لا شكَّ أنَّ المرأةَ هي نصفُ المجتمعِ كما أنها تلدُ النصفَ الآخرَ فهي إذنْ كلُّ المجتمعِ، وإذا كانتِ المرأةُ قد ظُلمتْ وأُهدرتْ حقوقُها وامتُهنتْ كرامتُها في عصورٍ سبقتْ، فقد دافعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن المرأةِ، ونصرَها، وأعطاها من الحقوقِ ما لم تكنْ تحلُمُ به، وحثَّ عليه الصلاةُ والسلامُ على الحبِّ والوفاءِ والتراحمِ والتغافرِ والتغاضي عن الهفواتِ بين الأزواجِ، حتى تقومَ بيوتُ الناسِ على أسسٍ قويةٍ، لا تستطيعُ عواصفُ المشكلاتِ أنْ تهدمَها أو تهزَّ أركانَها، قال تعالى: ﴿ﯢ ﯣ﴾ [النساء:19].
والمعروفُ: كلمةٌ جامعةٌ لكلِّ خيرٍ وبرٍّ وإحسانٍ ولطفٍ ورفقٍ ورحمةٍ.
وقالَ عليه الصلاة والسلام : «اتقوا اللهَ في النساءِ، فإنكم أخذتموهن بأمانِ اللهِ، واستحللتم فروجهنَّ بكلمةِ اللهِ»([1]).
وعرَّفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم طبيعةَ المرأةِ، فأرشدَ إلى احتمالِ أخطائِها، فقال : «استوصوا بالنساء خيرًا»([2]).
وقال : «خيرُكم خيرُكم لأهلِهِ، ـ أي لزوجته ـ وأنا خيرُكم لأهلي»([3]).
وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يفرُكْ مؤمنٌ مؤمنة ـ أي لا يبغضها ـ إنْ كَرِهَ منها خُلُقًا، رضيَ منها بآخرَ»([4]).
وبيَّن عليه الصلاة والسلام : إثمَ ظلمِ المرأةِ فقالَ: «إنَّ أعظمَ الذنوبِِ عند اللهِ رجلٌ تزوجَ امرأةً، فلما قضى حاجتَهُ منها طلقَها وذهبَ بمهرِهَا»([5]).
وكانَ النبيُّ صلوات الله وسلامه عليه مثالًا في الرقةِ وحسنِ العشرةِ مع زوجاتِهِ، قال مرةً لعائشةَ رضي الله عنها: «إني لأعرفُ غضبَكِ ورضاكِ»، قالتْ: كيفَ تعرفُ ذلك يا رسولَ اللهِ؟ قال: «إنك إذا كنتِ راضيةً قلتِ: بلى وربِّ محمدٍ، وإنْ كنتِ ساخطةً قلتِ: بلى وربِّ إبراهيمَ» فقالتْ: أجل، واللهِ إني لا أهجرُ إلا اسمَكَ([6]).
بهذه المشاعرِ الفياضةِ، والكلماتِ الرقراقةِ كانَ محمدٌ يتعاملُ مع نسائِهِ، وكنَّ رضيَ اللهُ عنهنَّ يبادلنه نفسَ الشعورِ.
وفي إحدى السفرات تِسابقَ النبيُّ عليه الصلاة والسلام مع عائشةَ رضي الله عنها، قالتْ: سابقني رسولُ اللهِ فسبقتهُ، وذلك قبلَ أنْ أحملَ اللحمَ، ثم سابقتْهُ بعدما حملتُ اللحمَ فسبقني، فقال: «هذه بتلك»([7]).
وأثَّمَ من اعتدى على حقِّ المرأةِ فقالَ : «اللهمَّ إني أُحرِّجُ حقَّ الضعيفين: اليتيمَ، والمرأةَ»([8]).
وحثَّ النساءَ على إرضاءِ أزواجهنَّ، فقالَ : «ألا أخبرُكم بنسائِكم في الجنةِ؟» قالوا: بلى يا رسولَ اللهِ. قال: «كلُّ ودودٌ، ولودٌ، إذا غضبتْ أو أُسيءَ إليها، أو غَضِبَ زوجُها قالتْ: هذه يدي في يدِكَ، لا أكتحلُ بغمضٍ حتى ترضى»([9]).
وحثَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على إشباعِ الزوجةِ عاطفيًا فقال: «وفي بُضْعِ أحدكمْ صدقةٌ» ـ أي وفي إتيانِ الرجلِ زوجتَهُ صدقةٌ ـ قالوا: يا رسولَ اللهِ! أيأتي أحدُنا شهوتَه، ويكونُ له فيها أجرٌ؟ قال: «أرأيتم لو وضعَها في حرامٍ، أكانَ عليه وزرٌ؟ كذلك إذا وضعَها في حلالٍ كان له بها أجرٌ»([10]).
وأوجبَ على الرجلِ أنْ ينفقَ على زوجتِهِ وأطفالِهِ، وجعلَهُ من أفضلِ ما أنفقَ، فقد قالَ النبيُّ المصطفي عليه الصلاة والسلام : «دينارٌ أنفقتَهُ في سبيلِ اللهِ، ودينارٌ أنفقتَه في رقبةٍ([11])، ودينارٌ تصدّقتَ به على مسكينٍ، ودينارٌ أنفقتَهُ على أهلِكَ، أعظمُها أجرًا الذي أنفقتَهُ على أهلِكَ»([12]).
وقالَ : «إنَّك لن تنفقَ نفقةً تبتغي بها وجهَ اللهِ إِلا أُجرْتَ عليها، حتى ما تجعلُ في فمِ امرأتِكَ»([13]).
وقالَ : «ما أطعمتَ نفسَكَ فهو لك صدقةٌ، وما أطعمتَ ولدَكَ فهو لك صدقةٌ، وما أطعمتَ زَوْجَك فهو لك صدقةٌ، وما أطعمتَ خادمَكَ فهو لك صدقةٌ»([14]).
وقالَ : «إنَّ الرجلَ إذا سقى امرأتَهُ من الماءِ أُجرَ». قال العرباضُ: فأتيتُ امرأتي فسقيُتها، وحدَّثْتُها بما سمعتُ من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ([15]).
نقلا عن كتاب : محمد رسول الله ( د. أحمد المزيد )
رابط الكتاب : http://saaid.net/book/open.php?cat=94&book=7557

(1) رواه مسلم (2137).

(2) رواه البخاري (4787)، ومسلم (2671).

(3) رواه الترمذي (3830)، وابن ماجه (1967).

(1) رواه مسلم (2672).

(2) رواه الحاكم (2743).

(3) رواه البخاري (5614)، ومسلم (4469).

(4) رواه أبو داود (2214)، وأحمد (25075).

(5) رواه ابن ماجه (3668)، وأحمد (9289).

(1) رواه الطبراني (1743).

(2) رواه مسلم (1674).

([11]) رقبة: أي تحرير رقبة.

(4) رواه مسلم (1661).

(5) رواه البخاري (54)، ومسلم (3076).

(1) رواه أحمد (16550).

(2) رواه أحمد (16529).