بسم الله الرحمن الرحيم

س: هل يعقل لو أن إنساناً ضرب إنسان بعصا، أن يغضب هذا المضروب على العصا ؟ و أن يحاول أن ينتقم من هذه العصا؟
ج: مستحيل ! ولكن يكون هذا الغضب على الضارب.
و لله المثل الأعلى, فإن كل الطغاة والأقوياء عصي بيد الله، اقرأ معي:
﴿ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ ﴾ .( سورة النساء الآية: 90 ) .
﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً ﴾ .( سورة الأنعام الآية: 129 ) .
﴿ وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾ .( سورة الأنعام الآية: 65 ) .
س: هل معنى هذا, ألا أحاول اخذ حقي من الظالم؟
ج: هذا الكلام لا يعني أن تستسلم للظالم، فقد قال ربنا:
﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ ﴾ .( سورة الشورى )
و لكن المقصود أن تسال نفسك لماذا سلطه الله عليّك ؟هل ظلمت أحدا؟ هل قصرت في عبادتك؟
حاول أن تبحث في حكمة الله وراء ذلك, فهذا الظالم لم يصل إليك إلا بعد أن سمح الله له بذلك.

سألوا مرة "تيمور لنك": من أنت ؟
أجاب إجابة رائعة ، قال : أنا غضب الرب
و قد قال ابن القيم, إن المظلوم في شكواه على ثلاثة مراتب
المرتبة الأولى: مرتبة الجاهل
الجاهل يشكو الله إلي الناس, وهذا غاية الجهل بالمشكو والمشكوإليه, فانه لو عرف ربه لما شكاه, ولو عرف الناس لما شكا إليهم, ورأى بعض السلفرجلا يشكو إلي رجل فاقته وضرورته فقال يا هذا والله ما زدت على أن شكوت منيرحمك إلى من لا يرحمك, وفي ذلك قيل:
إذا شكوت إلي ابن آدم إنما***** تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم .

المرتبة الثانية: مرتبة العارف
والعارف إنما يشكو الناس إلى الله وحده, و لكنه غاب عنه أن الله هو من أرسله.
المرتبة الثالثة: مرتبة اعرف العارفين
وأعرف العارفين من جعل شكواه إلي الله مننفسه لا من الناس, فهو ناظر إلى قولهتعالى:
﴿ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾ ( سورة الشورى الآية: 30 ).
﴿وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ﴾ ( سورة النساء الآية: 79 ).
﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ﴾ ( سورة آل عمران الآية: 165 ).

فالمراتب ثلاثة, أدناها أن تشكو الله إلى خلقه, وأعلاها أن تشكو نفسك إليه, وأوسطها أن تشكو خلقه إليه .
المصدر:
حلقات أسماء الله الحسنى- للدكتور محمد راتب النابلسي
كتاب الفوائد - الإمام ابن القيم