{ السلام عليكم و رحمة الله و بركاته }

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين،و لا عدوان إلاَّ على الظالمين والصلاة والسلام على نبيه محمد أبا القاسم ، وآله وصحبه والتابعين، أمّا بعد:
الحسد خلق ذميم يجب علينا استئصاله من أنفسنا ومحاربته والقضاء عليه؛ لأنّه إذا وصل إلى القلوب أفسدها، وبعد بياضها سودها، ويتأكد علينا اجتنابه في كل زمان ومكان، ألا وهو الحسد المذموم ، إذا هو من الذنوب المهلكات ، وهو أن يجد الإنسان في صدره وقلبه ضيقاً وكراهية لنعمة أنعمها الله على عبد من عباده في دينه أو دنياه، حتى إنّه ليحب زوالها عنه، بل وربّما سعى في إزالتها، وحسبك في ذمه وقبحه أنّ الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة منه ومن شره، قال تعالى: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق:5] .
، ومّمّا يدل على تحريمه قوله صلى الله عليه وسلم: «الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النّار الحطب» [رواه أبو داود وابن ماجه]. وقوله: «لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد» [رواه البيهقي وابن حبان] .

وداريت كل النّاس لكن حاسدي ,,,,* مداراته عزت وعز منالها
وكيف يداري المرء حاسد نعمة ,,,,* إذا كان لا يرضيه إلاّ زوالها
أعطيت كل النّاس من نفسي الرضا ,,,,* إلاّ الحسود فإنّه أعياني
لا أنا لي ذنباً لديه علمته ,,,,* إلاّ تظاهر نعمة الرحمن
يطوي على حنق حشاه إذا رأى ,,,,* عندي كمال غنى وفضل بيان
مــا أرى يرضيه إلاّ ذلتي ,,,,* وذهاب أموالي وقطع لساني
اصبر على كيد الحسود ,,,,* فإنّ صبرك قاتله
كالنّار تأكل بعضها ,,,,* إن لم تجد ما تأكله

فيعيش الحاسد منغص البال، مكدر المزاج، وكلّه بما جنته يداه .


أوما رأيت النّار تأكل نفسها ,,,,* حتى تعود إلى الرماد الهامد
تضفو على المحسود نعمة ربّه ,,,,* ويذوب من كمد فؤاد الحاسد
لا تحسدن عبداً على فضل نعمة ,,,,* فحسبك عاراً أن يقال حسود
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ,,,,* ويروغ منك كما يروغ الثعلب
يأتيك يحلف أنّه بك واثق ,,,,* وإذا توارى عنك فهو العقرب
إذا رأيت أنياب الليث بارزة ,,,,* فلا تظن أنّ الليث يبتسم
ولا تجادل أية حاسد ,,,,* فإنّه أدعى لهيبتك
وامش الهوينا مظهراً عفة ,,,,* وابغ رضي الأعين عن هيئتك
أفش التحيات إلى أهلها ,,,,* سيطلع النّاس إلى رتبتك
فإن تأكدت من الأمر فقل لمن أخبرك:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص ,,,,* فهي الشهادة لي بأنّي فاضل

ثم قل لمن حسدكـ:

إذا أدمت قوارضكم فؤادي ,,,,* صبرت على أذاكم وانطويت
وجئت إليكم طلق المحيا ,,,,* كأنّي ما سمعت ولا رأيت
كم سيد متفضل قد سبه ,,,,* من لا يساوي طعنة في نعله
وإذا استغاب أخو الجهالة عالماً ,,,,* كان الدليل على غزارة جهله
أهل المظالم لا تكن تبلي بهم ,,,,* فالمرء يحصل زرعه من حقله
أرأيت عصفوراً يحارب باشقاً ,,,,* إلاّ لخفته وقلة عقله
واحرص على التقوى وكن متأدباً ,,,,*وارغب عن القول القبيح وبطله
واستصحب الحلم الشريف تجارة ,,,,* واعمل بمفروض الكتاب ونقله
واجف الدنيء وإن تقرب إنّه ,,,,* يؤذيك كالكلب العقور لأهله
واحذر معاشرة السفيه فإنّه ,,,,* يؤذي العشير بجمعه وبشكله
واحبس لسانك عن رديء مقاله ,,,,* وتوق من عثر اللسان وزله

واعلم أنّ رب ضارةٍ نافعة، وقد تكتسب خيراً بحسد الحاسد لم تكن تتوقعه وهو لا يشعر به:

وإذا أراد الله نشر فضيلة ,,,,* طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النّار في جزل الغضا ,,,,* ما كان يعرف طيب نفح العود

وكان بعض السلف إذا علموا أنّ شخصاً تكلم فيهم واغتابهم وحسدهم أهدوا إليه هدية كما فعل الشافعي رحمه الله عندما أهدى حاسده هدية وقال له: لقد أهديتني حسنات كثيرة وأنا أكافئك بهدية صغيرة فاقبلها، ثم قال لحاسده: والله لو أحبني أمثالك لشككت في نفسي.

لما عفوت ولم أحقد على أحد ,,,,* أرحت نفسي من هم العدوات
إنّي احيي عدوي عند رؤيته ,,,,* لادفع الشر عني بالتحيات
لسانك لا تذكر به عورة امرىءٍ ,,,,* فكلك عورات وللنّاس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معائباً ,,,,* فصُنْها وقل يا عين للنّاس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ,,,,* وفارق ولكن بالتي هي أحسن


أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين، وأن يبصرنا لسلوك الطريق المستقيم،وصلى الله وسلم على نبينا محمد أبا القاسم .