تنبيه : ما كان باللون الأحمر فهو من تعليق أخيكم أبو المعالي الجزائري غفر الله له ولوالديه وللمسلمين .
قال فضيلة الشيخ سعيد بن ناصر الغامدي حفظه الله تعالى:
هذه بعض أقوال أركون
جمعتها من كتابي الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها
* يصف الله تعالى بأنه مشكلة وذلك في سياق انتقاده للغة العربية ووصفه لها بأنها منغلقة ونائمة ومتخشبة ، وامتداحه للغة وفكر الغرب يتساءل بعد إيراده للفظ فرنسي إلحادي يقول : ( ... فكيف نعبر عنه باللغة العربية ؟ هل نقول مشكل الله أو مشكلة الله ... )(كتاب الإسلام والحداثة : ص 343
كثيرا ما يُحاول من عنده مشكلة في فهم أو ارباك في معنى أن يُصبغه على غيره ممن لا مُشكلة له في الفهم والمعنى وهذا من قبيل الاشراك في الألم والمعاناة ، وهذه مصيبة على القوم ، يُجرّمها من ليس بمُجرم ،وقد قيل : إذا عمت هانت ، وهم يُحسون بنوع من الشذوذ بين المؤمنين ،وهذا أيضا نوع من الألم والمعاناة ، إن أهل الإيمان لا يجدون مُشكلة في فهم معنى الربوبية والعبودية ، فكما أنه لا مشكلة عندنا في مخلوقيتنا كذالك لا مشكلة لدينا في خالقنا ، وهذا أصح ارتباط في الوجود وهو ارتباط العبد بالمعبود والمخلوق بالخالق ، فإن علاقة العبد بربه علاقة اضطرار تُمثلها حقيقة الافتقار , وإنما يحصل المشكل عند هؤلاء حين يطرحون بعض الحقائق ويبقون على البعض الآخر في عقلياتهم ، فيطرحون الحقيقة الكبرى التي هي حقيقة الباري ، ويُبقون على الحقيقة الصغرى وهي الإنسان الفاني ، ولذلك كان لزاما أن يحصل المشكل .
* ثم ينسل إلى مقصده الرئيسي الذي ذكره سابقاً فيما يتعلق بالله تعالى ، فيقول عن الانسان العربي :( ... لايُمكن أن يتصور إمكانية طرح مشكلة فكرية حول الله أو مناقشة فكرية حول وجود الله ، والسبب هو أن الخطاب القرآني يملأ مشاعره كمسلم أو كعربي بوجود الله ، إنه يملأ أقطار وعيه ومشاعره إلى درجة أنه لايبقى في وعيه أية مساحة لإثارة مناقشة فكرية حول وجود الله )الاسلام والحداثة 344
ليس بعد اليقين من مبحث ، وإن اليقين الأول والأخير هو وجود الله تعالى ،وحين يندج الإنسان تحت مُعارضة اليقين الأول والأخير لا جرم بعد ذلك على ما بعد ذلك من اليقينيات ، فهو قد اعترض على الله سُبحانه وتعالى ، فلا جرم أن يعترض على ما ملأ به القرآن صدور الموقنين به من اليقين ، فهذه حتمية لابد منها عندهم وعليهم.
* أركون يتهكم بالمؤمنين الذين يؤمنون بأن الله خالق العالم ويصفهم بالأصوليين والأرثوذكس فيقول : ( ... موقف المتكلمين الفقهاء ، أي الأصوليين الذين يدافعون عن الموقف الأرثوذكسي كما حدده القرآن بأن العالم مخلوق من الله ، وبين موقف الفلاسفة الذين قالوا بأزلية العالم ... )(الاسلام والحداثة 340
ومن يقرأ كلام أركون في ما يسميه “ التاريخية ” يرى بوضوح مقدار تشبعه بهذا المنهج حتى أصبح عقيدة يزن بها الكتب المنزلة وكل قضايا الوحي ومقتضياته
ومن المصطلحات التي تقمصها في دراسته للوحي مصطلح “ التاريخية ” أو “ التاريخانية ” ، وقد أغرم بهذا المصطلح إلى حد التقديس محمد أركون ونصر أبو زيد ، ويفضل أركون استخدام التاريخية ويفصل بينها وبين التاريخانية ، على اعتبار أن التاريخانية هي التي تقول بأن كل شيء أو كل حقيقة تتطور مع التاريخ وتهتم بدراسة الأشياء والأحداث من خلال ارتباطها بالظروف التاريخية ، ويرى أركون بأنه يجب تجاوز هذا المعنى إلى “ التاريخية ” التي تسمح وحدها بتجاوز الاستخدام اللاهوتي أو القومي ، وبشكل عام الايديولوجي للتاريخ(1) انظر : الفكر الإسلامي قراءة علمية لأركون : ص 139
هذا كله سفسطة سامجة ممجوجة ، ونعلم أن العقول السليمة لا ترتضيها مسالك للبحث ، فإن غاية ما عند القوم تصور الحلول للأوهام و عدم الاستقرار الفكري عندهم ، ثم يريدون حمل الناس عليها ، و نتاجهم هذا ناتج عن تعب العقول ومرضها لا عن نشاطها وسلامتها .
* يتحدث أركون عن التاريخية والهرمنيوطيقيا التي يدرس على ضوئها ثبوت القرآن وسيادته ، ويتحدث أن سلطته جاءت من الدولة الأموية التي جعلته مصدر السلطة العليا فيقول : ( ... إنه عائد إلى الدولة الرسمية التي وضعت منذ الأمويين بمنأى عن كل دراسة نقدية ، لأنها أرادت أن تجعل منه مصدراً السيادة العليا والمشروعية المثلى التي لاتناقش ولاتمس ، لقد فرضت هذه الوظيفة السياسية للقرآن نفسها منذ أن تم تشكيل المصحف )( الفكر الإسلامي : قراءة علمية لمحمد أركون : ص 51
نحن نعلم وكل منصف يعلم أن هذا الكلام عارٍ عن الصحة بالمرة , القرآن حاكم على الأمة منذ عهد النبوة ، وما قاله كذب بارد يدل على برودة دمه ، فإن بارد الدم يكذب الكذب البارد , وهذا منه .
* ويتحدث أركون في موضع آخر من كتابه عن مايسميه “ ظاهرة التقديس ” للقرآن العظيم ، فيرى أنها من ممارسة ( الذين يستمتعون في اجترار نفس الكلام بسبب الكسل أو الجهل )، ويرى أن المشروع الأسمى هو أن ( نجمد كالاقنوم عامل التقديس الموجود في القرآن والأناجيل والتوراة )( الفكر الإسلامي : قراءة علمية لمحمد أركون : ص 85
* وفي موضع آخر يتكلم عن صحة القرآن وثبوته باعتباره مجرد فرضية الفكر الإسلامي : قراءة علمية لمحمد أركون : ص 66
* ثم يتكلم عن أن الخطاب الإسلامي لم يستطع التوصل إلى التمييز في القرآن ونصوص الوحي بين الأسطورة والتاريخ ، وأنه أي الخطاب الإسلامي المعاصر : ( لايزال بعيداً جداً عن تاريخانية القرن التاسع عشر الأوروبية التي توصلت إلى تهميش العامل الديني والروحي المتعالي وحتى طرده نهائياً من ساحة المجتمع ، واعتباره يمثل إحدى سمات المجتمعات البدائية )( الفكر الإسلامي : قراءة علمية لمحمد أركون : ص 68
هذه طريقة قديمة متبعة عند القوم ، عند ضرب الأمثال يجمعون بين المختلفات من غير وجه شبه ، ويقيسون مع ثبوت الفوارق ، أين الإسلام والقرآن من النصرانية و البابوية المهيمنة ، كما يستغلون الاشتراك اللفظي ، فهذا دين وهذا دين ، ويهملون الفوارق المعنوية وكنه المحتويات ، فهذا حق وهذا باطل ، فلا مجال للقياس بحال , ولكن القوم لا يكادون يفقهون حديثا .
ويعيد الكلام عن الخطاب الإسلامي المعاصر فيصفه بأنه ( الذي يزعم أنه يحرك التاريخ المعاصر ويحد له من جديد ديكتاتورية الغاية المثلى على طريقة الإسلام البدائي ، هذا الخطاب هو خطاب ايديولوجي ، مغلق على البعد الأسطوري والرمزي ذي الأهمية الحاسمة جداً في القرآن )(المصدر نفسه 109
* ويصف أركون قصة أصحاب الكهف بأنها أساطير المصدر نفسه ص 48
( بل كذبوا بما لم يُحيطوا بعلمه ) إن الحقائق لا تثبث ولا تُنفى بالعدم الخالص ، ولو ذهب الناس ينفون ما لا يعلمون لنفوا أكثر ما مضى وما غاب من الحقائق والقطعيات مما هو معلوم الوجود، وغاية المعدوم من العلم أن يسكت عن الإثبات والنفي ، فكيف إذا كان الإثبات لا مرية فيه ، ولكن القوم يخرمون قواعد العقل لما يبنون ويعرشون .
* ويعلل أركون أخذه بهذا المنهج قائلاً : ( لكي تحلل وتدرس وضع الإسلام الراهن في مواجهة الحداثة بشكل صحيح ، فإنه من الضروري أن نوسع من مجال التحري والبحث لكي يشمل ، ليس فقط الفكر الإسلامي الكلاسيكي ، وإنّما القرآن نفسه أيضاً إن المهمة تبدو مرعبة لأسباب معروفة جيداً ، سوف نرى ، مع ذلك ، لماذا هي شيء لابد منه ، إذا ما أردنا أن نعالج بشكل دقيق المكان الذي أتيح للتاريخية أن تحتله في الإسلام )( المصدر السابق : ص 113 – 114
هذه خطة منه وتواصٍ ، إنه يؤُز من على شاكلته إلى الباطل أزا.
* هاجم اركون الكتب التي كتبها غربيون يثبتون فيه صحة القرآن وسلامته من التحريف ، وصحة الإسلام وثبات مناهجه وقوة حقيقته ووصفها بأنها كتب تبجيلية هزيلة ، لا لشيء إلاّ لقيام مؤلفيها بتوضيح الحقيقة بطرق علمية في أحدها وفلسفية اجتماعية في الثاني ، فهل من دليل أكبر من هذا الدليل على مقدار ماينطوي عليه “ أركون ” من عداء للإسلام وانتماء لأعدائه ؟ . تحدث في هذا الصدد عن كتاب موريس بوكاي المسمى “ التوراة والقرآن والعلم : الكتابات المقدسة ممتحنة على ضوء المعارف الحديثة ” فقال عنه أركون : ( كتاب تبجيلي هزيل جداً ) ثم عن كتاب روجيه جارودي “ وعود الإسلام ” فقال عنه : ( كتاب هزيل أيضاً ) . انظر : الفكر الإسلامي لأركون : ص 83 - 84 .
* يتحدث بصورة تشكيكية عن ثبوت القرآن ، ويؤكد أن القطع بذلك إنما هو من قبل الروح “ الدوغمائية أي المنغلقة القاطعة بانفرادها بالحقيقة .
ثم يتحدث عن جمع أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - للمصحف وتوحيد المصاحف عليه بأن ذلك من قبيل الهيجان السياسي الديني ، الذي قام بفرض نسخة رسمية واحدة ، وأن المسلمين يثنون بدوغمائية على هذا الموقف ، ثم يقرر في الصفحة نفسها بأن ( الفكر الإيجابي “ الواقعي ” هو فكر تاريخي )( الفكر الإسلامي لأركون : ص 126
لو كان عادلا لقال هذا من قبيل الإصلاح السياسي الديني ، أي أنها سياسة إصلاحية دينية ، ذلك أن توحد الناس على المشتركات أنفع لهم من الاختلاف فيها ، ولذلك ينتفع الناس حين يتوحدون على معنى الماء والدواء والفرح والحزن ، فلو كان معنى الماء والدواء والفرح والحزن عند طائفة بأي لسان كان غير معنى الماء بأي لسان كان عند طائفة ،لفسد على الناس حالهم و معاشهم ومزاجهم , فكيف بالقرآن الكريم الذي هو الفصل ليس بالهزل , فتوحيد الناس على ما هو الحق حري بالعاقل مدحه والثناء عليه لا العكس .
* في محاضرة لأركون في ندوة الإسلام والحداثة يقول تحت عنوان “ الحداثة ومشكلة المعجم الاعتقادي القديم ” حين اعترض عليه أحد الحاضرين وطلب منه احترام المقدسات وخاصة الوحي والتنزيل أجاب أركون : ( بالطبع ، معك بعض الحق ، وقد نبهت منذ البداية إلى أنه ينبغي أن نسير في موضوع الحداثة بتؤدة وبطء فالأرض مزروعة بالألغام ، ولكنك تستخدم كلمات كثيفة جداً ومثقلة بالدلالات التاريخية دون أن تحاول تفكيكها أو تحليلها ... ، كل هذه التعابير المصطلحية الأساسية التي ورثناها عن الماضي “ كمفردات الإيمان والعقيدة بشكل خاص ” لم نعد التفكير فيها الآن ، ونحن نستخدمها وكأنها مسلمات وبدهيات ونشر بها كما نشرب الماء العذب ، هذا ما تعودنا عليه منذ الصغر ومنذ الأزل ، ولكن إذا صممنا على أن ندخل فعلياً في مناخ الحداثة العقلية ، فماذا نرى ؟ ماذا تقول لنا الحداثة بخصوص هذه المفردات الضخمة الكثيفة التي تملأ علينا أقطار وعينا ؟ ، ماذا تقول لنا بخصوص هذه المصطلحات الإيمانية المشحونة بالمعاني وظلال المعاني ... عندما يستخدم المرء بشكل عفوي هذا المعجم الإيماني اللاهوتي القديم لايعي مدى ثقله وكثافته وشحنته التاريخية وإبعاده المخفية ، وكل الأخطار المرافقة لاستخدامه ، فمثلاً عندما يقول المؤمن التقليدي أن هناك أشياء لاتتغير ولاتتبدل ، وعندما يقول هناك المقدس “ أو الحرم باللغة الإسلامية الكلاسيكية ” .وينبغي عدم التساؤل حوله أو مسه ، وعندما يقول : هناك الوحي ، وكل هذه الأديان انطلقت من النقطة نفسها : الوحي ... الخ عندما يقول كل ذلك فإنه يستخدم لغة كثيفة أكثر مما يجب ، هكذا تلاحظون أني استخدم صفة كثيفة أو ثقيلة “ بمعنى الوزن ” الحيادية لكيلا أطلق أي حكم قيمة ، ماذا تعني هذه الكلة ؟ إنها تعني أن كواهلنا تنؤ تحت ثقل أكياس هذا المعجم القديم ، فهو أثقل من أن نحتمله أو نستطيع حمله بعد الآن ، ... ففي هذه الأكياس “ أكياس المعجم التقليدي ” أشياء كثيرة لا شيء واحد ، وينبغي أن نفتحها لكي نعرف ما فيها ، لم نعد نقبل الآن بحملها على أكتافنا وظهورنا دون أي تساؤل عن مضمونها كما حصل طوال القرون الماضية ، ماذا تقول لنا الحداثة بخصوص كل واحدة من هذه الكلمات والمصطلحات التيولوجية القديمة ؟ ، ماذا تقول لنا إذا ما قبلنا أن ندخل فعلاً في مناخ الحداثة ونتنفس هواها الطلق ؟ )(الاسلام والحداثة 327-328 .
هذا الرجل يُعاني من الاحباط والألم والمعاناة كما ذكرت آنفا ولذلك ، يتذمر من الثقل والكثافة والأكياس المُعبأة ، فهذا شعوره وإحساسه يُريد أن يسحبه على الآخرين , ولو علم بسعادة أهل الإيمان في إيمانهم ، لجحد ذاته وأنكرها بدلا من أن يجحد الحقائق الكبرى ، يريد أن يقضي على الآخرين بحاله هو ، كمثل الأحول يقضي على مايرى بعدديته هوعن طريق عينيه هو ، لا بعدديتم عن طريق أعينهم الصحيحة ..
ثم يسترسل في كلامه ليصل إلى قضية “ الوحي ” فيقول : ( أتمنى هنا عندما تلفظ كلمة الوحي أن تشعر بأنها كلمة شديدة الخطورة والأهمية ، وأنه لايُمكننا استخدامها بسهولة وبمناسبة ودون مناسبة ، بمعنى أننا لانفهمها جيداً ، وإنها بحاجة ؛ لأن تخضع لدراسة جديدة دقيقة لاتقدم أي تنازل للتصورات الألفية التي فرضتها العقائد الدوغمائية الراسخة ، أتمنى أن ننظف من كل ما علق بها من أوشاب ايديولوجية ، وذلك لأن العقائد الدوغمائية الراسخة تحمل في طياتها الكثير من الايديولوجية ... إن عملنا يتمثل في عزل ، وفرز كل ما أضيف إلى كلمة وحي من أشياء تثقلها وتجعل منها أداة ايديولوجية أو آلة ايديولوجية من أجل الهيمنة والسيطرة ، وليس فضاء للمعرفة المنفتحة على الكون ، وهذا إشكالي ، فنحن لانعرف بالضبط ما هو الوحي ، وأستطيع أن أقول الآن مايلي : لاتوجد حتى هذه اللحظة التي أتكلم فيها أمام أي مكتبة في العالم ، ولا أي كتاب في أية لغة من لغات العالم يطرح مشكلة الوحي على طريقة العقلانية الحديثة ومنهجيتها )(الاسلام والحداثة 329-330
هذه أكبر أنواع المحاولات للسرقة والاختلاس على وجه المعمورة وفي تاريخها ، لا تُضاهيها إلا محاولة سرقة فرعون للكلمة الدالة على وصف القدسية ( ماعلمت لكم من إله غيري ) ليصير معبودا من دون الله وهو يعلم أنه باطل ،وهذا يريد سرقة كلمة الوحي ونحتها لتدل على معان عند الحداثيين هي أبعد ما تكون عن الحق وهو يعلم أنه على باطل ، ولذلك يلتمسون من المعاني والمصطلحات ما له صفة الخلود ولو خلود نسبيا ما دامت السماوات والأرض ليمزجوه بما هم عليه من مبادئ عارضة للاندثار ، لتخلد خلود تلك الكلمات وتبق ما بقي الليل والنهار ، وهذا من أنواع المكر الذي عليه القوم .
* ويقول أركون (...عندما أقول : القرآن خطاب أسطوري البنية فإن المسلم يولول ويثور وينادي بالثبور وعظائم الأمور في حين أني لم أقل شيئاً خارقاً للعادة أو يسبب أي مشكلة ... )( الإسلام والحداثة : ص 346 – 347
هذه هي التهكمية ، وهي ترمز إلى المدى والبعد الذي يرمي إليه وأمثاله من تخلية الناس من عقيدتهم إلى عقيدته هو وأمثاله ، فإن التسليم لما عليه وهو عدم الانتقاد ما هو إلا اعتقاد لأصحية ماعليه ، فهو يروم أن لا تهتز مشاعر و كوامن المسلم ضد مذهبه في حين أنه يهتز هو ضد المسلم واعتقاده .
* العقيدة :يعتبر أركون أن المعجم الاعتقادي عند المسلمين عقدة في طريق انتشار الحداثة ، وذلك حين كتب : ( الحداثة ومشكلة المعجم الاعتقادي القديم )(1) ونبه الأتباع والمقلدين ودعاة الحداثة بأنه ( ينبغي أن نسير في موضوع الحداثة بتؤدة وبطء ، فالأرض مزروعة بالألغام ، ولكنك تستخدم كلمات كثيفة جداً ومثقلة بالدلالات التاريخية دون أن تحاول تفكيكها أو تحليلها ... كل هذه التعابير المصطلحية الأساسية التي ورثناها عن الماضي “ كمفردات الإيمان والعقيدة بشكل خاص ” لم نعد التفكير فيها حتى الآن ، ونحن نستخدمها كأنها مسلمات وبدهيات ونشربها كما نشرب الماء العذب ... عندما يستخدم المرء بشكل عفوي هذا المعجم الإيماني اللاهوتي القديم لايعي مدى ثقله وكثافته وشحنته التاريخية وأبعاده المخيفة ، وكل الأخطار المرافقة لاستخدامه )( الإسلام والحداثة ص 327
* له جهد كبير في تثبيت عقيدة الشك ومحاربة اليقين الذي هو ركن في الايمان عند المسلمين،وجهد مضاعف في اثبات عقيدة النسبية ،ففي ميدان نفيه لليقين والحقيقة الذي يعتبره من أهم منجزاته ، يقول أركون ( من منجزات الحداثة العقلية ألا وهو نسبية الحقيقة ، ونسبية الحقيقة تتعارض جذرياً مع مطلق الحقيقة أو الاعتقاد بوجود الحقيقة المطلقة كما ساد سابقاً في كل الأوساط الدينية )( الإسلام والحداثة ص 362
قال عنه مؤلفا كتاب “ رأيهم في الإسلام ” : ( صاحب عقيدة واثق من صلابة تفكيره وصواب رأيه ، ووضوح مواقفه ... ، يحافظ على اتصال دائم مع التطور الغربي ، مخاصماً مسلمين كثر ، فوجئوا وصدموا باستعماله ، في خواطره وأبحاثه التاريخية ، نظريات استوحاها من حياة القرن العشرين ، وأوروبا ، وعلم اللغات وتحاليل اجتماعية وأصول تنظيمية ، همه الأوحد تطهير رؤى هؤلاء لإسلامهم من الخرافات والأوهام والشوائب التي تشوبها ... ، فإعادة النظر بمجموع التقاليد الإسلامية لتوحيدها وكشف الرواسب المتراكمة التي عثَّرتها منذ الدعوة القرآنية ، هي موضع اهتمام محمد أركون كما المصلحين المحدثين ، مصدرها سلطان النص المطلق ، وشرعية هذا السلطان الذي لايخلو من تعصب نظري ، فينبغي أن تؤدي الثقة العارمة بالنص إلى التقليل من أهمية التجدد في النظرة - أكانت شرقية أم غربية - إلى الإسلام ، التي تواكب عمل أبرز أخصائي مسلم بالدين ، ولا ريب ، لغته فرنسية )(1) .
رأيهم في الإسلام : ص 145 – 146
* سأله المؤلفان هل يُمكن لدولة عصرية اعتماد الإسلام كنظام حكم ؟ أجاب : ( أرفض هذه الصيغة ،
فالإسلام ليس بنظام حكم ، لا تاريخياً ولا عقائدياً )(المصدر السابق 151
* وعن عقيدته (الحداثية) يطلق بيقينية وقطع – مناقضا منهجه الشكي والنسبي- يقول : ( ... الحداثة تتجاوز المجال العربي والإسلامي لكي تخص كل شعوب الأرض ، إنها ظاهرة كونية )( الإسلام والحداثة ص 354
* ويطرح الجبرية الحداثية باعتبارها أمراً مفروغاً منه ، لا فكاك من الأخذ بها والانطلاق من ساحتها ، يقول ذلك في يقينية شمولية تقديسية تعسفية ، يقول : ( ... إننا مجبرون منهجياً على الانطلاق من ساحة الحداثة العقلية والفكرية ؛ لأن الحداثة أضافت مشاكل جديدة لم تكن تطرح سابقاً ، وافتتحت منهجيات جديدة تتيح لنا توسيع حقل المعرفة دون إدخال يقينيات دوغمائية ، تعسفية ، هذا هو الشيء الجديد فعلاً ، وهنا يكمن جوهر الحداثة )( المصدر السابق ص 361 .
ما لم أُعلق عليه مُتساقط ذاتيا ، وإن كان كل كلامه كذلك ، لكن لما وجدت في كلامه ليٌّ لَويتُه بما علقت, والله المستعان .
المصدر : شبكة نور الإسلام