تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: هل قلب الأديب مثل قلمه؟ (بحث)

  1. #1

    افتراضي هل قلب الأديب مثل قلمه؟ (بحث)

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
    أنثر بعض خواطر عن موضوع شغلني من زمن بعيد ؛ وحيل بيني وبين جمعه واستقصائه لشغلي المتراكم المتراكب ، ولعل عندكم ما يشفي الغُلة...
    وهذا ليس مدحًا أو قدحًا في الأدباء ، وإنما هو بحث للاستفادة منه في الرقي بفنون الأدب ، أو هكذا أصبو.
    هل الأخلاق التي يصورها الشاعر في أعذب لفظ هي من واقع يعيشه أم من حلم يتمناه أم مجرد صنعة؟
    مثلا .. تلك الشجاعة المفرطة التي تعج بها القصيدة هي حقًا كائنة في نفس الشاعر؟ وجرت على يده من صولات وجولات وكرٍّ وفرٍّ؟
    وهل امرؤ القيس فعل هذا أو شبهه (وبيضة خدرٍ لا يُرام خباؤها – تمتعت ...) دخل على المخدرات (ذوات الخدور) ولم يعبأ بالسيوف والأبطال ونحوه؟ أم أن ذلك القول -شبه المستحيل أو المستحيل- كان لدفع ما رمته به شاعرة في زمانه من أنه يعاني العجز عن النساء؟
    البعض يتخيل أن قلب الأديب جوهرة نقية ، يكاد يطير مع الرياح ويُحلق في السماء بلا جناح ، يتصور أن الأديب لا يؤذي أحدًا ، بل هو نِعم الصديق ، سيكون خير زوج – لمن يسعدها الله بالزواج منه - ، وقطعًا سيصبح أبرّ أب ، وأوفى ... وأفضل ... وأرقى...
    ولا أرى بالطبع ألا يكتب الشعر إلا المبرأ من كل سوء ومن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ولكن هالني الفرق الكبير بين الحقيقة والمجاز.
    وجدتُ أن بعض الأدباء عارٍ عن أي خلق حميد مما يدلس به على السذج ، وكأنه يمارس الكتابة على أساس أنها أفضل من السرقة والاحتيال وأعمال أخرى يُعاقب عليها القانون ، هي مهنة لا غير.
    وربما وجدت زوجات الكثير من الأدباء يملأن المحاكم ، يشكين الغلظة والقسوة في بيت الأديب الذي يندد بقسوة الآس على خدود الحبيبة!!
    حتى النظافة الشخصية ، قد تكون معاكسة لنظافة القلب المزعومة ورقيًّا ، بل إن الكثير يتخيل الشاعر في صورة غير منظمة غير مهندمة ، وأشبه بالمجنون ، أو هو هو مجنون!!
    وكثير من الأدباء يفكر بنصفه السفلي رغم أنه يكتب بأنامله.
    وكثير من المبدعين يعاني اضطرابات نفسية ، قد يكون جزء منها بسبب ما يتكبده في استكناه معنىً ما ورسمه على الورق وتحبيره وتدبيجه ، وتعرُّض الأديب لأسهم النقد اللاذعة المؤلمة ، كاتهامه بالسرقة الأدبية أو ضعف اللغة أو الموهبة أو الخيال ، ورب قصيدة ترفع صاحبها إلى عليين ، وقصيدة تكون سبب هلكته وزوال اسمه ورسمه .. إنها مسؤولية .. مسؤولية الكلمة .. أو ضريبة القول.
    وقد لا يملك التعبير المحب الحقيقي العاشق الولهان الساهر حتى مطلع الفجر ؛ اعتلت صحته وهرم وهو دون العشرين ، ونحل جسمه بل ذاب ، أضناه التفكير وجفاه الابتسام ، وأحال حاله حالكًا ، يرى سواد الليل في ضحوة النهار (ولا أريد الوصف أكثر حتى لا أفضح نفسي! "ابتسامة")
    بينما ترى الشاعر صاحب الصنعة يشكو الجوى ولوعة الفراق وهو يحتسي كأسا من الشاي المنعنع ، ويبث بثه وحزنه –المزيف- للقصيد ؛ فيخرج أعذب الألحان دون آلة حرام ، ويُملي على كلماته ما يشعر به غيره!!
    فالحب وحده لا ينظم بيتًا ولا يفتح بيتًا ، بل هي مهنة وحرفة وصنعة كأي صنعة ، وتحتاج كتابة الأدب :
    لموهبة وعلم ودربة وآخر ما تعوزه : التجرِبة!!!
    أبو مالك سامح بن عبد الحميد

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    89

    افتراضي رد: هل قلب الأديب مثل قلمه؟ (بحث)

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك الدرعمي مشاهدة المشاركة

    بينما ترى الشاعر صاحب الصنعة يشكو الجوى ولوعة الفراق وهو يحتسي كأسا من الشاي المنعنع ، ويبث بثه وحزنه –المزيف- للقصيد ؛ فيخرج أعذب الألحان دون آلة حرام ، ويُملي على كلماته ما يشعر به غيره!!





    لهذا الموضوع عدة مداخل لعلاجه، وسأدون على عجل ما عن لي الآن:

    - الأصل في الشعراء أنهم (يقولون ما لا يفعلون) إن خيرا يدعون القيامَ به أو النشاطَ له؛ أو شرا يتفنَّنون في تصويره (كقصة الأمير الذي ذكَرَ الخمرَ فعزلَه عمرُ رضي الله عنه).

    - ومن شأن الشعراء أنهم يهيمون في كل واد. قال شاعرٌ في شعرِه:
    ووجدتُني في صفحةٍ وعقيبها
    متناقضا في السخط مني والرضا


    أبرمتُ ما أبرمتُه مستسهلا
    إنْ حان موعِد نقضِه أن يُنقضا



    والشاعرُ قد ينطق بما يحس فيكون كما يقول الشاعر:
    البلايا أنطقتْه
    سامَحَ الله البلايا!



    وقد يتخيَّل شيئا ثم يحس به ويعبر عنه. وقد يبالغ ومع ذلك نستحلي مبالغاته وكذبه وقد نقول ما قال بعض النقاد: (أعذب الشعر أكذبُه).



    - وأذكر أنني كتبتُ خاطرة في مسودة لي عن شيء شاع في كتابات (أدعياء الإبداع) وهو: (سرقة المشاعر) فقلتُ: ... مسألة، وهي: استعارة بعض كتاب الخواطر أحاسيسَ غيرهم، أو التكلف في إظهار مشاعر عسيرٌ على القارئ أن يصدِّق أنها قد نبعَت من صدر الكاتب ساعة الكتابة!

    هذه الأحاسيس المسروقة ليست إلا تملقا للقراء، من كاتب لا يُحسِن التملق!.اهـ



    وأعني بذلك من يرصُّ عبارات يحاول فيها إقناعنا أنه عاشق، أو محزون قطَّع الحزن قلبَه، ونحو ذلك... (وليس مع هذا الكذب ما يشفع له من الفن!).


    وشكرا لك أبا مالك.

  3. #3

    افتراضي رد: هل قلب الأديب مثل قلمه؟ (بحث)

    السلام عليكم
    جزاكم الله خيرًا
    ولعل من أهم مقاصد الموضوع ؛ هذا السؤال :
    هل نـُـجـِلُّ الأديب كمحترف حاذق ماهر في مهنته؟ (وهي مهنة شريفة بضوابطها)

    أم نرفعه فوق ذلك درجات (أملاها علينا الكثير من الأدباء)؟

    بإيضاح وإفصاح أكثر : البعض تصيبه نوبات هلع عندما يتناهى لمسامعة أن الأدب صنعة وحرفة ، ولا يُسيغ إلا وصف الأديب بأنه هبة من الله ، آية ، وحيّ عُلوي ، ما يخطه لا يشوبه التكلف أو حتى استدعاء المعاني ، آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب.

    نعم الموهبة هي البداية ولا شك ، ولكنها لا تكفي حتى لكتابة الشعر العامي.
    أين تذوق الشعر ودراسة العروض والقافية؟ ، بل أين إتقان النحو والصرف والبلاغة و...؟ ، والإملاء لا تنسوا الإملاء ، أين العكوف على كتب اللغة والمعاجم؟ ، أين الحفظ من أشعار الأقدمين من الجاهليين ومن بعدهم إلى عصرنا هذا؟ ، وبعد ذلك يحتاج طول زمان في الكتابة والعرض على أهل الفن والجمهور ، ليصحح مساره ويُقوّم إبداعه.
    والأديب يكابد لإخراج فنه ، بل الفن الجيد ما هو إلا نتيجة معاناة ما ، سواء كانت شخصية ذاتية أم مُتوهمة بالمشاركة أو التشخيص لحال غيره.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •