لؤلؤالأصداف


بترتيب المنتقى على الأطراف


صنعة


أبي إسحاق الحويني


السفرالأول




بسم الله الرحمن الرحيم


إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُه ُ وَنَسْتَغْفِرُه ُ ، وَنَعُوْذُ بِالْلَّهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا . مَنْ يَهْدِ الْلَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلِ الْلَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ ،وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا الَلّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنْ مُحَمّدَا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ .


)يَا أََيُّهَا الَّذينَ آمَنوا اتَّقُوا اللهَ حقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (


( آل عمران 102 )


) يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1) ( سورة النساء.


) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً (71) ( سورة الأحزاب.


أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيْثِ كِتَابُ الْلَّهِ تَعَالَىْ , وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ r وَشَرِّ الْأُمُورَ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلْ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ , وَكُلَّ بِدْعَةٍ
ضَلَالَةٌ ، وَكُلْ ضَلَالَةٌ فِيْ الْنَّارِ.



فَقَدْ كَانَتْ لِيَ عِنَايَةٍ فِيْ مَطْلَعِ شَبَابِيْ بِكِتَابٍ " الْمُنْتَقَى " لِابْنِ الْجَارُوْدِ رَحِمَهُ الْلَّهُ تَعَالَىْ ، فَظَفِرَتْ بِمَطُبُوعَتِهُ الَّتِيْ طُبِعَتْ فِيْ مَطْبَعَةِ الْفَجَّالَة الْجَدِيْدَةٍ




فِى عَامِ (1382هـ – 1963م ) بِتَحْقِيْقِ الْسَّيِّدِ عَبْدِ الْلَّهِ بْنُ هَاشِمٍ الْيَمَانِيِّ رَحِمَهُ الْلَّهُ تَعَالَىْ ، فَرَأَيْتُهُ عَلَىَ قِلَّةِ أَحَادِيْثِهِ كِتَابا مُمْتِعَا ، وَكَانَ كَمَا قَالَ فِيْهِ الْذَّهَبِيُّ رَحِمَهُ الْلَّهُ تَعَالَىْ: " لَا يُنْزِلُ فِيْهِ عَنْ رُتْبَةِ الْحُسْنِ أَبَدا، إِلَا فِيْ الْنَّادِرِ فِيْ أَحَادِيْثَ يَخْتَلِفُ فِيْهَا الْنُّقَّادِ" .


فَتَعَلَّقَ قَلْبِيْ بِهِ ، وَبَدَا لِيَ أَنْ أُخَرِّجَ أَحَادِيْثِهِ ، وأُمَيِّزُ صَحِيْحِهِ مِنْ ضَعِيِفِهِ ، فَبَدَأَتْ فِيْ ذَلِكَ عَامٌ (1402هِـ) وَكَانَتْ الْبِدَايَةِ ضَعِيْفَةً جَدَّا ، فَقَدْ كُنْتَ فَقِيْرَاً آنَذَاكَ ، وَلَا أَعْرِفُ مَنْ الْكُتُبِ إِلَا أَسْمَاءَهَا ، فَذَهَبْتُ إِلَىَ مَكْتَبَةُ كُلِّيَّةِ أُصُوْلِ الْدِّيْنِ بِالْقَاهِرَةِ ، فَوَجَدْتُ مَكَانْاً لِلْمُطَالَعَةِ مُنْفصّلاً عَنْ الْمَكْتَبَةُ ، فَطَلَبَتُ مِنْ أَمِيْنِ الْمَكْتَبَةُ أَنْ يَسْمَحَ لِيَ بِدُخُوْلِ الْمَكْتَبَة لِيَتَسَنَّى لِيَ أَنْ أُخَرِّجَ بَعْضَ الْأَحَادِيْثِ ،وَهَذَا يَتَطَلَّبُ الْنَظْرَ فِيْ كُتُبِ الْأَسَانِيْدِ وَالْرِّجَالُ ، فَقَالَ لِي : هَذَا مَمْنُوْعٌ ، وَلَكِنْ أَطْلُبُ الْكِتَابَ الَّذِيْ تُرِيْدُهُ , آَتِيْكَ بِهِ فِي غُرْفَةِ الْمُطَالَعَةِ ، فَأَفْهَمْتُهُ أَن هَذَا مُسْتَحِيْلٌ وَلَابُدَّ مِنْ الْبَحْثِ بِنَفْسِي , وَالْنَّظَرَ فِىْ الْكُتُبِ ،وَهِيَ مَعَ كَثْرَتِهَا ، فَأَنَا لَا أَدْرِي أَيُوَجَدُ الْحَدِيْثُ الَّذِي أُرِيْدُ أَنْ أُخَرِّجَهُ فِيْهَا أَمْ لَا ؟ ثُمَّ لَوْ وَجَدْتُ الْحَدِيْثَ ، فَهَذَا يَتَطَلَّبُ الْنَّظَرِ فِىْ كُتُبِ الْرِّجَالِ ، وَأَسَّمَاءُ الْرِّجَالِ كَثِيْرَةً فَرُبَّمَا احْتَجَّتُ الْكِتَابَ كُلَّه لِلْنَّظَرِ فِيْ سَنَدٍ وَاحِدٍ ،فَقَدْ يَكُوْنُ أَحَدُ رُوَاةِ الْإِسْنَادِ يَبْدَأُ اسْمُهُ بِحَرْفِ الْأَلِفِ ،وَشَيْخُهُ بِحَرْفِ الْيَاءِ ،وَشَيْخِ شَيْخِهِ بِحَرْفٍ الْمِيْمِ وَهَكَذَا ،وَتَطْلُبَ هَذَا الْشَّرْحُ مِنِّي وَقتَا طَوَيْلَاً ،وَصَبْرَاً جَمِيْلَاٍ كَأَنَّنِي أَسْتَخْرِجُ الْحَيَّةَ مِنْ جُحْرِهَا .فَقَالَ لِي :مَعَ تَقْدِيْرِي لما تَقُولُ فَإِنَّ اللَّوَائِحَ تَمْنَعُ ذَلِكَ . فَأَفْهَمْتُهُ أَنَّنِي جِئْتُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيْدٍ وَيَتَعَذَّرُ عَلَيَّ أَنْ آتِيَ كُلَُّ يَوْمٍ: إِمَّا لِفَقْرِي ، وإِمَّا لِإنْشِغَالِي بِكَسْبِ قُوَّتِي ، وَأَنَا طَالِبُ عِلْمٍ فَيَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُسَاعِدَنِي ، وَعَبَثَاً حَاوَلْتُ, وَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ بَيْنِيْ وَبَيْنَهُ أَعْقَدُ مِنْ ذنَبِ الضَّبِّ . فَقُلْتُ: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ، وَلَكِنَّكَ لَنْ تَتَحَمَّلْنِي . فَلَمْ يَرُدْ . فَقُلْتُ مُخْتَبِرَاً دَعْوَاهُ : ائْتِنِي بِالْمُعْجَمُ الْمُفَهْرِسِ لَأَلْفَاظِ الْحَدِيْثِ ، وَبِالْكُتُبِ السِّتَّةِ ، وَتُحْفَةِ الْأَشْرَافِ وَتَهْذِيْبِ الْتَّهْذِيبِ . فَلَمَّا سَمِعَ هَذَا مِنِّي فَغَرَ فَاهُ ، وَقَالَ مُسْتَهْجِنَا طَلَبِيْ : نَعَمْ يَا أُسْتَاذُ ؟! أَتُرِيْدُ هَذَا كُلَِّّهُ ، اللَّوَائِحُ تَقُولُ : كِتَابٌ وَاحِدٌ ، فَإِذَا انْتَهَيْتَ مِنْهُ أَتَيْتُكَ بِغَيْرِهِ ، فَحَاوَلْتُ أَنْ افْهِمَْهُ أَنَّ هَذَا مُتَعَذَّرٌ جَدَّا ، فَقَالَ لِي : اللَّوَائِحُ يَا أُسْتَاذُ ! فَتَرَكْتُ الْمَكَانَ وَرَأْسِي تَغْلِي مِنْ الْغَيْظِ ،... وَبَعْدَ أَنْ سَكَتَ غَضَبِي قُلْتُ لِنَفْسِي : فَلأُحاوِل غَدَاً وَ رُبَّمَا وجدَتُ مُوَظَّفاً آخَر يَكُوْنُ أَهْدَىَ سَبِيْلاً مِنْ "صَاحِبِ اللَّوَائِحَ " فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ ذَهَبَتُ إِلَى الْمَكْتَبَةِ فَوَجَدْتُ نَفْسَ الْمُوَظَّفِ ، فَانْكَسَرَتْ نَفْسِي ، وَهَمَمْتُ أَنْ أُغَادِرَ الْمَكَانِ ، وَلَكِنَّنِيْ تَصَبَّرْتُ ، وَتَذَكَّرْتُ الْحِكَايَاتِ الَّتِي قَرَأْتُهَا فِيْ تََرَاجِمِ الْعُلَمَاءِ عَنْ الْذِّل فِي طَلَبِ الْعِلْمِ ، وَمَا حَدَثَ لِهَؤُلَاءِ الْسَّادَةِ النُّّجَبَاءِ ، وَقُلْتُ لِنَفْسِي :لَسْتُ أَفْضَلْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ ، ثُمَّ إِنَّ الْذُّلَّ إِذَا اقْتَرَنَ بِالْحُبِّ صَارَ لَذَةً ، فَجَرِّبْ حَظِّكَ مَعَ هَذَا الْمُوَظَّفِ مُرَّةً أُخْرَى لَعَلَّ قَلْبَهُ يَرقُّ لَكَ . فَلَمَّا اتَّجَهَتُ إِلَيْهِ غَادَرَ قَاعَةَ الْمُطَالَعَةِ وَدَخَلَ الْمَكْتَبَةَ ، فَجَلَسْتُ فِيْ انْتِظَارِ خُرُوْجِهِ فَلَمْ يَخْرُجُ ،وَطَالَ الْوَقْتُ ، فَوَقَفْتُ عَلَىَ بَابِ الْمَكْتَبَةِ وَنَادَيْتُهُ ، فَجَاءَنِي ، فَقُلْتُ لَهُ : أُرِيْدُ أَنْ أَتَحَدَّثَ مَعَكَ بِصِفَتِكَ أَخِي الْأَكْبَر فَجَلَسَ , فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ كَلَامِي بِالْأَمْسِ ، وَحَكَيْتُ لَهُ بَعْضُ ظُرُوْفِي الْخَاصَّة ، وَالَّتِي كَانَتْ تُبْكِي أَيّ إِنْسَانٍ يَسْتَمِعُ إِلَيْهَا ، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ مِنْ كَلَامِي فُوُجِئْتُ بِأَنَّ قَلْبَهُ رَقّ لِي ، فَكِدْتُ أَنْ أُقَبِّل يَدَهُ ،وَلَكِنِّي تَمَالَكْتُ نَفْسِي ،وَصِرْتُ أَذْهَبُ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي الْأُسْبُوْعِ لَأُخَرِّجَ أَحَادِيْثَ " الْمُنْتَقَى " وَ ثُمَّ وَسّعَ الْلَّهُ عَلَيّ ، وَعَرَّفَنِي أَحَدُ إِخْوَانِي عَلَى مَكْتَبَة أُسْتَاذِنَا الْشَّيْخِ حَامِدٍ بِنُ إِبْرَاهِيْمَ رَحِمَهُ الْلَّهُ تَعَالَى ،وَالَّتِي سَمَّاهَا :
" مَكْتَبَة الْمُصْطَفَى " ، فَوَجَدْتُ هُنَاكَ بُغْيَتِي ، وَصِرْتُ حَرّا ، أُطَالِعُ مَا شِئْتُ مِنْ الْكُتُبِ ، وَأَسْأَلُ أُسْتَاذُنَا عَنْ الْكُتُبِ الَّتِيْ تَصْلُحُ لَبَحْثِ مَسْأَلَةٍ مَا ، فَيُرْشَدُنِي بِصَبْرٍ وَأَدَبٍ جَمَّ ،وَرَحِمَهُ الْلَّهُ تَعَالَى وَبَارَكَ فِيْ ذُرِّيَّتِهِ ، فَكَانَ مِنَ نَتِيْجَةِ هَذِهِ الْمُثَابَرَةِ تَخْرِيجِي لَكِتَابِ " الْمُنْتَقَى " وَالَّذِي سَمَّيْتُهُ : " غَوْثُ الْمَكْدُودِ بِتَخْرِيْجِ مُنْتَقَى ابْنُ الْجَارُوْدِ " وَطُبِعَ فِيْ ثَلَاثَةِ أَجْزَاءِ سُنَّةَ (1408هـ ) فَالَّذِي يَنْظُرُ فِيْ تَخْرِيْجِ هَذَا الْكِتَابِ مَعَ مَا حَكَيْتُهُ ، يَعْلَمُ مَا كَابَدَتْهُ فِيْ هَذَا الْتَّخْرِيْجِ آَنَذَاكَ ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ بَعْضُ مُلَاحَظَاتٍ عِلْمِيّةٍ، إِمَّا لٍقِلَّةِ مَرَاجِعيِ ، أَوْ لِحَدَاثَةِ سِنِّي فِيْ هَذَا الْفَنِّ ، وَقَدْ تَلَافَيْتُ هَذَا - إِلَا مَا شَاءَ الْلَّهُ تَعَالَىْ - فِيْ تَخْرِيْجِي الْمُوسَّعِ ، وَالَّذِي سَأَذْكُرُهُ قَرِيْبَا إِنْ شَاءَ الْلَّهُ تَعَالَى . وَقَدْ اعْتُمِدَتُ عَلَىَ طَبْعَة الْسَّيِّدُ الْيَمَانِيِّ فِي إِثْبَاتِ نَصَّ الْكِتَابِ . فَلَمَّا طَبَعَ " غَوْثَ الْمَكْدُودَ " رَأَيْتُ فِيْهِ تَصْحِيفاتِ كَثِيْرَةً ، وَأَغَلاطا فَاحِشَةً شَرَحْتُ بَعْضُهَا فِيْ مُقَدِّمَةِ تَحْقِيْقِيْ لَكِتَابٌ "الْمُنْتَقَى "، وَكُنْتُ أَتَمَنَّىْ أَنْ أَظْفَرَ بِالْأَصْلِ الْمَخْطُوْطِ ، وَأَسْـأُل عَنْهُ كُلَّ مَنْ لَقِيْتُ ، حَتَّىَ يَسَّرَ الْلَّهُ تَعَالَىْ لِيَ ذَلِكَ سُنَّةٌ ( 1427هِـ ) وَأَنَا فِيْ دَوْلَةً الْبَحْرَيْنِ لِلْتَّدْرِيسِ فِيْ بَعْضِ الْدَّوْرَاتِ الْعِلْمِيَّةِ ، فَأَتْحِفْنِي الْأَخُ خَالِد الْأَنْصَارِيِّ جَزَاهُ الْلَّهُ خَيْرَا بِهَذَا الْأَصْلِ الْنَّفِيْسَ ، فَلَمَّا عُدْتُ إِلَىَ بَلَدِي ،شَرُعت فِي تَحْقِيْقِ الْكِتَابِ عَلَىَ أَصْلِهِ وَ وَقَدْ طُبِعَ هَذَا الْتَّحْقِيْقِ، وَلَكِنْ وَقَعَ فِيْ الْطَّبْعَةِ سَقَطَ وَتَحْرِيفٌ اسْتَدَرْكَتْهُ ، وَسَيَكُوْنُ فِيْ الْطَّبْعَةِ الْثَّانِيَةِ لِلْكِتَابِ إِنَّ شَاءَ الْلَّهُ تَعَالَى.



وَكُنْتُ شُرِعَتْ مُنْذُ مُدَّةٍ فِيْ تَخْرِيْجِ أَحَادِيْثِ " الْمُنْتَقَى " تَخْرِيجَاً مُُوَسَّعا عَلَىَ طَرِيْقَتِي فِيْ " بَذْلِ الْإِحْسَانِ “، " وَتَسْلِيَة الْكَظِيمِ " وَأَضَفْتُ إِلَىَ ذَلِكَ الْمَبَاحِثَ الْفِقْهِيَّةَ عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيَّ وَابْنِهِ فِي " طُرِحِ الْتَّثْرِيبِ " وَسَمَّيْتُهُ " تَعِلَّةُ الْمَفْؤُودِ بِشَرْحِ مُنْتَقَى ابْنِ الْجَارُوْدِ " وَ أَمَّا الْمَبَاحِثُ الْفِقْهِيَّةُ فَقَدْ وَصَلْتُ فِيْهَا إِلَىَ أَثْنَاءِ " كِتَابِ الصَّلَاةِ " ، ثُمَّ تَوَقَّفَ عَمَلِي لِكَثْرَةِ مَشَاغِلِي ،فَخِفْتُ أَنْ يُدْرِكَنِيَ الْمَوْتُ, وَيَضِيعُ تَخْرِيجِي لِلْكِتَابِ ، فَبَدَا لِي أَنْ أَطْبَعَ الْتَّخْرِيْجَ مُسْتَقِلاً ، ثُمَّ أُتَابِعُ شَرْحِيَ لِلْكِتَابِ ، فَأَنَا أَعُدُّ الْعِدَّةَ لِنَشْرِ هَذَا الْتَّخْرِيجِ الَّذِيْ سَميْتُهُ: " عِدَّةُ أَهْلِ التُّقَى بِتَخْرِيجِ أَحَادِيْثِ الْمُنْتَقَى" وَكُنْتُ احْتَاجُ إِلَى الْنَّظَرِ فِيْ أَسَانِيدِ " الْمُنْتَقَى " فَيَذْهَبُ جُهْدِي أَحْيَانَا سُدَىً ، فَأنَشْرَحَ صَدْرِي إِلَىَ تَرْتيبِ هَذَا الْكِتَابِ الْجَلِيْلِ عَلَى الْأَطْرَافِ ، عَلَىَ طَرِيْقَةِ الْمَزىِّ
رَحِمَهُ الْلَّهُ تَعَالَى فِي " تُحْفَةِ الْأَشْرَافِ " فَكَانَ مِنَ بَرَكَاتِ الْهِمَّةِ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ وَالَّذِي سَمَّيْتُهُ " لُؤْلُؤُ الْأَصْدَافِ بِتَرْتِيْبِ الْمُنْتَقَى عَلَىَ الْأَطْرَافِ" ،وَبَعْدَ مَا رَتَّبْتُهُ رَاجَعْتُ عَمَلِي مَعَ عَمَلِ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ الْلَّهُ تَعَالَى فِي" إِتْحَافُ الْمَهَرَةِ بِأَطْرَافِ الْعَشَرَةِ " وَكَانَ كِتَابُ " الْمُنْتَقَى " أَحَدَهَا فَوَجَدْتُ الْحَافِظُ فَاتَتْهُ جُمْلَةٌ وَفِيْرَةٌ مِنْ أَحَادِيْثِ الْكِتَابِ نَبَّهْتُ عَلَيْهَا فِيْ مَوَاضِعِهَا ،وَوَجَدْتُ تَغَايِراً فِيْ بَعْضِ الْأَسَانِيْدِ بَيْنَ كِتَابِيِ وَكِتَاب الْحَافِظُ , فَحَرَّرْتُ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ بِاخْتِصَارٍ يُنَاسِبُ طَرِيقَتِي فِي الْكِتَابِ وَ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكِتَابُ خَالِيَاً مِنْ الْأَغْلَاطِ , إِلَا مَا كَتَبَ عَلَىَ ابْنِ آَدَمَ مِنْ الْخَطَأِ وَالْنِّسْيَانِ ، وَاللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَسْأَلُ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ كَاتِبَهُ . وَالْنَّاظِرُ فِيْهِ يَوْمَ تَكُوْنُ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِيْنَ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ أَوَّلَا وَآَخِرَا , وَظَاهِرَا وَبَاطِنَا .



وَكُتُبِهِ : أَبُوْ اسْحَاقَ الْحُوَيْنِيُّ
حَامِدَا لِلَّهِ تَعَالَىْ وَمُصَلِّيا عَلَىَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ
صَلَّىَ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آَلِهِ
وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
غُرَّةٌ ذِيْ الْحِجَّةِ سَنَةَ / 1429هـ
دِيْسَمْبَر سُنَّةَ / 2008م