يقول الفيلسوف العالمي سيمور " إن تربية الطفل يجب أن تبدأ

قبل ولادته بعشرين عاماً وذلك بتربية أمه " وقبله قال أحمد

شوقي :


الأم مدرسـة إذا أعددتهـا


أعددت شعباً طيب الأعراق



أنا أقول : الأم مدرسة والابن نطفة في رحمها والرحم معلقة

بالعرش لذا فلم يكن غريباً أن يجمع ذلك الأعرابي أبناءه حوله

يوم تقدم به العمر ليقول لهم : أي بني لقد أصبحت في سن

يفرض عليكم أن تبروا بي ولو من باب رد الجميل فلقد بررتكم

صغاراً وبررتكم كباراً وبررتكم قبل أن تولدوا فقالوا : يا أبانا

بررتنا صغاراً وكباراً ولا نشك في ذلك لكن كيف بررت بنا قبل أن

نولد ؟؟ فقال ذلك الأعرابي بشموخ وأنفة : اخترت لكم من

الأمهات من لا تعيرون بها في المجالس هكذا كانت العرب تهتم

بتربية المرأة قبل أن يخرج لنا سيمور من تحت عباءة الفلسفة

وهكذا كان العرب يختارون لأبنائهم من الأمهات من يثقون بها

على أبنائهم وهذا ما نبهنا له الحبيب المصطفى صلى الله عليه

وسلم إذ يقول " تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس " وقوله صلى

الله عليه وسلم في موضع آخر " الدنيا متاع وخير متاعها

الزوجة الصالحة " كان هذا منذ أمد بعيد لكن السؤال الذي يطرح

نفسه في هذا الوقت : ماذا سيقول سيمور لو حضر عصر

الفضائيات على حين غفلة منا طبعاً ؟؟ وماذا ستكون ردة الفعل

لدى أمير الشعراء لو امتد به العمر وأدرك هذا اليوم ؟؟

لاشك انه سيعلنها وبلا خجل : " يا ليتني مت قبل هذا " فقد جاء

جيل لا يعترف بمكارم الأخلاق هذا إن لم ينكرها بالكلية ويصد

عنها بالأمس القريب جاءت " البرتقالة " على لسان أحد

الفنانين الهابطين لتخرجنا من حدود الأدب إلى قلة الحياء ولتنزع

عنا لباس الحشمة وثياب الوقار وجلباب العفة فأي تربية

ننتظرها في ظل هذا الغزو الفضائي الموجه ؟؟ وكيف سنربي

أبناءنا في زمن اختلط فيه الحابل بالنابل ؟؟ إنه ومما لا شك فيه

ولا ريب أن التربية عمل شاق والمشقة فيها تكمن بأنها : تحدٍ

جديد لكل القنوات الفضائية التي أصبحت مربية أطفال في غياب

الوالدين وانشغالهما عن أبنائهما فالأب منهمك في متابعة سوق

الأسهم وتبدو عليه علامات الحذر والترقب من اللون الأحمر

والذي عادة ما يغلق المؤشر عنده في نهاية التداول والأم منشغلة

بأخبار الموضة ومسابقة ملكات الجمال وآخر صيحات الأزياء

وهذا لعمري هو الخسران المبين فالمال يستعاض عنه بالقناعة

ومؤشر الأسهم سيصعد يوما لا محالة لكن لن يكون هذا إلا بعد

أن يهوي مؤشر أبنائنا في مستنقع الوحل ومواقع الجريمة

بسبب أمهم البديلة ( الخادمة ) ثم مربيتهم العاهرة الماجنة

( القنوات الفضائية ) بعدما تنازلت الأم عن دورها لخادمة وجدت

الفرصة سانحة لها لتقوم بدورها التبشيري والتنصيري ولقد

أصاب مصطفى الرافعي من الحقيقة كبداً ومن الواقع مقتلاً إذ قال

ذات نصيحة :



وليس ربيب عالية المزايا

كمثل ربيب سافلة الصفات




فبئست الفاطمة وبئست المرضعة وخاب وخسر من استرضع

لأبنائه من ثدي قنوات تمور بالفسق وتدور بالمجون وتزدهر

بالعهر المنظم والمكتظ بأجساد عارية ومبتذلة ورخيصة تكفلت

بأبنائنا يوم غفلنا عنهم فاستطاعت أن تجعل منهم تابعين مقلدين

بعد أن كانوا متبوعين فأخذوا من حيث لم يحتسبوا ولم نحتسب

فدخلنا وإياهم جحر ضب حذرنا منه رسول الهدى صلى الله عليه

وسلم كثيراً لكن مما يجب الاعتراف به أن تلك القنوات قد قامت

بدورها في تربية أبنائنا ولعمري فلقد ربتهم وغرست فيهم القيم

التي ما أنزل الله بها من سلطان نعم لقد ربتهم وربتهم شئنا أم

أبينا لكن على ماذا ربتهم ؟؟ أتراها ربتهم على الصلاح ؟؟ أم أنها

قد ربتهم على مكارم الأخلاق ؟؟ لا وربي لا هذه ولا تلك بل ربتهم

على الرذيلة وما يخدش الحياء ويجعلهم يتمايلون على أنغام

الشياطين ومزامير إبليس الرجيم بعد أن أجلب عليهم بخيله

ورجله وشاركهم في الأموال والأولاد وليت أن أمهاتنا لم تلدنا

فلقد تغير الزمان وتغير الناس وأصبحت كلمة ( العيب ) لا تعني

شيئاً في وقتنا الحاضر بل إنها تقابل الآن بالسخرية والاستهزاء

من جيل تلك القنوات ما لم تخرج من فنان ساقط أو فنانة تجرّدت

من الحياء وتمرّدت على الذوق العـام ولعله ما يحز في نفس كل

حر أبي شريف غيور هو أنك عندما تخرج إلى السوق للتسوق لا

يشد انتباهك سوى تلك القصات الغريبة والمريبة في آن ويذهلك

ذلك الزي ذو الصبغة الغربية والذي جاء على حساب زينا

الوطني فتصاب بخيبة أمل مصحوبة بدهشة وليس لك من الأمر

شيء ولا تملك سوى أن تتمتم بينك وبين نفسك بكلمات تخرج

منك بعفوية مطلقة ودون سابق إنذار ثم تقبل يدك وتضعها على

رأسك قائلا : " الحمد لله على نعمتي العقل والدين " وهذه رزية

كبرى ومصيبة عظمى أن نستعيض عن عاداتنا وتقاليدنا بتقاليد

وعادات الغرب الذي لن يرضى عنا حتى نتبع ملتهم وأعتقد أنه

يتحتم علينا تربية الأمهات أولاً وأخيراً إذا ما أردنا الخير لأمتنا

ومجتمعنا وأنفسنا فإذا ما نجحنا في تربية الأمهات فقد نجحنا في

صنع جيل يستقي توجيهاته من القرآن الكريم ويستمد توجهاته

من السنة النبوية المطهرة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى

التسليم وتذكروا وصية الله لكم أيها الآباء في سورة

النساء " يوصيكم الله في أولادكم " فاحفظوا تلك الوصية

وحافظوا عليها وعضوا عليها بالنواجذ واستوصوا بأبنائكم

وبناتكم خيراً ولن يتركم الله أعمالكم ولا تلقوا بالمسؤولية كاملة

على المدرسة فإنها وإن كانت تتحمل جزءاً من المسؤولية

وتعتبر أحد محاضن التربية إلا أنها لا تتحمل المسؤولية كاملة

فإن البيت هو الأهم وهو المحضن الأول للنشء فلا تهملوه ولا

تتجاهلوه وانظروا إلى أولئك التلاميذ الذين يعتدون على معلميهم

بالضرب ويخربون سياراتهم واسألوا أنفسكم في لحظة صدق هل

ربتهم المدرسة على أن يقوموا بإحراق سيارات معلميهم أو

الاعتداء عليهم ؟؟ أم أن تساهل الآباء وتهاون الأمهات وتكفل

الخادمات بأبنائنا هو السبب في ذلك ؟؟ فانتبهوا ودعوا ما سوى

أبنائكم وحافظوا عليهم ولا تجعلوهم لعبة في أيدي الخادمات وإذا

ما وفقتم في ذلك فسنتحرر من عبودية ورق تلك القنوات الماجنة

وسنبني لأمتنا وبلادنا عزاً وسؤددا وسنحمي بلادنا من بعض

ربائب تلك القنوات الذين زينوا لأبنائنا الجريمة وأحلوا لهم قتل

الأنفس المعصومة بفتاويهم المضللة على منابر تلك القنوات

وهم الذين لا زالت عقدة النفط تلازمهم وتلجلج في صدورهم حتى

أعمت أعينهم وختمت على أبصارهم بغشاوة الحقد الدفين غالباً

والواضح بجلاء دائماً واعلموا أنكم ستحاسبون على أبنائكم وأن

الله سائلكم عنهم فاهتموا بتربية الأمهات تربية إسلامية صحيحة

واختاروا لأبنائكم من الأمهات من لا يعيرون بها في المجالس

وتعاهدوهم بالتربية الإسلامية الصحيحة ولا تجعلوهم فريسة

لقنوات ماجنة عاهرة ولا تكونوا كالذين حرروا المرأة من العفاف

فانقلب السحر على الساحر وعاد مكرهم وبالاً عليهم فانظروا إلى

مصير قادهم تهاونهم وكسلهم عن تربية أبنائهم . والله يتولى

الصالحين.




فمن للأمة الغرقـى

إذا كنا غريقينـا ؟؟



ومن للغاية العظمى

إذا ضمرت أمانينا ؟؟



ومن للحـق يجلـوه

إذا كلّت أيادينـا ؟؟