تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 11 من 11

الموضوع: ماهي الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره ...ابن باز

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي ماهي الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره ...ابن باز

    الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره

    ما هي الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره؟

    الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره كثيرة منها:





    1- محاولة الاستيلاء على عقول أبناء المسلمين، وترسيخ المفاهيم الغربية فيها، لتعتقد أن الطريقة الفضلى هي طريقة الغرب في كل شيء، سواء فيما يعتقده من الأديان والنحل، أو ما يتكلم به من اللغات، أو ما يتحلى به من الأخلاق، أو ما هو عليه من عادات وطرائق.




    2- رعايته لطائفة كبيرة من أبناء المسلمين في كل بلد وعنايته بهم وتربيتهم حتى إذا ما تشربوا الأفكار الغربية وعادوا إلى بلادهم أحاطهم بهالة عظيمة من المدح والثناء حتى يتسلموا المناصب والقيادات في بلدانهم، وبذلك يروجون الأفكار الغربية وينشئون المؤسسات التعليمية المسايرة للمنهج الغربي أو الخاضعة له.





    3- تنشيطه لتعليم اللغات الغربية في البلدان الإسلامية، وجعلها تزاحم لغة المسلمين، وخاصة اللغة العربية لغة القرآن الكريم التي أنزل الله بها كتابه، والتي يتعبد بها المسلمون ربهم في الصلاة والحج والأذكار وغيرها، ومن ذلك تشجيع الدعوات الهدامة التي تحارب اللغة العربية وتحاول إضعاف التمسك بها في ديار الإسلام في الدعوة إلى العامية، وقيام الدراسات الكثيرة التي يراد بها تطوير النحو وإفساده، وتمجيد ما يسمونه بالأدب الشعبي والتراث القومي.





    4- إنشاء الجامعات الغربية والمدارس التبشيرية في بلاد المسلمين ودور الحضانة ورياض الأطفال والمستشفيات والمستوصفات وجعلها أوكاراً لأغراضه السيئة، وتشجيع الدراسة فيها عند الطبقة العالية من أبناء المجتمع، ومساعدتهم بعد ذلك على تسلم المراكز القيادية والوظائف الكبيرة حتى يكونوا عوناً لأساتذتهم في تحقيق مآربهم في بلاد المسلمين.





    5- محاولة السيطرة على مناهج التعليم في بلاد المسلمين ورسم سياستها، إما بطريق مباشر كما حصل في بعض بلاد الإسلام حينما تولى [دنلوب] القسيس تلك المهمة فيها، أو بطريق غير مباشر عندما يؤدي المهمة نفسها تلاميذ ناجحون درسوا في مدارس دنلوب وتخرجوا فيها، فأصبح معظمهم معول هدم في بلاده، وسلاحاً فتاكاً من أسلحة العدو، يعمل جاهداً على توجيه التعليم توجيهاً علمانياً لا يرتكز على الإيمان بالله والتصديق برسوله، وإنما يسير نحو الإلحاد ويدعو إلى الفساد.





    6- قيام طوائف كبيرة من النصارى واليهود بدراسة الإسلام واللغة العربية وتأليف الكتب، وتولي كراسي التدريس في الجامعات، حتى أحدث هؤلاء فتنة فكرية كبيرة بين المثقفين من أبناء الإسلام بالشبه التي يلقنونها لطلبتهم، أو التي تمتلئ بها كتبهم وتروج في بلاد المسلمين، حتى أصبح بعض تلك الكتب مراجع يرجع إليها بعض الكاتبين والباحثين في الأمور الفكرية أو التاريخية. ولقد تخرج على يد هؤلاء المستشرقين من أبناء المسلمين رجال قاموا بنصيب كبير في إحداث الفتنة الكبرى، وساعدهم على ذلك ما يحاطون به من الثناء والإعجاب، وما يتولونه من مناصب هامة في التعليم والتوجيه والقيادة، فأكملوا ما بدأه أساتذتهم وحققوا ما عجزوا عنه؛ لكونهم من أبناء المسلمين ومن جلدتهم ينتسبون إليهم ويتكلمون بلسانهم، فالله المستعان.




    7- انطلاق الأعداد الكثيرة من المبشرين الداعين إلى النصرانية بين المسلمين وقيامهم بعملهم ذلك على أسس مدروسة وبوسائل كبيرة عظيمة يجند لها مئات الآلاف من الرجال والنساء، وتعد لها أضخم الميزانيات، وتسهل لها السبل، وتذلل لها العقبات: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ[1].




    وإذا كان هذا الجهد منصباً على الطبقة العامية غالباً فإن جهود الاستشراق موجهة إلى المثقفين كما ذكرت آنفاً، وأنهم يتحملون مشاق جساماً في ذلك العمل في بلاد إفريقيا وفي القرى النائية من أطراف البلدان الإسلامية في شرق آسيا وغيرها، ثم هم بعد كل حين يجتمعون في مؤتمرات يراجعون حسابهم وينظرون في خططهم، فيصححون ويعدلون ويبتكرون، فلقد اجتمعوا في القاهرة سنة 1906م، وفي أدنمبرج سنة 1910م، وفي لكنو سنة 1911م وفي القدس 1935م، وفي القدس كذلك في عام 1935م،





    ولا زالوا يوالون الاجتماعات والمؤتمرات، فسبحان من بيده ملكوت كل شيء وإليه يرجع الأمر كله.





    8- الدعوة إلى إفساد المجتمع المسلم وتزهيد المرأة في وظيفتها في الحياة وجعلها تتجاوز الحدود التي حد الله لها، وجعل سعادتها في الوقوف عندها، وذلك حينما يلقون بين المسلمين الدعوات بأساليب شتى وطرق متعددة إلى أن تختلط النساء بالرجال، وإلى أن تشتغل النساء بأعمال الرجال، يقصدون من ذلك إفساد المجتمع المسلم والقضاء على الطهر والعفاف الذي يوجد فيه، وإقامة قضايا وهمية ودعاوى باطلة في أن المرأة في المجتمع المسلم قد ظلمت، وأن لها الحق في كذا وكذا ويريدون إخراجها من بيتها وإيصالها إلى حيث يريدون، في حين أن حدود الله واضحة وأوامره صريحة وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم جلية بينة، يقول الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا[2]، ويقول سبحانه: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَ ّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ[3] الآية. ويقول: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَ ّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ[4]، ويقول: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى[5]، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((إياكم والدخول على النساء)) قال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: ((الحمو الموت))، وقال: ((لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)).




    9- إنشاء الكنائس والمعابد وتكثيرها في بلاد المسلمين وصرف الأموال الكثيرة عليها وتزيينها وجعلها بارزة واضحة في أحسن الأماكن، وفي أكبر الميادين.





    10- تخصيص إذاعات موجهة تدعو إلى النصرانية والشيوعية، وتشيد بأهدافها، وتضلل بأفكارها أبناء المسلمين السذج الذين لم يفهموا الإسلام، ولم تكن لهم تربية كافية علمية، وخاصة في أفريقيا حيث يصاحب هذا الإكثار من طبع الأناجيل وتوزيعها، في الفنادق وغيرها، وإرسال النشرات التبشيرية والدعوات الباطلة إلى الكثير من أبناء المسلمين.





    هذه بعض الوسائل التي يسلكها أعداء الإسلام اليوم من الشرق والغرب، في سبيل غزو أفكار المسلمين، وتنحية الأفكار السليمة الصالحة لتحل محلها أفكار أخرى غريبة، شرقية أو غربية، وهي كما ترى أيها القارئ جهود جبارة، وأموال طائلة، وجنود كثيرة، كل ذلك لإخراج المسلمين من الإسلام، وإن لم يدخلوا في النصرانية أو اليهودية أو الماركسية، إذ يعتقد القوم أن المهمة الرئيسية في ذلك هي إخراجهم من الإسلام، وإذا تم التوصل إلى هذه المرحلة فما بعدها سهل وميسور.





    ولكننا مع هذا نقول: إن الله سيخيب آمالهم ويبطل كيدهم، إذا صدق المسلمون في محاربتهم والحذر من مكائدهم، واستقاموا على دينهم





    لقوله عز وجل: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ[6]؛ لأنهم مفسدون وهو سبحانه لا يصلح عمل المفسدين،



    قال الله تعالى: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ[7]،


    وقال سبحانه: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهْلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا[8]،





    وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ[9]





    وقال سبحانه: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ[10] والآيات في هذا المعنى كثيرة.





    ولا شك أن الأمر يحتاج من المسلمين إلى وقفة عقل وتأمل، ودراسة في الطريق التي يجب أن يسلكوها، والموقف المناسب الذي يجب أن يقفوه وأن يكون لهم من الوعي والإدراك ما يجعلهم قادرين على فهم مخططات أعدائهم، وعاملين على إحباطها وإبطالها.





    ولن يتم لهم ذلك إلا بالاستعصام بالله والاستمساك بهديه، والرجوع إليه، والإنابة له، والاستعانة به، وتذكر هديه في كل شيء وخاصة في علاقة المؤمنين بالكافرين، وتفهم معنى سورة: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ[11] وما ذكره سبحانه في قوله: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ[12]، وقوله: وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُم ْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا[13].




    أسأل الله سبحانه أن يهيئ لهذه الأمة من أمرها رشداً، وأن يعيذها من مكائد أعدائها، ويرزقها الاستقامة في القول والعمل حتى تكون كما أراد الله لها من العزة والقوة والكرامة، إنه خير مسئول وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.




    [1] سورة الصف الآية 8.
    [2] سورة الأحزاب الآية 59.
    [3] سورة النور من الآية 31.
    [4] سورة الأحزاب من الآية 53.
    [5] سورة الأحزاب من الآية 33.
    [6] سورة آل عمران الآية 120.
    [7] سورة الأنفال الآية 30.
    [8] سورة الطارق الآيات 15 17.
    [9] سورة محمد الآية 7.
    [10] سورة الحج الآيتان 40 ، 41.
    [11] سورة الكافرون الآية 1.
    [12] سورة البقرة من الآية 120.
    [13] سورة البقرة من الآية 117.




    مجلة البحوث الإسلامية العدد 8 ص 286 293 أجراها مع سماحته قسم التحرير - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الثالث.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: ماهي الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره ...ابن باز

    http://www.binbaz.org.sa/mat/1709

    وقد صدق الشيخ رحمه الله وغفر له وبين الحق

    ومايفعله جهلة الصحفيين والوراقين من إظهار لرموز الكفر والزندقة

    وتبجيلهم ورمي مخالفيهم بالرجعية والتخلف والظلامية !!

    وتقليد الكفار في التعامل مع الناس والوقت والحياة مع أنهم أخسر الناس صفقة

    مع فشلهم الذريع في غير الأمور التقنية

    مماأدى لقرب انهيار حضارتهم الزائفة ...

  3. افتراضي رد: ماهي الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره ...ابن باز

    الله المستعان
    ]قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له"

    قلبي مملكه وربي يملكه>>سابقا

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: ماهي الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره ...ابن باز

    جزاكم الله خيراً

    تعرض المسلمين للغزو الفكري

    هل يتعرض العرب عامة والمملكة العربية السعودية خاصة لهذا النوع من الغزو؟




    نعم، يتعرض المسلمون عامة ومنهم العرب وغيرهم،



    والمملكة وغيرها لغزو فكري عظيم تداعت به عليهم أمم الكفر من الشرق والغرب،



    ومن أشد ذلك وأخطره:



    1- الغزو النصراني الصليبي.



    2- الغزو الصهيوني.



    3- الغزو الشيوعي الإلحادي.





    أما الغزو النصراني الصليبي فهو اليوم قائم على أشده، ومنذ أن انتصر صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين الغازين لبلاد المسلمين بالقوة والسلاح أدرك النصارى أن حربهم هذه وإن حققت انتصارات فهي وقتية لا تدوم، ولذا فكروا في البديل الأنكى وتوصلوا بعد دراسات واجتماعات إلى ما هو أخطر من الحروب العسكرية وهو أن تقوم الأمم النصرانية فرادى وجماعات بالغزو الفكري لناشئة المسلمين.





    لأن الاستيلاء على الفكر والقلب أمكن من الاستيلاء على الأرض، فالمسلم الذي لم يلوث فكره لا يطيق أن يرى الكافر له الأمر والنهي في بلده، ولهذا يعمل بكل قوته على إخراجه وإبعاده ولو دفع في سبيل ذلك حياته وأغلى ثمن لديه، وهذا ما حصل بعد الانتصارات الكبيرة للجيوش الصليبية الغازية. أما المسلم الذي تعرض لذلك الغزو الخبيث فصار مريض الفكر عديم الإحساس فإنه لا يرى خطراً في وجود النصارى أو غيرهم في أرضه، بل قد يرى أن ذلك من علامات الخير ومما يعين على الرقي والحضارة، وقد استغنى النصارى بالغزو الفكري عن الغزو المادي لأنه أقوى وأثبت، وأي حاجة لهم في بعث الجيوش وإنفاق الأموال مع وجود من يقوم بما يريدون من أبناء الإسلام عن قصد أو عن غير قصد، وبثمن أو بلا ثمن، ولذلك لا يلجأون إلى محاربة المسلمين علانية بالسلاح والقوة إلا في الحالات النادرة الضرورية التي تستدعي العجل؛ كما حصل في غزوة أوغندة أو الباكستان، أو عندما تدعو الحاجة إليها لتثبيت المنطلقات وإقامة الركائز وإيجاد المؤسسات التي تقوم بالحرب الفكرية الضروس كما حصل في مصر وسوريا والعراق وغيرها قبل الجلاء.




    أما الغزو الصهيوني فهو كذلك؛ لأن اليهود لا يألون جهداً في إفساد المسلمين في أخلاقهم وعقائدهم، ولليهود مطامع في بلاد المسلمين وغيرها، ولهم مخططات أدركوا بعضها، ولا زالوا يعملون جاهدين لتحقيق ما تبقى، وهم وإن حاربوا المسلمين بالقوة والسلاح واستولوا على بعض أرضهم فإنهم كذلك يحاربونهم في أفكارهم ومعتقداتهم، ولذلك ينشرون فيهم مبادئ ومذاهب ونِحَلاً باطلة. كالماسونية، والقاديانية، والبهائية، والتيجانية، وغيرها، ويستعينون بالنصارى وغيرهم في تحقيق مآربهم وأغراضهم.




    أما الغزو الشيوعي الإلحادي فهو اليوم يسري في بلاد الإسلام سريان النار في الهشيم نتيجة للفراغ وضعف الإيمان في الأكثرية، وغلبة الجهل وقلة التربية الصحيحة والسليمة.




    فقد استطاعت الأحزاب الشيوعية في روسيا والصين وغيرهما أن تتلقف كل حاقد وموتور من ضعفاء الإيمان أو معدومي الإيمان وتجعلهم ركائز في بلادهم ينشرون الإلحاد والفكر الشيوعي الخبيث، وتعدهم وتمنيهم بأعلى المناصب والمراتب، فإذا ما وقعوا تحت سيطرتها أحكمت أمرها فيهم، وأدبت بعضهم ببعض، وسفكت دماء من عارض أو توقف حتى أوجدت قطعاناً من بني الإنسان حرباً على أممهم وأهليهم، وعذاباً على إخوانهم وبني قومهم، فمزقوا بهم أمة الإسلام وجعلوهم جنوداً للشيطان يعاونهم في ذلك النصارى واليهود بالتهيئة والتوطئة أحياناً، وبالمدد والعون أحياناً أخرى،



    ذلك أنهم وإن اختلفوا فيما بينهم فإنهم جميعاً يد واحدة على المسلمين، يرون أن الإسلام هو عدوهم اللدود ولذا نراهم متعاونين متكاتفين بعضهم أولياء بعض ضد المسلمين، فالله سبحانه المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل.






    مجلة البحوث الإسلامية العدد 8 ص 286 293 أجراها مع سماحته قسم التحرير - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الثالث.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: ماهي الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره ...ابن باز

    تعريف الغزو الفكري


    ما هو تعريف الغزو الفكري في رأيكم؟

    الغزو الفكري:


    هو مصطلح حديث يعني مجموعة الجهود التي تقوم بها أمة من الأمم للاستيلاء على أمة أخرى، أو التأثير عليها حتى تتجه وجهة معينة،



    وهو أخطر من الغزو العسكري، لأن الغزو الفكري ينحو إلى السرية، وسلوك المآرب الخفية في بادئ الأمر، فلا تحس به الأمة المغزوة ولا تستعد لصده والوقوف في وجهه حتى تقع فريسة له،



    وتكون نتيجته أن هذه الأمة تصبح مريضة الفكر والإحساس تحب ما يريده لها عدوها أن تحبه، وتكره ما يريد منها أن تكرهه.



    وهو داء عضال يفتك بالأمم، ويذهب شخصيتها، ويزيل معاني الأصالة والقوة فيها، والأمة التي تبتلى به لا تحس بما أصابها، ولا تدري عنه،



    ولذلك يصبح علاجها أمراً صعباً، وإفهامها سبيل الرشد شيئاً عسيراً.


    وهذا الغزو يقع بواسطة المناهج الدراسية والثقافية العامة، ووسائل الإعلام، والمؤلفات الصغيرة والكبيرة، وغير ذلك من الشئون التي تتصل بالأمم، ويرجو العدو من ورائها صرفها عن عقيدتها، والتعلق بما يلقيه إليها، نسأل الله السلامة والعافية.



    مجلة البحوث الإسلامية العدد 8 ص 286 293 أجراها مع سماحته قسم التحرير - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الثالث.


  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    89

    افتراضي رد: ماهي الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره ...ابن باز

    جزاك الله خيرا أخي السليماني، ورحم الله سماحة الشيخ، ورد عنا شر الأعداء.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: ماهي الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره ...ابن باز

    بارك الله فيك

    -----------
    تعرض المسلمين للغزو الفكري

    هل يتعرض العرب عامة والمملكة العربية السعودية خاصة لهذا النوع من الغزو؟

    نعم، يتعرض المسلمون عامة ومنهم العرب وغيرهم، والمملكة وغيرها لغزو فكري عظيم تداعت به عليهم أمم الكفر من الشرق والغرب، ومن أشد ذلك وأخطره:

    1- الغزو النصراني الصليبي.

    2- الغزو الصهيوني.

    3- الغزو الشيوعي الإلحادي.


    أما الغزو النصراني الصليبي فهو اليوم قائم على أشده، ومنذ أن انتصر صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين الغازين لبلاد المسلمين بالقوة والسلاح أدرك النصارى أن حربهم هذه وإن حققت انتصارات فهي وقتية لا تدوم، ولذا فكروا في البديل الأنكى وتوصلوا بعد دراسات واجتماعات إلى ما هو أخطر من الحروب العسكرية وهو أن تقوم الأمم النصرانية فرادى وجماعات بالغزو الفكري لناشئة المسلمين.


    لأن الاستيلاء على الفكر والقلب أمكن من الاستيلاء على الأرض، فالمسلم الذي لم يلوث فكره لا يطيق أن يرى الكافر له الأمر والنهي في بلده، ولهذا يعمل بكل قوته على إخراجه وإبعاده ولو دفع في سبيل ذلك حياته وأغلى ثمن لديه، وهذا ما حصل بعد الانتصارات الكبيرة للجيوش الصليبية الغازية. أما المسلم الذي تعرض لذلك الغزو الخبيث فصار مريض الفكر عديم الإحساس فإنه لا يرى خطراً في وجود النصارى أو غيرهم في أرضه، بل قد يرى أن ذلك من علامات الخير


    ومما يعين على الرقي والحضارة، وقد استغنى النصارى بالغزو الفكري عن الغزو المادي لأنه أقوى وأثبت، وأي حاجة لهم في بعث الجيوش وإنفاق الأموال مع وجود من يقوم بما يريدون من أبناء الإسلام عن قصد أو عن غير قصد، وبثمن أو بلا ثمن، ولذلك لا يلجأون إلى محاربة المسلمين علانية بالسلاح والقوة إلا في الحالات النادرة الضرورية التي تستدعي العجل؛ كما حصل في غزوة أوغندة أو الباكستان، أو عندما تدعو الحاجة إليها لتثبيت المنطلقات وإقامة الركائز وإيجاد المؤسسات التي تقوم بالحرب الفكرية الضروس كما حصل في مصر وسوريا والعراق وغيرها قبل الجلاء.


    أما الغزو الصهيوني فهو كذلك؛ لأن اليهود لا يألون جهداً في إفساد المسلمين في أخلاقهم وعقائدهم، ولليهود مطامع في بلاد المسلمين وغيرها، ولهم مخططات أدركوا بعضها، ولا زالوا يعملون جاهدين لتحقيق ما تبقى، وهم وإن حاربوا المسلمين بالقوة والسلاح واستولوا على بعض أرضهم فإنهم كذلك يحاربونهم في أفكارهم ومعتقداتهم، ولذلك ينشرون فيهم مبادئ ومذاهب ونِحَلاً باطلة. كالماسونية، والقاديانية، والبهائية، والتيجانية، وغيرها، ويستعينون بالنصارى وغيرهم في تحقيق مآربهم وأغراضهم.


    أما الغزو الشيوعي الإلحادي فهو اليوم يسري في بلاد الإسلام سريان النار في الهشيم نتيجة للفراغ وضعف الإيمان في الأكثرية، وغلبة الجهل وقلة التربية الصحيحة والسليمة.


    فقد استطاعت الأحزاب الشيوعية في روسيا والصين وغيرهما أن تتلقف كل حاقد وموتور من ضعفاء الإيمان أو معدومي الإيمان وتجعلهم ركائز في بلادهم ينشرون الإلحاد والفكر الشيوعي الخبيث،


    وتعدهم وتمنيهم بأعلى المناصب والمراتب، فإذا ما وقعوا تحت سيطرتها أحكمت أمرها فيهم، وأدبت بعضهم ببعض، وسفكت دماء من عارض أو توقف حتى أوجدت قطعاناً من بني الإنسان حرباً على أممهم وأهليهم، وعذاباً على إخوانهم وبني قومهم،



    فمزقوا بهم أمة الإسلام وجعلوهم جنوداً للشيطان يعاونهم في ذلك النصارى واليهود بالتهيئة والتوطئة أحياناً، وبالمدد والعون أحياناً أخرى، ذلك أنهم وإن اختلفوا فيما بينهم فإنهم جميعاً يد واحدة على المسلمين، يرون أن الإسلام هو عدوهم اللدود ولذا نراهم متعاونين متكاتفين بعضهم أولياء بعض ضد المسلمين،


    فالله سبحانه المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


    مجلة البحوث الإسلامية العدد 8 ص 286 293 أجراها مع سماحته قسم التحرير - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الثالث.

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: ماهي الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره ...ابن باز

    الغزو الفكري أشد و أنكى من الغزو المسلح


    للعلامة ابن عثيمين رحمه الله .


    قال العلامة ابن عثيمين في الشريط الثاني الوجه الأول من تفسير سورة الصافات :



    ((و أحيانا يكون الغزو الفكري أعظم فتكا من الغزو المسلح , كما تشاهدون , فإن الغزو الفكري يدخل كل بيت باختيار صاحب البيت , بدون أن يجد معارضة أو مقاومة ,



    لكن الغزو العسكري لا يدخل البيت بل و لا يدخل البلد إلا بعد قتال مرير و مدافعة شديدة , فأعداء المسلمين يتسلطون عليهم أحيانا بالغزو المسلح بالقتال و هذا يمكن التحرز منه



    و أحيانا بالغزو الفكري و هو أشد و أنكى من الغزو المسلح لأنه يصيب المسلمين في قعر بيوتهم و لا يعلمون به , ربما يخرجون من الإسلام و يمسح الإسلام من أفئدتهم مسحا كاملا و هم لا يشعرون , لأنهم يغرون المسلمين بالشهوات .




    و القلب إذا انغمس في الشهوات نسي ما خلق له , نسي عبادة الله و لم يكن في قلبه تعلق بالله عز و جل , فتجد الإنسان في حال قيامه و قعوده و ذهابه و مجيئه لا يفكر إلا بهذه الشهوات و لا يسعى إلا لهذه الشهوات , و كأنه لم يخلق لغيرها ,




    كذلك أيضا يغدون في نفوس الضعفاء تعظيمهم –تعظيم هؤلاء الكفار –و أنهم أكثر تقدما و أشد حضارة و أقوم طريقا و ما أشبه ذلك ,



    فيموع المسلم و ينصهر في حرائق هؤلاء القوم و هذا لا شك أنه موجود و أن كثيرا من البلاد الإسلامية زالت معنوياتها و هلكت شخصيتها بسبب هذا الغزو الفكري.




    إنه لو غزو البلاد الإسلامية غزوا عسكريا لحلوا بأبدانهم البلاد و لكن قلوب الناس نافرة منهم مبغضة لهم , لكن المشكل أن يغزو الناس بصفاتهم و أخلاقهم و عقائدهم و هم جالسون في بيوتهم قد فتحوا لهم القلوب ,




    هذا هو المشكل و هذا هو الدمار و لهذا كان الغزو بالسلاح العلمي المستمد من كتاب الله



    و سنة رسوله مساويا إن لم يكن أنفع و أبلغ من الغزو العسكري .



    فأنا أحثكم بارك الله فيكم وأحث نفسي على أن نعد العدة لمكافحة أعدائنا الذين يريدون أن يغزونا في بيوتنا بأفكارهم الخبيثة و أخلاقهم الملوثة , بل بأفكارهم المنحرفة و أخلاقهم الملوثة حتى نحمي المسلمين من شر هؤلاء ,




    لأن سلاحهم أعظم فتكا و أشد من سلاح الحديد و النار كما هو ظاهر , و ربما من خرج منكم إلى البلاد الأخرى عرف أكثر مما أعرف , مما إلى الانحراف في العقيدة و –كلمة غير مفهومة – وراء الشهوات حتى أصبحت بعض البلاد الإسلامية كأنها بلاد كافرة



    و هم الآن يعني يحاولون أن يغزوا هذه البلاد بكل ما استطاعوا حتى إننا نجد أحيانا في الصحف ينشر الدعوة إلى انحلال أخلاق المسلمين و عاداتهم, ينشر أحيانا دعاية للأزياء الأوروبية و الإفرنجية




    و بهذا اللفظ بأنه يفتتح معرض للأزياء الغربية أو الأزياء الأوروبية أو الموضات الأوروبية أو ما أشيه ذلك , كل هذا لأجل أن يفسدوا أخلاقنا و إذا فسد الخلق فسدت العقيدة



    و إذا فسدت العقيدة زال تعلق المسلمين بربهم و حينئذ صاروا أضعف الأمم


    نسأل الله الحماية و السلامة . انتهى


    منقول

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    المشاركات
    168

    افتراضي رد: ماهي الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره ...ابن باز

    جزاكم الله كل خير
    رحم الله الشيخ و أدخلنا و إياه الفردوس الأعلى
    ***لا يصلح آخر هذه الأمة ،إلا بما صلح به أولها***.
    www.nouralhuda.com
    مختص بالتعريف بأهل العلم الأوائل الجزائريين

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: ماهي الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره ...ابن باز

    بارك الله فيك

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    الدولة
    المملكة العربية السعودية حرسها الله
    المشاركات
    1,496

    افتراضي رد: ماهي الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره ...ابن باز

    فتنة الغزو الفكري والخلقي عبر القنوات
    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:أيها الإخوة، فهذا هو اللقاء التاسع والثلاثون من اللقاء الشهري الذي يتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وشهرنا هذا هو شهر جمادي الثانية عام (1417هـ) أسأل الله تعالى أن يكثر من اللقاءات النافعة بين المسلمين، بين شبابهم وشيوخهم، بين علمائهم ومتعلميهم إنه على كل شيء قدير.أيها الإخوة: إلى أين نسير؟ وإلى أين نتجه؟ أنحن نعيش كما تعيش البهائم؟ أنعيش كما تعيش الأنعام ليس لنا هم إلا ملء البطن وشهوة الفرج؟ إلى أين؟ الواقع أن هذا سؤال عظيم، تنبني عليه حياة الإنسان الحاضرة والمستقبلة، إننا في الحقيقة نعلم أين نذهب؟ ونعلم إلى أي شيء نعيش؟ ونعلم لماذا وجدنا في هذه الحياة من كلمة واحدة من كلام الله -عز وجل- ألا وهي قول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56] لم يخلق الله الجن والإنس إلا لعبادته، وعبادته توحيده والقيام بطاعته فعلاً للمأمور وتركاً للمحظور، ولقد أكرم الله تعالى بني آدم وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلاً، خلق لهم ما في الأرض جميعاً لينتفعوا به ويستعينوا به على ما خلقوا من أجله، وهي العبادة، ولقد أكرم الله بني آدم وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلاً حين سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض، كما قال الله -عز وجل-: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ﴾[البقرة:29] وقال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ﴾ [الجاثية:13]السؤال: ولكن هل نحن استخدمنا هذا المسخر لنا والمخلوق لنا فيما خلقنا له، أم أننا ألغينا ما خلقنا له واشتغلنا بما خلق لنا؟الجواب:إن كثيراً من بني آدم على هذا الوضع، تركوا ما خلقوا له، واشتغلوا بما خلق لهم، ويدلك على هذا قول الله -تبارك وتعالى-: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام:116] من أكثر من في الأرض؟ الكفرة، الكفار هم أكثر من في الأرض إن أطعناهم أضلونا عن سبيل الله: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا﴾ [النساء:89] ﴿وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾[الممتحنة:2] ﴿وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ [آل عمران:69] ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً﴾ [البقرة:109] أكثر أهل الأرض ضُلَّال ليسوا على هدى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام:116].ولكن تدرون هل من في الأرض من هؤلاء يصدرون الأوامر بلفظ: افعلوا؟ لا، لا يصدرون الأوامر بلفظ: افعلوا كذا، ولو أنهم أصدروا ذلك لكشفوا عن أنفسهم، ولتبين خطؤهم، لكنهم يسرون في جسم الأمة الإسلامية كما تسري النار في الفحم، أو كما يسري السم في البدن، إنهم يأمروننا أمراً غير مباشر بسخافة الأخلاق، ونحاتة الأفكار، وفساد الأديان بما يغزوننا به من أنواع الغزو الفكري والخلقي والمالي والاقتصادي والاجتماعي، في كل ما يستطيعون من قوة؛ لأنهم يعلمون أنه لو كان الميدان بيننا وبينهم في الأخلاق والعبادة لكان الظفر للمسلمين، يعلمون ذلك، لكنهم لم يجابهونا مجابهةً نعلم بها حقدهم وعداوتهم وبغضاءهم، إنما دسوا لنا هذه الأخلاق عبر وسائل الإعلام؛ ولهذا تجدهم جادِّين ليلاً ونهاراً في اختيار الأساليب المغرية والصور الفاضحة التي يبثونها عبر الأقمار الصناعية، ولا شك أن هذا من فتنة الله -عز وجل- لعباده: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء:35].الذي يسر هذه السبل حتى أوصلوا أخلاقهم الرذيلة وأفكارهم المنحرفة إلى بلادنا، إلى حجرنا، إلى غرفنا، إلى مدارسنا إنما ذلك لحكمة؛ امتحاناً من الله -عز وجل-، والله تعالى يمتحن عباده بتيسير أسباب المعصية ليبلوهم أيهم يصبر أو أيهم ينحدر، ألم تعلموا إخوانكم وسلفكم حين ابتلوا بتسهيل أسباب المعصية ولكنهم امتنعوا، امتحن الله الصحابة -رضي الله عنهم- وهم محرمون بشيء من الصيد، ونحن نعلم جميعاً أن المحرم يحرم عليه الصيد، حتى ولو كان خارج الحرم؛ لأن الصيد يشغف القلب، ولو استرسل الإنسان وراءه لنسي أنه محرم، فحرم من أجل ألا يشتغل به عن إحرامه، حرم الله عليهم الصيد لكنه ابتلاهم بشيء من الصيد تناله أيديهم ورماحهم، واحد يمسك الصيد بيده أو برمحه، قال العلماء: ينالون الصيد الزاحف باليد مثل الأرنب، وينالون الصيد الطائر بالرمح بدون سهم ليبلوهم -عز وجل- أيهم يصبر عن هذا الصيد أو لا يصبر، هذا تسهيل لطرق المعصية حتى يبتلى العبد أيصبر عنها أو لا؟ فماذا كان منهم؟ أن صبروا وهجروها وتركوها، وربما يكونون جياعاً يحتاجون إلى الأكل لكن الله حرم ذلك.نحن في زمننا الآن في فتنة، ومحنة، هذه الأقمار الصناعية التي يبث فيها أعداؤنا من اليهود والنصارى والشيوعيين وغيرهم ما يدمرون به عقائدنا وأخلاقنا، ويدمرون به مجتمعاتنا من أكبر الفتن، هذه الوسائل الإعلامية القوية الزاحفة أضلت أناساً كثيرين إما مباشرة وإما غير مباشرة، إننا تكلمنا قبل جمعتين أو أكثر على موضوع الدشوش، وبينا أنها مدمرة للأخلاق، وأنها مدمرة حتى للعقيدة؛ لأن الشعوب إذا دمرت أخلاقها، وارتفع حياؤها، دمر دينها وعقيدتها، إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان» أين الحياء من قوم يبثون بيننا شباباً وشابات سافرات متبرجات؟ تجد هذه تعانق الشاب، إذا رأى الشاب والشابة هذا المنظر فهو بشر تعصف به الشهوة إلى مكان سحيق، إنهم يأتون بالشبهات حتى فيما يتعلق بالعقيدة كما سمعنا أنهم يشبهون السحب المتراكمة وفوقها شيخ كبير يصب عليها براميل الماء! وكأنهم يقولون: هذا الشيخ هو الله -والعياذ بالله- قاتلهم الله، إلى غير ذلك من الأشياء المزعجة المخزية.
    فتنة بناء الاستراحات والأحواش التي يجاهر فيها بالمعاصي والمسلمون الآن ممتحنون مفتونون بهذا، إننا نسمع أنه بواسطة ما منَّ الله به علينا من السعة في الأموال وكثرة الأرزاق بنيت الاستراحات، وبنيت الأحواش، وصار يجتمع فيها الناس من شيوخ وكهول وشباب ومراهقين يجتمعون فيها إلى ساعات متأخرة من الليل، ولقد بلغنا أنهم يصطحبون معهم هذه الدشوش ليسهروا عليها -والعياذ بالله- ولقد بلغنا أيضاً أنهم يحملون (الشيشة) ليدخنوا بها، ويحملون علب السجائر ليدخنوا بها، ويحصل عندهم من آلات العزف والموسيقى ما يفسد أخلاقهم، فلماذا لا يكون كل واحد منا رقيباً على أولاده؟ أين ذهبتم؟ لماذا تأخرتم في المنام؟ إنكم مسئولون.
    إنكم محاسبون! أتظنون أن هذه النعم التي ابتليتم بها اليوم لن تسألوا عنها! أبداً، لا بد أن يسأل الإنسان كما قال -عز وجل-: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾[التكاثر:8] تسأل عن النعيم وأنت ترى الجحيم:﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ۞ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ۞ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ [التكاثر:6-8] لا بد أن نسأل أين ذهب هؤلاء الشباب الذين يجب عليهم تحمل المسئولية في إنكار المنكر؟
    حمل المسئولية على الشباب:
    إن بعض الناس -حتى الكبار كما سمعنا- يحضرون في هذه الاستراحات، وفي هذه الأحواش إلى وقت متأخر من الليل، وربما يأتون إليها من قبل الغروب فينسون أهليهم وأبناءهم وبناتهم، يأتي الإنسان في آخر الليل وقد انهمك جسمه من التعب والسهر وينام، والله أعلم هل يصلي الفجر أم لا يصلي! ولا يرى أهله، ولا يجلس معهم في عشاء ولا غداء، وكأنه في وادٍ وهم في واد، أين المسئولية؟ إن أي إنسان يضيع حق الله في أولاده فسيضيعون حق الله فيه؛ سوف يبتلى بعقوقهم وكراهيتهم له حتى كأنه ليس أباً لهم، لذلك أنصح أولاً الشباب عن الانهماك في هذه الأحواش وفي هذه الاستراحات على وجهٍ لا يرضي الله ورسوله.
    حمل المسئولية على أولياء أمور الشباب:
    ثانياً: أحمل المسئولية أولياءهم أمام الله، ثم أمام مجتمعهم، أحمل المسئولية لآبائهم الذين استرعاهم الله -عز وجل- عليهم، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكَّل كل إنسان على أهله، أنت راع بوكالة الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته»
    السؤال: هل يمكن أن تنفك عن هذه الوكالة التي ألزمك بها رسول الله؟الجواب: لا يمكن، إذاً: قم بالوكالة على الوجه المطلوب وإلا فستسأل: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [القصص:65] أين جوابك يوم القيامة إذا لقيت الله -عز وجل-؟حمل المسئولية على أصحاب أماكن المنكرات:
    ثالثاً: أحمل المسئولية أصحاب هذه الأحواش وأصحاب هذه الاستراحات، إذا أتاهم من يعلمون أو يغلب على ظنهم أنه سوف يكون فيها على الوجه الذي لا يرضاه الله ورسوله فليعلم أنه يأكل أجرتها سحتاً وحراماً، وما أعظم أن يكون معيناً على الإثم والعدوان، هذه الأجرة التي يأخذها سحتاً وحراماً؛ لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، ثم إذا أكل هذا ما الذي يترتب عليه؟ جاء في الحديث: «كل جسم نبت من سحت فالنار أولى به» هذه واحدة.
    أيضاً الذي يأكل الحرام يبعد أن تجاب دعوته -والعياذ بالله- حتى لو دعا في أكبر الأسباب التي تستجاب بها الدعوة فإن إجابته بعيدة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [البقرة:172] وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون:51] ثم ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- «الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا ربِ! يا ربِ! ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!» بعيد أن يستجاب له، مع أن الرجل فعل من أسباب إجابة الدعاء ما فعل، ما الذي فعل من أسباب إجابة الدعاء؟أولاً: السفر.ثانياً: أنه أشعث أغبر.ثالثاً: أنه يمد يديه.رابعاً: أنه يستنجد بالله ويتوسل بربوبيته: يا رب! يا رب! ولكن مطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فلا يستجاب له.أتريد أيها المؤمن أن تدعو الله ولا يستجيب لك؟ لا أحد يريد هذا، لكن إذا كان مأكلك حراماً، ومشربك حراماً، وغذيت بالحرام فالإجابة -أعني: إجابة الدعاء- بعيدة منك نسأل الله العافية.
    حمل المسئولية على عموم الناس:
    رابعاً: أحمل بقية الناس الذين يعلمون ما يحصل في هذه الأحواش أو في هذه الاستراحات أحملهم أن يقوموا بما أوجب الله عليهم من النصيحة، ينصحون إخوانهم، أرأيت لو أن ناراً استعرت وأقبل الناس إليها، أليس من النصيحة أن تحذرهم منها؟ بلى، من حق إخوانك عليك أن تنصحهم وتحذرهم، تكف النار عنهم أو تكفهم عن النار، فالواجب على من علم عن أخيه أن له استراحةً أو أن له حوشاً يجتمع فيه الناس على معصية الله أن ينصحه ويحذره من عذاب الله، يقول: يا أخي الدنيا ليست باقية، لا تدري متى تلاقي ربك، قد تصبح ولا تدرك المساء، وقد تمسي ولا تدرك الصباح، اتق الله، ثم اذكر أنك متى اتقيت الله جعل لك من أمرك يسراً.
    متى اتقيت الله رزقك من حيث لا تحتسب، متى اتقيت الله جعل لك مخرجاً من كل ضيق، وانصحه فلعل الله أن يهديه، وإذا هداه الله على يديك اكتسبت خيراً كثيراً، ثم إذا قُدِّر أنه ليس في الإنسان إقدام على النصيحة إما لعجزه أو خجله أو خوفه ممن يوجه النصيحة إليه فعليه أن يبلغ من يستطيع نصحه ومنعه؛ لأن سكوتنا عن شيء نشاهده بأعيننا أو نسمعه بآذاننا وهو محرم دون نصح أو محاولة للإصلاح خطأ عظيم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه» وقال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» أنت وأخوك شيء واحد، إذا انحرف واحد من الشباب فيعني ذلك أنه نقص، نقص هذا الواحد، أو نقص قوة تماسكه وسلامته؟ الأمرين، نقص هذا المنحرف خسارة، أيضاً يعتبر هذا النقص الذي حصل للمجتمع خللاً في الجميع، ومن الأمثلة العامة يقولون: إن البئر إذا سقط منه حصاة فالبئر كله خراب؛ لأنه يختل كل البناء، والرسول -عليه الصلاة والسلام- بين أن المجتمع الإسلامي كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وأما السكوت على الباطل فلا، فإن قال قائل: أرأيت لو أن الإخوة أو الأقارب اجتمعوا في واحد من هذه الأحواش أو في الاستراحة للتآلف والتعارف، وإلقاء أطراف الحديث لتزول الوحشة لكن من غير شيء محرم.السؤال: فهل هذا جائز؟الجواب: جائز، لكن ليكن بقدر معلوم، لا يمضوا أكثر الليل في هذا المكان، لأنه مهما كان الأمر إذا أمضوا أكثر الليل في هذا المكان فسوف ينفد ما عندهم من الكلام النافع، ويبقى الكلام اللغو أو المحرم، فليكن هذا بقدر الحاجة بحيث إذا حصلت الفائدة انفضوا، ونحن لا يمكن أن نحجر على عباد الله ونقول: لا تفرحوا، لا تستأنسوا، لا تجتمعوا غير ممكن، الصحابة لما قال لهم الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «إياكم والجلوس على الطرقات!» قالوا: يا رسول الله، هذه مجالسنا مالنا منها بد -أقرهم على ذلك- لكنه قال: «أعطوا الطريق حقه» نحن لا نقول: لا تجتمعوا في هذا! ولو قلنا هذا ما أطاعنا الناس، ولا نقوله أيضاً لكن نقول: ليكن جلوسكم على خير، تآلف، تعارف، تجاذب أطراف الحديث النافع.هذا طيب هناك قسم ثالث يجتمعون على كتاب الله، وعلى ذكر الله، وعلى التناقش في مسائل العلم، وهذا لا شك أنه في قمة المجالس؛ لأنه ما اجتمع قوم على ذكرٍ إلا كان ذلك خيراً لهم، وهذا يعتبر في قمة المجالس، فتبين الآن أن الجلوس في هذه الأماكن ينقسم إلى ثلاثة أقسام:1- قسم خير محض.2- قسم شر محض.3- قسم لغو لكن قد يكون خيراً وقد يكون شراً حسب ما يؤدي إليه.ولنقتصر على هذا القدر من الكلام، ونسأل الله تعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا، وأن يجمع كلمتنا على الحق، وأن يجعلنا من الهداة المهتدين والقادة المصلحين.أما الآن فإلى الأسئلة، وأحثكم على أن تكون أسئلتكم واضحة وصريحة بقدر الإمكان؛ لأن الصراحة في السؤال تدل على صدق السائل، وأنه يريد الوصول إلى الحق، لقد جاءت أم سليم وهي امرأة تقول: يا رسول الله هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ صرحت، وطُلِقت امرأة طلقها زوجها ثلاثاً فتزوجها رجل، لكنه لم يجامعها، ولم ترض به، فأرادت الرجوع إلى الزوج الأول، وجاءت إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- تقول له: إني نكحت فلاناً وليس معه إلا مثل هدبة الثوب، وأمسكت بثوبها ونفضته، تعني بذلك: أنه لم بجامعها، ليس معه شيء، هذا كلام يمكن لا يستطيع الرجل أن يعبر به، لكنها امرأة صارت صريحة، فالصراحة -كما قيل- هي الراحة.ونسأل الله لنا ولكم التوفيق.الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:أيها الإخوة، فهذا هو اللقاء التاسع والثلاثون من اللقاء الشهري الذي يتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، وشهرنا هذا هو شهر جمادي الثانية عام (1417هـ) أسأل الله تعالى أن يكثر من اللقاءات النافعة بين المسلمين، بين شبابهم وشيوخهم، بين علمائهم ومتعلميهم إنه على كل شيء قدير.أيها الإخوة: إلى أين نسير؟ وإلى أين نتجه؟ أنحن نعيش كما تعيش البهائم؟ أنعيش كما تعيش الأنعام ليس لنا هم إلا ملء البطن وشهوة الفرج؟ إلى أين؟ الواقع أن هذا سؤال عظيم، تنبني عليه حياة الإنسان الحاضرة والمستقبلة، إننا في الحقيقة نعلم أين نذهب؟ ونعلم إلى أي شيء نعيش؟ ونعلم لماذا وجدنا في هذه الحياة من كلمة واحدة من كلام الله -عز وجل- ألا وهي قول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56] لم يخلق الله الجن والإنس إلا لعبادته، وعبادته توحيده والقيام بطاعته فعلاً للمأمور وتركاً للمحظور، ولقد أكرم الله تعالى بني آدم وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلاً، خلق لهم ما في الأرض جميعاً لينتفعوا به ويستعينوا به على ما خلقوا من أجله، وهي العبادة، ولقد أكرم الله بني آدم وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلاً حين سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض، كما قال الله -عز وجل-: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ﴾[البقرة:29] وقال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ﴾ [الجاثية:13]السؤال: ولكن هل نحن استخدمنا هذا المسخر لنا والمخلوق لنا فيما خلقنا له، أم أننا ألغينا ما خلقنا له واشتغلنا بما خلق لنا؟الجواب:إن كثيراً من بني آدم على هذا الوضع، تركوا ما خلقوا له، واشتغلوا بما خلق لهم، ويدلك على هذا قول الله -تبارك وتعالى-: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام:116] من أكثر من في الأرض؟ الكفرة، الكفار هم أكثر من في الأرض إن أطعناهم أضلونا عن سبيل الله: ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا﴾ [النساء:89] ﴿وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾[الممتحنة:2] ﴿وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ [آل عمران:69] ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً﴾ [البقرة:109] أكثر أهل الأرض ضُلَّال ليسوا على هدى: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام:116].ولكن تدرون هل من في الأرض من هؤلاء يصدرون الأوامر بلفظ: افعلوا؟ لا، لا يصدرون الأوامر بلفظ: افعلوا كذا، ولو أنهم أصدروا ذلك لكشفوا عن أنفسهم، ولتبين خطؤهم، لكنهم يسرون في جسم الأمة الإسلامية كما تسري النار في الفحم، أو كما يسري السم في البدن، إنهم يأمروننا أمراً غير مباشر بسخافة الأخلاق، ونحاتة الأفكار، وفساد الأديان بما يغزوننا به من أنواع الغزو الفكري والخلقي والمالي والاقتصادي والاجتماعي، في كل ما يستطيعون من قوة؛ لأنهم يعلمون أنه لو كان الميدان بيننا وبينهم في الأخلاق والعبادة لكان الظفر للمسلمين، يعلمون ذلك، لكنهم لم يجابهونا مجابهةً نعلم بها حقدهم وعداوتهم وبغضاءهم، إنما دسوا لنا هذه الأخلاق عبر وسائل الإعلام؛ ولهذا تجدهم جادِّين ليلاً ونهاراً في اختيار الأساليب المغرية والصور الفاضحة التي يبثونها عبر الأقمار الصناعية، ولا شك أن هذا من فتنة الله -عز وجل- لعباده: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء:35].الذي يسر هذه السبل حتى أوصلوا أخلاقهم الرذيلة وأفكارهم المنحرفة إلى بلادنا، إلى حجرنا، إلى غرفنا، إلى مدارسنا إنما ذلك لحكمة؛ امتحاناً من الله -عز وجل-، والله تعالى يمتحن عباده بتيسير أسباب المعصية ليبلوهم أيهم يصبر أو أيهم ينحدر، ألم تعلموا إخوانكم وسلفكم حين ابتلوا بتسهيل أسباب المعصية ولكنهم امتنعوا، امتحن الله الصحابة -رضي الله عنهم- وهم محرمون بشيء من الصيد، ونحن نعلم جميعاً أن المحرم يحرم عليه الصيد، حتى ولو كان خارج الحرم؛ لأن الصيد يشغف القلب، ولو استرسل الإنسان وراءه لنسي أنه محرم، فحرم من أجل ألا يشتغل به عن إحرامه، حرم الله عليهم الصيد لكنه ابتلاهم بشيء من الصيد تناله أيديهم ورماحهم، واحد يمسك الصيد بيده أو برمحه، قال العلماء: ينالون الصيد الزاحف باليد مثل الأرنب، وينالون الصيد الطائر بالرمح بدون سهم ليبلوهم -عز وجل- أيهم يصبر عن هذا الصيد أو لا يصبر، هذا تسهيل لطرق المعصية حتى يبتلى العبد أيصبر عنها أو لا؟ فماذا كان منهم؟ أن صبروا وهجروها وتركوها، وربما يكونون جياعاً يحتاجون إلى الأكل لكن الله حرم ذلك.نحن في زمننا الآن في فتنة، ومحنة، هذه الأقمار الصناعية التي يبث فيها أعداؤنا من اليهود والنصارى والشيوعيين وغيرهم ما يدمرون به عقائدنا وأخلاقنا، ويدمرون به مجتمعاتنا من أكبر الفتن، هذه الوسائل الإعلامية القوية الزاحفة أضلت أناساً كثيرين إما مباشرة وإما غير مباشرة، إننا تكلمنا قبل جمعتين أو أكثر على موضوع الدشوش، وبينا أنها مدمرة للأخلاق، وأنها مدمرة حتى للعقيدة؛ لأن الشعوب إذا دمرت أخلاقها، وارتفع حياؤها، دمر دينها وعقيدتها، إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان» أين الحياء من قوم يبثون بيننا شباباً وشابات سافرات متبرجات؟ تجد هذه تعانق الشاب، إذا رأى الشاب والشابة هذا المنظر فهو بشر تعصف به الشهوة إلى مكان سحيق، إنهم يأتون بالشبهات حتى فيما يتعلق بالعقيدة كما سمعنا أنهم يشبهون السحب المتراكمة وفوقها شيخ كبير يصب عليها براميل الماء! وكأنهم يقولون: هذا الشيخ هو الله -والعياذ بالله- قاتلهم الله، إلى غير ذلك من الأشياء المزعجة المخزية.
    فتنة بناء الاستراحات والأحواش التي يجاهر فيها بالمعاصي والمسلمون الآن ممتحنون مفتونون بهذا، إننا نسمع أنه بواسطة ما منَّ الله به علينا من السعة في الأموال وكثرة الأرزاق بنيت الاستراحات، وبنيت الأحواش، وصار يجتمع فيها الناس من شيوخ وكهول وشباب ومراهقين يجتمعون فيها إلى ساعات متأخرة من الليل، ولقد بلغنا أنهم يصطحبون معهم هذه الدشوش ليسهروا عليها -والعياذ بالله- ولقد بلغنا أيضاً أنهم يحملون (الشيشة) ليدخنوا بها، ويحملون علب السجائر ليدخنوا بها، ويحصل عندهم من آلات العزف والموسيقى ما يفسد أخلاقهم، فلماذا لا يكون كل واحد منا رقيباً على أولاده؟ أين ذهبتم؟ لماذا تأخرتم في المنام؟ إنكم مسئولون.
    إنكم محاسبون! أتظنون أن هذه النعم التي ابتليتم بها اليوم لن تسألوا عنها! أبداً، لا بد أن يسأل الإنسان كما قال -عز وجل-: ﴿ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾[التكاثر:8] تسأل عن النعيم وأنت ترى الجحيم:﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ۞ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ۞ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ [التكاثر:6-8] لا بد أن نسأل أين ذهب هؤلاء الشباب الذين يجب عليهم تحمل المسئولية في إنكار المنكر؟
    حمل المسئولية على الشباب:
    إن بعض الناس -حتى الكبار كما سمعنا- يحضرون في هذه الاستراحات، وفي هذه الأحواش إلى وقت متأخر من الليل، وربما يأتون إليها من قبل الغروب فينسون أهليهم وأبناءهم وبناتهم، يأتي الإنسان في آخر الليل وقد انهمك جسمه من التعب والسهر وينام، والله أعلم هل يصلي الفجر أم لا يصلي! ولا يرى أهله، ولا يجلس معهم في عشاء ولا غداء، وكأنه في وادٍ وهم في واد، أين المسئولية؟ إن أي إنسان يضيع حق الله في أولاده فسيضيعون حق الله فيه؛ سوف يبتلى بعقوقهم وكراهيتهم له حتى كأنه ليس أباً لهم، لذلك أنصح أولاً الشباب عن الانهماك في هذه الأحواش وفي هذه الاستراحات على وجهٍ لا يرضي الله ورسوله.
    حمل المسئولية على أولياء أمور الشباب:
    ثانياً: أحمل المسئولية أولياءهم أمام الله، ثم أمام مجتمعهم، أحمل المسئولية لآبائهم الذين استرعاهم الله -عز وجل- عليهم، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكَّل كل إنسان على أهله، أنت راع بوكالة الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته»
    السؤال: هل يمكن أن تنفك عن هذه الوكالة التي ألزمك بها رسول الله؟الجواب: لا يمكن، إذاً: قم بالوكالة على الوجه المطلوب وإلا فستسأل: ﴿وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [القصص:65] أين جوابك يوم القيامة إذا لقيت الله -عز وجل-؟حمل المسئولية على أصحاب أماكن المنكرات:
    ثالثاً: أحمل المسئولية أصحاب هذه الأحواش وأصحاب هذه الاستراحات، إذا أتاهم من يعلمون أو يغلب على ظنهم أنه سوف يكون فيها على الوجه الذي لا يرضاه الله ورسوله فليعلم أنه يأكل أجرتها سحتاً وحراماً، وما أعظم أن يكون معيناً على الإثم والعدوان، هذه الأجرة التي يأخذها سحتاً وحراماً؛ لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، ثم إذا أكل هذا ما الذي يترتب عليه؟ جاء في الحديث: «كل جسم نبت من سحت فالنار أولى به» هذه واحدة.
    أيضاً الذي يأكل الحرام يبعد أن تجاب دعوته -والعياذ بالله- حتى لو دعا في أكبر الأسباب التي تستجاب بها الدعوة فإن إجابته بعيدة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [البقرة:172] وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون:51] ثم ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- «الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا ربِ! يا ربِ! ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟!» بعيد أن يستجاب له، مع أن الرجل فعل من أسباب إجابة الدعاء ما فعل، ما الذي فعل من أسباب إجابة الدعاء؟أولاً: السفر.ثانياً: أنه أشعث أغبر.ثالثاً: أنه يمد يديه.رابعاً: أنه يستنجد بالله ويتوسل بربوبيته: يا رب! يا رب! ولكن مطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فلا يستجاب له.أتريد أيها المؤمن أن تدعو الله ولا يستجيب لك؟ لا أحد يريد هذا، لكن إذا كان مأكلك حراماً، ومشربك حراماً، وغذيت بالحرام فالإجابة -أعني: إجابة الدعاء- بعيدة منك نسأل الله العافية.
    حمل المسئولية على عموم الناس:
    رابعاً: أحمل بقية الناس الذين يعلمون ما يحصل في هذه الأحواش أو في هذه الاستراحات أحملهم أن يقوموا بما أوجب الله عليهم من النصيحة، ينصحون إخوانهم، أرأيت لو أن ناراً استعرت وأقبل الناس إليها، أليس من النصيحة أن تحذرهم منها؟ بلى، من حق إخوانك عليك أن تنصحهم وتحذرهم، تكف النار عنهم أو تكفهم عن النار، فالواجب على من علم عن أخيه أن له استراحةً أو أن له حوشاً يجتمع فيه الناس على معصية الله أن ينصحه ويحذره من عذاب الله، يقول: يا أخي الدنيا ليست باقية، لا تدري متى تلاقي ربك، قد تصبح ولا تدرك المساء، وقد تمسي ولا تدرك الصباح، اتق الله، ثم اذكر أنك متى اتقيت الله جعل لك من أمرك يسراً.
    متى اتقيت الله رزقك من حيث لا تحتسب، متى اتقيت الله جعل لك مخرجاً من كل ضيق، وانصحه فلعل الله أن يهديه، وإذا هداه الله على يديك اكتسبت خيراً كثيراً، ثم إذا قُدِّر أنه ليس في الإنسان إقدام على النصيحة إما لعجزه أو خجله أو خوفه ممن يوجه النصيحة إليه فعليه أن يبلغ من يستطيع نصحه ومنعه؛ لأن سكوتنا عن شيء نشاهده بأعيننا أو نسمعه بآذاننا وهو محرم دون نصح أو محاولة للإصلاح خطأ عظيم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه» وقال -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» أنت وأخوك شيء واحد، إذا انحرف واحد من الشباب فيعني ذلك أنه نقص، نقص هذا الواحد، أو نقص قوة تماسكه وسلامته؟ الأمرين، نقص هذا المنحرف خسارة، أيضاً يعتبر هذا النقص الذي حصل للمجتمع خللاً في الجميع، ومن الأمثلة العامة يقولون: إن البئر إذا سقط منه حصاة فالبئر كله خراب؛ لأنه يختل كل البناء، والرسول -عليه الصلاة والسلام- بين أن المجتمع الإسلامي كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وأما السكوت على الباطل فلا، فإن قال قائل: أرأيت لو أن الإخوة أو الأقارب اجتمعوا في واحد من هذه الأحواش أو في الاستراحة للتآلف والتعارف، وإلقاء أطراف الحديث لتزول الوحشة لكن من غير شيء محرم.السؤال: فهل هذا جائز؟الجواب: جائز، لكن ليكن بقدر معلوم، لا يمضوا أكثر الليل في هذا المكان، لأنه مهما كان الأمر إذا أمضوا أكثر الليل في هذا المكان فسوف ينفد ما عندهم من الكلام النافع، ويبقى الكلام اللغو أو المحرم، فليكن هذا بقدر الحاجة بحيث إذا حصلت الفائدة انفضوا، ونحن لا يمكن أن نحجر على عباد الله ونقول: لا تفرحوا، لا تستأنسوا، لا تجتمعوا غير ممكن، الصحابة لما قال لهم الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «إياكم والجلوس على الطرقات!» قالوا: يا رسول الله، هذه مجالسنا مالنا منها بد -أقرهم على ذلك- لكنه قال: «أعطوا الطريق حقه» نحن لا نقول: لا تجتمعوا في هذا! ولو قلنا هذا ما أطاعنا الناس، ولا نقوله أيضاً لكن نقول: ليكن جلوسكم على خير، تآلف، تعارف، تجاذب أطراف الحديث النافع.هذا طيب هناك قسم ثالث يجتمعون على كتاب الله، وعلى ذكر الله، وعلى التناقش في مسائل العلم، وهذا لا شك أنه في قمة المجالس؛ لأنه ما اجتمع قوم على ذكرٍ إلا كان ذلك خيراً لهم، وهذا يعتبر في قمة المجالس، فتبين الآن أن الجلوس في هذه الأماكن ينقسم إلى ثلاثة أقسام:1- قسم خير محض.2- قسم شر محض.3- قسم لغو لكن قد يكون خيراً وقد يكون شراً حسب ما يؤدي إليه.ولنقتصر على هذا القدر من الكلام، ونسأل الله تعالى أن يصلح قلوبنا وأعمالنا، وأن يجمع كلمتنا على الحق، وأن يجعلنا من الهداة المهتدين والقادة المصلحين.أما الآن فإلى الأسئلة، وأحثكم على أن تكون أسئلتكم واضحة وصريحة بقدر الإمكان؛ لأن الصراحة في السؤال تدل على صدق السائل، وأنه يريد الوصول إلى الحق، لقد جاءت أم سليم وهي امرأة تقول: يا رسول الله هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ صرحت، وطُلِقت امرأة طلقها زوجها ثلاثاً فتزوجها رجل، لكنه لم يجامعها، ولم ترض به، فأرادت الرجوع إلى الزوج الأول، وجاءت إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- تقول له: إني نكحت فلاناً وليس معه إلا مثل هدبة الثوب، وأمسكت بثوبها ونفضته، تعني بذلك: أنه لم بجامعها، ليس معه شيء، هذا كلام يمكن لا يستطيع الرجل أن يعبر به، لكنها امرأة صارت صريحة، فالصراحة -كما قيل- هي الراحة.ونسأل الله لنا ولكم التوفيق.

    https://binothaimeen.net/content/879

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •