السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الإخوة الأفاضل :
وقفتُ على بعض النصوص التي فيها أن جهابذة المحدثين من السلف كانوا لشدة حفظهم لأحاديث الرواة و معرفة مخارجها و طرقها و ما إلى ذلك أحفظَ لحديث الراوي - في كثير من الأحيان - من الراوي نفسه ! و من أنعم النظر في أحوالهم لم يستغرب ذلك منهم رحمهم الله تعالى و جزاهم خيرا على ما قدموه في سبيل حفظ سنة الحبيب .
الذي أرجوه من الإخوة مشاركتي في كتابة ما وقع لهم من هذا القبيل هنا ، و الله الموفق .
1- قال عباس الدوري : سمعتُ يحيى بن معين يقول : (( حضرنا نعيم بن حماد بمصر فجعل يقرأ كتابًا من تصنيفه ، قال : فقرأ ساعة ثم قال : ( حدثنا ابن المبارك عن ابن عون ) بأحاديث ، قال يحيى : قلتُ له : ليس هذا عن ابنِ المبارك ، فغضب و قال : تردُّ عليَّ ؟ قال : قلتُ : إي و الله أرد عليك أريد زينك ! ، فأبى أن يرجع ، فلما رأيته هكذا لا يرجع ، قلتُ : لا و الله ما سمعتَ أنتَ هذا من ابن المبارك قط ، و لا سمعها ابن المبارك من ابن عون قط ! فغضب ، و غضب من كان عنده من أصحاب الحديث ، و قام فدخل البيت فأخرج صحائف فجعل يقول و هي بيده : أين الذين يزعمون أن يحيى بن معين ليس أمير المؤمنين في الحديث ؟ نعم يا أبا زكريا غلطتُ ، و كانت صحائف فغلطتُ فجعلتُ أكتب من حديث ابن المبارك عن ابن عون ، و إنما روى هذه عن ابن عون غير ابنِ المبارك )) [ الكفاية للخطيب ] .
2- و قال عبد الرحمن بن مهدي : ذاكرني أبو عوانة بحديث فقلتُ : ليس هذا من حديثك ، فقال : لا تفقع يا أبا سعيد ، هو عندي مكتوب ، قلتُ : فهاته ، قال : يا سلامة هات الدرج ، ففتش فلم يجد شيئًا !! فقال : من أين أُتيتُ يا أبا سعيد ؟!! فقلتُ : هذا ذوكرتَ به و أنتَ شاب فعلق بقلبكَ فظننتَ أنك قد سمعتَ ! .[ المجروحين لابن حبان ] .
3- و قال زائدة : كنا نأتي الأعمش فيحدثنا فيكثر ، و نأتي سفيان الثوري فنذكر تلك الأحاديث له ، فيقول : ليس هذا من حديث الأعمش ! فنقول : هو حدثنا به الساعة ! ، فيقول : اذهبوا فقولوا له إن شئتم ، فنأتي الأعمشَ فنخبره بذلك ، فيقول : صدق سفيان ! ليس هذا من حديثنا ! . [ الجرح و التعديل ] .
تنبيه : النصوص الثلاثة نقلتُها بواسطة كتاب " الخبر الثابت " ص 160 .