لقد ردّ العلامة الألبانيّ على أحكام بعض الأئمة، و اشتدّت عبارته أحيانا فيهم، وكان كل هذفه تنقية نصوص الحديث، فاجتهد وأفاد، وعلّم طلاب العلم ألا يتعصّبوا للأشخاص بجهل، و أن لا يداهنوا إذا أخطأ إنسان مهما كانت درجته، وأن يقولوا للمخطئ أخطأ، وللمصيب أصاب، فتكوّنت بفضله لدى أهل الحديث قوّة في الاحتجاج، وغلبة على مخالفيهم، و العجب كل العجب كيف أن بعض الإخوة يحاولون أن يظهروا الشيخ وكأن التصحيح والتضعيف انتهى به، ولم يترك لغيره شيئا فيما تناوله في كتبه، وهذا والله نقض لمنهجه المعادي للتقليد. وبالمبالغة في الدفاع عن اجتهادات الرجال انتشر تقليد الأشخاص، والتعصب لأقوالهم، و من قدر الله أن تعصّب الناس لأقوال رجال طالما رفضوا التقليد، والتعصب، وعدم النظر، كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، و أحمد، و ابن حزم، ومن آفة المتعصّبة أنهم لا يدركون أنهم متعصبة ومقلّدة، فإذا قال قائل و هو في جمع من الأحناف أخطأ الشافعي في كيت وكيت، ومالك في كيت وكيت، وهوّل في ذلك لا تسمع منهم بنت شفة، ولا يحرّك ذلك مشاعرهم، وكذلك غيرهم من الطوائف التي تجدهم يضجرون عندما يُذكر أخطاء أئمتهم، ولا يلقون بالاً عندما يُذكر أخطاء الآخرين، فلو ورد (المقال) بصيغته حتى في أحد أكابر أئمة الحديث وصنعته كأحمد و البخاري ومسلم وابن معين و ابن المديني وابن المبارك وابن سيرين و أبي زرعة وأبي حاتم لما رأينا أمثال هذا التقليد و التعصّب، كيف تصحّ أقوالكم والنظر إلى متون الأحاديث و دراسة عللها وفقهها، ثم الوصول إلى أحكام لها ما زالت غضّة تحتاج إلى جهود كبيرة، وعلم جمّ، نسأل المولى أن يهيّئ للأمة من يقوم بهذا على أتّم وجه.