تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: شبهة عن ابن تيمية أن الله جسم ،،أفيدونا

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    8

    افتراضي شبهة عن ابن تيمية أن الله جسم ،،أفيدونا

    السلام عليكم أرجو من أهل الخبر الاجابة على هذه الشبه عن شيخ الاسلام رحمه الله لقد كتبها أحد المتحاملين على الشيخ
    قال في بيان تلبيس الجهمية (1/118) [فمن المعلوم أن الكتاب والسنة والإجماع لم تنطق بأن الأجسام كلها محدثة وأن الله ليس بجسم ولا قال ذلك إمام من أئمة المسلمين فليس في تركي لهذا القول خروج عن الفطرة ولا عن الشريعة]
    يقال له قد قال إمامك أحمد بن حنبل إن الله ليس بجسم، وقد نقل ذلك عنه أهل مذهبه.
    وقال أيضا(1/94) بعد ذكر كلام نفاة التجسيم:
    [وطوائف كثيرون من أهل الكلام يقدحون في ذلك كله ويقولون بل قامت القواطع العقلية على نقيض هذا المطلوب وأن الموجود القائم بنفسه لا يكون إلا جسماً وما لا يكون جسماً يكون معدوماً ومن المعلوم أن هذا أقرب إلى الفطرة والعقول من الأول]
    وأحسن الله اليكم

  2. #2

    افتراضي رد: شبهة عن ابن تيمية أن الله جسم ،،أفيدونا

    أخي الكريم نقض هذه الفرية موجود في كتاب بعنوان نقض الكاشف الصغير للشيخ عبد الباسط الغريب
    قال الشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجرى - رحمه الله - :" الألبانى علم على السنة والطعن فيه طعن فى السنة "

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    8

    افتراضي رد: شبهة عن ابن تيمية أن الله جسم ،،أفيدونا

    مشكور اخي الكريم بارك الله فيك

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    2,377

    افتراضي رد: شبهة عن ابن تيمية أن الله جسم ،،أفيدونا

    طالع هذه الصفحة:


  5. #5

    افتراضي رد: شبهة عن ابن تيمية أن الله جسم ،،أفيدونا

    نوقشت في الجامعة الأردنية في الفصل الدراسي السابق رسالة ماجستير للباحث فهد هارون بعنوان عقيدة التجسيم وموقف ابن تيمية منها، وقد ناقش الباحث من اتهم شيخ الإسلام ابن تيمية بالتجسيم من القدامى والمعاصرين، وأثبت براءة شيخ الإسلام وأنه من دعاة الإثبات والتنزيه.
    وقد ألفت عدة كتب تدافع عن شيخ الإسلام ضد خصومه فيما تهموه به، يحضرني منها الآن:
    1- الرد الوافر لابن ناصر الدين الدمشقي
    2- جاء العينين في محاكمة الأحمدين- الآلوسي
    3- ابن تيمية السلفي- خليل هراس
    4- دفع الشبه الغوية عن شيخ الإسلام ابن تيمية- مراد شكري
    5- ابن تيمية المفترى عليه- سليم الهلالي
    6- المقالات السنية في تبرئة شيخ الإسلام ابن تيمية- عبد الرحمن دمشقية
    وغيرها.

  6. #6

    افتراضي رد: شبهة عن ابن تيمية أن الله جسم ،،أفيدونا

    قال ابن تيمية : " إثبات لفظ الجسم ونفيه بدعة لم يتكلم به أحد من السلف والأئمة كما لم يثبتوا لفظ التحيز ولا نفوه ولا لفظ الجهة ولا نفوه ولكن أثبتوا الصفات التي جاء بها الكتاب والسنة ونفوا مماثلة المخلوقات "

  7. #7

    افتراضي رد: شبهة عن ابن تيمية أن الله جسم ،،أفيدونا

    يقول ابن تيمية : " الكلام في وصف الله بالجسم نفيا وإثباتا بدعة لم يقل أحد من سلف الأمة وأئمتها أن الله ليس بجسم كما لم يقولوا أن الله جسم بل من أطلق أحد اللفظين استفصل عما أراد بذلك فإن في لفظ الجسم بين الناطقين به نزاعا كثيرا فإن أراد تنزيهه عن معنى يجب تنزيه عنه مثل أن ينزهه عن مماثلة المخلوقات فهذا حق. ولا ريب أن من جعل الرب جسما من جنس المخلوقات فهو من أعظم المبتدعة ضلالا دع من يقول منهم أنه لحم ودم ونحو ذلك من الضلالات المنقولة عنهم وإن أراد نفي ما ثبت بالنصوص وحقيقة العقل أيضا مما وصف الله ورسوله منه وله فهذا حق وإن سمي ذلك تجسيما أو قيل إن هذه الصفات لا تكون إلا لجسم فما ثبت بالكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة هو حق وإذا لزم من ذلك أن يكون هو الذي يعنيه بعض المتكلمين بلفظ الجسم فلازم الحق حق كيف والمثبتة تقول إن ثبوت هذا معلوم بضرورة العقل ونظره وهكذا مثبت لفظ الجسم إن أراد بإثباته ما جاءت به النصوص صوبنا معناه ومنعناه عن الألفاظ المبتدعة المجملة وإن أراد بلفظ الجسم ما يجب تنزيه الرب عنه من مماثلة المخلوقات رددنا ذلك عليه وبينا ضلاله وإفكه " وأظنه كلام صريح في بيان مذهبه رحمه الله .

  8. #8

    افتراضي رد: شبهة عن ابن تيمية أن الله جسم ،،أفيدونا

    السلام عليكم

    الى الاخوة الكرام

    الخوض في موضوع التجسيم ونسبته الى شيخ الاسلام او نفيه يجب ان يسبقه تصور اولا

    ولا يجوز نفي هذا الوصف عن الله او اثباته الا بعد فهم كلام النافي وكلام المثبت

    فهل تعلمونا ان في نفي الجسمية عن الله هو عين نفي وجود الله .......

    وهل تعلمون ان النفات لا ينفونا عن الله الجسمية لانها من اوصاف المخلوقات

    بل لانهم يثبتون لله من صفات المخلوقات اسماها واعلها رتبة على زعمهم

    وليس فقط لان الجسمية للمخلوقات

    والمهم فهم هذا الموضوع يتجاوز الكثير كبار طلاب العلم فضلا عن الصغار

    ....وتسمية هذه فرية في حق شيخ الاسلام فرع عن تصورها فضلا عن نفيها عنه او اثباتها

    والله اعلم

    ارجو من الاخوة عدم التطاول والكلام بعلم وحلم وعدل ......امين

    والسلام عليكم

  9. #9

    افتراضي رد: شبهة عن ابن تيمية أن الله جسم ،،أفيدونا

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بدرالدين الجزائري مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم

    الى الاخوة الكرام

    الخوض في موضوع التجسيم ونسبته الى شيخ الاسلام او نفيه يجب ان يسبقه تصور اولا

    ولا يجوز نفي هذا الوصف عن الله او اثباته الا بعد فهم كلام النافي وكلام المثبت

    فهل تعلمونا ان في نفي الجسمية عن الله هو عين نفي وجود الله .......

    وهل تعلمون ان النفات لا ينفونا عن الله الجسمية لانها من اوصاف المخلوقات

    بل لانهم يثبتون لله من صفات المخلوقات اسماها واعلها رتبة على زعمهم

    وليس فقط لان الجسمية للمخلوقات

    والمهم فهم هذا الموضوع يتجاوز الكثير كبار طلاب العلم فضلا عن الصغار

    ....وتسمية هذه فرية في حق شيخ الاسلام فرع عن تصورها فضلا عن نفيها عنه او اثباتها

    والله اعلم

    ارجو من الاخوة عدم التطاول والكلام بعلم وحلم وعدل ......امين

    والسلام عليكم
    وعليكم السلام
    الأخ بدر الدين المفهوم من رمي السقاف لشيخ الإسلام ابن تيمية بالتجسيم هو المعنى الفاسد الذي يخرج به حدّ التمثيل فهو يقرّر المعنى الباطل الذي نشترك جميعا في ردّه وينسب القول به لشيخ الإسلام رحمه الله ليلزمنا بردّ المعنى الحقّ الذي نفارق الأشعرية وغيرهم من النفاة بإثباته فالمسألة لا تعدوا أحد أمرين :

    - إطلاق الأسماء الشرعية على المسميات الغير شرعية تلبيسا
    - إطلاق الأسماء الغير شرعية على المعاني الشرعية تشنيعا

    والكلّ يعلم بأنّ لهذا الإمام - ابن تيمية - منهجا علميا واضحا ودقيقا يسير عليه في جزئية الأسماء الحاثة كلفظ الجسم والحيز والحدّ وغيرها ..
    فهو - رحمه الله - لا يثبت ولا ينفي إطلاق مثل هذه الألفاظ في التعبير عن الصفات الإلهية بل منهجه هو منهج أهل السنة من تقرير أنّ أصل الباب مبني على التوقيف وعليه فالقبول أو الردّ قبل الإستفصال عن دلالة هذه الألفاظ عند قائليها يمثل موقفا منهجيا خاطئا على حدّ فهمي لقول الإمام فقد تدلّ - عنده (= القائل) - على معان صحيحة نخطيء بردّها كما قد تدلّ على معان باطلة نخطيء بقبولها .. فالأمر - كما ترى - ليس مجرّد دعوى لا متعلّق لها بالواقع بل هو رأي يستمد مصداقيته من فهم صحيح لواقع المخالفين وحقيقة مواقفهم وأساليبهم ووسائلهم في تقرير باطلهم ونفث سحرهم وليس مجرّد إنطباع يفتقد للواقعية ويحيد عن الموضوعية ويفتقر للحجج والبراهين ومع هذا كلّه فلم يحدث من إخوانك ما يستدعي هذا كلّ هذا العنف اللفظي - وهم على ردّه أقدر - والشراسة في الأسلوب - وغيرها - بمثلك - أجدر- .. بل أحالوا السائل على مليء والجواب في الكتاب فلا عتاب ..
    قال الشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجرى - رحمه الله - :" الألبانى علم على السنة والطعن فيه طعن فى السنة "

  10. #10

    افتراضي رد: شبهة عن ابن تيمية أن الله جسم ،،أفيدونا

    السلام عليكم

    اخي العاصمي بارك الله فيك على هذا التعليق

    ارجو منك ان تعيد النظر في كلامي من فضلك

    والسلام عليكم

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    المشاركات
    23

    افتراضي رد: شبهة عن ابن تيمية أن الله جسم ،،أفيدونا

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد :

    هذا جزء من كتيب " نقض مبحث الجسمية " في كتاب المافون سعيد فودة وفيه رد مفصل على هذه الشبهة .

    النص السابع :


    ليست جميع الأجسام محدثة ،لأن الله جسم قديم . وهذا الموافق للشريعة والفطرة.


    إن طريقة الأستاذ فودة في هذا المبحث من أوله إلى آخره إنما تقوم على حيلة معينة وهي :
    اقتناص العبارات واجتزاءها عن سياقها وفصلها عن سباقها ولحاقها ليغيب القارئ عن أصل الموضوع ومجرياته ، ولا يقف إلا على عبارات محددة منتقاة فيجد نفسه تحت توجيه الأستاذ فودة الذي يحيط كلامه بهذه العبارات إحاطة السوار بالمعصم فيوهم أن الذي أمامه هو كلام ابن تيمية وأنه كلام واضح وصريح في أن الله سبحانه جسم مجسم كما يزعم !

    وليس الأمر كذلك ...
    ولعل نظرة سريعة على النقولات التي ينقلها عن ابن تيمية على أنها نصوص وكيفية إيرادها وبدايتها التي ينقل منها تؤكد هذا المعنى .


    - ولكي يتصور القارئ كيفي يتقن الأستاذ فودة هذه الحيلة فله أن يتأمل في أمرين :


    - الأول : أن جميع ما يزعمه من النصوص السابقة وما سيأتي هو عبارة عن أقوال طائفة من المثبتين للصفاة على طريقة أهل الكلام من الكرامية وغيرهم جاء بها ابن تيمية رحمه الله ليعارض بها أقوال النفاة كالرازي وغيره وهذه الطريقة يتبعها ابن تيمية في مناظرته ومناقشته لححج أهل البدع جميعا ، وذكر أنه يبين بها بطلان هذه الأقوال جميعا حيث يزعم أصحابها أنها أدلة عقلية قطعية وأنها أحكام ضرورية لا تتعارض ولا تتناقض فيرد هذه بهذه فيظهر بطلانها من جهة ادعاء كل فريق صحة ادلته العقلية إذ كيف تكون عقلية وهي بهذا التعارض والتناقض والاضطراب !
    - وقد نص شيخ الاسلام رحمه الله على أنه لا يلتزم شيئا من هذه الأقوال كما سبق نقل ذلك عنه في التعليق على النص السابق .

    الثاني : أن قول هؤلاء النظار من المثبتين للصفات على طريقة أهل الكلام مبني على أنهم اصطلحوا على معنى الجسم بأنه : الموجود القائم بنفسه فإن الله سبحانه وتعالى بناء على هذا الاصطلاح جسم - وهذا من حيث المعنى صحيح فهو سبحانه موجود قيوم سبحانه وتعالى - وكل حججهم مبنية على هذا التفسير سواء في قولهم بانحصار الموجودات بالجسم وما يقوم به من أعراض ، أو قولهم ببطلان دليل الحدوث لاستلزامه حدوث الرب سبحانه ، أو القول باثبات الجهة والحد والمباينة أو غير ذلك مما يعارض به ابن تيمية أقوال هؤلاء النفاة ليبن بطلانها أو رجوحها عليها لا أحقيتها مطلقا من كل وجه كما سبق تقرير ذلك .

    - لذا فالأستاذ في كتابه كله لا يريد أن يسلط الضوء على هذه الحقيقة فيريد أن يغيب القارئ عنها تماما ليحلو له استغلال لفظ الجسم إذا ذكر في الكلام وفي العبارات التي يستلها من هنا وهناك يجتزئها من السياق ويوهم أنها من كلام ابن تيمية .
    - فإذا غيب القارئ عن الأمر الأول أنه ينقل كلام غيره ليرد به ...كان الكلام لابن تيمية صراحة .
    - وإذا غيب عن اصطلاح هؤلاء في معنى الجسم الذي هو الموجود القائم بنفسه ... كان الكلام عن لفظ الجسم عموما أو على اصطلاح الأستاذ وما يتضمنه من المعنى اللغوي .
    فما يقوم به الأستاذ فودة من حيل هو لتغييب القارئ عن هذين الأمرين ، فإذا علم ذلك فليكن القارئ على بصيرة من هذه الحيل التي ملأ بها كتابه فهي قائمة على هذين المعنيين .
    أما ما يزعمه الأستاذ فودة نصا بقوله : (النص السابع : ليست جميع الأجسام محدثة ،لأن الله جسم قديم . وهذا الموافق للشريعة والفطرة.)

    فهو ما زال يحلم بنص صريح وواضح على تجسيم ابن تيمية فربما لا يدري أن القارئ الفطن قد تفطن إلى ألاعيبه وحيله فلم تعد تنطلي عليه .

    - ولأن هذا النصوص المزعومة - السابع والثامن والتاسع - قد أجتزئت من سياق واحد وموضوع واحد فأرى قبل أن أتعرض لهذه النصوص أن أنقل أصل المناظرة التي ذكرها ابن تيمية رحمه الله ليتصور القارئ والباحث كيف أن هذه النصوص التي يزعمها فودة مجرد ادعاءات مبنية على ما سبق تقريره من حيل لا أكثر.

    - علما بأن هذا النص هو في المجلد الأول من بيان التلبيس من صفحة 103 إلى صفحة 122 .
    وحيث انه طويل نوعا ما فقد رأيت أن أنقل من كل وجه ما يمكن معه تصور المعنى الكلي له ولمن يريده كاملا فله أن يراجع محله الذي أشرت اليه .
    ففي بداية الفصل نقل ابن تيمية قول الرازي بلفظه حيث قال :
    ( قال الرازي : فنقول حاصل هذا الكلام أن المشبهة زعمت أن مباينة الباري تعالى عن العالم لا يعقل حصولها إلا بالجهة وأنتجوا منه كون الإله في جهة وزعمت الدهرية أن تقدم الباري على العالم لا يعقل حصوله إلا بالزمان وأنتجوا منه قدم المدة وإذا ثبت هذا فنقول حكم الخيال إما أن يكون مقبولا في حق الله تعالى أو غير مقبول فإن كان مقبولا فالمشبهة يلزم عليهم مذهب الدهرية وهو أن يكون الباري متقدما على العالم بمدة غير متناهية ويلزمهم القول بكون الزمان أزليا والمشبهة لا يقولون بذلك والدهرية يلزم عليهم مذهب المشبهة وهو مباينة الباري عن العالم بالجهة والمكان فيلزمهم القول بكون الباري مكانيا وهم لا يقولون به فصار هذا التناقض وارد على الفريقين
    وأما إن قلنا إن حكم الوهم والخيال غير مقبول البتة في ذات الله تعالى وفي صفاته فحينئذ نقول قول المشبهة إن كل موجودين فلا بد وأن يكون أحدهما حالا في الآخر أو مباينا عنه بالجهة قول خيالي باطل وقول الدهري إن تقدم الباري على العالم لا بد وأن يكون بالمدة والزمان قول خيالي باطل وذلك هو قول أصحابنا أهل التوحيد والتنزيه الذين عزلوا حكم الوهم والخيال في ذات الله تعالى وصفاته وذلك هو المنهج القويم والصراط المستقيم )
    -
    وخلاصته :أن القول بأن كل موجودين إما أن يكونا متحايثين متداخلين أو متباينين منفصلين نظير قول الدهري بأن الباري متقدما على العالم بمدة من الزمان ،وأنه لما كان تصحيح قول الدهري يلزم منه القول بقدم الزمان كذلك يلزم المثبت للعلو والمباينة القول بقدم الجهة والمكان ، واستدل بهذه اللوازم على بطلان القولين جميعا وحكم بأن القول بأن هذه أمور ضرورية فطرية بأنه من حكم الوهم والخيال الذي يحكم في المحسوس لا في الأمور الغائبة ...

    فرد عليه ابن تيمية من أحد عشر وجها تسلسل فيها من وجه إلى وجه حتى توصل إلى أن كلام الرازي المذكور في هذه المعارضة حجه لمخالفه لا عليه في مناقشة علمية دقيقة حيث قال :

    ( قلت والكلام على هذا من وجوه :
    - أحدها أن تسمية هؤلاء أهل التشبيه مما ينازعونه ...)
    - وحيث انه لا تعلق لهذا الوجه بما نحن فيه حيث علق فيه على وصف الرازي للمخاف له بالمشبهة فنكتفي بالإشارة إليه ونحيل عليه في موضعه لمن يريد مراجعته .

    - ( الوجه الثاني أن هذه الحجة يحتج بها طوائف من متكلميهم من الكرامية وغيرهم وإلا فجمهورهم لا يحتاجون إلى قياس شمولي في هذا الباب بل عندهم أن علو الله على العرش معلوم بالفطرة الضرورية وقد تواطأت عليه الآثار النبوية واتفق عليه خير البرية ويقولون نفي ذلك تعطيل للصانع معلوم بالضرورة العقلية فلو فرض أن هذا القياس عارضه ما أبطله لم يبطل ما علموه بالفطرة الضرورية من أن الله فوق خلقه وأنه يمتنع كونه لا داخل العالم ولا خارجه ولا يلزم من كون العبد مضطرا إلى العلم بحكم الشيء المعين أن يجعل نقيض ذلك قضية عامة كلية فإن العلم بالمعين الموجود يلزمه نفي النقيض وذلك شيء غير العلم بنفي المطلق الكلي وطوائف من أهل الفطرة الصحيحة والأثبات للشريعة يعلمون أن الله تعالى فوق العالم ولا يخطر بقلوبهم تقدير وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه حتى ينفوه )
    وخلاصته : أن القول بأن كل موجودين يكون أحدهما مباينا للأخر أو محايثا له قياس شمولي يستدل به على علو الله سبحانه وتعالى على خلقه ومباينته لهم ، وهو قول بعض الكرامية لا جميعهم ، أما جمهورهم فإنه يحتج بالفطرة الضرورية القاضية بعلو الله على خلقه وأن هذا أيضا مما تواطأت عليه الآثار النبوية واتفق عليه خير البرية وعلى فرض أن هذا القياس الشمولي بأن الموجودين إما أن يكون أحدهما مباينا أو محايثا للأخر قد عارضه ما يبطله فإن هذا العارض لا يبطل ما علموه بالفطرة الضرورية بأن الله فوق خلقه وأنه يمتنع كونه لا داخل العالم ولا خارجه ...
    ثم قال
    - ( الوجه الثالث : أن هذه الحجة المذكورة ليست نظير ما ذكره من حجة الدهرية وذلك أن هؤلاء قالوا الخالق والمخلوق موجودان فكل موجودين فإما أن يكون أحدهما حالا في الآخر أو بائنا عنه وكذلك إذا قيل إما أن يكون أحدهما داخلا في الآخر أو خارجا منه وكذلك إذا قيل إما أن يكون أحدهما متصلا بالآخر مقارنا له أو منفصلا عنه بائنا منه ثم قالوا وليس هو فيه فوجب أن يكون خارجا منه وهذا مقصودهم فنظيره أن يقال الباري والعالم موجودان وكل موجودين فإما أن يكون وجودهما معا وهما متقارنان وإما أن يكون أحدهما قبل الآخر وليس مع العالم مقارنا له فوجب أن يكون متقدما عليه وهذا حق فهذا تمام الموازنة والمعادلة بين الحجتين ..)
    فبين رحمه الله أن قول الرازي أن هذا القول نظير قول الدهرية خطأ وساقه على وجهه الصحيح ثم قال :
    ( فالأولى دلت أن الباري تعالى خارج عن العالم ليس فيه وهذه دلت على أن الباري سابق للعالم لم يقارنه العالم ...)
    ثم قال :
    - الوجه الرابع أن هذه المعارضة قد أخذها الرازي ممن احتج بها قبله كأبي المعالي وذويه فإنهم ذكروها في مسألة حدوث العالم وذكروها في مسألة الجهة لما أورد عليهم كل واحدة من الطائفتين ما عارضهم به من القضيتين الفطريتين فظنوا أنهم بهذا الإلزام يخلصون من معارضة الطائفتين ويجعلون ذلك دليلا على أنها من حكم الوهم ومع هذا لم يخلصوا بذلك من معارضة الطائفتين بل ادعوا ما يخالف العقل الصريح وكان ذلك مما سلط عليهم الفلاسفة الدهرية رأوا احتجاجهم بهذه الحجة الضعيفة وكان ذلك مما سلط عليهم المسلمون المثبتون وهذا كما ذكره الإمام أحمد في مناظرة جهم للسمنية...)
    ثم قال رحمه الله :
    ( ثم غاية ذلك أنه جواب إلزامي لا علمي وهو لا ينفع لا للناظر ولا للمناظر وذلك أن المثبت إذا قال لهم كل موجودين فإما أن يكون أحدهما حالا في الآخر أو بائنا عنه كان من المعروف بنفسه أن هذا حكم الفطرة الإنسانية الموجودة لبني آدم وهذه الفطرة الضرورية لا تندفع بمعارضة ولا جدل فإذا قالوا هذا من حكم الوهم الباطل وبمنزلة قول الدهرية من الفلاسفة وغيرهم كل موجودين فإما أن كون أحدهما متقدما على الآخر أو مقارنا قيل له هب أن الأمر كذلك فهذا الذي مثلت به هو حق أيضا تقبله الفطرة وتحكم به فإذا قال هذا من حجة الدهرية القائلين بقدم العالم فإذا صححناه لزمنا القول بقدم العالم وهو باطل وما استلزم الباطل فهو باطل قيل له هذه القضية معلومة بينة بنفسها فطرية ضرورية وأما كونها مستلزمة للقبول بقدم العالم فهذا ليس بين ولا معلوم بل أنت تقوله وقد يكون هذا من ضعف جوابك عن دعوى التلازم فلما عجزت عن الجواب سلمت التلازم .)
    بمعنى أن جوابك أيها الرازي بأن القول بأن الله فوق العالم هو نظير قول الدهري بأن الله متقدم على العالم هو جواب إلزامي ليس فيه تعرض لحجة الخصم أصلا وهذا لا ينفعك ولا يدفع حجة خصمك ، حيث أنها أمور ضرورية معلومة بالفطرة فلا تندفع بمعارضة ولا جدل فإذا قيل هذا مثل قول الدهرية بأن الله متقدم عن العالم أو مقارنا له قيل هذا الذي مثلت به هو حق أيضا تقبله الفطرة وتحكم به فإن قيل أنه يلزم منه القول بقدم العالم إذا صححناه قيل له :هذه القضية أي تقدم الله على العالم معلومة بالفطرية الضرورية وكونها مستلزمه للقول بقدم العالم ليس بينا ولا معلوما بل هو في الحقيقة ليس بلازم وإنما التزمته أنت لضعف حججك في الرد على هؤلاء .

    - ( الوجه الخامس : أن يقول هب أنا نفرض تلازمهما فالعلم بهذه القضية التي ألزمتموني نفيها لأنفي معها الأولى التي إثباتها أبين في العقول من كون العالم الذي هو عندكم جميع الأجسام وصفاتها محدث ليس شيء منها بقديم فالاحتجاج على بطلان هذه المقدمة ببطلان هذا اللازم الذي هو أخفى منها عكس الواجب بل إن صح هذا التلازم كان بعض قول الفلاسفة أصح من قولكم يا معشر المناظرين لهم والله تعالى لم يأمرنا أن ندفع الأقوال الباطلة من أقوال الكفار وغيرها بالأقوال الباطلة..)
    بمعنى أنكم تعارضون القول بان الله فوق العالم وأنه مباين له بأنه نظير قول الدهري بأن الله متقدم عن العالم والذي يجب نفيه لأنه يلزم منه قدم شيء من العالم وهذا يعارض قولكم بأن العالم حادث لا شيء منه قديم ...
    فإذا وازنا بين الأدلة وجدنا أن قولنا بأن الله مباينا للعالم وأنه سبحانه متقدم عليه معلوم بالضرورة الفطرية وقولكم بحدوث جميع الأجسام مبني على أمور نظرية متنازع فيها فكيف يقدم هذا على هذا .

    - (الوجه السادس: إن كل واحدة من الطائفتين تقول لهم إذا عارضهم بمذهب الآخرين ما يبطل هذه المعارضة..
    وهنا يتكلم رحمه الله بلسان كل من المثبت والدهري الفيلسوف :
    ( فيقول المثبت للعلو من المسلمين وسائر أهل الملل والفلاسفة الصابئين والمشركين وغيرهم أنا أعلم بفطرتي أن الموجود إما أن يكون محايثا لغيره أو مباينا له وقولك إن هذا مثل قول الفيلسوف الدهري الموجودان إما أن يكون أحدهما مع الآخر أو قبله هو أيضا معلوم لي وقولك إن هذا يستلزم تقدم العالم أنا لا أجزم بهذه الملازمة نفيا ولا إثباتا ...)
    ثم قال :
    ( وقد يقول أيضا أنا لا أنظر في هذه المعارضة وسواء جزمت بثبوت الملازمة أو انتفائها أو لم أجزم بشيء فأقول لا يخلو إما أن يكون ما ذكرته مستلزما للقول بقدم جسم من الأجسام أو لا يكون فإن لم يكن مستلزما بطلت المعارضة وإن كان مستلزما لقدم جسم من الأجسام فليس علمي بحدوث الأجسام الذي تسميه حدوث العالم أبين عندي من العلم بهذه القضية إذ هذه المقدمة ضرورية فطرية وتلك تحتاج إلى مقدمات طويلة خفية وفيها نزاع كثير..)
    والكلام واضح لا يحتاج إلى تعليق .
    ثم قال توضيحا :
    ( فإذا كان العلم بأن الله تعالى فوق العالم أبين في الفطرة والشرعة من كون الأجسام كلها محدثة لم يجب علي أن أترك ذلك المعلوم البين في الفطرة خوفا أن يلزمني إنكار هذا الذي ليس هو مثله في ذلك وهذا الجواب بين ظاهر .)
    ثم قال :
    ( الوجه السابع :
    وهو أن الفيلسوف يقول وعلمي بأن الموجودين إما أن يكون أحدهما مع الآخر أو قبله علم بديهي فطري وأما قولك إن هذا مثل قول المجسم الموجودان إما أن يكون أحدهما محايثا للآخر أو بائنا عنه أقول لا يخلو إما أن تكون هذه المماثلة حقا أو باطلا فإن كانت باطلا لم يرد علي وإن كانت حقا وجب علي التزام المماثلة ..)

    وخلاصة ما في الوجهين السابع والسادس أن المعلوم بالضرورة مقدم على المعلوم بالأدلة الخفية ، وأن علو الله على خلقه وتقدمه على العالم معلوم بالضرورة الفطرية ..
    أما ما يلزم عن ذلك من اللوازم التي تعارض هذا المعلوم فهي أمور خفية لا ترقى أن تعارض هذا الضروري فضلا أن تتقدم عليه ،
    وغاية ما يدعى في إثباتهما أن تعارض دليلا معينا على حدوث العالم وقدم الرب سبحانه .
    ( ولا ريب أن قدم العالم أو صحة هذه الحجة أخفى وأبعد عن المعلوم من كون واجب الوجود تعالى فوق العالم فإن الإقرار بهذا ثابت في الفطرة وقد تواتر عن الأنبياء والرسل القول به فإذا كان على أحد التقديرين أخالف المعلوم بفطرتي من العلوم الضرورية فأنفي كل واحد من القضيتين وأخالف الأنبياء والمرسلين وعلى الآخر إنما أخالف الحجج الدالة على قدم العالم وأبطل هذه الحجة المعينة كانت مخالفة هذه أولى في عقل كل عاقل وهذا لكلام في غاية الإنصاف والبيان )
    فخلاصة القول بأن ما نقول به مبني على مقدمات ضرورية فطرية وما يلزم عنها من خفي اللوازم إن صح فلا يمكن أن نقدمه على المعلوم بالضرورة لا سيما وهذا الضروري قد وافق لما عليه الأنبياء والمرسلين .
    ( فعلم أن ما ذكروه من المعارضة لم يندفع به واحدة من الطائفتين لا في المناظرة ولا في نظر الإنسان بينه وبين ربه تعالى ولكن أوهموا هؤلاء بهؤلاء وهؤلاء بهؤلاء والتزموا مخالفة الفطرة الضرورية العقلية التي اتفق عليها العقلاء في كل من الإيهامين مع ما في ذلك من مخالفة الكتب والرسل ببعض ما قالوه في كل واحدة من المسألتين مسألة حدوث الأجسام ومسألة علو الله تعالى على خلقه هذا كله إذا لم يكن في الفلاسفة من يقول بالجهة ولا في المسلمين من يقول بقدم بعض الأجسام )
    وهذا لكلام تقرير لما سبق ونتيجة له ، فلما أبطل قول الرازي وبين عدم صحة هذه المعارضة عند كلا الطائفتين قرر ذلك في هذه الفقرة .

    ثم قال رحمه الله :
    - والمثبت للجهة يقول ما يقال في
    - الوجه الثامن :
    وهو أن يقول غاية ما ألزمتني به من حجة الدهرية أن يقال بقدم بعض الأجسام إذ القول بقدم الأجسام جميعها لم يقل به عاقل والقول بخلق السموات والأرض لم تدل هذه الحجة على نفيه وإنما دلت إن دلت على قدم ما هو جسم أو مستلزم لجسم وهذا مما يمكنني التزامه ..)
    وهنا نرجع إلى التذكير بأن هؤلاء النظار من المثبتين الذين ينقل عنهم ابن تيمية رحمه الله قد اصطلحوا بان الجسم هو الموجود القائم بنفسه ورتبوا على ذلك أن الله سبحانه وتعالى جسم حيث انه موجود قائم بنفسه موصوف بالصفات وهذا لا ينبغي أن يغيب عن ذهن القارئ مهما شغب الأستاذ فودة وشوش .
    ومما ينتج عن القول بأن الله جسم على مذهب هؤلاء هو القول بعدم حدوث جميع الأجسام إذ كيف يقال بحدوث جميعها والله سبحانه جسم ؟!
    فنقضوا أدلة الحدوث التي يقول بها المتكلمون إذ التسليم لها يعني حدوث الرب سبحانه وتعالى وهم لا يقولون بذلك .
    هذا هو مذهب هؤلاء النظار من الكرامية وغيرهم والذين يحكي عنهم ابن تيمية كلامهم ويصفهم بالمثبتين أو أهل الإثبات .
    فيقولون: إذا دل قول الدهري على قدم بعض الأجسام دون تعيين أمكننا التزام ذلك لان هذا الجسم القديم هو الله بالضرورة وهذا معنى كلام ابن تيمية :
    (فإنه من المعلوم أن طوائف كثيرة من المسلمين وسائر أهل الملل لا يقولون بحدوث كل جسم إذ الجسم عندهم هو القائم بنفسه أو الموجود أو الموصوف فالقول بحدوث ذلك يستلزم القول بحدوث كل موجود وموصوف وقائم بنفسه وذلك يستلزم بأن الله تعالى محدث)
    وهذا هو ما سبقت الإشارة إليه من مذهب المثبتين لا يقولون بحدوث كل جسم إذ الجسم عندهم هو القائم بنفسه أو الموجود أو الموصوف فالقول بحدوث ذلك يستلزم القول بحدوث كل موجود وموصوف وقائم بنفسه وذلك يستلزم بأن الله تعالى محدث وهو يقولون بان الله سبحانه جسم ولكنه قديم .
    ثم قال رحمه الله :
    (فتقول لهم مثبتة الجهة إذا كان تصحيح هاتين المقدمتين الفطريتين يستلزم مع كون الباري تعالى فوق العالم مباينا له أن يكون من الأجسام ما هو قديم أمكنني التزام ذلك على قول طوائف من أهل الكلام بل على قول كثير منهم ولم أكن في ذلك موافقا للدهرية الذين يقولون إن الأفلاك قديمة أزلية حتى يقال هذا مخالف للكتاب والسنة)يعني إذا كان تسليمي بهذه المقدمات الضرورية أن الله سبحانه فوق العالم بائنا منه ويلزم بعد ذلك أن أقول بقدم جسم ما من غير تعيين فإنه يمكنني أن التزم ذلك على أن يكون هذا الجسم القديم هو الله سبحانه لا الأفلاك التي يقول الفلاسفة بقدمها .
    ثم قال رحمه الله :
    (وأما كون الباري جسما أو ليس بجسم حتى يقال الأجسام كلها محدثة فمن المعلوم أن الكتاب والسنة والإجماع لم تنطق بأن الأجسام كلها محدثة وأن الله ليس بجسم ولا قال ذلك إمام من أئمة المسلمين فليس في تركي لهذا القول خروج عن الفطرة ولا عن الشريعة بخلاف قولي بأن الله تعالى ليس فوق العالم وأنه موجود لا داخل العالم ولا خارجه فإن فيه من مخالفة الفطرة والشرعة ما هو بين لكل أحد وهو قول لم يقله إمام من أئمة المسلمين بل قالوا نقيضه فكيف التزم خلاف المعقول الفطري وخلاف الكتاب والسنة والإجماع القديم خوفا أن أقول قولا لم أخالف فيه كتابا ولا سنة ولا إجماعا ولا معقولا فطريا)
    (بل يقول ( أي مثبتو الجهة ) في:
    - الوجه التاسع هذه المعارضة تؤكد مذهبي وتقوية وتكون حجة ثانية لي على صحة قولي فإن احتججت علي بأن الله تعالى مباين للعالم بأن الموجودين إما أن يكون أحدهما مباينا للآخر أو محايثا له فقلتم هذا معارض بقول الفيلسوف إن الموجودين إما أن يكون أحدهما متقدما على العالم أو مقارنا له وذلك يستلزم القول بقدم الزمان المستلزم للقول بقدم بعض الأجسام فأقول إذا كانت هذه الحجة التي عارضتموني بها مستلزمة لكون بعض الأجسام قديمة من غير أن تعين جسما أمكن أن يكون ذلك الذي يعنونه بأنه الجسم القديم هو الله سبحانه وتعالى كما يقوله المثبتون وأن ذلك هو ملازم لقولنا إنه موصوف وقائم بنفسه ..)
    يعني أنه إذا كان قولي بعلو الله على خلقه ومباينته للعالم مستلزما للقول بقدم بعض الأجسام دون تعين بناءا على قول الفليسوف فهذا الإلزام هو حجة لي تقوي دليلي لان الجسم القديم حينئذ هو الله سبحانه وتعالى وهذا كله مذهب من يثبت بأن الله جسم ويقولون أنه القائم بنفسه .
    ( فتكون هذه الحجة التي عارضتم بها دليلا على أن الله تعالى جسم بالمعنى الذي ذكرتموه الذي تقول إنه ملازم لكونه موصوفا وقائما بنفسه وإن نازعتم في الملازمة )
    فإذا ثبت أن الله جسم وأنتم تقولون بأن الأجسام هي التي يصح أن تتباين وتتحايث كان هذا دليل ثان على صحة القول بعلو الله على خلقه ومباينته لهم حيث أنه سبحانه جسم كما سبق .
    ثم قال :
    (فإنكم لا تنازعون في أن الجسم أو ما يقوم به إما مباينا لغيره أو محايثا له وإذا كان موجب الحجة التي ألزمتموني إياها يلزمني أن أقول هو جسم وذلك يستلزم أن يكون مباينا للعالم كان هذا الذي ألزمتموني به حجة ثانية على أنه مباين للعالم فأردتم معارضة كل حجة بالأخرى ليكون ما قلتموه من تناقض الحجتين نافيا لكونه مباينا للعالم ولكون كل جسم محدثا فتبين أن الحجتين متعاونتان متصادقتان وأن كل واحدة منهما تدل على أنه تعالى مباين للعالم )
    يعني أنكم تقولون أن المباينة والمحايثة إنما تكون بين الأجسام وما يقوم بها من أعراض وحيث أن الله سبحانه ليس بجسم فلا يوصف بأنه مباين أو محايث فهو لا داخل العلم ولا خارجة ...
    فإذا كان موجب الحجة التي ألزمتموني بها يلزم منها قدم شيء من الأجسام من غير تعيين فأنا التزم ذلك وأقول إن هذا الجسم الذي يلزم من القول بالعلو والمباينة بأنه قديم هو الله سبحانه ...
    وإذا التزمت بأنه الجسم القديم فيصح حينئذ على مذهبكم أن يوصف بالمباينة فكان دليلكم الذي عارضتموني به دليلا على أن الله سبحانه جسم حتى بالمعنى الذي تذكرونه لان مقدماته ضرورية وهو الذي نقول عنه أنه ملازم لكونه موصوفا وقائما بنفسه .ودليل على أنه سبحانه بائن من خلقه فهو حجة لي لا علي .
    ثم قال رحمه الله
    - ( ويقول في الوجه العاشر إذا كانت إحدى هاتين المقدمتين الضرورتين تستلزم أنه مباين للعالم والأخرى تستلزم أنه جسم فقد ثبت بموجب هاتين المقدمتين صحة قول القائلين بالجهة وقول القائلين بأنه جسم وكونه جسما يستلزم القول بالجهة كما توافقون عليه وقول القائلين بالجهة يستلزم أيضا القول بالجسم كما تقولون أنتم وأكثر العقلاء خلاف ما يقوله قدماء أصحابكم إن نفي الجسم مستلزم لنفي الجهة والعلو على العرش وأن ثبوت العلو على العرش يستلزم ثبوت الجسم فإذا تكون كل واحدة من هاتين المقدمتين الفطريتين دليل على كل واحد من هذين المطلوبين وكل من المطلوبين دليلا على الآخر فصار على كل واحد من هذين المطلوبين أربع حجج وهي مبنية على مقدمات فطرية فقد بين هذا أن ما ذكرتموه معارضة للنفاة لتبطلوا به حجتهم هو من أعظم الحجج على صحة قولهم )
    - وهذا تقرير لما سبق من أن هذا الدليل موافق لي وليس فيه ما ينقض ما أقول به من المباينة والعلو لله سبحانه وتعالى .
    وكذلك أيضا قول الفيلسوف في
    ( الوجه الحادي عشر وهو أن يقول هذا الذي عارضتموني به في مسألة الزمان أكثر ما يوجب علي أن أقول بالجهة والقول بالجهة هو قول أئمة الفلاسفة كما ذكرناه فيما مضى عن القاضي أبي الوليد ابن رشد الفيلسوف الذي هو من أتبع الناس لأقوال آرسطو وذويه وأنه قال القول في الجهة وأما هذه الصفة فلم يزل أهل الشريعة من أول الأمر يثبتونها لله سبحانه وتعالى حتى نفتها المعتزلة ثم تبعهم على نفيها متأخرو الأشعرية كأبي المعالي ومن اقتدى بقوله..)

    فهذه هي الوجوه الأحد عشر التي ذكرها ابن تيمية رحمه الله ردا منه على الرازي إذا تصورت وفهمت على ما هي عليه عرف مدى التلاعب والاحتيال الذي يقوم به الأستاذ فودة لاستلال فقرة من هنا أو هناك دون الالتزام بمنهج النقد العلمي والأمانة العلمية .
    وخلاصتها تتمثل فيما يأتي :
    - الوجه الأول : تعرض فيه إلى وصف الرازي لمخالفه بالمشبه .
    - الوجهة الثاني: ذكر أن جمهور الكرامية وغيرهم لا يحتج بالقياس الشمولي القاضي بأن كل موجودين إما أن يكون أحدهما مباينا للأخر أو محايثا له وإنما يحتجون على هذا بالفطرة الضرورة .
    - الوجه الثالث : نفي أن تكون حجة المثبت للعلو نظير قول الدهري على حسب ما ذكر الرازي وذكر أن العلم بكلا القضيتين ( علو الله على خلقه وتقدمه علهم ) ضروري فطري .
    - الوجه الرابع : ذكر أن هذه المعارضة عبارة عن جواب إلزامي لا علمي وأن العلم بهما ضروري لا يندفع بمعارضة ولا بجدل .
    - الوجه الخامس : يسلم المثبت جدلا للرازي بصحة التلازم بين تقدم الله على العالم - الذي هو قول الدهري - وبين قدم بعض الأجسام ثم يقرر أن العلم بتقدم الله على العالم أبين في العقول والفطر من القول بحدوث جميع الأجسام ويقول أن الاحتجاج على بطلان هذا العلم الضروري ببطلان لازمه الخفي عكس الواجب.
    - الوجه السادس: يحكي على لسان المثبت : بان القول بتصحيح المقدمتين الضروريتين يلزم عنه القول بقدم بعض الأجسام هذا التلازم لا اجزم به ولا التفت إليه مع إثبات ما أثبته بالعلم الضروري الفطري بعلو الله على خلقه مدعما ذلك بدلالة الكتاب والسنة .
    - الوجه السابع : حكاية قول الفيلسوف مثل قول المثبت الذي سبقه .
    - الوجه الثامن : حكاية قول المثبت بأن غاية ما يلزمني من القول بهاتين المقدمتين الضرورتين ( علو الله على خلقه وتقدمه علهم ) هو القول بلازم قول الدهري وهو قدم ما هو جسم أو مستلزما لجسم وهذا يمكنني التزامه ويكون هذا الجسم القديم هو الله حيث أني أقول بان الجسم هو الموصوف القائم بنفسه . وعليه فالقول بحدوث جميع الأجسام يستلزم حدوث الرب سبحانه .
    - الوجه التاسع: حكاية قول المثبت بأن هذه المعارضة التي ذكرها الرازي تقوي القول بالمباينة وتدعمه حيث أنها قد نتج عنها القول بقدم بعض الأجسام من غير تعيين وهذا ما التزمته ويكون هذا الجسم القديم هو الله فنتج عن القول بهاتين المقدمتين الضروريتين إثبات أن الله جسم وهذا دليل جديد على قولنا بأنه جسم وأيضا إثبات المباينة له بالاتفاق حيث أنكم تقولون أنها من خصائص الأجسام وقد ثبت أنه جسم .

    - الوجه العاشر : بيان أن ما نتج عن القول بهاتين المقدمتين الضروريتين من أن الله مباين للعالم في الأولى وانه جسم في الثانية على ما سبق فقد ثبت صحة قول القائلين بالجهة وصحة قول القائلين بأنه جسم باعترافكم بأن هذا لازم لهذه المقدمات الضرورية .
    - الوجه الحادي عشر : حكاية قول الفيلسوف : بأن هذا الذي عارضتموني به في مسألة الزمان أكثر ما يوجب علي أن أقول بالجهة والقول بالجهة هو قول أئمة الفلاسفة كما ذكرناه فيما مضى عن القاضي أبي الوليد ابن رشد الفيلسوف .
    فهذه أحد عشر وجها كما هو واضح ليس فيها للأستاذ حيلة إلا أن يكذب تارة على ابن تيمية بأن هذا الكلام هو كلامه لا يحكيه عن غيره .
    وتارة بالكذب على هؤلاء المتكلمين وطوائف النظار بالتعمية على معنى الجسم الذي ذكروه وفسروه به .
    علما بان هذه الوجوه كلها مفترضة مبني بعضها على عدم التسليم وبعضها على التنزل والتسليم كما هو واضح وكلها من وجوه المناظرة والمجادلة التي لا يصح أن يستل منها قولا لأحد الطرفين وينسب إليه على أنه من تقريره .
    هذه خلاصة ما سبق .

    ولنأت بعد ذلك إلى كلام الأستاذ فودة وكيف انتقى من هذه الوجوه ما يسميه نصوصا صريحة على أن ابن تيمية يقول بأن الله جسم :
    بدا نقل الأستاذ فودة من جزء محدد قد انتقاه بعناية وذلك من الوجه السابع حيث نقل :

    ( فعلم أن ما ذكروه من المعارضة لم يندفع به واحدة من الطائفتين لا في المناظرة ولا في
    نظر الإنسان بينه وبين ربه تعالى ولكن أوهموا هؤلاء بهؤلاء وهؤلاء بهؤلاء والتزموا مخالفة الفطرة الضرورية العقلية التي اتفق عليها العقلاء في كل من الإيهامين مع ما في ذلك من مخالفة الكتب والرسل ببعض ما قالوه في كل واحدة من المسألتين مسألة حدوث الأجسام ومسألة علو الله تعالى على خلقه)
    ثم قال الأستاذ معلقا :
    (فابن تيمية كما ترى يدعي أن من قال بحدوث كل الأجسام ، وينفي أن يكون هناك جسم قديم بعينه ، فهو مخالف للرسل ، وكذلك من نفى كون الله في جهة العلو ، فقد خالف الرسل أيضا )
    وليتأمل القارئ احتيال الأستاذ فودة في اجتزاء هذا النص وكيف بدا هذا النقل !
    وهل يستطيع القارئ أن يفهم منه شيئا حتى يقول له الأستاذ " كما ترى " ؟
    فما متعلق قول ابن تيمية : " فعلم أن ما ذكروه من المعارضة ..." ؟ أين ما ذكروه وما هذا الذي ذكروه ؟لا أحد يدري !
    ولماذا لا يبدأ الأستاذ فودة النقل بكلام يمكن معه القارئ أن يتصور أصل الموضوع ؟ !
    - هذه هي الطريقة الخبيثة التي أشرنا إليها والتي يستعملها الأستاذ فودة لاستلال الكلمات وفصلها عن سياقها على وجه لا يمكن معه تصور الموضوع أساس الحوار .
    ولعل نقلنا للموضوع باختصار قد وضع تصورا مجملا له ليقف القارئ المنصف على عظيم جناية هذا الرجل على نفسه لا أقول على شيخ الإسلام فإن مثله لا تنال من منزلته وقدره هذه الأكاذيب والحيل المكشوفة .
    - أما قول الأستاذ : (فابن تيمية كما ترى يدعي أن من قال بحدوث كل الأجسام ...مخالف للرسل..)
    فهو كذب على ابن تيمية رحمه الله لان هذا الكلام أولا يحكيه على لسان غيره من أهل الإثبات الذين يقررون بأن الله جسم وبناءا عليه فلا يقولون بحدوث جميع الأجسام حيث أن هذا يستلزم أن الله حادث على مذهبهم .
    - وثانيا فإن هؤلاء خالفوا الفطرة الضرورية التي اتفق عليها العقلاء لما قالوا بأن موجودا له ذات قائم بنفسه لا يكون بائنا من الخلق منفصلا عنهم كما لا يكون داخلا فيهم محايثا لهم فنفوا عنه حكم النقيضين .
    أما مخالفة الرسل فهي ممن ينفي علو الله على خلقه فهذا ما نطقت به الكتب وجاءت به جميع الرسل وممن يلتزم بنفي صفات الله سبحانه وتعالى الذاتية والفعلية بحجة أن إثباتها دليل الحدوث فدليل الحدوث فيه ما يتضمن مخالفة الرسل والكتب من نفي الصفات ...
    ومحاولة التلبيس وتوجيه الكلام إلى من يقول بحدوث الأجسام حميعها بأنه مخالف للرسل محاولة مكشوفة لا تنطلي على القارئ بعد كل ما سبق .
    ثم نقل فودة جزء آخر من كلام ابن تيمية الذي فتته فقال :
    (هذا كله إذا لم يكن في الفلاسفة من يقول بالجهة ولا في المسلمين من يقول بقدم بعض الأجسام)
    ثم علق فقال :

    ( ابن تيمية يريد أن كلام النفاة في المسألتين السابقتين يكون مجمعا عليه وصحيحا إذا لم يكن هنا من يقول من الفلاسفة يقول بأن الله في جهة وأيضا إذ لم يكن هناك أحد من المسلمين من يقول بقدم بعض الأجسام ومفهوم هذا القول :
    أن بعض الفلاسفة قال بكون الله في جهة
    وإن بعض المسلمين قال بقدم بعض الأجسام .
    وقد فهم محقق الكتاب مراد ابن تيمية من من الفلاسفة قال بالجهة فعلق في الهامش بقوله "وتقدم النقل عن ابن رشد في القول بها "
    والحقيقة أن ابن رشد عندما قال بالجهة لم يقصد الجهة بالمعنى الذي قال به ابن تيمية فهو إذن اثبت شيئا سماه جهة ، وهذا المعنى هو غيرا لمعنى الذي أثبته ابن تيمية وسماه جهة فهل يجوز بعد ذلك أن يستدل ابن تيمية بكلام ابن رشد مع أنه لا يريد نفس المعنى الذي أراده من الجهة ؟!
    الغريب أن ابن تيمية قد اعتاد على هذا الأسلوب السوفسطائي من الاستدلال وهو باطل بلا ريب .
    ثم قال وليس مقصودنا الكلام على الجهة ولكن موضوعنا هو الجسم . )
    وأنا أقول إن تعليقه هذا لا يليق إلا بأتباعه ومريديه لا يليق بطالب حق يرجو الله واليوم الآخر
    فقوله : ( ابن تيمية يريد أن كلام النفاة في المسألتين السابقتين... )
    أقول له :
    أنت تقول السابقتين فهل ذكرتهما فيما نقلت ؟
    هل وضحت للقارئ هاتين المسالتين ؟
    أنت تريد أن يغيب القارئ عن أصل الموضوع لتسلط الضوء فقط على عبارات منتزعة من سياقها ليحلو لك بعد ذلك أن تنسبها لابن تيمية .
    وقوله : ( أن بعض الفلاسفة قال بكون الله في جهة )
    أقول : ما الإشكال في ذلك فقد نقل ابن تيمية رحمه الله عن بن رشد الفيلسوف القول بالجهة صراحة بل قال ابن رشد باللفظ : " وأما هذه الصفة فلم يزل أهل الشريعة من أول الأمر يثبتونها لله سبحانه حتى نفتها المعتزلة ثم تبعها على نفيها متأخرو الأشعرية كأبي المعالي ومن اقتدى بقوله وظواهر الشرع كلها تقتضي إثبات الجهة مثل قوله تعالى الرحمن على العرش استوى "

    بل قال : " وجميع الحكماء قد اتفقوا على أن الله والملائكة في السماء كما اتفقت جميع الشرائع على ذلك والشبهة التي قادت نفاة الجهة إلى نفيها هي أنهم اعتقدوا أن إثبات الجهة يوجب إثبات المكان وإثبات المكان يوجب إثبات الجسمية ونحن نقول إن هذا كله غير لازم "
    فهذه شهادة أحد أحذق فلاسفة العالم في وقته يحكي قول جميع الحكماء وجميع الشرائع فماذا في قول ابن تيمية رحمه الله بأن من الفلاسفة من يقول بالجهة ؟!!!
    - أما قوله : (والحقيقة أن ابن رشد عندما قال بالجهة لم يقصد الجهة بالمعنى الذي قال به ابن تيمية فهو إذن اثبت شيئا سماه جهة) فهذا كذب صريح من الأستاذ فودة !!!
    ولقد سبق النقل عن ابن رشد بما يبطل هذا الادعاء .
    وقوله لم يقصد الجهة بالمعنى الذي قال به ابن تيمية مجرد ادعاء ربما يقبله أتباعه ومريدوه ولكن في ميزان النقد العلمي لا وزن له بل هو من قبيل الكذب ما لم يذكر هذا المعنى الذي ادعاه ، وكيف سيذكره وقد نقلنا عن ابن رشد نص كلامه بأنه يثبت هذا المعنى الذي يقول به ابن تيمية رحمه الله بل ويرد على شبه النفاة الذين ينفون علو الله على خلقه .
    أم أن الأستاذ يظن أن الناس ليس لها عقول ؟!
    وتأمل كيف يسخر من القارئ بقوله : (فهو إذن ) التي تدل على إثبات النتيجة بعد إيراد مقدماتها القطعية والتي يقال بعدها ( إذن ) فهو يصور للقارئ أنه وبمجرد ادعاءه كأنما اثبت ذلك بالدلائل الواضحة وهو في الحقيقة لم يقدم إلا مجرد ادعاء ...
    ولا أدري كيف يقبل هذا التلاعب العقلاء من أتباعه ومريديه ؟!
    - أما قوله : ( وإن بعض المسلمين قال بقدم بعض الأجسام . )
    فهذا ما حكاه ابن تيمية غير مرة عن طوائف النظار من الكرامية وغيرهم ممن يقول بأن الله جسم لا كالأجسام حيث أنه موجود قائم بنفسه وعليه فلا يقولون بحدوث جميع الأجسام لان الله سبحانه وتعالى ليس بحادث .
    فهل في فهم هذا بعد تصوره على وجهه إشكال ؟!!!

    ثم يأتي بعد ذلك ويزعم : ( أن ابن تيمية قد اعتاد على الأسلوب السوفسطائي من الاستدلال وهو باطل بلا ريب . ) !!!
    الم يسمع الأستاذ عن مثل يقول : رمتني بدائها وانسلت ؟!

    ثم نقل عن ابن تيمية ما أورده في الوجه الثامن : (فكيف والمثبت للجهة يقول ما يقال في الوجه الثامن وهو أن يقول غاية ما ألزمتني به من حجة الدهرية أن يقال بقدم بعض الأجسام إذ القول بقدم الأجسام جميعها لم يقل به عاقل والقول بخلق السموات والأرض لم تدل هذه الحجة على نفيه وإنما دلت إن دلت على قدم ما هو جسم أو مستلزم لجسم وهذا مما يمكنني التزامه فإنه من المعلوم أن طوائف كثيرة من المسلمين وسائر أهل الملل لا يقولون بحدوث كل جسم إذ الجسم عندهم هو القائم بنفسه أو الموجود أو الموصوف فالقول بحدوث ذلك يستلزم القول بحدوث كل موجود وموصوف وقائم بنفسه وذلك يستلزم بأن الله تعالى محدث )
    ثم علق بقوله : ( إذن ابن تيمية قد يلتزم القول بقد بعض الأجسام )
    ثم يقرر بعد ذلك ( إذن فالله هو الجسم القديم عند ابن تيمية )
    ثم قال :
    ( وتأمل في عبارته الأخيرة فهي تحتوي على مغالطة وهي أنه نسب إلى كثير من المسلمين تسمية ما هو موجود بأنه جسم والصحيح أن هؤلاء لم يقولوا بذلك إلا لأنهم يقولون إن الأجسام هي الموجودات الوحيدة فلذا قالوا بأن كل موجود فهو جسم ..) وأقول كفاك تلاعبا وكذبا يا رجل .

    - وقد سبق بيان أن ابن تيمية رحمه الله إنما يقرر هذا الكلام على لسان غيره من أهل الإثبات تارة والفلاسفة أخرى وقد صدر كل وجه من الوجوه الأحد عشر بمن يحكيه على لسانه .
    - وحتى لو سلمنا جدلا بأن هذا الكلام تصح نسبته إليه فلا يمكن أن يجزم بذلك لانه أورده في مقام المناظرة التي قد يكون فيها من التسليم والتنزل للخصم ما هو معلوم ومما هو يختلف عما يورده في مقام التقرير والتحرير فكيف إذا كان ما حرره وما قرره خلاف ما يقوله هنا إذا فرضنا انه من قوله .
    - وإذا سلمنا جدلا مرة أخرى بأن هذا الكلام تصح نسبته إليه وأنه في مقام التحرير فالجسم الذي ذكر في هذا الكلام إنما هو على معنى صحيح متفق عليه من أنه القائم بنفسه الموصوف وهذا اصطلاح لا مشاحة فيه ولابد من اعتباره عند نسبته إليه ..
    فظهر أنه لا مستمسك للأستاذ فودة على كلا أي وجه .

    - هذا وقد سبق أيضا النقل عن ابن تيمية التصريح انه لا يلتزم كلام أي من الفريقين وهو موجود في نفس الكتاب الذي يزعم الأستاذ فودة أنه يرد عليه .
    - ومع أن الأستاذ فودة حريص كل الحرص على أن لا يتعرض لمن يقول بأن الجسم هو القائم بنفسه لأنه بذلك ستكشف حيلته في التعريض للقارئ بلفظ الجسم ولكنه اضطر للتعرض إليه في هذا النقل ربما لان الكلام هنا متداخل فلم يستطع أن يفصله عن بعضه .
    فلما أيقن الأستاذ أن حيلته هذه ربما ستكشف علق بقوله :
    ( وتأمل في عبارته الأخيرة فهي تحتوي على مغالطة وهي أنه نسب إلى كثير من المسلمين تسمية ما هو موجود بأنه جسم ...)
    وأي مغالطة وهذا القول محكي في جميع كتبكم التي تكلمت في الفرق والمقالات ونصوا عليه تنصيصا أن من طوائف أهل الكلام من فسر الجسم بالقائم بنفسه الموجود الثابت الحامل للصفات وهذا معلوم لا يخفى على أحد .
    وقولك : (والصحيح أن هؤلاء لم يقولوا بذلك إلا لأنهم يقولون إن الأجسام هي الموجودات الوحيدة ) باطل وقلب للحقائق لأن الترتيب الصحيح على العكس مما ذكرت ،حيث أنهم لما فسروا الجسم بالموجود القائم بنفسه وقالوا إن الله سبحانه موجود قائم بنفسه فهو إذن جسم ، ثم إنهم حصروا الموجودات بأنها إما جسم أو قائم بجسم بناءا على ذلك وحتى لو سلمنا ادعاءك فلا فرق يذكر ، المهم أن من الناس من اصطلح بأن الجسم هو القائم بنفسه وأنهم قالوا بان الله سبحانه جسم بناءا على ذلك ..
    ومهما كان كلامهم هذا صحيحا أو باطلا فالواجب اعتماد هذا الاصطلاح عند نسبة هذا اللفظ إليهم لا كما يفعل الأستاذ فودة في كل نص يورده مما يحكيه ابن تيمية على لسان هؤلاء فيقول إن ابن تيمية يقول بأن الله جسم !!!
    والسؤال على فرض أنه قد قاله : على أي معنى ذكره ؟!
    الجواب الطبيعي : أنه ذكره على ما اصطلح عليه من معنى بغض النظر عن صحة هذا الاصطلاح أو بطلانه فنحن في مقام الكشف لا الرد !!!
    ثم إن هؤلاء النظار قد رتبوا على القول بان الله جسم عدم حدوث جميع الأجسام لان هذا يستلزم بأن الله حادث فعارضوا أدلة الحدوث وأبطلوها .
    وهذا كله يفسر ما أراد الأستاذ إخفاءه من أن كلام هؤلاء النظار من المتكلمين هو في الحقيقة مبني على اصطلاحهم وأنهم في حقيقة أمرهم لم يعارضوا إلا أقول النفاة بحدوث جميع الأجسام حيث أنها تستلزم حدوث الباري سبحانه وتعالى على مذهبهم .
    - فليس في الحقيقة ثمة نص او نصوص لابن تيمية يقول فيها بأن الله جسم ولكن الأستاذ فودة يحتال ويلبس على السذج من أتباعه الذين لا يقرؤون ولا يراجعون ويكتفون بالإحالة العمياء على كاشفه المزيف .
    والله المستعان .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •