قديما قيل : الانسان ابن بيئته...
ولا غروَ فإن للمقولة تجليات واضحة في الواقع، سواء تبنه لها المرءُ أم مَرَّ بإزائها من غير وعي وتأمل...
إن الاحتكاك اليومي مع عناصر المجتمع كيفما كانت طبيعته يُكسِبُ الإنسان من ثقافة ذلك المحيط، فيتشبع المرء بالمعتقد و الفكر و اللغة والسلوك والأعراف...وحينه يستعصي على الإنسان النظر إلى هذا الخضم الواسع من الثقافة بحيادية وعقل ناقد، لأنه،وبكل موضوعية، جزء من تلك الثقافة...
إذا قلنا بهذه المقدمات ثم نظرنا نظرة سريعة في حال غالب المسلمين في تلك البلاد [بلاد كُفْرِسْتَان] وجدنا أن المصيبة التي حلت بهم عظيمة، بل إن داهية الدواهي أن الكثير ممن وقعت على رؤوسهم قذائف التغريب والتنصير... لايدرك إلى الساعة حجم المصيبة التي ألَمَّت بهم لأن القوم لا علم لهم بهويتهم الحقيقية، ذلك العنصر المحرك الذي يحملهم على المقارنة والتمييز.
...أما المظاهر فلا عليك أن تحدث بما شئتَ فهي أكبر من تعد،بحيثُ لا تكاد تقع عينك إلا على ما لا يمتُّ بالدين والهوية بصلة،فالمظهر بعيد والمَخْبَرُ أشدُّ بعدا منه، ... النفسية محطمة، الشعور بالعزة والانتماء للملة مفقود، والانهزامية قد حطت رحلها في النفوس غير ظَاعِنة ...
إن تّطَبُّعَ النفوس بطبائع غيرِ المسلمين يجعلها أكثر تعقيدا وامتناعا عن قبول الحق لأن ما تَضُخه ثقافة بلاد [كُفْرِسْتَان] من خلال وسائلها وتياراتها،تقلب في عقله وقلبه ونفسيته كل معاني وتجليات التوحيد وحقيقته ...
هذه التراكمات الثقيلة ،إخوتي، أنجبت لنا جيلا لا يرى في هويته إلا تلك السلسلة الوراثية التي تربطه بآبائه، بل إنها كادت تضمحل هي الأخرى وأصبحت مما عفا عليها الزمان وغيرته عوامل التغريب والتعرية(1) والانحلال في ثقافة ودين الغير ....رحماك رحماك ربنا
هي إذا خواطر لا تسر الخاطر ...
ﭽ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﭼ
(1) التعرية الجسدية لا التعرية الجيولوجية