قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرح كتاب التوحيد :
عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنّ رسول الله ( قال: «إِنّ من الْبَيَانِ لسِحْراً»)، (إِنّ من الْبَيَانِ لسِحْراً) قال عن البيان إن منه ما هو سحر.
والمقصود بالبيان هنا التبيين عما في النفس بالألفاظ الفصيحة البيّنة التي تأخذ المسامع والقلوب، فتسحر القلوب فتقلب ربما الحق باطلا والباطل حقا، حتى يغدو ذلك الذي يُعدّ من أهل البيان والفصاحة يغدو في قلوب الناس أن ما قاله هو الحق وأن ما لم يقله أو رده هو الباطل، وهذا ضرب وهذا ضرب من السحر؛ لأنه تأثير خفي على النفوس بالألفاظ، هذا التأثير الخفي بقلب الحق باطلا وقلب الباطل حقا تأثيره خفي كتأثير السحر في الخفاء، ولهذا قال (إِنّ من الْبَيَانِ لسِحْراً).
والصحيح من أقوال أهل العلم أن هذا فيه ذم للبيان وليس مدحا له، قال (إِنّ من الْبَيَانِ لسِحْراً) على جهة الذم.
وبعض أهل العلم قال إن ذلك على جهة المدح؛ لأنه يصل بالتأثير إلى أن يِثر تأثيرا بالغا كتأثير السحر في النفوس، والتأثير البالغ إن كان من جهة البيان يقولون فإنه جائز، وهذا من جهة المدح له وبيان عظم تأثيره.
ولكن هذا فيه نظر، والظاهر أنه لمّا جعل البيان سحرا علمنا أن الشرع ذمه، ولهذا أورد الشيخ رحمه الله في هذا الباب الذي اشتمل على أنواع من المحرمات، فالذي يستغل ما أتاه الله جل وعلا من اللسان والبيان والفصاحة في قلب الباطل حقا وفي قلب الحق باطلا، هذا لا شك أنه من أهل الوعيد ومذموم على فعله؛ لأن البيان إنما يقصد به نصرة الحق لا أن يجعل ما أبطله الله جل وعلا حقا في أنفس الناس وفي قلوبهم.