الحمدلله الذي هدانا للاسلام, وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله, أحمده سبحانه وأثني عليه, وأقر وأعترف أن الله هو ربي ومعبودي وأنه الاله الحق, وكل ما سواه باطل وضلال, وأُديـن له بالاذعـان, وأستسلم لما أمر ودبر, وأشهد أن عبـده محمـداً مرسل من ربه ليخرج الناس من الظلمات الى النور, وعلـى آله وصحابتـه, ومـن سـار علـى نهجـه.
وبعـد:
فإن ربنـا بحكمته أوجد في هذا الكون جنس الإنسان, وميّزه بالعقل والادراك, وأسبغ عليـه نعمـه ظاهرةً وباطنةً, وكلّفه لذلك أن يعرف ربه ومليكه معتبراً بما بين يديه وما خلفه من براهين ودلالات.
ثم يعتقـد أنه مدين له بحقوق يلزمه القيام بها, ليظهر بذلك عبوديته وإذعانه لمليكه.
ثم يعرف أن بيان تلك الحقوق إنما يتلقى عن الرسل الذين تتوقف نجاة العبـاد على اتباعهم, فيشهـد أنهم بلّغوا ما أُنزل اليهـم, وأن خاتمهم وأفضلهم نبي هذه الأمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلّم.
وتعتبر هذه الأمور أسساً وقواعد لما يلزم العباد في هذه الدار, ولأهميّتها وعظم شأنها يقع السؤال عنها في البرزخ, فمن كان سائراً على ضوئها في هذه الحياة أُلهم في قبره جواباً سديداً, قال تعالى ((ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلُّ سبيلا ))[ الاسراء:72]
ولما كانت هذه الأمة أفضل الأمم وأزكاها عند مليكها، كان إيضاح هذه الأصول في شريعتها أتم وأوفى.
ولقـد اعتنـى علماء هذه الشريعة بهذه القواعد الأساسية، فذكروها ضمن عقائدهم مجملة أو مفصلّة.
ولم يسبق أحد إلى الكتابة فيها على حدة قبل الشيخ الامام محمد بن عبدالوهاب-مجدد القرن الثاني عشر- أجزل الله له الأجر والثواب، وأدخله الجنة بغير حساب، فقد ظهر في زمن تفشت فيه العاميّة، وظهـر الشرك والابتداع في الديـن، فألهمه الله أن كتب رسالة موجزة عرفـت بـــ( ثـلاثـة الأصـول ).
فكانت موضع العناية وحل الاهتمام، بحيث كان الموحدون يجتهدون في حفظها،ويلقنونها لأطفالهم وعوامهم، فحفظ الله هذه الفرقة الناجية بسببها من الشبه والفتن التي تصرف الفطر السليمة عن الطريق السوي.
وقد شرحها الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم-رحمه الله- وأكرم مثواه، بحاشية نفيسة، أوضح فيها مقاصد المؤلف ودلالة النصوص.
وقد طبعت( ثلاثة الأصول ) عشرات المرات وعم النفع بها، ولله الحمد.
أما حاشيتها فطبعت في عهد مؤلفها -رحمه الله- ثلاث طبعات.
وقد بذلت ما استطعت من الجهد في تصحيحها للطبع بحسب الامكان، والله الموفق والمعين، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله الجبريـــن
______________________________ _____________________
قال المصنف قدّس الله روحه: قررت ثلاثة الأصول توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، والولاء والراء، وهذا هو حقيقة دين الإسلام.
لكن قف عند هذه الألفاظ واطلب ما تضمنت من العلم والعمل. ولا يمكن العلم الا أنك تقف عند كل ما مسمّىً منهـا. اهـ
ومن عجز لجهله أو عجمته عن معرفة ذلك فلا بد أن يعتقد بقلبه، ويقول بلسانه حسب طاقتـه، بعد أن يفسر له (لا اله الاّ الله محمد رسول الله) وأن ما جاء به حق، وكل دينٍ سواه بـاطل.
______________________________ ___________________
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الشـارح
الحمدلله الذي شهدت بربوبيته والاهيتّــه الكائنات، وأشهد أن لا اله الاّ الله وحده لا شريك له، كلمة قامت بها الأرض والسماوات، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المؤيد بالآيات والمعجزات.
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا.
أما بعـد:
فإن ثلاثة الأصول لشيخ الاسلام والمسلمين مجدد الدعوة والدين، محمد بن عبدالوهاب-أجزل الله له الأجر والثواب- قد جدّ الناس في حفظهـا لعظم نفعهـا، وتشوقت النفوس لبيان معانيها لرصانة مبانيها، فوضعت عليها حاشية موضحّة لمعناها، مشجعة لمن اقتناها.
والله المسؤول أن ينفع بها، كما نفع بأصلها، إنه على كل شيءٍ قدير.
******
يتبـــــــــع إن شـــــاء الله