معلوم أن موضوع كل فن هو مايبحث فيه عن عوارضه الذاتية، وموضوع أصول الفقه هو الأدلة الإجمالية، فمحل نظر الأصولي البحث في الأدلة الإجمالية، ليستنبط منها قواعد كلية ليستخدمها الفقيه على الأدلة الجزئية، فمدار الأمر على الأدلة إجمالا و تفصيلا. فالقواعد تستخرج من استقراء ألفاظ الشارع وتطبق عليه، في حين نجد الأصوليين يتنازعون في بعض القواعد، لايمكن أن تنزل على ألفاظ الشارع إما لاستحالة ذلك أو لاعتبارات أخرى..
كاختلافهم في الصورة النادرة هل تدخل في مدلول العام و المطلق.
قال صاحب نثر الورود :
هل نادر في ذي العموم يدخل ** ومطلق أو ال خلاف ينقل
يعني أن أهل مذهب مالك اختلفوا في دخول الصورة النادرة في مدلول العام و المطلق، و النادر هو مالايخطر غالبا ببال المتكلم لندرة وقوعه، ولهذا اختلفوا هل تجوز المسابقة على الفيل أو لا تجوز..إهـ(1 )
و الإشكال -فيما يبدو والله أعلم- لايجوز أن يختلف في هذه القاعدة لأن الشارع إذا أطلق لفظا وهو في لغة العرب يستعمل في معنى له أفراد كثيرة، كاللفظ العام فإنه يجب حمل ذلك اللفظ على جميع أفراد المعنى ومنها النادر، مالم يوجد مخصص، لاستحالة خفاء الصورة النادرة على الله تعالى. فلا يرد أصلا الإختلاف في هذه القاعدة، وإنما يرد الخلاف إذا كان المتكلم هو المكلف لقصور وحدود علمه، فيرد عليه حينئذ، هل أراد الصورة النادرة أم لا ؟
أما الله تعالى فهو خالق الأسماء ومعانيها و قد أحاط بكل شيء علما. ولكن المكلف ليست ألفاظه موضوع ومحل القواعد الأصولية، وإنما القواعد الأصولية موضوعها الأدلة الإجمالية و تنزيلها تكون على الأدلة الشرعية الجزئية. فهذا هو محل الإشكال...
وقس على هذه الصورة صور منها :
- الإختلاف في دخول الصورة الغير مقصودة، هل تدخل في العام أو لا ؟
- تخصيص النكرة بالقصد