بسم الله الرحمن الرحيمابتداءً سأقفُ مع المعدِّلين لمصدع ثم أعرِّج على الطَّعَنَةِ فيه ومن جهل حاله...
موقف الإمام مسلم
لا ريب أن إخراج الإمام له في موضعين من صحيحه لدليل على اعتداد أبي الحسين رضي الله عنه برواية مصدع وأنه من أهل الرواية المقبولين.( [1])
موقف العجلي:
ثقة([2])
موقف ابن شاهين
ثقة
موقف عمار الدهني
كان مصدع عالما بابن عباس.
موقف علي بن المديني
وهو-أي مصدع-الذي مر به ابن أبي طالب وهو يقصُّ فقال: تعرف الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا ،قال: هلكت وأهلكت.
قلت:لو سلمنا جدلا بصحة الحادثة فلا يعني هذا القدح في رواية مصدع،فعليٌّ رضي الله عنه وجد تخليطاً في كلام أبي يحيى ممَّا دفعه إلى سؤاله عن فنِّ الناسخ والمنسوخ، فلما تيقنَّ عليٌّ رضي الله عنه جهل أبي يحيى بهذا الفن أرشده إلى معرفته ودراسته وأعلمه أن جهله بهذا الفن وبال على نفسه وعلى غيره، ومن المعلوم أن الجهل بهذا الفن لا أثر له على الشأن الحديثي
موقف ابن معين
لا أعرفه([3])
موقف ابن خزيمة
لا أعرفه بعدالة و لا جرح([4])
عدم معرفة الإمامين الجليلين بمصدع ليس قادحا فيه،فإن كانا قد جهلاه فقد عرفه غيرهما
موقف الجوزجاني
زائغ جائر عن الطريق
وقد كفانا مؤنةَ الردِ على جرح الجوزجاني الحافظُ فقال: يريد بذلك ما نسب إليه من التشيع ،والجوزجاني مشهور بالنصب والانحراف فلا يقدح فيه قوله ([5])
موقف العُقيلي
ذكره في الضعفاء([6])
تحرير موقف ابن حبان:
يتسم موقف الإمام ابن حبان بشيء من الغرابة، لأنه قد ذكر مصدعا في ثلاثة كتب له،فقد ذكره في المجروحين وقال:( كان ممن يخالف الأثبات في الرويات وينفرد عن الثقات بألفاظ الزيادات مما يوجب ترك ما انفرد منها والاعتبار بما وافقهم فيها ) وذكره في الثقات وروى له في صحيحه،وهذا الذي دفع الشيخ الألباني أن يصم الإمام ابن حبان بالتناقض حيال مصدع([7]) وإن كنت أميل إلى أن مذهب الإمام ابن حبان هو توثيق مصدع بناء على إخراجه له في صحيحه، وذلك لأن الصحيح يمثل الجانب العملي للإمام ، فإذا قال قائل : وما أدراك لعل مذهبه ما في(المجروحين)؟؟ قلت:حتى ولو كان مذهبه مافي( المجروحين) فإنه جرح غيرُ مفسَّر ومثله ما جاء في الضعفاء للعقيلي، وكلا الجرحينِ لا يرقيان إلى الحطِّ من مكانة أحدِ رجال مسلم، ناهيك أن نَفَسهما في الجرح حادٌّ- رحمهما الله تعالى-
تحرير كنية أبي يحيى الأعرج:
قال الإمام النووي: (وأما أبو يحيى فالأكثرون على أن اسمه مِصْدَع بكسر الميم واسكان الصاد وفتح الدال وبالعين المهملات وقال يحيى بن معين اسمه زياد الاعرج المعرقب الانصاري)([8])
من يكنَّى بأبي يحيى الأعرج راويان،أحدهما اسمه مِصْدَع المعرقب والآخر زياد المكي، فالإمام البخاري والإمام أحمد وغيرهما على أن أبا يحيى الأعرج هو مصدع وأما زياد فهو أبو يحيى المكي،وأما الإمام ابن معين فقد جاء عنه اطلاق كنية أبي يحيى الأعرج على راويين أحدهما مصدع-وهذا موافق للجمهور-والآخر زياد المكي،كما قال الإمام ابن أبي خيثمة :(سَأَلْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن ، عن أبي يحيي الأَعْرَج ؟ فقال : مكي ليس به بَأْس ثقة, اسمه : زياد الأَعْرَج، وَسَمِعْتُهُ مرة أخرى يقول : أبو يَحْيَى الأَعْرَج : مصدع مولى معاذ بن عفراء)([9]) وتكنية ابن معين لزياد بأبي يحيى الأعرج وتوثيقه ثابتٌ كما جاء في رواية ابن طهمان:أبو يحيى الأعرج ثقة،الذي يروي عنه ([10])حصين([11])، ولا يروي حصين بن عبد الرحمن إلا عن زياد المكي
تنبيه: المُعَرْقَب لقبٌ لمِصْدَع أبي يحيى الأعرج([12])قال الحافظ: إنما قيل له المُعَرْقَب لأنَّ الحجاج أو بشر بن مروان عرض عليه سبَّ عليٍّ فأبى فقطع عرقوبه([13])
*الراجح عندي هو أن مِصْدَعاً مقبول الرواية لا بأس به، و هو ماقرره الإمام الذهبي بقوله:( مِصْدَع أبو يحيى المُعرْقَب الأعرج عن عبد الله بن عمرو وابن عباس وعنه هلال بن يساف وسعد بن أوس وجماعة صدوق)([14]) وممن قرَّر هذا من المعاصرين الشيخُ الفاضلُ الألبانيُّ-رحمه الله تعالى- بقوله:( و أبو يحيى هو مِصْدَع الأعرج المُعَرْقَبُ مولى معاذ بن عفراء الأنصارى , وقد وثقه مسلم بإخراجه له في " صحيحه " كما تقدم , ووثقه ابن حبان و ابن شاهين و العجلى , ثم تناقض ابن حبان فذكره في "الضعفاء " أيضا و خفى حاله على الحافظ , فقال :" مقبول " و أما الذهبي فقال في "الكاشف ": صدوق)([15])
ـــــــــــــــ ــــــ
[1] صحيح مسلم( 1/ 148 )( 2 / 165 )
[2] التاريخ للعجلي( 2/280) والكتاب اشتهر بـ(الثقات) لكن الظاهر والأقرب إلى الصواب هو أن اسمه ما اثبته،راجع رسالة (العنوان الصحيح للكتاب) ص71
[3] سؤالات ابن الجنيد،ص409
[4] صحيح ابن خزيمة(3/246)
[5] تهذيب التهذيب( 10/143 )
[6] الضعفاء( 4/266 )
[7] السلسلة الصحيحة( 7/247)
[8] شرح صحيح مسلم(3/130 )
[9] تاريخ ابن أبي خيثمة(3/227 )
[10] هكذا على الصواب وليست(عن)كما أشار إلى ذلك محقق سؤالات ابن الجنيد الدكتور أحمد نور سيف
[11] رواية ابن طهمان( ص47 )
[12]انظر التاريخ الكبير(8/65)،التاريخ للعجلي( 2/280)،المجروحين( 3/39 ) و التهذيب-فصل في الألقاب-( 12/313 )
[13] تهذيب التهذيب(10/143 )
[14] الكاشف(2/267)
[15]الصحيحة (7/247)