تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: تأملات في سورة الكافرون تربوية نفسية اجتماعية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    2

    افتراضي تأملات في سورة الكافرون تربوية نفسية اجتماعية

    سورة الكافرون
    تأملات نفسية تربوية اجتماعية
    بسم الله الرحمن الرحيم
    قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)

    صوت الحق يعلو ويصدع بنداء لا رجاجة فيه ولا اضطراب، فلا صوت يعلو فوقه، فالجهر بصوت قوة الاعتقاد الذي انطلق به رسول الله صلى الله عليه وسلم ليزلزل قلوب الكافرين، إنها صيحة الإيمان الكبرى التي فجرت أفئدتهم بإعلان أن لا إله إلا الله ولا معبود إلا هو ولا وجود في الوجود إلا له سبحانه، وإعلان الاستحالة في أن يساوم على عبوديته وتوحيده في شيء، إنه القول الشديد الذي نطق به لسان أشرف الخلق محمد رسول الله، بكفر الكافرين وإصباغ تلك الصفة عليهم حتى أصبحت تشكيلة من كينونتهم الذاتية، ثم الإعلام باستحالة أن يدخل الإيمان في قلوبهم، فكان ذلك من دلائل معجزاته عليه الصلاة والسلام وصدق نبوته، إنها سورة البراءة من كل ما سوى الله وإعلان العبودية والاستسلام والاعتقاد لله وحده، إنه الإشهار الذي ظهرت به سمات الشخصية المتعنتة التي اختارت بإرادتها طريق الضلال والظلمة والبعد عن إشراق نور الإيمان والبصيرة، فجعلت ذلك النهج سبيلها، فقضى الله عليها بنفي صفة الإيمان والاهتداء عنها وذلك لغشاء القلوب وتغليفها بشوائب الكفر والإنكار .
    يأتي نداء الله ورسوله بصوت يهز أفئدتهم، ويطرق أذانهم بالمناداة عليهم بلقب يستفزهم ويثير غضبهم ويعيدهم للحقيقة التي يعيشونها، خطاب وُجه ليعلن تعدد ملة الكفر وتشتتها وتنوعها، فجاء الخطاب للكافر وبصيغة الجمع، أما العبودية والتعبد المنسوبة لرسول الله جاءت بصيغة المفرد مما يدل على توحيد الله وحده وأن لا عبودية ولا استسلام إلا لله، كما يبين حقيقة التحدي الذي جاء من مجموع هؤلاء الكافرين ضد دعوة الرسول صلى الله عليه والسلم التي سارت على منهج واحد لا عوج فيه ولا تقصير .
    فالكفر كما جاء في اللغة هو التغطيةُ. وقد كفرْتُ الشيءَ أكْفِرُهُ بالكسر كَفْراً، أي سَتَرْتُهُ. ورمادٌ مكفورٌ، إذا سفَت الريحُ الترابَ عليه حتَّى غطته والكَفْرُ أيضاً: القبرُ. ومنه قيل: " اللهم اغفر لأهل الكُفورِ " . والكَفْرُ أيضاً: ظُلْمَةُ الليل وسوادُه.والكافِرُ: الليل المظلم، لأنه ستر كلَّ شيء بظلمته. والكافِرُ: الذي كَفَرَ درعَه بثوبٍ، أي غطّاه ولبسَه فوقه. وكلُّ شيء غَطَّى شيئاً فقد كَفَرَه .
    العَبْدَ: خلاف الحُروأصل العُبودِيَّةِ الخضوعُ والذلُّ. والتعبيدُ: التذليلُ يقال: طريقٌ مُعَبَّدٌ. والبعير المُعَبَّدُ: المهنوءُ بالقَطِران المُذَلَّلُ. والمُعَبَّدَةُ: السفينةُ المُقَيَّرَة ،والعِبادة: الطاعةُ. والتَعَبُّدُ: التَنَسُّكُ. والتعبيد، من قولهم: ما عَبَّدَ أن فعل ذاك، أي ما لبث. وحكى ابن السكيت: أُعْبِدَ بفلان، بمعنى أُبْدِعَ به، إذا كلَّتْ راحته أو عَطِبَتْ. أبو زيد: العَبَدُ بالتحريك: الغضبُ والأنَفُ. والاسم العَبَدَةْ مثل الأنَفَةِ. وقد عَبِدَ، أي أَنِفَ .

    فبداية النداء بقول الله سبحانه
    قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)
    عندما ينحرف العقل في اعتقاداته وتفكيره فينسب للأشياء ما لا تقدر عليه وما ليس من صفاتها، فيصبح الإنسان يستمد قوته الروحية والإيمانية من أشياء لا تعقل ولا تقدر على إعالة نفسها وحمايتها رغم المعرفة بأنها جمادات ساكنه لا روح ولا حياة فيها، ورغم أن الله بين المنهج والسلوك القويم الذي يعين الإنسان على تربية نفسه وسلوكه بعيدا عن ذلك الضلال والتشوه في الاعتقاد ، لكنها النفس المتمردة المصرة على سلوك منهج التلوي والانحراف والذي سيطبع على الشخصية سمات الكفر والضلال في المنهج والسلوك فتستحق أن تلقب بصفة الكفر تسمية من الله ورسوله، وذلك لاتخاذها ذلك السلوك عادة مستمرة فأصبح سمة من سماتها الشخصية .
    فهؤلاء الذين عرفوا الحق وشاهدوه، وسمعوا به وأعرضوا عنه، بتغطية القلوب والأبصار عن الإدراك والمعرفة واكتساب البصيرة الحية التي تؤدي للإيمان السوي وحسن الاعتقاد، فانطلقوا من منهج الظلام والضلال وطبعوا على قلوبهم غشاوة لا يُرى من خلالها بصيص نور، إنهم الذين اختاروا لأنفسهم الاعتماد على حياتهم الدنيا، فأوكلوا إليها أمورهم، وتسابقوا وراء نيل شرفها ولم ينتبهوا للحياة الآخرة وما فيها من نعيم الخلود، لقد أكثروا الجدال مع الرسول صلى الله عليه وسلم محاولين المساومة على الحق، لعلهم ينالون منه نصيب في الدنيا مع الاحتفاظ بمنهجهم، هؤلاء الذين شوهوا مفهوم العبودية، من خلال الإشراك بالله والتقرب إليه بما يقدمونه لألهتهم مدًعين أنها قادرة على ذلك، هم الذين أعلنوا براءتهم من الإيمان والولاء لله، وجعلوا ولاءهم للشيطان وحزبه والبعد عن الهدى، وهم الذين دثروا أنفسهم بلباس الانحراف والطغيان فما استطاعت أن تخلعها وتبعد ملاصقتها وتفريغها من داخلها لشدة الملابسة الدائمة لها، إنهم من عاشوا بين الأحياء وهم أموات، فحفروا قبورا لنفوسهم فسقطوا بها فكان من الصعب الصعود والارتقاء منها، إنهم من أصبح حال سلوكهم كالأنعام بل هم أضل، فحاربوا الحق وتطاولوا على الله ورسوله بباطلهم المهزوز، هؤلاء الكافرين الذين توحدت صفاتهم وأخلاقهم وعقيدتهم، فأصبحوا ملة واحده يتنافسون ويتسابقون في ساحة الحياة على من يعلو بصوته أكثر ضد الحق، ينعقون بأصوات الكفر والطغيان، إنهم من بذروا بذوراً للشر والفساد في الأرض، لتنبت كفرا وفسوقا وعصيانا، وتقيم عقائد الإلحاد والفساد بين الناس فتشوه العقول والإدراك، إنهم الذين ما نامت أبصارهم ولا غفلت قلوبهم عن الكيد والتخطيط والتدبير من أجل قطع وصال الود مع الله، فكانوا مترقبين متيقظين لكل حركات الحق أينما كان ، وهم من أنكروا وجحدوا فضل ربهم، بما منً عليهم من الخير والعطاء الكبير، وأعظمها أن بعث الله لهم نبيا ورسولا مرسلا، ليوقظهم من غفلة النوم الطويل، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويسلك بهم طريق الهدى والحق، فيفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة، لكنهم ما استجابوا وكفروا وجحدوا بذلك، وحاربوا فضل الله عليهم، فقد كانوا أئمة في قيادة الباطل ودعوة الآخرين والتأثير في نفوسهم لإقناعهم بعقيدتهم المشوهة، فكانوا ينظرون إليهم مذعنين لنهجهم فجعلوهم أهل قوة وسلطان .
    فهذا وصف لبعض السلوكيات والسمات العقلية والنفسية لهذه الشخصيات التي خوطبت بصفة الكفر، وقد جعل الله الخطاب القرآني يأتي مخاطبا لهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبرهم بحقيقتهم التي يحاولون إنكارها أو الفرار منها، فتستفز نفوسهم وتثار غضباً وشدة، عندما تسمع ذلك اللقب الملازم لحقيقتهم من الله، فكيف لا وهم من استحقوا ذلك من خالقهم والعليم بحال قلوبهم .
    يقول ابن عاشور حول وصفهم بالكافرين
    "ونُودوا بوصف الكافرين تحقيراً لهم وتأييداً لوجه التبرؤ منهم وإيذاناً بأنه لا يخشاهم إذا ناداهم بما يَكرهون مما يثير غضبهم لأن الله كفاه إياهم وعصمه من أذاهم ".

    ثم يأتي الجهر بالقول على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول الله سبحانه وتعالى :
    لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2)
    إنها البراءة الثانية من رسول الله لفعل واعتقاد هؤلاء الكافرين من استحالة أن يُساوم الكفر مع الإيمان، وأن يسيران بمنهج واحد وسبيل واحده، واستحالة أن يتداخل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتقاده مع فعل الكافرين واعتقادهم، فنفي فعل العبودية لغير الله عن رسول الله في الماضي والحاضر والمستقبل، وجعل فعل العبودية لله وحده، فالتوحيد لا يتفق مع الشرك أبدا، فمجيء الفعل بالإفراد للعبودية لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم يدل على إخلاص رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبوديته بالتوحيد له وحده، أما فعلهم بالعبودية فقد جاءت بصيغة الجمع والفعل المضارع المستمر والذي يدل على تعدد الآلهة، واستمرار الكفر والشرك منهم، سواء كان ذلك من الماضي أو الحاضر أو المستقبل، فهم في عبودية مشتركة لن تؤدي للإيمان أبدا، وكما أن التاريخ شاهدٌ على فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بعثته حيث فر من الشرك ومما عبده قومه واعتقدوه، فما توجه لصنم أو اعتقاد جهل أو سلوك منحرف، بل انقطع في خلوته متفكرا بألاء ربه لتدله على عظمة الصانع لهذا الكون، وكان يحقر ما يفعله قومه وينبذ ما يعبدون من الحجارة والأوثان، ويتعجب من حالهم كيف يعبدون ما لا يضر ولا ينفع، فكيف به بعد بعثته صلى الله عليه وسلم يتوجه لغير ربه ويعبد ألهتهم، ويعتقد بجاهليتهم فهذا من الاستحالة الكبرى على فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
    يقول ابن عاشور حول هذه الآية
    " لا تحصل مني عبادتي ما تعبدون في أزمنة في المستقبل تحقيقاً لأن المضارع يحتمل الحال والاستقبال فإذا دخل عليه ( لا ) النافية أفادت انتفاءه في أزمنة المستقبل كما درج عليه في «الكشاف» ، وهو قول جمهور أهل العربية . ومن أجل ذلك كان حرف ( لَن ) مفيداً تأكيد النفي في المستقبل زيادة على مطلق النفي ، ولذلك قال الخليل : أصل ( لَن ) : لا أنْ ، فلما أفادت ( لا ) وحدها نفي المستقبل كان تقدير ( أنْ ) بعد ( لا ) مفيداً تأكيد ذلك النفي في المستقبل فمن أجل ذلك قالوا إن ( لن ) تفيد تأكيد النفي في المستقبل فعلمنا أن ( لا ) كانت مفيدة نفي الفعل في المستقبل " .
    فمفهوم العبودية لدى هؤلاء الكافرين مشوه بما حمل فيه من اعتقادات وأفكار الشرك والضلال، فالعبودية هي الاستسلام والتذلل والتنسك لله وحده، وأن لا تتحرك ولا تتوجه ولا تسكن إلا إليه سبحانه،وأن لا تعتمد على أحد سواه، ولا تلجأ إلا إليه، ولا تطلب حاجتك إلا منه، ولا ترى في الوجود سواه، وأن يدلك كل ما في الكون عليه، ولا توجه شكرك وحمدك إلا لفضله، ولا تهاجر إلا إليه، فالعبودية أن تكون كل أنفاسك وحياتك لله وحده، فإن أشرك العبد مع ربه وخالقه أحدا وجعله موازيا في ربوبيته فقد وقع في الشرك والكفر،فالعبودي ة لله هي حرية الإنسان الكاملة من كل ما يقيد قلبه وعقله وسلوكه عن التوجه لله، سواء كان بإتباع الشهوات أو الشبهات، فما على الإنسان إلا أن يعيش حراً من أي شيء سوى الله وعبدا لله وحده .
    جاء في تفسير الرازي حول معنى هذه الأية
    " أن المقصود من الأولين المعبود وما بمعنى الذي ، فكأنه قال : لا أعبد الأصنام ولا تعبدون الله ، وأما في الأخيرين فما مع الفعل في تأويل المصدر أي لا أعبد عبادتكم المبنية على الشرك وترك النظر ، ولا أنتم تعبدون عبادتي المبنية على اليقين ، فإن زعمتم أنكم تعبدون إلهي ، كان ذلك باطلاً لأن العبادة فعل مأمور به وما تفعلونه أنتم ، فهو منهي عنه ، وغير مأمور به "
    وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3)
    ثم تأتي هذه الآية تخاطب ذواتهم وتعيدهم للوعي بحقيقة أنفسهم وما تحمل صدورهم، بتأكيد ما هم عليه من الكفر، وأنه من الاستحالة عليهم أن يعبدوا ما يعبده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم لن يتوجهوا إلى ربه بالصدق والإخلاص الذي امتلأ به قلبه الشريف صلى الله عليه وسلم، فجاء النفي مع الضمير ليؤكد حقيقتهم الضالة وتقديم الضمير الراجع إلى نفوسهم ليبين ما تحمل من عقائد وأفكار فاسدة، ويؤكد أن كفرهم وعدم الإيمان سوف يلازمهم بصورة مستمرة حتى فنائهم، فقد انطلقوا من ماضيهم الذي توارثوه عن دين أبائهم وجاهليتهم المظلمة، فيؤكد على أن هؤلاء الكافرين صبغوا أنفسهم بصبغة الضلال، فغطوا حقائق التوحيد وصدُوها عن محاولة الدخول لقلوبهم لتكشف لهم االنور الذي يخرجهم من اسوداد منهجهم، بل سيبقون متعنتين يستفزهم ذكر التوحيد والدعوة إلى الله، ويثار غضبهم وتشحن بانفعال الشر كلما سمعوا نداء يناديهم للحق وهجر الكفر، ثم تأتي الأية لتكمل استحالتهم في التأثير بقوة اعتقاد ومنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم واستحالة تأثرهم بعقيدتة الإيمانية .
    يقول ابن عاشور حول هذه الاية
    " جاء في جانب نفي عبادتهم لله بنفي اسم الفاعل الذي هو حقيقة في الحال بقوله : { ولا أنتم عابدون } ، أي ما أنتم بمغيِّرين إشراككم الآن لأنهم عرضوا عليه أن يبتدِئوا هُم فيعبدوا الرب الذي يعبده النبي صلى الله عليه وسلم سنة . وبهذا تعلم وجه المخالفة بين نظم الجملتين في أسلوب الاستعمال البليغ ".
    وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4)
    ثم يأتي النفي القطعي المستحيل عن ذات رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصدر منها سلوك التوجه والتذلل والعبودية لغير الله، فقال ولا أنا عابد أي ولا أنا فاعل ما تفعلونه، فمن الاستحالة على رسول الله أن يكون عابدا لغير الله، فالضمير ( أنا ) العائد إلى ذات رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذات هي مجموعة الصفات النفسية والعقلية والروحية التي تتركب منها الشخصية، والتي يصدر عنها السلوك والتفاعل في الحياة .
    فشخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بنيت على الإيمان الخالص المنقاد به للاستسلام إلى ربه، والقائم على التوحيد لله حتى قبل نبوته عليه الصلاة والسلام، فقد كانت أخلاقه وصفاته تشهد بعلو هذه الروح وارتفاع شأنها وتميزها عن باقي شخصيات البشر كلها منذ أن خلق الله الخلق، فما آمن عليه السلام يوما بوثن، ولا سجد لصنم، ولا فعل سلوك سلبي عم المجتمع الذي عاش فيه منذ مولده عليه الصلاة والسلام، ففطرته منقادة إلى الاستدلال على وجود خالق عظيم شكل ذلك الكون وأوجده، فانقطع بخلوته وهجر الناس وما يفعلونه من الضلال، ليعيش أوقات التأمل والتفكر التي دعته إلى تسبيح ربه وتعظيمه، فاختاره الله للرسالة الخاتمة لحملها بأمانة ما عرفتها البشرية يوما كما عرفتها بصفات الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، لقد كان عابداً متنسكاً متذللاً لربه الذي لقبه وناده في كتابه بعبده، وذلك لشدة عبوديته وانتسابه إلى ربه وخالقه وتوجهه إلى التوحيد لله وحده، وحال العابد أن يكون مستمرا على الفعل والتوجه وعدم الانقطاع عنه أو الانفصال بالتوجه إلى غيره، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم من ربه أنه قال ( إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أو في المجلس مئة مرة ) رواه مسلمفإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعبر عن تقصيره وضعفه وحاجته لربه كل يوم مئة مره وهو المعصوم عن التقصير، ألا يدل ذلك على قوة الارتباط والملاصقة الدائمة التي تحركت بها كل جوارحه لتذكره بربه وخالقه.
    أيأتي بعد ذلك هؤلاء الجاهلون ليساوموا رسول الله على أمر دينه، أليسوا أغبياء جهلاء قصرت عقولهم عن الفهم والتدبر والمعرفة لحال رسول الله، وقوته الداخلية والخارجية والنابعة من الذات الإيمانية التي بنيت بصلابة الاتصال بالله، لقد رغب هؤلاء الكافرين في ميل قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلق بمصالح الدنيا، وأن يشغل ذلك الدين لمصلحته وسلطانه، أرادوا أن يعبد ألهة خرقاء صماء لا تليق بالإنسان أن يتوجه إليها وهو الأكرم عند الله، على أن يبقى عابدا لربه حسب ميزانهم، ولكنهم خسئوا وخابوا في آمالهم، فيخاطبهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأدبه وخلقه الرفيع الذي ما عرفت مثله البشرية، بصوت القوة مستبعدا ومحقرا لما يقولونه وما يقترحونه عليه من منهجهم الشاذ في العبودية، فتقديم الضمير على الفعل يدل على نفي اتصاف نفسه صلى الله عليه وسلم بما اتصفت به نفوسهم من تشوه الاعتقاد وانحرافه، فنفي العبادة نفي لفعل عبادتهم هم الذين ظنوا أنهم يستطيعون أن يساوموا ويفاوضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لتغير قناعاته الثابتة بلحاقه بمركب الكفر والنفاق، وهذا محال على رسول الله، فملة الكفر وإن كانت متعددة، فهي تجتمع على الضلال ونفس الهدف الذي يسعى لهدم بنيان الحق والتوحيد، فالمعركة محسومة عند الله، والقانون واحد والتشريع والإله واحد فلا عبودية تصلح على هذه الأرض إلا لله وحده، فكل من يقع في فتنه هؤلاء المساومين على الدين ليتاجر به من أجل نيل رضا السلاطين والأمراء والزعماء، متجاهلا لأمر ربه وما أعطاه الله من معرفة واختصاص بهذا الدين فليحذر من غضب الله وسلطانه القريب.
    ويقول ابن عاشور حول هذه الأية
    " لبيان تمام الاختلاف بين حاله وحالهم وإخبار بأنهم لا يعبدون الله إخباراً ثانياً تنبيهاً على أن الله أعلمه بأنهم لا يعبدون الله ، وتقويةً لدلالة هذين الإِخبار على نبوءته صلى الله عليه وسلم فقد أخبر عنهم بذلك فماتَ أولئك كلهم على الكفر وكانت هذه السورة من دلائل النبوءة "
    التأكيد على ملاصقة صفة الكفر لحالهم واستمرارها فيهم حتى فنائهم وموتهم وأنها لا يمكن أن تتغير فيهم الاعتقادات والأفكار وأن تتفتح البصائر فيهم وأن تستنير قلوبهم وعقولهم لترى نور الحق، لأنهم فضلوا ومالوا إلى أن يبقوا في الضلال والعمى وعدم البصيرة فوقع الرين بالمعاصي على القلوب، وغلفتها بغلاف الجهل والانحراف، فكيف لها أن تبصر وقد تعمقت في بحر الظلمات حتى تراكمت ظلمات فوق بعضها .
    يقول الامام الرازي حول تفسير هذه الأية واحتمال التكرار فيها
    " أن التكرير يفيد التوكيد وكلما كانت الحاجة إلى التأكيد أشد كان التكرير أحسن ، ولا موضع أحوج إلى التأكيد من هذا الموضع ، لأن أولئك الكفار رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى مراراً ، وسكت رسول الله عن الجواب ، فوقع في قلوبهم أنه عليه السلام قد مال إلى دينهم بعض الميل ، فلا جرم دعت الحاجة إلى التأكيد والتكرير في هذا النفي والإبطال "
    ويؤكد الله على ما يريده على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى :
    ( وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )
    عندما تصر الذات الخبيثة وتعاند لتبقى متلبسة بأفكار الزيغ والضلال، وتبقى مُسلمة متوجه لغير الله في الانصياع والطاعة والاستعانة على أمور الحياة ومشقاتها، فيجئ تصريح القرآن الكريم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسن قانونا حول صفات الكافرين ومعاندتهم، لأن هؤلاء القوم قد توحدوا واعتصموا في منطقهم ومنهجهم الضال، وتحجرت قلوبهم فما انشقت لنور والإيمان، لقد سُلخت نفوسهم وقلوبهم عن ملابسة الحق، فرغم معاصرتهم لرؤيته الرسول صلى الله عليه وسلم وسماعهم لكلم الفصل منه والمبشر بالخير والمحذر من الهلاك، ورغم رؤية كثير من الدلائل والمعجزات على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وثبات رسالته، إلا أن قلوبهم ما اهتدت للخير والرشاد، بل زادت في عصيانها وتصلبها حتى أصبحت كالحجارة أو أشد،
    فقد عرفوا الحق وأنكروه، واشتروا به ثمنا قليلا، فاستحقوا أن يصرفهم الله عن طريق الإيمان، وأن يبقوا في ضلالهم مغرقين، فالتأكيد على ما تلبست به نفوس هؤلاء الكافرين مستحيل عليهم أن يفعلوا ويطيعوا ما فعله رسول الله وما اتخذه منهجاً للطاعة لربه، فهم سيبقون مستمرين في الغي والضلال، ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيبقى مستمراً في نور دعوته وتوحيده لربه، فهذان ضدان لا يشتركان ولا يلتقيان في منهج الحياة السوي، فلو اتبعوا خطوات الرسول صلى الله عليه لاستدلوا على الهدى والإيمان، ولو مهدوا السبيل لنفوسهم للارتقاء بما عند الله لفازوا بنعيم الدنيا والآخرة، لكنهم هم الخاسرون المحرومون، أما أهل الإيمان والتوحيد فقد سلكوا ومهدوا الطريق لأنفسهم وذللوها للهدى من داخل ذواتهم ونوازع ونفوسهم وجوارحهم، فاهتدوا للمنهج القويم والطريق المستقيم، فعلم الله صدق مسلكهم فزادهم الله هدى وإيمانا وكانوا هم الفائزون .
    يقول ابن عاشور في تفسيره حول هذه الأية
    " أنها عطف على جملة : { ولا أنا عابد ما عبدتم } [ الكافرون : 4 ] لبيان تمام الاختلاف بين حاله وحالهم وإخبار بأنهم لا يعبدون الله إخباراً ثانياً تنبيهاً على أن الله أعلمه بأنهم لا يعبدون الله ، وتقويةً لدلالة هذين الإِخبار على نبوءته صلى الله عليه وسلم فقد أخبر عنهم بذلك فماتَ أولئك كلهم على الكفر وكانت هذه السورة من دلائل النبوءة " .
    ثم يأتي التخصيص والتفرد لدين الله وأمته عن غيرها من الأديان والأمم بقول الله على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى :
    لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
    يقول ابن عاشور حول معنى الدين
    " أنه العقيدة والملة ، وهو معلومات وعقائد يعتقدها المرء فتجري أعماله على مقتضاها ، فلذلك سمي دِيناً لأن أصل معنى الدين المعاملة والجزاء " .
    وجاء في الصحاح في اللغة عن معنى الدين
    " أنه الجزاءُ والمكافأةُ. يقال: دانَهُ ديناً، أي جازاه. يقال: كما تَدينُ تُدانُ، أي كما تُجازي تُجازى، أي تُجازى بفعلك وبحسب ما عملت. وقوله تعالى: " أَءِنَّا لَمَدينونَ " أي مجزيُّون محاسَبون. ومنه الدَيَّانُ في صفة الله تعالى. وقومٌ دينٌ، أي دائنونَ."
    تعبير صريح عن السماحة التي جاء بها دين الله، واتصفت بها شخصية رسول الله في سلوكه ومنهجه في التعامل مع من أنكروا دعوته، إخبار يعبر عن مدى احترام الإنسان وتقدير كرامته مهما نتج عنه من سوء الاعتقاد والفكر، المنهج القويم الذي لا إكراه فيه ولا إجبار في إتباعه، بل للإنسان حرية الاعتقاد بما يشاء وإتباع ما شاء ما دام أنه لا يعتدي على حقوق الآخرين، ولا يحاول التأثير فيهم ونشر معتقداته التي لا تتفق مع المنهج الرباني القويم، ما دام منشغلا بنفسه ويدور حولها دون الخروج بعيدا عنها.قال الله تعالى( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) الكهف29
    ولكن ذلك لا يعني أن الله بذلك لا يتوعدهم ولا يهددهم بعاقبتهم إن اختاروا طريق الكفر، ولا يعني إعطاء الحرية المطلقة والعنان في الاعتقاد لمن شاء، فهناك حدود وضوابط يجب أن لا تتعدى لمن لا يهتدي إلى الحق .
    ويظهر هنا مدى قوة شخصية الإيمان وثبات قواعدها وعدم قبولها لما يزعزع مقوماتها، وذلك يتمثل في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم الذي تثبت بربه، وآمن بصدق دعوته ومنهجه، ولن يسمح لمعتقدات الجهل والانحراف أن تتسرب لنفسه أو دعوته، فكيف وهو ما مال إليها أبدا قبل بعثته، ثم هنا إظهار للشخصية المعاكسة للإيمان، والتي حاولت أن تستغل ما جاء به النبي وتساوم عليه، لعلها تنال من ذلك تحقيق المصلحة الذاتية وتحافظ على مصالحها المنطلقة من منهج الكفر والضلال، إنها النفسية المتقلبة المهزوزة والتي تميل حسب ما ترى فيه مصلحتها النفعية الدنيئة، شخصية لا تملك قواعد الثبات والاستقرار، هشة البنيان والتركيب، من الصعب إقناعها وتغير معتقداتها وتشوهاتها لأنها بنيت على شدة التعصب الوهمي المنحرف .
    فهذه الأية تأكيد للذات الايمانية الثابته المتمثلة بشخصية الرسول عليه الصلاة والسلام والتي ستقود الأمة وتقودها إلى العالمية، الشخصية التي ستكون قدوة للعالمين بقوتها، وصحة اعتقادها وثباتها على الحق، والتي لا تميل إلا معه أينما مال، ولا تسمح للباطل أن يتسرب بين جوانحها، وأن يزين أبصارها، إنها الشخصية التي ستُعلم العالم، وتكون المثال العظيم لأمته ليحتذوا حذوه، ويسيروا على منهجه بعدم الإنصياع والتذلل والتساوم على دين الله، مهما اشتدت الكربات والمحن، وان كل من يفعل ذلك فقد أوقع نفسه فريسة الفتن والهلاك، ثم جاءت الأية لتبين الذات المضاده للايمان والتي بنيت على الباطل، لتظهر ضعفها وهشاشتها وسرعان ذوبانها وانسلاخها عن واقع الوجود، فمهما طال بها الزمان بالبقاء والعلو فهذا كله زيف وبطلان .
    وقد جاء في تفسير حول هذه الأية بقوله
    " إنها تصورات الجاهلية تتلبس بتصورات الإيمان . وبخاصة في الجماعات التي عرفت العقيدة من قبل ثم انحرفت عنها . وهذه الجماعات هي أعصى الجماعات على الإيمان في صورته المجردة من الغبش والالتواء والانحراف . أعصى من الجماعات التي لا تعرف العقيدة أصلاً . ذلك أنها تظن بنفسها الهدى في الوقت الذي تتعقد انحرافاتها وتتلوى! واختلاط عقائدها وأعمالها وخلط الصالح بالفاسد فيها ، قد يغري الداعية نفسه بالأمل في اجتذابها إذا أقر الجانب الصالح وحاول تعديل الجانب الفاسد . . وهذا الإغراء في منتهى الخطورة! "
    فالخطاب الأخير من الرسول صلى لله عليه وسلم والذي يؤكد فيه على أنه لا يعيش إلا لخالقه ولا يستسلم إلا إليه، فهو العبد المنقاد إلا لمن أوجده وسواه، فهذه العبودية ليست كأي عبودية، إنها التحرر من كل براثن الضلال والهوى والاستسلام والانقياد لرب السموات والأرض، فالدين هو كل ما تحركت و سكنت به نفسه ونوازعه، فلا يتنفس ولا يحيا إلا ضمن منهج الحق ودعوة التوحيد، فكيف سينظر لدين وملة لا تتميز بشيء من التأثير في النفس من الخير الذي تمثل به دين الله .
    ويقول الامام الرازي في تفسيره
    " { لَكُمْ دِينَكُمْ } يفيد الحصر ، ومعناه لكم دينكم لا لغيركم ، ولي ديني لا لغيري ، وهو إشارة إلى قوله : { أَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى وَأَن لَّيْسَ للإنسان إِلاَّ مَا سعى } [ النجم : 38 ، 39 ] أي أنا مأمور بالوحي والتبليغ ، وأنتم مأمورون بالامتثال والقبول ، فأنا لمافعلت ما كلفت به خرجت من عهدة التكليف ، وأما إصراركم على كفركم فذلك ممالا يرجع إلي منه ضرر ألبتة ."
    فأنتم مخيرون أيها الكافرون بوضع منهجكم لحياتكم، ولكن حريتكم تلك مقيدة بعدم الاعتداء على حريات الآخرين ومحاربة غيركم فيما يعتقدون ويؤمنون به، فأنا مستسلم إلى ربي أخطط وأسير متبعا خطوات الحق والوحي، فمستحيل علي أن أندمج بفكري وعقلي وجوارحي بما انخرطتم به من الضلال، لأن ذلك لا يتناسب مع ما تدثرت به وزملني الله، فأنتم لبستم الضلال والشرك والكفر وأنا لبست لباس التقوى والتوحيد لله، فكيف سيجتمعان الاثنان فذلك محال، فانطلقوا أنتم بما أردتم وسأنطلق أنا مستمرا بدعوتي وتوحيدي، وسيكون الله بيننا وسيحكم الله بكلمة الفصل فيما كان بيننا في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وسيُظهر صف الإيمان والصدق وينصره على الضلال والشرك، ليُنير بالهدى قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم، وستكون المكافأة من الله والجزاء العظيم جزاء ما ثبتوا به على الحق، فيحقق لهم النصر القريب والفتح العظيم في الدنيا ثم يكون لهم الجزاء الأوفى والأعظم في جنات النعيم، أما الكافرين سيكون لهم أيضا جزاءاً بالإهلاك والعذاب الشديد في الدنيا ثم العذاب والعقوبة التي لن تنتهي ولن ترفع عنهم إلا ما شاء الله .
    وهنا أيضا توضيح لحقيقة الصراع الذي سيستمر منذ ذلك الوقت ما بين الإيمان والكفر، وتعليم للأمة الإسلامية أن لا تنخرط في صفوف الكفر ومعتقداتهم وعاداتهم، ولا تذوب في سلوكياتهم وتحذوا حذوهم في التقليد لكل ما تأتي به، منبهرة بما يحمل من ملذات ومتع أنية، فأمة الكفر تعرف كيفية الدخول لنفوس المؤمنين وصفوف المسلمين فهي كالسم الذي لا يرى في قطعة الحلوى اللذيذة، فيظهرون صفات الخير والإصلاح والعدالة والمساواة ولكنهم لا يسعون بذلك إلا لبث قيم وأفكار لا تتناسب مع قيم الإيمان، وللأسف ينبهر كثير من المسلمين بما يصدر من الغرب ويتخلى عن ثقافته وتراثه الأصيل محاولا تقليد تراث الغرب والذوبان فيه، فالأخر لا يريد منا إلا أن تأخذ في زمن العولمة هذا ولا نطبق في حياتنا إلا ثقافة موحدة ترسم حسب أهداف وبرامج وخطط لا تهدف بكثير منها إلا لانحراف الإنسان وابتعاده عن أصل معتقده وفطرته وهو الدين الحق. فالأمة الإسلامية والشخصية الإيمانية يجب أن تبقى حذره مما يدخل عليها من قيم ومفاهيم، وتكون متميزة في فكرها وإنتاجها، وتُصدر للعالم أشرف العلوم والمعتقدات وتكون هي من تجذب الآخرين إليها بذلك التسامح والحب الإنساني الذي تمثل بهذا الدين وبشخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشخصية الرسول التي تمثلت بصلابة ومتانة هذا الدين المتمثل بقوة إيمانه وحبه وإخلاصه لربه فهو القدوة الأولى والمعلم الأعظم الذي يجب أن تقتضي به أمة الإسلام أولا ثم البشرية جمعاء صلى الله عليه وسلم .
    الفوائد التربوية والاجتماعية من السورة:
    - أهمية صدق الاعتقاد والثبات عليه .
    - لا يكون الاعتقاد سليما وصحيحا إلا إذا انطلق من منهج الله ورسوله .
    - عدم التعصب الأعمى والتصلب العقدي لجاهلية الفكر والمنطق .
    - العناد والكبر أهم ما يدمر حياة الإنسان وشخصيته وفلاحه .
    - دين الله لا يساوم عليه ولا يفاوض به لأجل المصالح الذاتية أو غيرها .
    - دين الله يدعو لحرية الرأي والمعتقد دون إكراه مع عدم الاعتداء على حرية الآخرين وظلمهم .
    - الإنسان مخير بالإرادة ويحاسب على نتيجة اختياره .
    - العبودية لله وحده تعطي الإنسان الحرية الواسعة من قيود الدنيا ومفاتنها .
    - المجتمع والفرد المسلم يجب أن يبقيا متميزين ومؤثرين لا متأثرين بغيرهم من المجتمعات والأفراد .

    تم بحمد لله وفضله
    2010
    آمال أبو خديجة

  2. #2

    افتراضي رد: تأملات في سورة الكافرون تربوية نفسية اجتماعية

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آمال أبو خديجة مشاهدة المشاركة
    إنها صيحة الإيمان الكبرى التي فجرت أفئدتهم بإعلان أن لا إله إلا الله ولا معبود إلا هو ولا وجود في الوجود إلا له سبحانه، .

    تعبير صريح عن السماحة التي جاء بها دين الله، واتصفت بها شخصية رسول الله في سلوكه ومنهجه في التعامل مع من أنكروا دعوته، إخبار يعبر عن مدى احترام الإنسان وتقدير كرامته مهما نتج عنه من سوء الاعتقاد والفكر، المنهج القويم الذي لا إكراه فيه ولا إجبار في إتباعه، بل للإنسان حرية الاعتقاد بما يشاء وإتباع ما شاء ما دام أنه لا يعتدي على حقوق الآخرين، ولا يحاول التأثير فيهم ونشر معتقداته التي لا تتفق مع المنهج الرباني القويم، ما دام منشغلا بنفسه ويدور حولها دون الخروج بعيدا عنها.قال الله تعالى( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) الكهف29
    بسم الله الرحمن الرحيم
    أخي آمال أبوخديجة بارك الله فيك: ذكرت كلمة ( لا اله الا الله ولا معبود الا هو ولا وجود في الوجود الا له سبحانه).
    الكلمة هكذا لاتعطي المعنى الصحيح لكلمة التوحيد( لا اله الا الله ), فأهل العلم بينوا أن المعنى الصحيح لكلمة التوحيد هو:(لامعبود بحق الا الله), بمعنى أوضح (لا مستحق للعبادة بحق الا الله), ودليل ذلك قوله تعالى( ذلك بأن الله هو الحق وأن مايدعون من دونه الباطل ), أما ماذكرت فيمكن أن يقال أن كل ماعبد من دون الله انما هو عبادة لله وهذا معنى باطل بارك الله فيك, أما الثانية فباطل أيضا لأنه من المعلوم أن هناك في الوجود غير الله من مخلوقات كثيرة الملائكة والبشر والجن والسماوات وغيرها, هذه التعابير من تعابير أهل الحلول والاتحاد والعياذ بالله وما أظنك تقصد ذلك بارك الله فيك. الأمر الآخر ماذكرته بأن للكفار الحرية بأن يعتقدوا مايريدون بشرط أن لا يعتدوا على حقوق الآخرين الى غيرذلك من الكلام, أقول لك أخي الكريم لم شرع الجهاد في سبيل الله ودعوة الناس الى دين الله سبحانه وتعالى وضرب الجزية عليهم مادام أن لهم الحق في ما ذكرت, هل هذا يدخل في حرية الأديان, وتسامح الاسلام وأن الاسلام دين السلام وغيرها من الكلام الذي يظهر في الساحة من زمن ليس بالبعيد أرجو أن تعيد النظر في هذه المسائل بارك الله فيك, نسأل الله أن يوفقنا للخير والله أعلم وصلى الله على نبينا محمدوعلى آله وصحبه وسلم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •