سيأتيك الإخوة لنقض أدلتك واحدة تلو الأخرى , فلا تتعجل عليهم .
وقبل أن يأتوا سأبدأ بأن أطرح عليك نقلاً فيه بعض مواضع تثبت إجماع أهل السنة والجماعة أن الله تعالى بائن من خلقه مستو على عرشه , ومعيته مع خلقه بالعلم والنصر والتأييد :
1. الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل: «هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروقها، المعروفين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وأدركت من أدركت من علماء أهل الحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها، فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق».
ثم ساق الإمام أحمد أقوالهم في العقيدة إلى أن قال: «وخلق سبع سموات بعضها فوق بعض، وسبع أراضين بعضها أسفل من بعض، وبين الأرض العليا والسماء الدنيا مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام، والماء فوق السماء العليا السابعة، وعرش الرحمن عز وجل فوق الماء، والله عز وجل على العرش، والكرسي موضع قدميه، وهو يعلم ما في السموات والأرضين السبع وما بينهما، وما تحت الثرى، وما في قعر البحار، ومنبت كل شعرة وشجرة، وكل زرع وكل نبات، ومسقط كل ورقة، وعددكل كلمة، وعدد الحصى والرمل والتراب، ومثاقيل الجبال، وأعمال العباد وآثارهم وكلامهم وأنفاسهم، ويعلم كل شيء، وهو على العرش فوق السماء السابعة، ودونه حجب من نور ونار وظلمة وما هو أعلم به.
فإن احتج مبتدع ومخالف بقول الله عز وجل: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد)ق: ١٦, وبقوله:(وهو معكم أينما كنتم) الحديد: ٤, وبقوله:(ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم...), إلى قوله:(إلا هو معهم أينما كانوا) المجادلة: ٧, ونحو هذا من متشابه القرآن, فقل: إنما يعني بذلك العلم؛ لأن الله تعالى على العرش فوق السماء السابعة العليا, ويعلم ذلك كله وهو بائن من خلقه, لا يخلو من علمه مكان» طبقات الحنابلة 1/24.
2. ابن بطة العكبري :
قال الإمام الزاهد أبو عبد الله بن بطة العكبري، في كتاب "الإبانة":
«باب الإيمان بأن الله على عرشه، بائن من خلقه، وعلمه محيط بخلقه - أجمع المسلمون من الصحابة والتابعين، أن الله على عرشه، فوق سمواته، بائن من خلقه فأما قوله: (وهو معهم أينما كانوا) فهو كما قالت العلماء: علمه...)) الإبانة 3/136.
3. الإمام أبو عمرو الطلمنكي.
قال في كتابه "الوصول إلى علم الأصول":
«وأجمع المسلمون من أهل السنة على أن معنى (وهو معكم أينما كنتم) ونحو ذلك من القرآن أن ذلك علمه، وأن الله فوق السموات بذاته, مستو على عرشه كيف شاء...» تلبيس الجهمية 2/38, درء تعارض العقل والنقل 6/250-251, العلو264.
4.أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان.
قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبا حاتم وأبا زرعة الرازيين رحمهما الله عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار، وما يعتقدان من ذلك، فقالا: «أدركنا العلماء في جميع الأمصار، حجازاً، وعراقاً، ومصراً، وشاماً، ويمناً، وكان من مذهبهم أن الله على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه بلا كيف، أحاط بكل شيء علماً» شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة, للالكائي 1/176. العلو للذهبي 137-138. وفي السير 13/84. وابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل 6/257. وقال الألباني في مختصر العلو: «هذا صحيح ثابت عن أبي زرعة وأبي حاتم))204-205.
وغيرها .