كل ما لا يرضى الله عز وجل من الأقوال والأفعال فهو آفـة .
والعبرة في ذلك هو مواققة ما يكتبه الكاتب من موضوعات أو تعليقات لما يريده الله عز وجل ، ولا عبرة بعد ذلك لأخذ صكوك المدح والثناء من الناس ، فتعليقات الناس لا تقدم ولا تؤخر ! بل المتعود من تعليقات بعض الناس هو إما الظلم أو التطبيل لمن يؤيدونهم ، أو كلمة جزاك الله خيًرا للموضوعات التي تحمل في طياتها كل ضلال للمسلمين !! إلا من رحم الله تعالى ، والكلام بوجه عام في أكثر المنتديات إلا من رحم الله تعالى .
فنقول لنفسي ولكل كاتب : يا عبد الله هذا الذي تكتبه وتعلق عليه ليس هو حديث النفس أو الروح ، بل كل إنسان محاسب على الكلمة التي تخرج منه ويراها آلاف المسلمين ، فإن كان فيها خيرًا فخيرًا ، وإن كانت تحمل في طياتها الضلال للمسلمين والغش لهم ، فلا خير بل الواجب على الإنسان أن يفتش في مواضيعه وتعليقاته لعله ظلم أحد من الناس ، أو قام بترويج فكر معين فاسد للمسلمين ، أو قام بالتدليس بما يحمله من الهوى والعناد !، فإن وجد ما لا يحب أن يراه في صفحاته الذي هو مخالف لما أراده الله عز وجل ، فليسارع بحذفه فورًا أو إن لم يجد للحذف سبيل فليعلن البراءة منه ، ويكون بذلك أيضًا سن سنة حسنة في الرجوع عن الباطل ونشر الحق .
والآفات حقيقة في مواضيع وتعليقات الكتاب كثيرة ، المنتديات بوجه عام منها :
(1) الهوى والعياذ بالله الذي ميع النفس المستقيمة وكان سبب في ضلال كثير من المسلمين ، فتجد الواحد إلا من رحم الله تعالى ، لو أتيته بألف دليل من الكتاب والسنة ، فلا يستقيم ولكن يتبع فكره العليل ! ، فيكتب الضلال بيديه ، وهو يعلم أن كتابته فيها من الضلال للمسلمين ما فيها لكن مع ذلك لا يرى إلا هواه والنصرة على من عاداه ، نسي ما تقدم يداه وتذكر ما يمليه عليه الهوى والعناد .
(2) العاطفة والحماس الغير منضبط بضوابط الشرع ، بل المخالف له من كل وجه ، فلابد للإنسان أن يكون لسان حاله قول الله عز وجل : { قل إني على بينة من ربي } لأن الحماس والعواطف ليست مقياس ومعيار للأقوال والأفعال ، بل توزن الأقوال والأفعال بشرع الله عز وجل فما وافق الشرع فهو خير وما خالفه فهو شر حتى ولو ظهر للناس أنك تركن إلى الظالمين ، وفي الحقيقة هذا الذي يتبع أوامر الكتاب والسنة ويجرد قلبه وفؤاده على أن لا يوافق إلا الكتاب والسنة ، حتى ولو كان ظاهر للناس أنه نزع الرحمة من قلبه فهذا فى الحقيقة هو الأتقى لله عز وجل وكل زاعق بغير ضوابط الشرع تجده في الحقيقة أقل كثيرًا تقى ممن اتبع الكتاب والسنة ، وهذه هي البطولة الحقيقية أنك تكون في نظر الناس من أسفل خلق الله ، لكنك عند الله قد أديت ما عليك أمام الله واتبعت شرع الله فيكون فشلك عند الناس هو نجاحك عند رب العالمين الحكيم العليم ، والتقى الحقيقي أنك تصدع بكلمة الحق الذي حكم بها أنها حق الكتاب والسنة ،ولا تلتفت إلى ما بعد ذلك ، فإن أرضيت رب العالمين فلا وزن بعد ذلك لسخط الناس .
(3) المداهنة والتطبيل على حساب شرع الله عز وجل : فكم من أناس يكون الحق أمامهم كالشمس الواضحة لكن قول الحق في واد ، وهم في واد ، فلا يرون إلا التطبيل والمداهنة على حساب قول الحق لمن يحبونهم من المشرفين والمسئولين – الكلام بوجه عام في المنتديات - حتى ولو كان قولهم هذا فيه القتل النفسي لأحد المسلمين ! فليضع كل واحد منا نصب عينيه قول الله عز وجل : { ستكتب شهادتهم ويسألون }، فهذا الذي تطبل له على حساب الحق لتظلم به واحدًا من الناس بشهادة الزور هو عند الله عز وجل عظيم ، وتأكد يا عبد الله أنه كله سلف ودين وافعل ما شئت كما تدين تدان .
(4) عدم الصدق مع المخالف : وهذا للأسف منتشر بين الناس إلا من رحم الله تعالى ، ما هي فائدة الحوار مع المخالف أصلاً ؟ هي التزام أمر الله عز وجل : { وادعوا إلى سبيل ربك يالحكمة والموعظة الحسنة } ، فالأصل هو نشر العلم والخير وبيان الحق والرد على الباطل ، فكيف نريد للمخالف أن يكون مستقيماً على أمر الله عز وجل ونحن لا نلتزم الصدق معه في أمور بديهية معروفة لكل الناس ، والأمثلة كثيرة ، بل لو صدقنا القول مع المخالف لسحبنا من تحته بساط الهوى إن شاء الله تعالى ، لأنه سيطمئن لنا ويثق بنا ، أما إن تمسكنا بشىء هو باطل عنده أمر بديهيًا لا يختلف فيه ويكون معه الحق في ذلك فقد زدته تمسك بالباطل الذي عنده ، ولن يستمع لنا في شىء ، وهذا ليس من الحكمة في الدعوة .
(5) اللامبالاة في التعليقات هل أيدت الخير أم أيدت الشر ؟ : تجد كثير من الناس إلا من رحم الله تعالى لمجرد رؤيتهم لموضوع معين قاموا على الفور بالمباركة والتأييد والثناء والمدح ، وقد لا يكون قرأ سطراً منه أصلاً ، وقد يكون هذا الموضوع فيه كبيرة من كبائر الذنوب ، أو ضلال مبين للمسلمين ! فالواجب على المسلم أن لا يقوم بتأييد أو رفض موضوع حتى يعلم مدى موافقة الموضوع لدين الله عز وجل ، فإن كان يستطيع تمييز الحق من الباطل فليؤيده ويشكر مؤلفه ، أو يقوم بواجب التبيين لما في الموضوع من الأخطاء ، وإن كان لا يستطيع التمييز بين الحق والباطل ويثق في مؤلفه فليؤيده وليشكر مؤلفه أما إن كان غير ذلك فلا ، لأ الدال على الخير كفاعله ، والدال على الشر كفاعله ، وسبب ضلال الناس أصلاً هو هذه اللامبالاة ! فلو كان إنسان قد رزقه الله تعالى بالعلم قام بواجبه تجاه ما ينشر على المسلمين بتبيين الأخطاء والضلالات لكان فيه خيرًا كثيرًا للمسلمين ولله الحمد ، لكن هذا التمييع هو الذي تسبب في ضلال كثير من الناس ، فعندما تجد أحد المشهورين بالعلم والتقى بين الناس يقوم بتأييد موضوع باطل فيه ضلال للمسلمين ، فانظر إلى كم ضل من المسلمين بسبب هذا التأييد له لهذا الباطل ، وإن حاولت أنت تبيين ذلك للناس ، لن تجد لذلك سبيلاً بين الناس إلا من رحم الله تعالى لأن وزنك أنت ليس بشىء عند الناس وبين هذا المشهور عندهم بالتقى والعلم ، والعبرة يا عباد الله بما ييريده الله عز وجل وليس بغير ذلك .
(6) اعتبار المصلحة العامة للمسلمين، والأفراد حسابهم على الله عز وجل : فتجد بعض الناس – يوجه عام – ليس همه مصلحة الأمة والسواد الأعظم من المسلمين بقدر همه الدفاع العظيم بغير الحق عن احد الناس ، فهذا الذي يرى ضلالاً عظيمًا في كتابات أحد الناس ويرى ضلال المسلمين بسبب هذه الكتابات تجده يدافع عنه ليلاً ونهارًا حتى تجده يهون ويقلل من شأن هذه الضلالات ، ولو صدرت ضلالة واحدة من هذه الضلالات من غيره لأقام الدنيا عليه ، فنقول يا عباد الله : دين رب العالمين حاكم على كل الناس ، ليس لأحد وحي خاص بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن أخطأ أو ضل فيبين خطأه وضلاله ونحذر من ضلاله المسلمين ،فالدين ليس فيه محاباة لأحد أو مجاملة لأحد على حساب دين الله عز وجل ، فليتق الله عز وجل كل من أضاع الأمة بنشر هذه الضلات والترويج لها ، ولنتق الله عز وجل في عوام المسلمين المساكين الذين لا يستطيعون التمييز بين الحق والباطل ، فإن كنت أنت يا من رزقك الله تعالى بالعلم إن لم تبين لهم ذلك ، فمن الذي سيبين لهم ؟! من الذي سيحذرهم ؟! وهذا الذي تم التحذير منه حسابه على الله عز وجل ، فإن كان معذور فيما كتبه من ضلال فالله سبحانه وتعالى أعلم به وهو أحكم الحاكمين وهو العليم سبحانه وتعالى ، بل لو دققت النظر وعلمت أن الإنسان محاسب بما يكتبه لحاولت بقدر الإمكان ابعاد لناس عن هذه الضلالات الخارجة من هذا الذي تدافع عنه ، فهي مصلحة وخير للذي تدافع عنه أولاً ، وخير لعامة المسلمين لأنك بكف الناس عن ضلاله لكنت سبب في تقليل أوزاره إن شاء الله تعالى .
والآفات كثيرة ، ونسأل الله العظيم أن يجنبنا نحن المسلمين كل ضلال وآفة ، وأن يرينا الحق حقًا ويزرقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطل ويرزقنا اجتنابه اللهم امين .