالله تعالى ، وتوكلاً عليه ، وثقةً به ، وانقطاعًا إليه ، وعلمًا بأنَّ الرقيةَ لا تنفعه ، وأن تركها لا يضره .
    إذ قد عَلِمَ الله أيام المرضِ ، وأيام الصحة فلا تزيد هذه بالرقي والعلاجات ، ولا تنقص تلك بترك السعي والإحتيالات ، لكل صنف من ذلك زمن قد علمه الله ، ووقت قد قدَّره قبل أن يخلُقَ الخلقَ فلو حرصَ الخلقُ على تقليل أيام المرض وزمن الداء أو على تكثير أيام الصحة ما قدروا على ذلك .قال الله عز وجل {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }[الحديد :22]
    واحتجوا : بحديث السبعين ألف وفيه (هُمُ الَّذِينَ لاَ يَِسْتَرْقُون ولا يَكْتَوُون وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) قال ابن عبد البر : فلهذه الفضيلة ذهب بعض أهل العلم إلى كراهية الرقى والاكتواء.وقال : وممن ذهب إلى هذا داود بن علي الظاهري ، وجماعة من أهل الفقه والأثر. وذكر أيضا كراهة الرقى عن : سعيد بن جبير .

    ثم قال رحمه الله([2]) : وذهب آخرون من العلماء إلى إباحة الاسترقاء والتداوي .
    وقالوا : إن من سنة المسلمين التي يجب عليهم لزومها لروايتهم لها عن نبيهم r الفزع إلى الله عند الأمر يعرض لهم وعند نزول البلاء بهم في التعوذ بالله من كل شر وإلى الاسترقاء وقراءة القرآن والذكر والدعاء.
    واحتجوا بالآثار المروية عن النبي r في إباحة التداوي والاسترقاء([3]) .
    قال ابن عبد البر رحمه الله([4]): والذي أقول به أنه قد كان من خيار هذه الأمة وسلفها وعلمائها قوم يصبرون على الأمراض حتى يكشفها الله ومعهم الأطباء فلم يُعَابُوا بترك المعالجة .
    ولو كانت المعالجة سنة من السنن الواجبة لكان الذم قد لَحقَ من ترك الاسترقاء والتداوي وهذا لا نعلم أحدا قاله ولكان أهل البادية والمواضع النائية عن الأطباء قد دخل عليهم النقص في دينهم لتركهم ذلك. وإنما التداوي والله أعلم إباحة على ما قدمنا لميل النفوس إليه وسكونها نحوه (ولكُل أَجلٍ كِتاب) لا أنه سنة ولا أنه واجب ولا أن العلم بذلك علم موثوق به لا يخالف ، بل هو خطر وتجربة موقوفة على القدر والله نسأله العصمة والتوفيق .ثم قال : وعلى إباحة التداوي والاسترقاء جمهور العلماء .انتهى.

    قال الإمام النووي([5]): قوله : ( إن جبرائيل رقى النبى r) والأحاديث التي بعده فى الرقى ، وفي الحديث الآخر (فى الذين يدخلون الجنة بغير حساب لا يرقون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون)
    فقد يظن مخالفا لهذه الأحاديث ولامخالفة بل المدح فى ترك الرقى المراد بها الرقى التى هي من كلام الكفار ، والرقى المجهولة ، والتى بغير العربية ، ومالا يعرف معناها . فهذه مذمومة لاحتمال أن معناها كفر أو قريب منه أو مكروه.
    وأما الرقى بآيات القرآن وبالأذكار المعروفة فلا نهى فيه بل هو سنة.
    ومنهم من قال فى الجمع بين الحديثين : أن المدح فى ترك الرقى للأفضيلة وبيان التوكل والذى فعل الرقى وأذن فيها لبيان الجواز مع أن تركها أفضل وبهذا قال بن عبدالبر وحكاه عمن حكاه .
    والمختار الأول وقد نقلوا بالإجماع على جواز الرقى بالآيات وأذكار الله تعالى.انتهى.
    وقال ابن الأثير رحمه الله([6]): والرقية قد جاء في بعض الأحاديث جَوازُها وفي بعضها النَّهْي عنها : فمِنَ الجَواز قوله ( اسْتِرْقُوا لَها فإنّ بها النَّظْرة ) أي اطْلُبوا لها مَن يَرْقيها
    ومن النَّهْي قوله (لا يَسْتَرْقُون ولا يكْتَوُون )
    والأحاديث في القِسْمين كثيرة :
    ووَجْه الجَمْع بينهما: أنّ الرُّقَي يُكْرَه منها ما كان بغير اللِّسان العَرَبِيّ ، وبغير أسماء اللّهوصِفاته وكلامِه في كُتُبه المُنَزَّلة وأن يَعتَقد أن الرُّقي نافِعَة لا مَحالة فَيَّتِكل عليها، ولا يُكْره منها ما كان في خلاف ذلك كالتَّعَوّذ بالقُرآن وأسماء اللّه تعالى والرُّقَى المَرْوِيَّة ولذلك قال للذي رَقَى بالقرآن وأخَذَ عليه أجْراً «كُلْ فَلَعَمْرِى مَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةِ بَاطِلٍ لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةِ حَقٍّ» ([7])
    وكقوله في حديث جابر (أنه عليه الصلاة والسلام قال : اعْرِضُوها عليَّ فعرَضْنَاها فقال : لا بأس بها إنَّما هي مَواثِيقُ)([8])
    كأنه خاف أن يَقَع فيها شيء مما كانوا يَتلَّفظون به ويعتَقِدونه من الشِّرْك في الجاهلية وما كان بغير اللسان العَرَبيّ ممَّا لا يُعْرف له تَرْجَمة ولا يُمْكن الوُقوف عليه فلا يجوز اسْتِعْمالُه . انتهى .


    شــــــروط الرقيـــة الصحيحـــة

    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله([9]): قَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز الرُّقَى عِنْد اِجْتِمَاع ثَلاثَة شُرُوط :
    - أَنْ يَكُون بِكَلامِ اللَّه تعالى أو بأَسْمَائِهِ وَصِفَاته .
    - وَبِاللِّسَانِ الْعَرَبِيّ أو بِمَا يُعْرَف مَعْنَاهُ مِنْ غَيْره .
    - وَأَنْ يَعْتَقِد أَنَّ الرُّقْيَة لا تُؤْثَر بِذَاتِهَا بَلْ بِذَاتِ اللَّه تَعَالَى.
    ثم قال رحمه الله : وَاخْتَلَفُوا فِي كَوْنهَا شَرْطًا ، وَالرَّاجِح أنهُ لا بُدّ مِنْ اِعْتِبَار الشُّرُوط الْمَذْكُورَة.
    فَفِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ حَدِيث عَوْف بْن مَالِك قَالَ : كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّة ، فَقُلْنَا : يَا رَسُول اللَّه كَيْف تَرَى فِي ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : (اِعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ ، لا بَأْس بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْك)([10])
    وله من حديث جَابِرt قال: نَهَى رَسُول اللَّه r عَنْ الرُّقَى، فَجَاءَ آل عَمْرو بْن حَزْم فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدنَا رُقْيَة نَرْقِي بِهَا مِنْ الْعَقْرَب .قَالَ : فَعَرَضُوا عَلَيْهِ فَقَالَ: (مَا أَرَى بَأْسًا ، مَنْ اِسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَع أَخَاهُ ، فَلْيَنْفَعْهُ)([11])
    - وَقَدْ تَمَسَّكَ قَوْم بِهَذَا الْعُمُوم فَأَجَازُوا كُلّ رُقْيَة جُرِّبَتْ مَنْفَعَتهَا ، وَلَوْ لَمْ يُعْقَل مَعْنَاهَا ، لَكِنْ دَلَّ حَدِيث (عَوْف) أنه إذا كَانَ مِنْ الرُّقَى يُؤَدِّي إِلَى الشِّرْك يُمْنَع ، وَمَا لا يُعْقَل مَعْنَاهُ لا يُؤْمَن أَنْ يُؤَدِّي إِلَى الشِّرْك فَيَمْتَنِع اِحْتِيَاطًا ، وَالشَّرْط الآخِر لا بُدّ مِنْهُ.
    قلتُ : وبهذه الشروط أشار القرطبي في المفهم كما سبق وذكرنا عنه رحمه الله .
    مما قاله : جازت الرقية من كل الآفات من الأمراض ، والجراح ، والقروح ، والحُمة ، والعين وغير ذلك. إذا كان الرقى بما يفهم ، ولم يكن فيه شرك ولا شيء ممنوع .
    وكذلك قال ابن الأثير في النهاية وسبق وذكرنا كلامه قريبا.
    وقال الخطابي رحمه الله([12]): فأما الرقى المنهي عنه هو ما كان منها بغير لسان العرب ، فلا يدري ما هو ، ولعله قد يدخله سحراً أو كفرا .
    فأما إذا كان مفهوم المعنى وكان فيه ذكر الله تعالى ، فإنه مستحب متبرك به ، والله أعلم.
    وقال المازري رحمه الله تعالى([13]): وجميع الرقى عندنا جائزة إذا كانت بكتاب الله عز وجل ، وذكر الله تعالى ، وينهى عنها بالكلام الأعجمي ، وما لا يُعرف معناه ، لجواز أن يكون فيه كفر أو إشراك. انتهى.



    جـــواز الرقيـــة لكـــل مــرض


    جاءت أحاديث كثيرة عن النبي r تشير إلى استخدام الرقية في كثيرٍ من الأمراض الجسميةالمختلفة .
    من هذه الأحاديث :
    عَنْ أَنَسٍ t قَالَ : (رَخَّصَ رَسُولُ الله r فِى الرُّقْيَةِ مِنَ الْعَيْنِ وَالْحُمَةِ وَالنَّمْلَةِ)([14])
    (الحمة) : السم ، (النملة) : قروح تخرج فى الجنب.
    فالحديث يدل على صحة الرقية من (الحمة ، ومن النملة)
    - عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ الله r كَانَ إِذَا اشْتَكَى الإِنْسَانُ الشَّىْءَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جَرْحٌ قَالَ النَّبِىُّ r بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا - وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَهَا- « بِاسْمِ الله تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا»([15]).
    قال أبو العباس القرطبي رحمه الله([16]) :
    قوله (كَانَ إِذَا اشْتَكَى الإِنْسَانُ الشَّىْءَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ أَوْ جَرْحٌ)
    يدل على جواز الرقى من كل الأمراض ، والجِراح ، والقُروح ، وأن ذلك كان أمرا فاشيًا بينهم ، معمولاً به عندهم.انتهى.
    وعَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ tقَالَ شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي فَكَلَّمُوا فِيَّ رَسُولَ الله rوَكَلَّمُوهُ أَنِّي مَمْلُوكٌ ، قَالَ : فَأَمَرَ بِي فَقُلِّدْتُ السَّيْفَ ، فَإِذَا أَنَا أَجُرُّهُ ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِ رُقْيَةً كُنْتُ أَرْقِي بِهَا الْمَجَانِينَ فَأَمَرَنِي بِطَرْحِ بَعْضِهَا وَحَبْسِ بَعْضِهَا([17])
    وقوله في الحديث (أَرْقِي بِهَا الْمَجَانِينَ) يدل على : جواز استخدام الرقية في علاج الجنون أيضًا ، فلم ينكر النبي r على الرجل علاجه المجانين بالرقية ، وإنما أنكر عليه بعضها ونهاه عنه ، وترك له بعضا آخر يرقي به.
    أما حديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ t عَنِ النَّبِىِّ r قَالَ « لاَ رُقْيَةَ إِلاَّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ»([18])
    قال الخطابي رحمه الله([19]): ليس في هذا نفي جواز الرقية في غيرهما من الأمراض ، والأوجاع ؛ لأنه قد ثبت عن النبي r أنه رقى بعض أصحابه من وجع به.
    وإنما معناه : أنه لا رقية أولى وأنفع من رقية العين ، والسم ، وهذاكما قيل : لا فتى إلا عليّ ، ولا سيف إلا ذو الفقار.انتهى.


    الرقيـــة بمـــاذا تكـــون ؟

    الرقية تستحب أن تكون بما وَردَ عن النبي r كالمعوذات ، والفاتحة ، والأذكار المختلفة التي صحت عنه r ، التماساً لبركته وبركة كلامه r.([20])
    قال ابن التين رحمه الله([21]) : الرقى بالمعوذات وغيرها من أسماء الله تعالى هو الطب الروحاني ، إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء ـ بإذن الله ـ فلما عزَّ هذا النوع ، فزع الناس إلى الطب الجسماني . انتهى.
    كذلك تجوز الرقية بأي كلام إذا توفرت فيه الشروط السابقة ، من كونها خالية من الشرك ، وبكلام مفهوم .
    ويدل على هذا : حديث عَوْف بْن مَالِك قَالَ : كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّة ، فَقُلْنَا : يَا رَسُول الله كَيْف تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ : (اِعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ ، لا بَأْس بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْك)([22])
    قال الشوكاني رحمه الله معلقا على هذا الحديث([23]) : وفيه دليل على جواز الرقى والتطبب بما لا ضرر فيه ، ولا منع من جهة الشرع ، وإن كان بغير أسماء الله وكلامه ، لكن إذا كان مفهومًا لأن ما لا يُفهم لا يُؤمن أن يكون فيه شيء من شرك.انتهى.
    فكما في الحديث أنهم عرضوا عليه ما كانوا يستخدمونه في رقاهم ، فأجازها لهم ، على الرغم من أنهم كانوا يستخدمونها في الجاهلية ، وهذا لأنه لم يجد فيه شركاً.
    ولم يُشرْ عليهم ببديلٍ من كتاب الله أو من قوله r ، وأجاز لهم قولهم.
    وحَدِيث جَابِرt قال : نَهَى رَسُول اللَّه r عَنْ الرُّقَى ، فَجَاءَ آل عَمْرو بْن حَزْم فَقَالُوا : يَا رَسُول اللَّه إِنَّهُ كَانَتْ عِنْدنَا رُقْيَة نَرْقِي بِهَا مِنْ الْعَقْرَب .قَالَ : فَعَرَضُوا عَلَيْهِ فَقَالَ: (مَا أَرَى بَأْسًا ، مَنْ اِسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَع أَخَاهُ ، فَلْيَنْفَعْهُ)([24])
    كذلك هذا الحديث يدل على جواز نفع المسلم لأخيه المسلم بأي شيء طالما أنه لا يخالف أصول الدين.
    فقال القرطبي رحمه الله([25])معلقا على هذا الحديث: فيه دليل على جواز الرقى والتطبب بما لا ضرر فيه، ولا منع شرعيا مطلقا ، وإن كان بغير أسماء الله تعالى وكلامه. لكن إذا كان مفهوما.وقال : وفيه الحضُّ على السعي في إزالة الأمراض والأضرار عن المسلمين بكل ممكنٍ جائز.انتهى.
    وعَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ شَهِدْتُ خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي فَكَلَّمُوا فِيَّ رَسُولَ الله وَكَلَّمُوهُ أَنِّي مَمْلُوكٌ . قَالَ : فَأَمَرَ بِي فَقُلِّدْتُ السَّيْفَ ، فَإِذَا أَنَا أَجُرُّهُ ، فَأَمَرَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِ رُقْيَةً كُنْتُ أَرْقِي بِهَا الْمَجَانِينَ فَأَمَرَنِي بِطَرْحِ بَعْضِهَا وَحَبْسِ بَعْضِهَا([26])
    فكذلك هذا الحديث يدل على قولنا السابق بجواز الرقية بكل ما ينفع ويفيد المسلمين ، بشرط أن لا يكون شركا ومخالفا لأصول ديننا الحنيف.
    فالنبي r لما عرض عليه عمير t ما كان يرقي به في الجاهليه ، أقره على بعضها ، ونهاه عن بعضها ، ولم يقل له اطرح كل ما تقول وتعالى أعلمك غير هذا ، لا لم يفعل ، بل تركه لقوله الذي كان عليه ، بعد أن أخرج منه ما وجد أن به مخالفة لأصول الإسلام.
    قال الشوكاني رحمه الله([27]): قوله r (مَا أَرَى بَأْسًا ، مَنْ اِسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَع أَخَاهُ ، فَلْيَنْفَعْهُ)([28]) قد تمسك قوم بعموم هذا ، فأجازوا كل رقية جُربت منفعتها ولو لم يُعقل معناها ، لكن دل حديث (عوف t)([29]) أنه يمنع ما كان من الرقى يؤدي إلى الشرك ، وما لا يُعقل معناه لا يُؤمن أن يؤدي إلى الشرك ، فيمنع احتياطا. انتهى.




    فتــوى العز بن عبد السلام و ابن حجـــر الهيتـــمي


    (سئل العز بن عبد السلام رحمه الله)([30]):
    فيمن يكتب حروفًا مجهولة المعنى للأمراض ، فتنجح وتشفي ، هل يجوز كتبها ، أم لا ؟
    الجواب :
    إذا جهل معناها فالظاهر أنه لا يجوز أن يسترقي بها ، ولا يرقي بها ، فأن الرسول r لما سُئل عن الرقى ، قال « اعْرِضُوا عَلَىَّ رُقَاكُمْ»([31])
    فلما عرضوها قال : « مَا أَرَى بَأْسًا مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ» ([32])
    وإنما أمر بعرضها لأن من الرقى ما يكون كفراً. انتهى.

    - (وسُئلَ ابن حجر الهيتمي رحمه الله)([33])
    عن رقية الكافر إذا لم يعلم أنها تتضمن كفرا ، هل يجوز استعمالها للمسلمين أو لا ؟
    ( فأجاب )
    بقوله : لا يجوز لأحد أن يستعمل رقية سواء كانت من كافر أو غيره إلا إذا علم أنها غير مشتملة على كفر أو محرم .
    والدليل على ذلك :
    أن الصحابة y لما سألوا النبي r عن رقاهم لم يأذن لهم فيها حتى أمرهم بأن يعرضوها عليه فعرضوها عليه فقال : لا بأس([34]).
    وحيث كان في الرقية اسم سرياني مثلاً لم يجز استعمالها قراءة ولا كتابة إلا إن قال أحد من أهل العلم الموثوق بهم : إن مدلول ذلك الاسم معنى جائز ؛ لأن تلك الأسماء المجهولة المعنى قد تكون دالة على كفر أو محرم ، كما صرح به أئمتنا فلذلك حرموها قبل علم معناها . انتهى.
    وقال العلامة صديق حسن خان رحمه الله([35]) : وكل عملٍ ودعاءٍ ينشرُ المرضَ والداء ، وينفع من الأسقام والأدواء ، يصدق أنه نشرة ، يجوز الانتفاع به ، وإن كان من ألفاظ القرآن والسنة ، أو من المأثور من السلف الصلحاء ، الخالي عن أسماء الشرك وصفاته ، باللسان العربي ، وإلا كان حراما.


    هـل الرقيـة محصـورة فـي أُنَـاسٍ دون غـيرهم؟

    نفع الرقية لا يختص بشخص معين دون غيره من الناس ، بل من كل إنسان ، وجد في نفسه الثقة في الله ، واليقين فيما أخبر به النبي r، كان الشفاء بإذن الله.
    كما لا بأس أن يرقي الإنسان نفسه .
    ويظن([36]) كثير من الناس أن الرقية لا تنفع إلا إذا كانت من راق مختص بها، وأن المريض إذا كان ذا ذنوب ومعاصٍ فلا ينتفع برقيته على نفسه، أو أن للرقية طريقة معقدة مفصلة لا تعرف إلا بدراسة خاصة أو خبرة معينة ؛ ولذا فإن كثيراً منهم يذهب يطلب الرقية عند الرقاة وقد يسافر إليهم في بلاد بعيدة ويظن أن الرقية من هؤلاء لها شأن مختلف من حيث قوة التأثير وسرعته.
    والصواب : أن الرقية ليست محصورة في أناس دون غيرهم، وكلما قوي تضرع المريض إلى الله تعالى صار مظنة الاستجابة وقد قال الله تعالى : +أمَّن يُجيب المضطرَّ إذا دعاه ويكشف السوء" [النمل: 26].
    ولا بأس أن يرقي المسلم أخاه المسلم فينفعه بذلك، وأن يذهب الشخص لمن يتوسم فيه الصلاح والتقى فيطلب منه الرقية، ولكن الأوْلى أن يرقي المسلم نفسه بنفسه ويطلب الشفاء من الله مباشرة (دون وسائط)؛ وهذا أدعى للقبول والاستجابة وهو ما كان عليه السلف.
    وما يوصي به ويؤكده العلماء في القديم وفي عصرنا هذا ويؤجر عليه المرء إذا صدقت نيته فيبقى له الأجر وإن فاته الشفاء.

    للموضوع تتمة بإذن الله ......

    [1]) التمهيد لابن عبد البر رحمه الله [ج15- ص 372 ، وما بعدها] ط الفاروق الحديثة.

    [2]) التمهيد [ج15 – ص377] ط الفاروق الحديثة.

    [3]) قد سبق وذكرنا جملة من الأحاديث التي تدل على أن النبيr كان يرقيه جبريل ، وكان يرقي نفسه وكذلك عائشة، وهو أيضا قد أمر بها صحابته الكرام فراجع مبحث ، مشروعية الرقية.

    [4]) التمهيد [ج15 –ص381]

    [5]) شرح النووي على مسلم [ج14- ص 168] ط دار إحياء التراث.

    [6]) ابن الأثير في النهاية [ج 2- ص621] ط المكتبة العلمية.

    [7]) (سنده حسن) سنن أبي داود[3420] مسند أحمد [21884] انظر الصحيحة [2027]

    [8]) (حديث صحيح) وهو بهذا اللفظ ضعيف رواه أحمد في المسند [15272] ويغني عنه حديث مسلم [2200] عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِىِّ قَالَ كُنَّا نَرْقِى فِى الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِى ذَلِكَ فَقَالَ : «اعْرِضُوا عَلَىَّ رُقَاكُمْ لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ»

    [9]) فتح الباري [ج10- ص 206] ط الريان.

    [10]) (صحيح) سبق قريبا.

    [11]) (صحيح) مسلم [2199]

    [12]) معالم السنن للخطابي [ج 4- ص 209]

    [13]) المُعلم بفوائد مسلم للمازري [ج2- ص259] ط المجلس الأعلى للشؤن الإسلامية . مصر.

    [14]) (صحيح) مسلم [2196]

    [15]) (صحيح) سبق.

    [16]) المفهم [ج5- ص 461]

    [17]) (سنده صحيح) الترمذي [1557] أبو داود [2730] النسائي في الكبرى [7535 ] أحمد [21990] مستدرك الحاكم [1224] وصححه الألباني في الإرواء [1234]
    (فإذا أنا أجره) أي أسحب السيف على الأرض من صغر سني أو قصر قامتي (خرثي المتاع) أي أثاث البيت ، قال أبو داود : معناه أنه لم يسهم له.

    [18]) (صحيح) البخاري [5378] سنن أبي داود [3884]

    [19]) معالم السنن للخطابي رحمه الله [ج4 – ص210] ط الكتب العلمية.وانظر المعلم للمازري [ج2- ص260]

    [20])نعرض إن شاء الله في نهاية الكتاب جملة من الأذكار كان يستخدمها النبي r في الرقية

    [21]) نيل الأوطار ]ج8- ص214]

    [22]) (صحيح) سبق قريبا.

    [23]) نيل الأوطار [ج8-ص214] ط دار الحديث.

    [24]) (صحيح) مسلم [2199]

    [25]) المفهم للقرطبي [ج5- ص465]

    [26]) (سنده صحيح) الترمذي [1557] أبو داود [2730] النسائي في الكبرى [7535 ] أحمد في مسنده [21990] مستدرك الحاكم [1224] وصححه الألباني في الإرواء [1234]

    [27]) نيل الأوطار [ج8- ص214] ط دار الحديث.

    [28]) (صحيح) مسلم [2199]

    [29]) يقصد حديث : عَوْف بْن مَالِك t قَالَ : كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّة ، فَقُلْنَا : يَا رَسُول اللَّه كَيْف تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ : (اِعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ ، لا بَأْس بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْك)

    [30]) فتاوى العز بن عبد السلام رحمه الله [ص123]

    [31]) (صحيح) مسلم [2200] من حديث مالك بن عوف الأشجعي t.

    [32]) (صحيح) مسلم [2199]

    [33]) الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي [ج1- ص 59] ط الكتب العلمية

    [34]) يقصد رحمه الله حديث مسلم [2200] ولفظه : « اعْرِضُوا عَلَىَّ رُقَاكُمْ لاَ بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ»

    [35]) الدين الخالص لصديق حسن خان [ج2 ص 343] ط مكتبة دار التراث.

    [36]) مسائل في التداوي والرقى

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    الدولة
    نجد
    المشاركات
    1,082

    افتراضي رد: فقه الرقية الشرعية

    جزاكـ الله خير
    اني لااستطيع قراءتها ولاسماعها..!افيد ني بارك الله فيكم؟..
    نظرت في دواوين السنة والأثر فلا أعلم امرأة صحابية ولا تابعية حُرّة ذكرت باسمها فلانة بنت فلان ثبت السند عنها صريحا أنها تَكشف وجهها للأجانبد.عبد العزيز الطريفي

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: فقه الرقية الشرعية

    جزاك الله خيرا
    لقد ألحقت موضوعك بموضوع خصص من وقتك 10 دقائق للتعرف على عالم الجن
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    الدولة
    الرياض
    المشاركات
    48

    افتراضي رد: فقه الرقية الشرعية

    أنصح الأحبة بكتاب (قواعد الرقية الشرعية) للشيخ/عبدالله بن محمد السدحان
    و(فقه الأذكار)
    للشيخ عبدالرزاق البدر

  5. #5

    Lightbulb رد: فقه الرقية الشرعية

    تتمة لفقه الرقية الشرعية :
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :

    كيفيـــة الرقيــــة


    أولاً : يجب أن نشير إلى أن كلَّ عملٍ له مَثُوبته إذا أقدمَ عليه الإنسان باحتسابٍ وإخلاصٍ ، ومتابعةٍ لرسولِ الله r ، وبهما ـ أقصد الإخلاص والمتابعة يستطيع الراقي أن يصل إلى بغيته من تحقيق الشفاء لمن يرقيه . بإذن الله.
    وعليهأيضا : أن لا يحول العمل بالرقية إلى وظيفة لكسب الرزق؛ فالعلاج بالقرآن إذا تحول إلى وظيفة لكسب المال ، فتلك طامة كبرى.([1])
    فإن حقق ما سبق فنحب أن نلفت نظر كل راقٍ إلى جملة من الأمور يجب عليه الانتباه لها عند قيامه بالرقية ، استنبطناها من سنة الحبيبr . فمنها :
    - أن يبدأ رقيته بالاستعاذة من الشيطان الرجيم :

    قال اللهُ تعالى (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [الأعراف :200]
    - التسمية :
    بأن يقول (بسم الله) :
    عَنْ أَبِى تَمِيمَةَ عَنْ أَبِى الْمَلِيحِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ : كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَعَثَرَتْ دَابَّتُهُ فَقُلْتُ تَعِسَ الشَّيْطَانُ . فَقَالَ : « لاَ تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ ، تَعَاظَمَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ ، وَيَقُولَ : بِقُوَّتِى وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ الله فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَصَاغَرَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ »([2]) (رديف) أركب خلفه على دابةٍ .
    - يستحب للراقي أن يضع يده على موضع الألم([3]) .

    عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِى الْعَاصِ الثَّقَفِىِّ t أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r وَجَعًا يَجِدُهُ فِى جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ r «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِى تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ بِاسْمِ اللَّهِ. ثَلاَثًا. وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ»([4])

    - ويستحب أن يكون باليد اليمنى ويمسح بها على المريض .

    عَنْ عَائِشَةَ ك قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ « أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِى لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا»([5])
    قال الطبري رحمه الله([6]): ومعنى مسحه الوجع بيده فى الرقية ولله أعلم تفاؤلا لذهاب الوجع لمسحة بالرقى.
    - وأن يدعو للمريض .
    ففي الحديث السابق زيادة بلفظ وهي : عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ rإِذَا أَتَى الْمَرِيضَ يَدْعُو لَهُ ....([7])
    فإذا دعا الراقي للمريض استأنس به ، وطابت نفسه له ، وكان لقراءته عليه تأثيرا أكبر ، وتزداد رغبته في الشفاء.
    - وأن ينفث عليه عند القراءة :
    عَنْ عَائِشَةَ ك قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إِذَا مَرِضَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ نَفَثَ عَلَيْهِ بِالْمُعَوِّذَا تِ فَلَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِى مَاتَ فِيهِ جَعَلْتُ أَنْفُثُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُهُ بِيَدِ نَفْسِهِ لأَنَّهَا كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْ يَدِى.([8])
    والنفث : نفخ لطيف بلا ريق. وسيأتي مزيد بيان له إن شاء الله .
    قال أبو العباس القرطبي رحمه الله([9]): قوله (ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِى تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ) هذا الأمر على جهة التعليم والإرشاد إلى ما ينفع من وضع يد الراقي على المريض ومسحه به.
    وأنَّ ذلك لم يكن مخصوصاً بالنبي r، بل ينبغي أن يفعل ذلك كل راقٍ . وقد تأكد أمرُ ذلك بفعل النبيr وأصحابه ن ذلك بأنفسهم وبغيرهم.
    فلا ينبغي للراقي أن يعدل عنه للمسح بحديد ولا بغيره ، فإن ذلك لم يفعله أحد ممن سبق ذكره ، ففعلُه تمويهٌ لا أصل له.
    ومما ينبغي للراقي أن يفعله : النفث والتفل ، وهما نفخ مع ريق ، وقد كثر ذكرهما في الأحاديث فلا يُعدَل عنه.
    *****

    خـــلاف العلمـــاء في النفـــث


    قال الطبري رحمه الله([10]): أنكر قوم من أهل العلم النفث والتفل في الرقى وأجازوا النفخ فيها ، فكان الأسود : يكره النفث ولا يرى بالنفخ بأسًا. وقال إبراهيم: إذا دعوت بما فى القرآن فلا تنفث.

    وكره النفث عكرمة والحكم وحماد ، وأحسب أن الأسود كره النفث لذكر الله تعالى له في كتابه وأمره بالاستعاذة منه ومن فاعله فقال: (ومن شر النفاثات في العقد) .
    وليس في ذمة تعالى نفث أهل الباطل ما يوجب أن يكون كل نافث ونافثة بالحق فى معناه ؛ لأن النفاثات التى أمر الله نبيه بالاستعاذة من شرهن السحرة.

    فأما من نفث بالقرآن وبذكر الله على النحو الذى كان رسول الله وأصحابه ينفثون فليس ممن أمر الله بالاستعاذة من شره، وإذ قد صح عن النبى أنه نفث على نفسه بالمعوذات وإطلاقه التفل بفاتحة الكتاب راقيا بها، فبين أن التفل و النفث بكتاب الله شفاء من العلل، ومن استشفى بذلك مصيب، وفى فعله ذلك برسول الله مقتد، وقد روت عائشة عن الرسول r أن ريق ابن آدم شفاء قالت: كان إذا اشتكى الإنسان قال النبى عليه السلام هكذا بريقه فى الأرض وقال:«بِاسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا»([11]).انتهى.
    قلتُ : خلاصة ذلك أن النفث مستحب ، وأن به بركة من الله تعالى ، فينبغي على الراقي الحرص عليه وفعله كما نصت عليه الأحاديث.


    ســـر النفــــث



    قال ابن القيم رحمه الله([12]) : في النفث والتفل استعانة بتلك الرطوبة والهواء ، والنفس المباشر للرقية والذكر والدعاء.
    فإن الرقية تخرج من قلب الراقي وفمه فإذا صاحبها شئ من أجزاء باطنه من الريق والهواء ، والنفس كانت أتم تأثيرا وأقوى فعلا ونفوذا ، ويحصل بالإزدواج بينهما كيفية موثرة شبيهة بالكيفية الحادثة عند تركيب الأدوية.
    وبالجملة : فنفس الراقي تقابل تلك النفوس الخبيثة وتزيد بكيفية نفسه
    وتستعين بالرقية وبالنفث : على إزالة ذلك الأثر وكلما كانت كيفية نفس الراقي أقوى كانت الرقية أتم ، واستعانته بنفثه كاستعانة تلك النفوس الرديئة بلسعها.
    وفي النفث سر آخر : فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة ولهذا تفعله السحرة كما يفعله أهل الإيمان قال تعالى : +ومن شر النفاثات في العقد"
    وذلك لأن النفس تتكيف بكيفية الغضب والمحاربة وترسل أنفاسها سهاما لها وتمدها بالنفث والتفل الذي معه شئ من الريق مصاحب لكيفية مؤثرة والسواحر تستعين بالنفث استعانة بينة وإن لم تتصل بجسم المسحور.
    بل تنفث على العقدة وتعقدها وتتكلم بالسحر فيعمل ذلك في المسحور بتوسط الأرواح السفلية الخبيثة ، فتقابلها الروح الزكية الطيبة بكيفية الدفع والتكلم بالرقية ، وتستعين بالنفث ، فأيهما قوي كان الحكم له . ومقابلة الأرواح بعضها لبعض ومحاربتها وآلتها من جنس مقابلة الأجسام ومحاربتها وآلتها سواء بل الأصل في المحاربة والتقابل للأرواح والأجسام آلتها وجندها .
    ولكن من غلب عليه الحس لا يشعر بتأثيرات الأرواح وأفعالها وانفعالاتها لاستيلاء سلطان الحس عليه وبعده من عالم الأرواح وأحكامها وأفعالها.
    والمقصود : أن الروح إذا كانت قوية وتكيفت بمعاني الفاتحة واستعانت بالنفث والتفل قابلت ذلك الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة فأزالته والله أعلم.
    قال القاضي عياض رحمه الله في النفث([13]): وفائد ذلك والله أعلم التبرك ببلل الرطوبة ، أو الهواء ، والنفس المباشر للرقية الحسنة.
    قال : وقد يكون ذلك على وجه التفاؤل من زوال ذلك الألم ، وانفصاله عن المريض كانفصال ذلك النفث ، وقد كان مالك ينفث إذا رقى نفسه .


    أخلاق يجب على المرقي تمثلها



    على المرقي قبل وأثناء الرقية أن يعتقد جملة من الأمور حتى يتحقق الشفاء بإذن الله ، منها :
    1- الشعور بالفقر إلى الله ، وصدق اللجوء إليه ، والإلحاح عليه ، في طلب الشفاء ، ورفع ما نزل به من البلاء . وله في نبي الله أيوب القدوة والمثل (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
    2- أن تعلم يقينا أن الضر والنفع بيد الله وحده ، وأنه إذا أراد لك الشفاء كان (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [يس: 82] وقال تعالى: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) [النحل: 40]
    3-أن يكون عندك الثقة المطلقة في كلام الله وأنه شفاء (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِين َ) والأمل في العافية وعدم اليأس من رَوْح الله مهما اشتد الداء واستعصى الدواء
    4- إن من الله عليك بالشفاء ، فاحمد الله ، فاسمع قول الله لنوح عليه السلام لما نجاه ربه أمره أن يقول (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لله الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وإبراهيم عليه السلام لما أنعم الله عليه بالذرية بعد اليأس قال : (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ)
    5- وكذلك عليك أن تشكر أخاك (الراقي) الذي جعله الله سببًا لشفائك . عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَt عَنِ النَّبِىِّ r قَالَ « لاَ يَشْكُرُ الله مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ »([14])
    6- واحرص على طاعة الله ولا تكن كمن وصفهم الله في قوله (وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا)


    أخلاق يجب على الراقي تمثلها

    وكذلك على الراقي أن يتمثل جملة من الأمور منها([15]) :
    1- إذ دخل على أخ له في الدين فوجد به وجعاً، فليبادر برقيته([16]) ولا ينتظر أن تُطلب منه الرقية ، فهكذا كان يفعل النبي r إذا زار أحدًا من أصحابه فوجده مريضًا .

    عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ الله r كَانَ إِذَا عَادَ مَرِيضًا يَقُولُ « أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ اشْفِهِ أَنْتَ الشَّافِى لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا »([17])
    وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ t عَنِ النَّبِىِّ r قَالَ « مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ أَسْأَلُ الله الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ إِلاَّ عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ»([18])
    2- أن يعلم يقيناً أنه مجرد سبب ، وليس أكثر من ذلك ، وأن الفاعل على الحقيقة إنما هو الله.
    3- عليه الحذر من خداع الشيطان له ، بأن يخرجه من حظيرة التوكل والاعتماد على الله والثقة به سبحانه ، إلى الاغترار بالنفس ، والشيطان وسائله في هذا كثيرة منها : ربما سمع من أحد كلمة يظن أنها تنتقصه أو تقلل من قدرته فتأخذه الحمية لنفسه ذاكرًا أمجاده ومآثره ، وأنه وأنه .
    أو ربما يُقدر الشفاء على يديه مرات عديده فيغره الشيطان بذلك فيظن أن هذا ببركة وقدرة منه ، فيكون الخسران .


    تأثـــير الرقيـــة في الـمــرقــي

    يقول الدكتور عمر الأشقر([19]): أحب أن أنبه هنا إلى أن الرقى ليست مقصورة على إنسان بعينه ، فإن المسلم يمكنه أن يرقي نفسه ويمكن أن يرقي غيره ، وأن يرقيه غيره ، ويمكن للرجل أن يرقي امرأته ، ويمكن للمرأة أن ترقي زوجها.
    ولا شك أن صلاح الإنسان له أثر في النفع وكلما كان أكثر صلاحا كان أكثر نفعا، لأن الله يقول : (إِنّمَا يَتَقَبّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتّقِينَ) [ المائدة 27] .
    ولا صحة لما يدعيه بعض الذين يلجأ إليهم الناس من أن لهم خصوصية في نفع رقاهم لأخذهم العهد على الشيخ أو صاحب الطريقة ، فإن هذا لا أصل له وهو من الضلال، فالرقية دعاء والتجاء إلى الله ، والله يجيب دعوة الداعي إذا دعاه (وَقَالَ رَبّكُمْ ادْعُونِيَ أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر:60] أ.هـ.

    ومن أهم الأمور التي تساعد على تأثير الرقية في المرقي هي تقبل المريض للراقي ، فلو أنك أجبرت المريض على الذهاب إلى الراقي الفلاني والمريض يكره الذهاب إليه فإنه في الغالب لا يستفيد منه ، فإذا فقد المريض الثقة والارتياح والانشراح للمعالج الذي يعالجه فإن ذلك يفقد الرقية كل أثر ، بل قد يشعر المريض بزيادة المرض ، ولو أنه كان في قرارة نفس المريض أنه لن يستفيد ولن يتأثر من رقية الراقي الفلاني فإنه سوف لن يتأثر ولن يستفيد في الغالب ، بعكس من يذهب إلى الراقي وهو منشرح الصدر مقبلا على الراقي ، معتقدا بأنه سوف ينتفع من رقيته بإذن الله تعالى.
    ولذلك أنصح إخواني الرقاة بأن يتوددوا للمريض بطيب الكلام وطلاقة الوجه.
    ويمكن أن يحسن الراقي إلى المريض قبل الرقية حتى يؤثر عليه بأسلوبه وبلاغة كلامه، .
    فيكون تأثير الكلام على المريض أقوى من تأثير المرض، وهذا من الإحسان ، والقلوب جبلت على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها، يقول الشاعر :
    أحسن إلى الناس تستعبد قُلوبهم
    فطالما استعبد الإنسان إحسان
    ويقول الآخر :
    وإني لألقى المرءَ أعلم أنه
    عدوي وفي أحشائه الضُغن كامُن
    فأمنحه بشرى فيرجع قلبُهُ
    سليمًا وقد ماتت لديه الضغائــن
    ومنها إقبال الراقي على الرقية ، فالنفس لها إقبال وإدبار ، ولذلك تلاحظ اختلافا بينا في قوة الرقية لنفس الراقي .
    فربما كان الراقي مجهدا نفسيا وبدنيا منشغل البال فتكون رقيته قليلة النفع ، بعكس لو أنه كان صافي الذهن نشيط البدن مقبلا على الرقية.
    ومنها معرفة الراقي وخبرته في مجال الرقية ومعرفته للآيات المناسبة للمرض، وتشخيص الحالة ، وخبرته في استدراج ومجاهدة ومقارعة الشياطين وسحرة الجن .
    وقال ابن القيم رحمه الله ([20]): ولكن ههنا أمر ينبغي التفطن له وهو أن الأذكار والآيات والأدعية التي يستشفى بها ويرقابها هي في نفسها نافعة شافية .
    ولكن تستدعى : قبول المحل ، وقوة همة الفاعل وتأثيره ، فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل أو لعدم قبول المنفعل ، أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجع فيه الدواء .
    كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية ، فإن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء ، وقد يكون لمانع قوي يمنع من اقتضائه أثره فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء لقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول.
    وكذلك القلب إذا أخذ الرقاء والتعاويذ بقبول تام وكان للراقى نفس فعالة وهمة مؤثرة في إزالة الداء .

    أخــذ أجــرة علـــى الرقيـــة


    عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ t أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ r كَانُوا فى سَفَرٍ فَمَرُّوا بِحَىٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُ مْ فَلَمْ يُضِيفُوهُمْ. فَقَالُوا لَهُمْ هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ فَإِنَّ سَيِّدَ الْحَىِّ لَدِيغٌ أَوْ مُصَابٌ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ نَعَمْ فَأَتَاهُ فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَبَرَأَ الرَّجُلُ فَأُعْطِىَ قَطِيعًا مِنْ غَنَمٍ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا. وَقَالَ حَتَّى أَذْكُرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ r فَأَتَى النَّبِىَّ r فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا رَقَيْتُ إِلاَّ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. فَتَبَسَّمَ وَقَالَ « وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ». ثُمَّ قَالَ « خُذُوا مِنْهُمْ وَاضْرِبُوا لِى بِسَهْمٍ مَعَكُمْ »([21])
    وفي لفظ للبخاري « إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ » ([22])

    قال الإمام النووي رحمه الله تعالى([23]): قوله : « خُذُوا مِنْهُمْ وَاضْرِبُوا لِى بِسَهْمٍ مَعَكُمْ » هذا تصريح بجواز أخذ الأجرة على الرقية بالفاتحة والذكر وأنها حلال لا كراهة فيها وكذا الأجرة على تعليم القرآن وهذا مذهب الشافعى ومالك وأحمد وإسحاق وأبى ثور وآخرين من السلف ومن بعدهم ومنعها أبو حنيفة فى تعليم القرآن وأجازها فى الرقية.
    قال القرطبي رحمه الله([24]): قوله : « خُذُوا مِنْهُمْ وَاضْرِبُوا لِى بِسَهْمٍ مَعَكُمْ »قال : بيان للحكم بالقول ، وتمكين له بالعمل ، إذ لم تكن له حاجة لذلك السَّهم إلا ليبالغ في بيان أنَّ ذلك من الحلال المحض ، الذي لا شُبهة فيه ، فكان ذلك أعظم دليلٍ لمن يقول بجواز الأجرة على الرقى والطب.
    وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وجماعة من السلف والخلف.
    قال ابن قدامة رحمه الله([25]) : فأما أخذ الأجر على الرقية ، فإن أحمد اختار جوازه وقال : لا بأس ، وذكر حديث أبي سعيد t([26]).
    والفرق بينه وبين ما اختلف فيه أن الرقية نوع مداواة والمأخوذ عليها جعل والمداواة يباح أخذ الأجر عليها والجعالة أوسع من الإجارة ولهذا تجوز مع جهالة العمل والمدة
    - تنبيه : ينبغي للراقي أن لا يبالغ في الأجرة ، ويستغل حاجة المريض ، فيأثم بفعله ، بدلا من أن يُؤجر عليه .
    كذلك لا تأخذ الأجر إلا إذا انتفع بها المريض ، وشُفي بعدها.
    قال ابن عبد البر رحمه الله([27]) : وإذا كانت مباحة (الرقية) فجائز أخذ البدل عليها وهذا إنما يكون إذا صح الانتفاع بها فكل ما لا ينتفع به بيقين فأكل المال عليه باطل (محرم).




    *** للموضوع تتمة إن شاء الله ......


    [1]) سيأتي ـ إن شاء الله ـ الحديث قريبا عن جواز أخذ الأجر على الرقية بشروط منها عدم المغالاة واستغلال حاجة الناس.

    [2]) (سنده صحيح) أبو داود [4982] أحمد [20610] وصححه في الجامع [13358]

    [3]) هذا إذا كان المريض ذكرا ، أما إذا كان المريض أنثى فهناك بعض المحاذير يجب أن يأخذها الراقي في الاعتبار قد ذكرناها في (رقية الرجل للمرأة) وستأتي إن شاء الله .

    [4]) (صحيح) مسلم [2202]

    [5]) (صحيح) مسلم [2191]

    [6]) شرح ابن بطال [ج9- ص433] باب رقية النبي r

    [7]) (صحيح) انظر الحديث السابق

    [8]) (صحيح) مسلم [2192]

    [9]) المفهم [ج5- ص469]

    [10]) شرح ابن بطال [ج9-ص434] باب النفث فى الرقية

    [11]) (صحيح) البخاري [5414] مسلم [2194] اللفظ لمسلم .

    [12]) زاد المعاد [ج 4- ص 179 ، 180]

    [13]) المفهم [ج5- ص470]

    [14]) (سنده صحيح) أحمد [7495] أبوداود [4811] صححه الألباني في الصحيحة [416]

    [15]) سيأتي الحديث ـ إن شاء الله ـ عن رقية الرجل للمرأة ، والآداب التي يجب أن يراعيها الراقي في رقيته للنساء.

    [16]) هذا ليس لمن يعمل في مجال الرقية فقط ، بل هذا من كل مسلم يدخل على أي مسلم مريض.

    [17]) (صحيح) مسلم [2191]

    [18]) (سنده صحيح) أحمد [2137] أبو داود [3106] الترمذي [2083] انظر صحيح الأدب المفرد للألباني [416]

    [19]) لقط المرجان في علاج العين والسحر والجان

    [20]) الداء والدواء لابن القيم [ص 9 ، 10] ط التوفيقية.

    [21]) (صحيح) البخاري [2156] مسلم [2201]

    [22]) (صحيح) البخاري [5405]

    [23]) شرح النووي على مسلم [ج14- ص188]

    [24])المفهم [ج5– ص467،468] انظر الفواكه الدواني [ج2-ص550]

    [25]) المغني لابن قدامة رحمه الله [ج6- ص143]

    [26]) يقصد حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه السابق ذكره.

    [27]) التمهيد لابن عبد البر [ج15- ص 340] ط الفاروق الحديثة.




  6. #6

    Lightbulb رد: فقه الرقية الشرعية

    شُــرب ماء الرقية والســوائل المقروء عليهــا

    من الأساليب المستعملة في الرقى ، أن تُكتب بعض آيات القرآن ، أو الأذكار النبوية على إناء نظيف ، ثم تمحى بالماء ، ويُشرب هذا الماء ، أو يُغسل به جسد المريض.
    أو يقرأ على أي سائل آخر بآيات من القرآن ثم يشربها المريض ، أو يغتسل بها ، وهذا ما يُسمى (بالنشرة) وللعلماء في حكمها قولان :
    القول الأول :
    الجواز : وقال به الجمهور من العلماء : عن أبي معشر عن عائشة (أنها كانت لا ترى بأسا أن يعوذ في الماء ثم يصب على المريض)
    وجاء جواز ذلك عن ابن عباس
    قال أيوب : رأيتُ أبا قلابة كتب كتابا من القرآن ثم غسله بماء وسقاه رجلا كان به وجع
    عن حجاج قال أخبرني من رأي سعيد بن جبير : أنه يكتب التعويذ لمن أتاه ، قال حجاج : وسألت عطاء فقال : ما سمعنا بكراهية إلا من قبلكم من أهل العراق.
    - وممن أجاز ذلك أئمة المذاهب الأربعة .
    - قال القرطبي رحمه الله : بعد أن ذكر جملة من الآيات ، قال : تكتب في إناء نظيف ثم تغسل ثلاث مرات بماء نظيف ثم يحثو منه الوجع ثلاث حثوات ثم يتوضأ منه كوضوئه للصلاة ويتوضأ قبل وضوئه للصلاة حتى يكون على طهر قبل أن يتوضأ به ثم يصب على رأسه وصدره وظهره ولا يستنجى به ثم يصلى ركعتين ثم يستشفى الله عز وجل، يفعل ذلك ثلاثة أيام، قدر ما يكتب في كل يوم كتابا.انتهى.
    - قال الخطيب الشربيني رحمه الله : ولا يكره كتب شيء من القرآن في إناء ليسقى ماؤه للشفاء.انتهى.
    - قال ابن مفلح في الآداب : قال أحمد في رواية مهنا في الرجل يكتب القرآن في إناء ثم يسقيه للمريض، قال: لا بأس . قال مهنا: قلت له : فيغتسل به ؟ قال: ما سمعت فيه بشيء.
    قال الخلال : إنما كره الغسل به لأن العادة أن ماء الغسل يجري في البلاليع والحشوش فوجب أن ينزه ماء القرآن من ذلك ولا يكره شربه لما فيه من الاستشفاء .
    وقال صالح : ربما اعتللتُ فيأخذ أبي قدحا فيه ماء فيقرأ عليه ويقول لي اشرب منه واغسل وجهك ويديك .
    ونقل عبد الله أنه رأى أباه يعوذ في الماء ويقرأ عليه ويشربه ويصب على نفسه منه .
    وقال يوسف بن موسى إن أبا عبد الله كان يؤتى بالكوز ونحن بالمسجد فيقرأ عليه ويعوذ .
    قَالَ أَحْمَدُ (ابن حنبل) : يُكْتَبُ لِلْمَرْأَةِ إذَا عُسِرَ عَلَيْهَا وَلَدُهَا فِي جَامٍ أَبْيَضَ أَوْ شَيْءٍ نَظِيفٍ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لا إلَهَ إلا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ ، سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ ) الأحقاف : 35] (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) [النازعات : 46] ثُمَّ تُسْقَى مِنْهُ وَيُنْضَحُ مَا بَقِيَ عَلَى صَدْرِهَا . انتهى.

    - قال ابن تيمية رحمه الله : ويجوز أن يكتب للمصاب وغيره من المرضى شيئا من كتاب الله وذكره بالمداد المباح ويغسل ويسقى كما نص على ذلك أحمد وغيره.انتهى.

    - وقال ابن القيم رحمه الله : ورأى جماعة من السلف أن تكتب له الآيات من القرآن ثم يشربها قال مجاهد : لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض ومثله عن أبي قلابة ويذكر عن ابن عباس : أنه أمر أن يكتب لامرأة تعسر عليها ولادها أثر من القرآن ثم يغسل وتسقى ، وقال أيوب : رأيت أبا قلابة كتب كتابا من القرآن ثم غسله بماء وسقاه رجلا كان به وجع انتهى.

    القول الثاني : وهو المنع من هذا ، قال به الحسن البصري وإبراهيم النخعي رحمهما الله .
    عن إبراهيم النخعي : أنه سئل عن رجل كان بالكوفة يكتب آيات من القرآن فيسقاه المريض ، فكره ذلك.

    وعن أبي رجاء عن الحسن قال : سألتُ أنس بن مالك عن النشرة فقال : ذكروا عن النبي صلى الله عليه و سلم (أنها من عمل الشيطان)

    واستدل من منعها بحديث :
    جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ عَنِ النُّشْرَةِ فَقَالَ «هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ»
    وأجاب القرطبي رحمه الله عن هذا الحديث فقال : إن هذا محمول على ما إذا كانت خارجة عما في كتاب الله وسنة رسوله  وعلى المداواة المعروفة.والنشر من جنس الطب فهى غسالة شئ له فضل، فهى كوضوء رسول الله .
    قلتُ : الراجح القول الأول وهو جواز ذلك ، ويقوي هذا القول أن التجربة أثبتت نفع ذلك وفائدته ، وأن الله يرفع به البلاء ، وأنه من الاستشفاء المباح الذي لا يدخله شرك ، أو إهانة لكلام الله جل وعلا .
    وإنما هو الرغبة في نيل البركة من كلام الله ، ومن النفث الذي يخرج أثناء النطق بالحروف والكلمات القرآنية.
    ويضاف على هذا أن النبي  قد قال «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ»
    وقد ثبت نفع هذا الأمر بالتجربة والمشاهدة ، فلا حرج إذن من استخدامه. والله أعلم .


    كتابة القرآن على جسد المريض :


    يجوز كتابة آيات من القرآن على موضع الألم من المريض ، ويجب الحذر من كتابتها بالنجاسات ، كالدم أو غيره ، وكذلك يجب أن يكون الموضع الذي تكتب عليه من الجسد طاهرا خاليا من النجاسة.
    قال ابن مفلح رحمه الله تعالى( ): وكان الشيخ تقي الدين -أي ابن تيمية رحمه الله- يكتب على جبهة الراعف: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَك وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ)[هود :44]
    قال : ولا يجوز كتابتها بدمٍ ، كما يفعله الجهال ، فإن الدم نجس ، فلا يجوز أن يكتب به كلام الله. انتهى.


    الاغتسال في الحمام بماء القرآن وسقوطه في المجاري أو صبه على نجاسة :


    سبق وذكرنا عن ابن مفلح رحمه الله في الآداب : ما نقله عن أحمد في رواية مهنا في الرجل يكتب القرآن في إناء ثم يسقيه للمريض ، قال : لا بأس .
    قال مهنا : قلت له : فيغتسل به ؟ قال: ما سمعت فيه بشيء.
    قال الخلال : إنما كره الغسل به لأن العادة أن ماء الغسل يجري في البلاليع والحشوش فوجب أن ينزه ماء القرآن من ذلك ولا يكره شربه لما فيه من الاستشفاء .
    فقوله رحمه الله : (فوجب أن ينزه) يدل على أن سقوط ماء القرآن في بلاعات الحمامات الحديثة محرم .



    رقيـــة أهـــل الكتـــاب للمسلمــــين


    من أهل العلم من أجاز الرقية من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) للمسلمين ، إذا كانت خالية من أباطيلهم ، وشركياتهم ، واستخدامهم للصليب وغيره من ضلالاتهم ، وكان كلامها بالعربية ومفهوم ، ومن كتاب الله عز وجل. وكره ذلك جماعة أخرى من علمائنا رحمهم الله جميعاً.
    قال ابن عبد البر رحمه الله : كان مالك يكره رقية أهل الكتاب وذلك - والله عز وجل أعلم - بأنه لا يدري أيرقون بكتاب الله تعالى أو بما يضاهي السحر من الرقى المكروهة
    - سئل الشافعي عن الرقيةِ فقالَ : لا بأس أن يرقي الرجل بكتاب الله وما يعرف من ذكر الله . قلت : أيرقي أهل الكتاب المسلمين ؟ فقال : نعم إذا رقوا بما يعرف من كتاب الله أو ذكر الله . فقلت : وما الحجة في ذلك ؟
    قال : غير حجة فأما رواية صاحبنا وصاحبك فإن مالكا أخبرنا عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أنَّ أبا بكر دخل على عائشة وهي تشتكي ويهودية ترقيها فقال أبو بكر : (ارقيها بكتاب الله)
    فقلتُ (السائل) للشافعي : فإنَّا نكره رقية أهل الكتاب.
    فقال : ولِـمَ وأنتم تَروُون هذا عن أبي بكر ولا أعلمكم تروون عن غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خلافه ؟ وقد أحل الله جل ذكره طعام أهل الكتاب ونساؤهم وأحسب الرقية إذا رقوا بكتاب الله مثل هذا أو أخف. انتهى.
    قلتُ : الذي يصح عندي منع ذلك وعدم جوازه ، لما قد يجره من الشر .
    فإن سلمنا بصحة هذا الأثر، وإن كان يدل على جواز رقية أهل الكتاب للمسلمين ، فنقول كان هذا في عصرٍ أذل الله فيه اليهود والنصارى وملأ قلوبهم خوفا من المسلمين ، فلا يتجرأ أحد منهم على أن يمدَّ يد الأذى لأحد من المسلمين ، خشية التنكيل به.
    أما اليوم وقد طالت أيديهم ، وقويت شوكتهم على المسلمين – ولا حول ولا قوة إلا بالله – فلا يؤمن شرهم ، وتلبيسهم على المسلمين أمور دينهم ، وخاصة أنهم اليوم يبرعون في أعمال السحر ، فلربما ذهب أحد المسلمين ليطلب الرقية من مسلم ، فلا يُقدِر الله له الشفاء على يديه ، فيغويه شيطان من الإنس أوالجن أيضا أن يذهب لنصراني ، فيستغل هذا النصراني الفرصة فيستخدم معه سحره ، فيشعر المسلم براحة ، فلربما يقذف الشيطان في قلبه أنه لولا أن هذا النصراني على حق ما جعل الله البركة في يديه ، فيتهم دينه ، وخاصة وأكثر المسلمين اليوم لا يعرفون شيئا عن دينهم ، فاحذر من ذلك وتنبه رعاك الله.


    رقيــة المـــرأة الرجـــل


    نعم : يجوز أن ترقي المرأة محارمها من الرجال ، وهذا كالإبن ، والزوج ، والأب ، والأخ .

    عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ  كَانَ يَنْفِثُ عَلَى نَفْسِهِ فِى مَرَضِهِ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَا تِ ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنَا أَنْفِثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ ، فَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا .
    فَسَأَلْتُ ابْنَ شِهَابٍ كَيْفَ كَانَ يَنْفِثُ ؟ قَالَ : يَنْفِثُ عَلَى يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ
    فعلى هذا لا يحل لامرأة أن ترقي رجلا ليس من محارمها .
    نعم : إن كانت بمكان لا يوجد في أحد غيرها يعرف الرقية – وهذا أمر مستبعد – إن وجدت هذه الحالة فيجب أن تكون المرأة منضبطة بضوابط الشرع ، بأن يكون عليها حجابها ، ومعها أحد محارمها الرجال ، وأن تفخم من صوتها ولا ترققه ، حتى لا تثير فتنة به ، وألا تمسه ، والله أعلم .


    رقيـــة الرجـــل للمـــرأة


    بداية نحب أن نشير إلى أن أمر الرقية بسيط ، خاصة رقية الحسد ، فما هي إلا آيات وسور قصيرة يحفظها الصغير قبل الكبير ، وبعض الأدعية البسيطة عن نبينا  ، لا تحتاج إلى عناء في حفظها ، أو حتى قراءتها من ورقة.
    فعلى هذا يستطيع الإنسان أن يرقي نفسه ، وتستطيع المرأة أن ترقي المرأة ، والرجل يرقي الرجل ، فلا تكون هناك مخالفة أو حرج إن شاء الله.
    - فإن كان ولا بد من أن يرقي الرجل امرأة ليست من محارمه ، فأول ما نقوله له (اتق الله) وأن أهلها قد استأمنوك عليها فلا تخن الأمانة ، فغض بصرك ، ولا تتبع العورات ، واعلم أن الله مطلع عليك ، وناظر إليك .
    - ثم عليك أن تطلب منها أن تكون في حجاب تام من ثوب واسع غير شفاف ، ولا ملفت للنظر ، وأن تغطي رأسها ووجهها ، وأن ترتدي سروالا ، خاصة إذا كنت تعالجها من سحر أو مس ، فلربما تحركت ، فتنكشف عورتها.
    - ثم ليكن معك رجل من محارمها .
    - فإذا أردت أن تقرأ عليها فلا تمس شيئا من جسدها ، فإن أردت منها أن تدهن زيتا أو غيره ، طلبت من محرمها أن يفعل بها هذا ، وعليك أن تصرف بصرك .
    - فإذا أردت أن تضع يدك على رأسها ، فليضع محرمها أولاً يده ، ثم تكون يدك فوق يده.
    - وأخيرا أكرر ما بدأتُ به (اتق الله ، اتق الله)
    - فإن قال أحدهم ولمَ لا يمسها ، فإن الطبيب إذا ذهبت إليه المرأة للعلاج مسها بيده ، ألا يفعل ذلك أيضا الراقي ؟
    نجيبه : بأن الطبيب قد يحتاج لهذا لتحديد موضع الألم ، بخلاف الراقي ، فإن عمله لا يتعدى كونه قراءة ، مع النفث وفقط ، فما الحاجة لمسه ؟



    الرقيـــة بواســـطة جهــــاز التسجيـــل


    هناك شرائط مُعدة ، واسطوانات (كمبيوتر)، عليها الرقية الشرعية ، تجد منها ما هو لعلاج السحر ، وآخر لعلاج المس ، وثالث لعلاج الحسد .
    سبق وذكرنا أن الرقية أمرها بسيط – خاصة الحسد – فكل ما في الأمر يرقي الشخص نفسه بالمعوذات ، أو ببعض الأذكار النبوية الشريفة.
    وسبق وذكرنا أيضا أن وجود القارئ أمر ضروري ، وهذا لحصول البركة من قراءته مباشرة ، وخاصة النفث .
    فعلى هذا يكون استخدام هذه الشرائط قليل الفائدة ، بجوار أن يكون هناك راقٍ يقوم بأداء الرقية بنفسه .
    وإن كان لها تأثير في حالات علاج السحر والمس فأظن أنها في الحسد تقل أهميتها وتأثيرها .
    ففي السحر فإن القرآن في الجملة من أي مصدر موجه للشيطان ، ليضعفه ، فعند سماع الشيطان القرآن من أي مصدر كان فلا شك أنه يؤثر فيه.
    أما الحسد فهي موجه لشخص معين يحتاج إلى تحديد ، ونية عند توجيه الرقية إليه بأن يشفيه الله ويزيل عنه ما هو فيه ، كما تحتاج إلى النفث على المريض كما سبق وذكرنا ، أما الشريط فلا يتوفر فيه ذلك ، والله أعلم.


    الرقيــة مـن خــلال المكــبرات أو الهـــاتف


    في بعض البلدان التي يعتمد فيها بعض الناس على الرقى، يتزاحم الناس كثيراً عند بعض المشهورين من لقرَّاء، ممَّا يجعله يقرأ عليهم الأوراد باستخدام مكبرات الصوت.
    وقد ورد سؤال عن ذلك إلى اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية فكان الجواب : «الرقية لا بد أن تكون على المريض مباشرة ولا تكون بواسطة مكبر الصوت ولا بواسطة الهاتف؛ لأن هذا يخالف ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ـ رضي الله عنهم ـ وأتباعهم بإحسان في الرقية، وقد قال  « مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ »
    وسئل عن ذلك ابن باز ـ رحمه الله ـ فأجاب: «هذا لا أصل له ولا أساس في الشرع، إنما الأصل في القراءة أن ينفث على المريض: على يده، وعلى صدره، وعلى وجهه، وعلى رأسه، وألا ينفث في الهواء والناس بعيدون عنه؛ فكل مريض بحسبه أن يقرأ في ماء يشربه أو يستحم به المريض. أما ما يفعله بعض الناس عن طريق المكبرات فلا أصل له ولا نعلمه مما جاء به الشرع أو فعله المسلمون ؛ فالواجب تركه. ويقرأ المريض آية الكرسي وبعض الأدعية المعروفة بالرقية الشرعية حتى ولو لم يكن هناك إطالة في القراءة. فلا حاجة للمكبرات أو جمعهم بصالة؛ فهذا مما لم يُعلَم بالشرع ولم يفعله السلف فيما نعلم، بل هذا بِدعٌ اخترعها بعض أهل هذا الزمان ولا حول ولا قوة إلا بالله».

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    548

    افتراضي رد: فقه الرقية الشرعية


    جزاكم الله خيرًا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •