الأحاديث الأربعة التي علا فيها مسلم عن البخاري هي:
الحديث الأول:أخرج مسلم في كتاب الجهاد حديث بريدة بن الحصيب وهو:" أَنَّهُ غُزِيَ مَعَ الْنَّبِيِّ - صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ- سِتَّةَ عَشَرَ غَزْوَةً "
قال مسلم: حدثني أحمد بن حنبل قال حدثنا المعتمر بن سليمان عن كهمس بن الحسن عن ابن بريدة عن بريدة ، هذا إسناد مسلم قال حدثني أحمد بن حنبل ثني المعتمر وهذا الحديث رواه البخاري في آخر كتاب المغازي آخر حديث في كتاب المغازي في صحيح البخاري في باب كم غزي النبي - صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ- ؟
قال البخاري: حدثني أحمد بن الحسن قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا المعتمر بن سليمان وساق الحديث . مسلم يرويه عن أحمد مباشرة ، والبخاري يرويه عن أحمد بن حسن عن أحمد بن حنبل يكون نزل درجة .
الحديث الثاني :رواه البخاري في كتاب التفسيرقال البخاري: حدثني أحمد ذكر العلماء أنه أحمد بن النضر بن عبد الوهاب النيسابوري قال حدثني أحمد قال حدثنا عبيد الله بن معاذ قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة عن عبد الحميد صاحب الزيادي وهو عبد الحميد بن كُرديد صاحب الزيادي أنه سمع أنس - رضي الله عنه – قال:" قَالَ أَبُوْ جَهْلٍ الْلَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ الْسَّمَاءِ أَوِ أَتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيْمٍ فَنَزَلَتْ ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾(الأنفال :33) ، هذا طبعًا البخاري رواه في كتاب التفسير سورة الأنفال .وعقب هذا الحديث مباشرة قال البخاري: حدثنا محمد بن النضر قال ثني عبيد الله بن معاذ بالإسناد الذي ذكرته ، أحمد بن النضر ومحمد بن النضر الاثنين أخوات ، والاثنين هؤلاء من طبقة مسلم أي من طبقة تلاميذ البخاري وكانوا من أهل نيسابور ، وكان البخاري إذا نزل نيسابور نزل عندهم ، فكأن البخاري كافئهم بأن روي عنهم ، وإلا فهم من طبقة تلاميذ البخاري مثل محمد بن عبد الرحيم صاعقة الذي سنذكره بعد فترة ، من شيخ البخاري في الحديث ؟ أحمد بن النضر ومحمد بن النضر ، كلاهما عن من ؟ عن عبيد الله بن معاذ ، أليس كذلك ؟ الإمام مسلم- رحمه الله- روي هذا الحديث في صفات المنافقين .
قال مسلم: حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة عن عبد الحميد صاحب الزيادي أنه سمع أنسًا ، البخاري نزل درجة أم لا ؟ ، كم بين البخاري وبين شعبة لديكم ؟ ثلاثة هذا منتهي النزول ، لأن البخاري يصل إلي شعبة بواحد آدم بن أبي إياس مثلًا ، أو يصل بأبي عاصم النبيل ، أو يصل بعلي بن الجعد مثلًا ، أو يصل بمحمد بن يوسف الفريابي ، محمد بن يوسف الفريابي يروي عن شعبة أيضًا وإن كان أكثر روايته عن سفيان الثوري ، فعندما يكون البخاري بينه وبين شعبة واحد فقط يكون بينه وبين شعبة ثلاثة هذا نزول .
الحديث الثالث:أخرجه البخاري في كفارات الأيمانقال البخاري: حدثنا داوود بن رشيد قال حدثنا الوليد بن مسلم عن أبي غسان محمد بن مُطَرِف عن زيد بن أسلم عن علي بن الحسين عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي- صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ- قال:" مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً أَعْتَقَ الْلَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوا مِنْ الْنَّارِ حَتَّىَ فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ " ، كم واحد بين البخاري والنبي- صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ- سبعة أم ثمانية ؟ سبعة ، شيخ البخاري فيها صاعقة ، البخاري قال حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال حدثنا داوود بن رشيد ، كم عددهم ؟ هكذا ثمانية .محمد بن عبد الرحيم هذا من أقران البخاري ، وكان يلقب صاعقة إما لأنه كان باقعة في الحفظ ، كان حفظه في الذروة فيسمي صاعقة ، أو قيل في ترجمته كان إذا نوى أن يرحل إلي شيخ مات ، أول ما ينوى يقول أذهب إلي فلان يموت فلان ، هذا وتكرر معه هذا أكثر من مرة فقالوا صاعقة أي أنه يصعق أي شيخ يفكر أن يذهب إليه .البخاري قال حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال حدثنا داوود بن رشيد قال حدثنا الوليد بن مسلم عن أبي غسان محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن علي بن الحسين عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة ، ثمانية رواه ، هذا الحديث أخرجه مسلم في كتاب العتق .
قال مسلم: حدثنا داوود بن رشيد قال حدثنا الوليد بن مسلم بسنده سواء ، ما الذي حدث عند البخاري ؟ أنه نزل فبينه وبين داوود صاعقة محمد بن عبد الرحيم .
س: طبعًا واحد يقول لي الوليد بن مسلم مدلس ، ونحن نقول لابد أن يصرح بالتحديث في كل طبقات السند ، وقد عنعن عن شيخه وعنعن الإسناد كله .
ج: من أيسر الأبحاث أو من أيسر العلل التي ترتفع تدليس المدلس ، أنت عندما تبحث في طرق هذا الحديث ويكون لديك نوع من التبحر في الإسناد ستجد هذا الإسناد مصرحًا فيه بالتحديث في الغالب صرح فيه بالتحديث الوليد بن مسلم مصرح بالتحديث ، لكن يكون هذا الإسناد ليس علي شرط واحد من الشيخين ، أو نازل جدًا وأنا لماذا قلت لك عد سند البخاري ؟ هذا من أنزل إسناد عند البخاري وأنزل إسناد في الكتب الستة عند النسائي بينه وبين النبي - صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ- عشرة أنفس حتى إن النسائي نفسه نبه قال هذا أطول إسناد أعلمه ، الإمام لا ينزل عادة بالإسناد وهم كانوا يحبون العلو إلا إذا لم يجد في الباب إسناد علي شرطه يكون نظيفًا علي شرطه أو لغير ذلك ربما يكون هناك علة من العلل الله اعلم لماذا ترك الإمام ، أو لماذا نزل الإمام هذا النزول ؟
الحديث الرابع:حديث أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة قال البخاري: حدثنا حماد بن حميد عن عبيد الله بن معاذ قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة مر بنا الإسناد هذا في الحديث الذي قبله علي الفور حتى شعبة فقط عن سعد بن إبراهيم عن محمد بن المنكدر قال:" رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عبد الله يَحْلِفُ بِالْلَّهِ أنَّ ابْنَ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ ، قُلْتُ: تَحْلِفُ بِالْلَّهِ ؟ قَالَ: إِنِّيَ سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَيَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْنَّبِيِّ - صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُنْكِرْهُ الْنَّبِيُّ - صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ- " ، أي إقرار النبي- عليه الصلاة والسلام - إقرار النبي حجة ، إنما أورد البخاري الحديث في الاعتصام بالكتاب والسنة لهذا المعني إقراره حجة . الإمام مسلم روي هذا الحديث في كتاب الفتن قال مسلم: حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، هذه هي الأحاديث الأربعة التي علا فيها الإمام مسلم - رحمه الله - عن الإمام البخاري في الرواية عن نفس الشيخ عن نفس شيخ مسلم .
طبعًا الإمام البخاري لم يكثر أيضًا من الرواية عن أحمد مباشرة لم يروي عن أحمد فيما أذكر إلا أربعة أحاديث مباشرة ، يقول فيها الإمام البخاري حدثنا أحمد بن حنبل أربعة أحاديث فقط يمكن تزيد حديث ، لا تقل ثلاث أحاديث ويكون هذا الحديث الرابع الذي ذكرناه الآن ، لكن لم يروي مباشرة إلا في حدود ثلاث أحاديث مثلًا ، وهذا أيضًا فيه رد علي من يقول لماذا لم يروي الإمام البخاري ومسلم للشافعي ؟ لأن أيام الحنفية والشافعية كانوا يتشاجروا مع بعض الشافعية قالوا للحنفية: ليس لصاحبكم حديث واحد في الكتب الستة ولا حديث في الكتب الستة . قالوا: البخاري ومسلم لم يرويا لصاحبكم أيضًا ، طبعًا هناك فرق بين الاثنين أبوحنيفة - رحمه الله - لم يكن عنده كثير حديث ، بالإضافة إلي أن كثير من أهل العلم تكلم في حفظ أبي حنيفة من جهة الحديث بخلاف الشافعي ، فقد أدرك البخاري أسنان الشافعي ، بل أدرك من هو أكبر من الشافعي وأعلى إسنادًا ، فلو روي عن الشافعي لنزل ، وفيه جزء للخطيب البغدادي اسمه جزء لاحتجاج بالشافعي ذكر فيه كلامًا نفيسًا حسنًا إذا أتت مناسبة ونحن نمشي في الطريق نذكرها كفائدة إن شاء الله .
من الشريط السادس من الشرح النفيس علي الباحث الحثيث