(( فائدةُ الترتيب الموجود في : "تهذيب الكمال" و فروعه )) للمعلمي.الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ، أما بعد :
فإن كتابات هذا العلم النبيل و الحبر الجليل العلامة عبد الرحمن المعلمي تعد من خير ما ينتفع به طالب الحديث الشريف و يستعين به - بعد الإستعانة بالله تعالى - على السير في طريق خدمة السنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة و أتم التسليم .
و هذه فائدة مهمة من كلامه رحمه الله تعالى تتعلق بالبحث في كتب الرجال و التراجم المرتبة على حروف المعجم ، و هي من الأهمية بمكان إذ تعين طالب العلم على اكتشاف التصحيف و التحريف في كتب التراجم أو في الأسانيد التي حوتها الكتب الحديثية و تَجَنُّبِ الوقوع فيهما .
قال العلامة المعلميُّ في " أهمية علم الرجال " ص 30 -32 : (( أما ترتيب التراجم فمعروف ، و أجوده طريقة " التهذيب " و فروعه (1) ، فإنه على ترتيب حروف الهجاء باعتبار اسم الراوي بجميع حروفه ، و كذا باعتبار اسم أبيه و جده فصاعدا .
- مثاله : ( إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جحش ) ، و بعده : ( إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن عُبيد الله ) ،
و كذلك يرتب باعتبار النسب ،
- مثاله : ( إبراهيم بن ميمون الصنعاني ) ، ( إبراهيم ين ميمون الكوفي ) ، ( إبراهيم بن ميمون النحاس ) .
و إفادةُ الترتيبِ سهولةَ الكشفِ واضحةٌ ، و لكن ثَمَّ فائدة أعظم منها و هي : التنبيهُ على ما قد يقع من سقطٍ ، أو زيادةٍ ، أو تصحيفٍ ، أو تحريفٍ .مثال السقط : ما وقع في "التقريب" المطبوع بدلهي سنة 1320 ، ذكر في المحمدين تراجم من اسمه : ( محمد بن إبراهيم ) ، ثم ذكر بعدها : ( محمد بن كعب الأنصاري ) ، ثم : ( محمد بن أحمد ) .
و كيف يكون كعبٌ بين إبراهيم و أحمد ؟
و الصواب - كما في "تهذيب التهذيب" و غيره - : ( محمد بن أُبَيِّ بن كعب ) .
مثال الزيادة : ما وقع في "الميزان" المطبوع بمصر ، ذكر في آخر تراجم البكرين : ( بكر بن يونس ) ، ثم : ( بكر بن الأعتق ) .
و الصواب : ( بكر الأعتق ) كما في : " لسان الميزان " .
و من عادتهم أن من عرف باسمه و لقبه فقط أن يذكروه آخر الأسماء الموافقة لاسمه .....
و أما التصحيف فأمثلته في : " الميزان " كثيرة .... فمنها :
ذكر : ( إبراهيم بن حميد ) ، ثم : ( إبراهيم بن أبي حنيفة ) ، ثم : ( إبراهيم بن حبان ) .
و الصواب : ( ابن حيان ) كما في "اللسان" .........
و التحريف في "الميزان" كثير أيضا ، فمنه : أن فيه : ( أسامة بن يزيد بن أسلم ) ، و بعده : ( أسامة بن يزيد الليثي ) ، ثم : ( أسامة بن سعد ) . و ( يزيد ) في الأولينِ تحريف ، و الصواب : ( زيد ) فيهما ، كما في "اللسان" و غيره ...........
فهذه الأغلاط الواقعة في "الميزان" المطبوع بمصر ينبه عليها ترتيب الأسماء في التراجم كما هو ظاهر )) انتهى كلامه رحمه الله تعالى مع بعض الإختصار .
قلت : و في محاضرة " صفة الإرتباط بين العلماء في القديم " للعلامة المعلمي نفسه ص 14 : قال : (( ففي "مسند الإمام أحمد" ( ج : 4 ، ص : 62 ) و ( ج:5، ص : 375 ) من طريق عبد الملك بن عمير عن منيب عن عمه قال ....)) ، ثم علق المعلمي في الحاشية على كلمة ( منيب ) بقوله : (( وقع في النسخة المطبوعة - يعني من المسند - في الموضع الأول : ( مسيب ) و في الثاني : ( هييب ) ، و في " تعجيل المنفعة " المطبوع بمطبعتنا - دائرة المعارف - : ( منيب ) ذكره بعد منصور . )) .
قلت : و معنى هذا أن الصواب منيب لأنه ذُكر بعد منصور ، و "تعجيل المنفعة" مرتب على حروف المعجم على طريقة التهذيب ، و من هنا لا ينبغي أن يكون مسيبا لأن حقه أن يذكر قبل منصور مع الأسماء التي أولها ميم ثم سين ، و كذا لا ينبغي أن يكون هييبا لأن حقه أن يذكر بعد منصور بكثير مع الأسماء التي أولها حرف الهاء . و الله تعالى أعلم .
و مما وقع لي من ذلك أني رجعت مرة إلى " إتحاف المهرة "(2) للحافظ ابن حجر 12\ 598 (16165) لتخريج حديث ، فإذا فيه : (( ... و عن بهز عن بَكر بن أبي السميط .....)) ، كذا وقع فيه : (بَكر) مكبرا ، و عند رجوعي إلى "المسند" و هو مصدر الحديث وجدتُ فيه : (( بُكير )) مصغرًا ، فقلتُ : أرجع إلى "التقريب" و أنظر أين ذكره مصنفه ، و عند رجوعي إلى التقريب وجدتُه قد ذكره تحت : ( ذِكرُ من اسمه بُكير مصغر ) فتبين أن ما وقع في الإتحاف تحريفٌ .
و المثال الذي مثلتُ به و الذي قبله فيما يتعلق باكتشاف التصحيف و التحريف الواقعين في غير الكتاب الذي هو للتراجم و إنما في مصادر الحديث ، و قد يقع في الكتاب نفسه كما في الأمثلة التي ذكرها الشيخ في النص الأول .
و الله تعالى أعلم
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
------------------------------------------------------------------
(1) : التهذيب : يعني به "تهذيبَ الكمال في أسماء الرجال" للحافظ أبي الحجاج المِزّي . و فروعه :
- مختصره "تهذيب التهذيب" للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني .
- و مختصر مختصره "تقريب التهذيب" لابن حجر أيضا .
و للحفاظ اهتمام كبير بـ " تهذيب الكمال " و مصنفات عدة متفرعة عنه .
(2) للشيخ الدكتور ماهر بن ياسين الفحل - حفظه الله تعالى - بحث حول طبعة " إتحاف المهرة " يراجع .