تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: استشارة هامة لطلبة العلم

  1. #1

    افتراضي استشارة هامة لطلبة العلم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أما بعد :
    أود استشارة إخواني طلبة العلم حول رأيهم في بحث ابتدأته حول صلاة الجمعة دراسة مقارنة وإليكم مقتطفا منه
    المسألة الثانية: اختلاف الجمهور في حد القرب من المصر :

    ذهب جمهور العلماء إلى القول بأن الجمعة واجبة على أهل المصر و القرية وعلى من كان خارجهما مع القرب دون البعد.
    ثم اختلفوا في حد هذا القربعلى أقوال :
    فقيل : تجب الجمعة على من يبعد عن البلد بنحو فرسخ فأقل ، أي ما يقارب ثلاثة أميال ، ولا فرق في ذلك بين المصر والقرية و الأخصاص ( أي بيوت الجريد أو القصب ) وهو مذهب المالكية[1] و الحنابلة[2] واختاره ابن تيمية [3] .
    وقيل : العبرة بسماع النداء . وهو مذهب الشافعية وهو رواية عن أحمد[4].
    وقيل : يلزم المجئ إلى الجمعة من كان منها بحيث إذا زالت الشمس وقد توضأ قبل ذلك دخل الطريق اثر اول الزوال ومشى مترسلا ويدرك منها ولو السلام سواء سمع النداء أو لم يسمع ، ومذهب الظاهرية[5] .
    وقيل : من آواه الليل إلى أهله ، روي ذلك عن ابن عمر وأبي هريرة وأنس والحسن ونافع مولى ابن عمر ، وكذلك قال عكرمة والحكم وعطاء والأوزاعي وأبو ثور[6] . وقيل غير ذلك[7] .
    أدلة القائلين بأنها تجب الجمعة على من يبعد عن البلد بنحو فرسخ فأقل:
    الدليل الأول :
    -عن جابر رضي الله عنه قال : قام رسول الله r خطيبا يوم الجمعة فقال : " عسى رجل تحضره الجمعة وهو على قدر ميل من المدينة فلا يحضرها " . ثم قال في الثانية : " وهو على قدر ميلين من المدينة فلا يحضرها " . ثم قال في الثالثة : " وهو على قدر ثلاثة أميال من المدينة فلا يحضر الجمعة ، ويطبع الله على قلبه " [ضعيف جدا ][8]
    الدليل الثاني :
    -عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله r:" ألا هل عسى أحدكم أن يتخذ الصبة من الغنم على رأس ميل أو ميلين ، فيتعذر عليه الكلأ ، فيرتفع ، ثم تجيء الجمعة فلا يجيء ولا يشهدها، وتجيء الجمعة فلا يشهدها ، وتجيء الجمعة فلا يشهدها ، حتى يطبع على قلبه." [صحيح لغيره ][9]

    الدليل الثالث :
    -حدثنا أحمد بن صالح ،قال حدثنا عبد الله بن وهب، قال أخبرني عمرو بن الحارث عن عبيد الله بن أبي جعفر أن محمد بن جعفر بن الزبير حدثه عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي rقالت :كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي فيأتون في الغبار يصيبهم الغبار والعرق فيخرج منهم العرق فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسان منهم وهو عندي فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا "[10]


    -وقد جاء تحديد العوالي عند البخاري قال : حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال حدثني أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس مرتفعة حية فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيهم والشمس مرتفعة وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه.[11]
    الدليل الرابع :آثار عن بعض الصحابة .
    -عن عمرو بن شعيب أن عبد الله بن عمرو بن العاص ، " يكون بالوهط ، فلا يشهد الجمعة مع الناس بالطائف ، وإنما بينه وبين الطائف أربعة أميال أو ثلاثة "[12]
    -عن ثابت البناني قال : كان أنس " يكون في أرضه ، وبينه وبين البصرة ثلاثة أميال ، فيشهد الجمعة بالبصرة "[13]

    أدلة القائلين :أن العبرة بسماع النداء .
    -استدلوا بعموم قوله جل وعلا : (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [14]
    -عن عبد الله بن عمرو أن النبي r قال : "الجمعة على من سمع النداء "
    [ حديث حسن ]
    -قالوا أن القاعدة تقول : المطلق يجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد نصا أو دلالة ،ومعناهأنهيجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد نصا أي لفظا وذلك بأن يكون مقرونا بنحو صفة أو حال أو إضافة أو مفعول أو نهي أو شرط أو استثناء،أو دلالة كقول المكاري لآخر اشتر لي بغلا أو بغلة فاشترى له بغلة[15].
    وتقييد سماع النداء بمسافة معينة لم يثبت بدليل وهو محض تحكم ، واختلاف الصحابة رضي الله عنهم دليل على عدم ورود مقيد ، فوجب العمل بالحديث على إطلاقه ، والمعتبر مظنة السماع غالبا، إذا كان المؤذن صيتا، والرياح ساكنة، والأصوات هادئة، والعوارض منتفية.
    -وحديث أبي هريرة ، قال : قال رسول الله r:" ألا هل عسى أحدكم أن يتخذ الصبة من الغنم على رأس ميل أو ميلين ، فيتعذر عليه الكلأ ، فيرتفع ، ثم تجيء الجمعة فلا يجيء ولا يشهدها، وتجيء الجمعة فلا يشهدها ، وتجيء الجمعة فلا يشهدها ، حتى يطبع على قلبه."
    فيهتنبيه على أن الميل والميلين من مظنة القرب ومن مظنة سماع النداء غالبا، وليست نصا فيما زاد عنها أنه لا تجب عليه.

    أدلة القائلين :يلزم المجيء إلى الجمعة من كان منها بحيث إذا زالت الشمس وقد توضأ قبل ذلك دخل الطريق إثر أول الزوال ومشى مترسلا ويدرك منها ولو السلام سواء سمع النداء أو لم يسمع .

    -قالوا أن النداء قد لا يسمعه لخفاء صوت المؤذن، أو لحمل الريح له إلى جهة أخرى، أو لحوالة رابية من الأرض دونه من كان قريبا جدا، وقد يسمع على أميال كثيرة إذا كان المؤذن في المنار والقرية في جبل والمؤذن صيتا والريح تحمل صوته.

    -أن قول رسول الله r: (أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: أجب) أنه إنما أمره بالإجابة لحضور الصلاة المدعو إليها، لا من يوقن أنه لا يدرك منها شيئا، هذا معلوم يقينا ويبين ذلك إخباره عليه السلام بأنه يهم بإحراق منازل المتخلفين عن الصلاة في الجماعة لغير عذر.
    -فإذ قد اختلفوا هذا الاختلاف فالمرجوع إليه ما افترض الله الرجوع إليه من القرآن والسنة * فوجدنا الله تعالى قد قال: (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ) [16]فافترض الله تعالى السعي إليها إذا نودي لها، لا قبل ذلك، ولم يشترط تعالى من سمع النداء ممن لم يسمعه، والنداء لها إنما هو إذا زالت الشمس، فمن أمر بالرواح قبل ذلك فرضا فقد افترض ما لم يفترضه الله تعالى في الآية ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، فصح يقينا أنه تعالى أمر بالرواح إليها إثر زوال الشمس، لا قبل ذلك، فصح أنه قبل ذلك فضيلة لا فريضة، كمن قرب بدنة، أو بقرة، أو كبشا، أو ما ذكر معها.
    -وقد صح أمر النبي rمن مشى إلى الصلاة بالسكينة والوقار، والسعي المذكور في القرآن إنما هو المشي لا الجري، وقد صح أن السعي المأمور به أنما هو لإدراك الصلاة لا للعناء دون إدراكها، وقد قال عليه السلام: (فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) فصح قولنا بيقين لا مرية فيه.[17]

    أدلة القائلين أنها تجب من آواه الليل إلى أهله :
    -عن أبي هريرة ، عن النبي r قال : " الجمعة على من آواه الليل إلى أهله "
    [ ضعيف جدا ][18]
    -والمعنى أنها تجب على من يمكنه الرجوع إلى أهله قبل دخول الليل ، واستشكل بأنه يلزم منه أنه يجب السعي من أول النهار وهو بخلاف الآية[19] .

    الراجح :
    والذي يظهر أن الراجح هو أن العبرة بسماع النداء ، أما تحديده بفرسخ فغير منصوص والقاعدة تقضي بأن المطلق يجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد نصا أو دلالة ، خصوصا وأن الصحابة قد اختلفوا في تقدير حد القرب فوجب الرجوع إلى النص ، أما تحديدها بوقت الزوال فغير منضبط لكون الناس ليسوا سواء في معرفته ،
    وأما من قال أنها تجب على من آواه الليل إلى أهله ، فمحجوج بوهاء طرق الحديث ، فبقي إذن النداء الذي هو شعار المسلمين وبه أنيط الحضور إلى صلاة الجماعة فمن باب أولى أن تناط به الجمعة فمن سمعه وجب عليه إجابته ، وقد يسمع على أميال كثيرة إذا كان المؤذن في المنار والقرية في جبل والمؤذن صيتا والريح تحمل صوته، خصوصا في عصرنا الحالي وقد اخترعت مكبرات الصوت التي قد ملأت جنبات المدن ، فأصبح النداء يبلغ أميالا ، والتقييد بغير نص صحيح صريح فيه تحجير الواسع ، والله تعالى أعلى وأعلم وأحكم .

    [1][1]المدونة ( 1/233) أقرب المسالك (25) التلقين (131) الكافي في فقه أهل المدينة (69)حاشية الصاوي (1/325)مواهب الجليل (2/527) الإكليل (72).

    [2]المحرر في الفقه (142) المقنع مع الشرح الكبير مع الإنصاف (5/161) المغني (3/208) كشاف القناع (1/503)

    [3]مجموع الفتاوى (24/68)

    [4]المقنع مع الشرح الكبير مع الإنصاف (5/165)

    [5]المحلى (5/526)

    [6]فتح الباري لابن رجب (8/161)

    [7] المجموع (4/354) فتح الباري لابن رجب (8/161):"وقالت طائفة : تجب الجمعة على من بينه وبينها أربعة أميال ؟، وروي عن ابن المنكدر والزهري وعكرمة وربيعة .
    وروي عن الزهري -أيضا- تحديده بستة أميال ، وهي فرسخان .
    وروي عن أبي هريرة ، قال : تؤتى الجمعة من فرسخين .
    خرجه ابن أبي شيبة بإسناد ضعيف .
    وروى عبد الرزاق بإسناد منقطع ، عن معاذ ، أنه كان يقوم على منبره ، فيقول لقوم بينهم وبين دمشق أربع فراسخ وخمس فراسخ : إن الجمعة لزمتكم ، وأن لا جمعة الا معنا .
    وبإسناد منقطع ، عن معاوية ، أنه كان يامر بشهود الجمعة من بينه وبين دمشق أربعة عشر ميلا .
    وقال بقية : عن محمد بن زياد : أدركت الناس بحمص تبعث الخيل نهار الخميس إلى جوسية وحماة والرستن يجلبون الناس إلى الجمعة ، ولم يكن يجمع إلا بحمص .
    وعن عطاء ، أنه سئل : من كم تؤتى الجمعة ؟ قال : من سبعة أميال .
    وعنه ، قال : يقال : من عشرة أميال إلى بريد .
    وعن النخعي ، قال : تؤتى الجمعة من فرسخين .
    وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، أنه أمر أهل قباء ، وأهل ذي الحليفة ، وأهل القرى الصغار حوله : لا يجمعوا ، وأن يشهدوا الجمعة بالمدينة .
    وعن ربيعة -أيضا- ، أنه قال : تجب الجمعة على من إذا نودي بصلاة الجمعة خرج من بيته ماشيا أدرك الجمعة ."

    [8]أخرجه أبويعلى في مسنده (4/141)وفيه سفيان بن وكيع وهو ضعيف.
    وفيه أيضا الفضل الرقاشي .
    قال عبدالله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: ضعيف.
    وقال أبو بكر بن أبي خيثمة ، عن يحيى بن معين: كان قاصا، وكان رجل سوء.
    قلت: فحديثه ؟ قال: لا تسأل عن القدري الخبيث.
    وقال إسحاق بن منصور ، عن يحيى بن معين: سئل سفيان ابن عيينة، فقال: لا شئ.
    وقال أبو زرعة: منكر الحديث.
    وقال أبو حاتم: منكر الحديث، في حديثه بعض الوهن، ليس بقوي.
    وقال سلام بن أبي مطيع عن أيوب السختياني: لو أنفضلا الرقاشي ولد أخرس كان خيرا له.
    وقال أبو عبيد الاجري: قلت لابي داود: أكتب حديث فضل الرقاشي ؟ قال: لا، ولا كرامة.
    عن أبي داود: حدث عن حماد بن زيد عن الفضل بن عيسى الرقاشي وكان من أخبث الناس قولا.
    وقال النسائي: ضعيف.
    وقال في موضع آخر: ليس بثقة.
    وقال أبو أحمد بن عدي: والضعف بين على ما يرويه.تهذيب الكمال (23/244)

    [9]أخرجه ابن ماجه (1127 ) وأبو يعلى(6450) وابن خزيمة (1859)والحاكم في المستدرك (1084) من طريق معدي بن سليمان ، أبي سليمان ، صاحب الطعام ، حدثنا ابن عجلان ، عن أبيه ، فذكره.
    ومعدي بن سليمان ضعيف.
    قال أبو زرعة: واهي الحديث، يحدث عن ابن عجلان بمناكير.
    وقال أبو حاتم: شيخ. الجرح والتعديل (1997)
    وقال النسائي: ضعيف.تهذيب الكمال (6083)
    قال الحافظ : وصحح الترمذي حديثه وقال ابن حبان يروي المقلوبات عن الثقات والملزقات عن الاثبات لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد. تهذيب التهذيب (420) الميزان (8652).
    وللحديث شواهد تقويه:
    الشاهد الأول :أخرجه الطبراني (336) حدثنا أحمد بن رشدين قال : حدثني سعيد بن خالد الربعي المروزي قال : نا عيسى بن يونس ، عن إبراهيم بن يزيد ، عن أيوب بن موسى ، عن نافع ، عن ابن عمر به .
    وسنده ضعيف . ففيه أحمد بن رشدين ،
    قال ابن أبي حاتم : سمعت منه بمصر ولم أحدث عنه لما تكلموا فيه.الجرح والتعديل (153)
    قال ابن عدي: كذبوه وأنكرت عليه أشياء.
    قال ابن عدي: وكان صاحب حديث كثير حديث عنه الحافظ بحديث مصر وأنكرت عليه أشياء مما رواه وكان آل بيت رشدين خصوا بالضعف من أحمد إلى رشدين وهو ممن يكتب حديثه مع ضعفه.الكامل (1/198)الميزان (1/278)لسان الميزان (1/594(
    ويجبره ما رواه البيهقي في شعب الإيمان (2869)أخبرنا أبو سعد الماليني ، حدثنا أبو أحمد بن عدي الحافظ ، حدثنا محمد بن يوسف الفربري ، حدثنا علي بن خشرم ، حدثنا عيسى بن يونس ، عن إبراهيم بن يزيد ، عن أيوب بن موسى ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا هل عسى رجل أن يتخذ الصبة من الغنم على رأس ميلين أو ثلاثة ، فتأتي عليه الجمعة فلا يشهدها ، ثم تأتي عليه الجمعة فلا يشهدها ، ثم تأتي عليه الجمعة فلا يشهدها فيطبع على قلبه "
    وسند الطبراني فيه مجهولان هما سعيد بن خالد الربعي المروزي و إبراهيم بن يزيد كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد .
    أما سند البيهقي ففيه مجهول واحد وهو إبراهيم بن يزيد ولعله إبراهيم بن موسى بن يزيد بن زادان التميمي ، ولعله قد نسب إلى جده حيث وجدته ضمن شيوخ عيسى بن يونس.فإن كان هو فسند البيهقي رجاله ثقات وإلا فيصح بما قبله.والله أعلم.
    والشاهد الآخر مرسل :
    رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (5581)حدثنا ابن إدريس ، عن ابن جريج ، عن محمد بن عباد بن جعفر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عسى أحدكم أن يتخذ الصبة من الغنم على رأس الميلين أو ثلاثة ، فتكون الجمعة فلا يشهدها ، ثم تكون فلا يشهدها ، فيطبع الله على قلبه "
    قال الحافظ في النزهة:"ومتى توبع سيء الحفظ بمعتبر، وكذا المستور، والمرسل، والمدلس: صار حديثهم حسنا لا لذاته، بل بالمجموع ".

    [10]البخاري 902

    [11]قال الحافظ في الفتح (2/28): " قوله: "وبعض العوالي" كذا وقع هنا أي بين بعض العوالي والمدينة المسافة المذكورة، وروى البيهقي حديث الباب من طريق أبي بكر الصغاني عن أبي اليماني شيخ البخاري فيه وقال في آخره: "وبعد العوالي " بضم الموحدة وبالدال المهملة، وكذلك أخرجه المصنف في الاعتصام تعليقا، ووصله البيهقي من طريق الليث عن يونس عن الزهري لكن قال: "أربعة أميال أو ثلاثة"، وروى هذا الحديث أبو عوانة في صحيحه وأبو العباس السراج جميعا عن أحمد بن الفرج أبي عتبة عن محمد بن حمير عن إبراهيم بن أبي عبلة عن الزهري ولفظه: "والعوالي من المدينة على ثلاثة أميال"، أخرجه الدار قطني عن المحاملي عن أبي عتبة المذكور بسنده فوقع عنده " على ستة أميال " ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري فقال فيه: "على ميلين أو ثلاثة " فتحصل من ذلك أن أقرب العوالي من المدينة مسافة ميلين وأبعدها مسافة ستة أميال إن كانت رواية المحاملي محفوظة. ووقع في المدونة عن مالك " أبعد العوالي مسافة ثلاثة أميال " قال عياض: كأنه أراد معظم عمارتها وإلا فأبعدها ثمانية أميال. انتهى. وبذلك جزم ابن عبد البر وغير واحد آخرهم صاحب النهاية. ويحتمل أن يكون أراد أنه أبعد الأمكنة التي كان يذهب إليها الذاهب في هذه الوقعة، والعوالي عبارة عن القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها، وأما ما كان من جهة تهامتها فيقال لها السافلة."اهـ

    [12]عبد الرزاق في مصنفه (5173)

    [13] عبد الرزاق في المصنف (5172)

    [14] [الجمعة:9]

    [15]شرح القواعد الفقهية للزرقا (1/322)

    [16] [الجمعة:9]

    [17]المحلى (5/526)

    [18]أخرجه الترمذي (502) وقال : سمعت أحمد بن الحسن يقول : كنا عند أحمد بن حنبل ، فذكروا على من تجب الجمعة ، فلم يذكر أحمد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ، قال أحمد بن الحسن ، فقلت لأحمد بن حنبل : فيه عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال أحمد : عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : نعم ، قال أحمد بن الحسن : حدثنا حجاج بن نصير ، حدثنا معارك بن عباد ، عن عبد الله بن سعيد المقبري ، عن أبيه ، فذكره.
    قال : فغضب علي أحمد بن حنبل ، وقال لي : استغفر ربك ، استغفر ربك.
    قال أبو عيسى : إنما فعل أحمد بن حنبل هذا لأنه لم يعد هذا الحديث شيئا ، وضعفه لحال إسناده.
    وآفة هذا الحديث كل من حجاج بن نصير و معارك بن عباد و عبد الله بن سعيد المقبري.
    فأما حجاج بن نصير فضعيف
    قال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث، ترك حديثه، كان الناس لا يحدثون عنه.
    وقال البخاري: يتكلمون فيه.
    وقال في موضع آخر: سكتوا عنه.
    وقال النسائي: ضعيف.
    وقال في موضع آخر: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه.
    وذكره أبو حاتم بن حبان في كتاب " الثقات "، وقال: يخطئ ويهم.تهذيب الكمال (1130).
    وأما معارك بن عباد
    قال فيه البخاري : لم يصح حديثه ، وقال أبو زرعة: واهي الحديث .
    وقال أبو حاتم: أحاديثه منكرة.
    وقال الدار قطني: ضعيف .
    وذكره ابن حبان في كتاب " الثقات " ، وقال: يخطئ ويهم. تهذيب الكمال(6039).
    وعبد الله بن سعيد المقبري متروك .
    قال عمرو بن علي: كان يحيى بن سعيد وعبد الرحمان بن مهدي لا يحدثان عنه.
    وقال أبو قدامة ، عن يحيى بن سعيد: جلست إلى عبداله بن سعيد بن أبي سعيد مجلسا، فعرفت فيه، يعني: الكذب.
    وقال أبو طالب ، عن أحمد بن حنبل: منكر الحديث، متروك الحديث.
    وكذلك قال عمرو بن علي.
    وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين: ضعيف.
    وقال عثمان بن سعيد الدارمي ، عن يحيى: ليس بشئ.
    وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، عن يحيى: لا يكتب حديثه .
    وقال أبو زرعة : ضعيف الحديث، لا يوقف منه على شئ.
    وقال أبو حاتم : ليس بقوي.
    وقال البخاري : تركوه .
    وقال النسائي: ليس بثقة، تركه يحيى بن سعيد، وعبد الرحمان بن مهدي .
    وقال الحاكم أبو أحمد: ذاهب الحديث.تهذيب الكمال (3305).
    وللحديث شاهد يزيده ضعفا كما في أخبار أصبهان من طريق عبد الواحد بن ميمون ، مولى عروة ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لزمته الجمعة فليغتسل ، والجمعة على من آواه الليل "
    وآفته عبد الواحد بن ميمون
    قال فيه البخاري: منكر الحديث.الميزان (5301) وزاد في اللسان : قال البرقاني عن الدارقطني متروك صاحب مناكير.
    قال النسائي في الكنى ليس بثقة وقال الحاكم أبو أحمد ليس بالقوي عندهم وقال عثمان الدارمي عن بن معين ليس بذاك.
    قال الحافظ في التلخيص (2/111):"وله شاهد من حديث أبي قلابة مرسل رواه البيهقي "
    قلت : يقويه إذا كانت الطرق ضعيفة ضعفا محتملا ، وليس كذلك فالطرق السابقة لا تصلح في الشواهد والمتابعات .

    [19]الفتح (2/385)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    1,699

    افتراضي رد: استشارة هامة لطلبة العلم

    والذي يظهر أن الراجح هو أن العبرة بسماع النداء ، أما تحديده بفرسخ فغير منصوص والقاعدة تقضي بأن المطلق يجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد نصا أو دلالة ، خصوصا وأن الصحابة قد اختلفوا في تقدير حد القرب فوجب الرجوع إلى النص ، أما تحديدها بوقت الزوال فغير منضبط لكون الناس ليسوا سواء في معرفته ،

    كلام متين وبحث مفيد جدا

  3. #3

    افتراضي رد: استشارة هامة لطلبة العلم

    الفصل الثاني : فرضية صلاة الجمعة
    وقد اختلف العلماء في وجوبها عينا أم كفاية :
    فقيل : إن صلاة الجمعة فرض عين يجب على كل مسلم مستوف شروطها ، ويكفر جاحد فرضيتها ،لأنها من المعلوم من الدين بالضرورة وهو قول جماهير الأحناف[1] والمالكية[2] و الشافعية[3] والحنابلة[4] و الظاهرية[5] بل حكي إجماعا.
    وقيل : أنها من فروض الكفايات حكاه الخطابي [6] وقال :
    "قال أكثر الفقهاء هي من فروض الكفايات "، وذكر ما يدل على أن ذلك قول للشافعي وحكاه المرعشي عن قوله القديم.
    وقد أزال النووي هذا الإشكال فقال :" أما حكم المسألة فالجمعة فرض عين علي كل مكلف غير أصحاب الأعذار والنقص المذكورين هذا هو المذهب وهو المنصوص للشافعي في كتبه وقطع به الأصحاب في جميع الطرق إلا ما حكاه القاضى أبو الطيب في تعليقه وصاحب الشامل وغيرهما عن بعض الأصحاب أنه غلط فقال هي فرض كفاية قالوا وسبب غلطه أن الشافعي قال من وجبت عليه الجمعة وجبت عليه صلاة العيدين قالوا وغلط من فهمه لأن مراد الشافعي من خوطب بالجمعة وجوبا خوطب بالعيدين متأكدا واتفق القاضي أبو الطيب وسائر من حكي هذا الوجه على غلط قائله قال القاضى أبو اسحق المروزى لا يحل أن يحكي هذا عن الشافعي ولا يختلف أن مذهب الشافعي أن الجمعة فرض عين ونقل ابن المنذر في كتابيه كتاب الاجماع الإشراف إجماع المسلمين علي وجوب الجمعة ودليل وجوبها ما سبق وذكر الشيخ أبو حامد في تعليقه ان الجمعة فرضت بمكة قبل الهجرة وفيما قاله نظر "[7]
    وعبارة الشافعي في الأم تؤيد ما قاله النووي حيث قال :" ومن كان مقيما ببلد تجب فيه الجمعة ، من بالغ حر لا عذر له ، وجبت عليه الجمعة "[8]

    وقد توهم البعض أن مالكا رحمه الله يقول بسنيتها ، وعده ابن رشد رواية شاذة عن مالك[9]
    غير أن ابن عبد البر قد أثبتها ثم بين مقصود مالك بقوله سنة .
    فقال :" فإن قال بعض أهل الجهل إنه روى بن وهب عن مالك أن شهودها سنة فالجواب عن ذلك أن شهودها سنة على أهل القرى الذين اختلف السلف والخلف في إيجاب الجمعة عليهم وأما أهل الأمصار فلا ونحن نورد ذلك على نصه والرواية في سماع بن وهب عن مالك قال قال لي مالك كل قرية متصلة البيوت وفيها جماعة من المسلمين فينبغي لهم أن يجمعوا إذا كان إمامهم يأمرهم أن يجمعوا أو ليؤمروا رجلا فيجمع بهم لأن الجمعة سنة هذه رواية بن وهب التي شبه بها على من لا علم له ولم يعلم أن من أهل العلم جماعة يقولون إنه لا جمعة إلا في مصر جامع
    وفي قول مالك في رواية بن وهب هذه إذا كان إمامهم يأمرهم دليل على أن وجوب الجمعة عنده في القرية الكبيرة التي ليست بمصر إنما هو اجتهاد منه سنة وتشبيه لها بالمصر المجتمع على إيجاب الجمعة فيه
    ومسائل الاجتهاد لا تقوى قوة توجب القطع عليها وقد أخبرتك بالإجماع القاطع للعذر وعليه جماعة فقهاء الأمصار فلهذا أطلق مالك أنها سنة في قرى البادية لما رأى من العمل بها ببلده وإن كان فيها خلاف معلوم عنده وعند غيره
    وقد ذكرنا الاختلاف في التجميع في القرى الصغار والكبار في التمهيد
    على أنه يحتمل أن يكون قول مالك سنة أي طريقة الشريعة التي سلكها المسلمون ولم يختلفوا فيها"[10]
    وهذا الذي ذهب إليه القاضي عياض[11] وابن العربي [12].
    أدلة القائلين بأنها فرض عين :
    قالوا قد ثبتت فرضيتها بالكتاب والسنة والإجماع .
    -الدليل الأول :
    من الكتاب :
    - قوله تعالى :{يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون}[13] وقد قيل أن ذكر الله هو صلاة الجمعة وقيل هو الخطبة ، وكلا التفسيرين ملزم وحجة ، فالسعي لحضور الخطبة يستلزم حضور الصلاة بل شرع لأجل الصلاة ، ومن جهة أخرى فذكر الله يشمل الصلاة والخطبة .
    - ولأن وجوب السعي إلى الشرط و هو مقصود لغيره فرع افتراض المشروط الذي هو الصلاة .
    وقد نهى الله عز وجل عن مباح وهو البيع سدا لذريعة الاشتغال عنها فدل ذلك على أنها فرض .
    والمراد بقوله جل وعلا "فاسعوا " هو الذهاب لأنه قد ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يقرؤها " فامضوا إلى ذكر الله "[14]
    قال الشافعي : ومعقول إن السعي في هذا الموضع العمل لا السعي على الأقدام ، قال الله تعالى (ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ) [15] وقال ( ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ) [16]وقال (ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ) [17]وقال (ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ) [18]وقال (ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ) [19]. قال الشيخ : وقد روي عن أبي ذر ما يؤكد هذا.[20]
    -الدليل الثاني :
    من السنة :
    - عن عبد الله بن مسعود ، أن النبي r، قال لقوم يتخلفون عن الجمعة : " لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم "[21]
    - وعن أبي الجعد الضمري ، وكانت له صحبة قال : قال رسول الله r : " من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونا بها ، طبع الله على قلبه "[22]
    - عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله r يقول : " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، ثم هذا يومهم الذي فرض عليهم ، فاختلفوا فيه ، فهدانا الله ، فالناس لنا فيه تبع اليهود غدا ، والنصارى بعد غد "[23]
    قال ابن حجر : أما وجه الدلالة من الحديث فهو التعبير بالفرض ، لأنه للإلزام [24]
    - عن طارق بن شهاب ، عن النبي r قال : " الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة : عبد مملوك ، أو امرأة ، أو صبي ، أو مريض"[25]
    - عن حفصة ، زوج النبي r، أن النبي r قال : " رواح الجمعة واجب على كل محتلم "[26]
    - الدليل الثالث :
    من الإجماع :
    فنقله ابن عبد البر :" وإن كان الإجماع في فرضها يغني عما سواه و الحمد لله "
    "وأجمع علماء الأمة أن الجمعة فريضة على كل حر بالغ ذكر يدركه زوال الشمس في مصر من الأمصار وهو من أهل المصر غير مسافر"[27]
    قال ابن المنذر : " و أجمعوا على أن الجمعة واجبة على الأحرار البالغين المقيمين ، الذين لا عذر لهم "
    وقال في الإشراف : " وأجمع أهل العلم على وجوب صلاة الجمعة "
    وقال أبو بكر ابن العربي :" الجمعة فرض بإجماع الأمة "
    وقال الكاساني :" والدليل على فرضية الجمعة الكتاب والسنة و إجماع الأمة "
    وقال ابن قدامة :" الأصل في فرض الجمعة الكتاب والسنة والإجماع "
    وقال ابن عابدين في سياق الاستدلال على وجوبها :" وبالسنة والإجماع " اهـ[28]
    أدلة القائلين بأنها فرض كفاية :
    - الدليل الأول :
    - استدلوا بقوله جل وعلا : (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ) [29] قالوا قد وصف الله السعي إليها بأنه خير فدل ذلك على عدم فرضيتها عينا .

    وأجيب عن هذا : بأن وصف العمل بالخيرية لا ينفي عنه الوجوب ، وإنما كل أمر مشروع فهو خير سواء كان مشروعا شرع إيجاب أم شرع استحباب ، وإلا لزمهم أن يصرفوا هذا الأمر في قوله جل وعلا : (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ) [30]
    فهل يقول عاقل أن الانتهاء عن عقيدة التثليت فرض كفاية ؟ أو صرف إلى الكراهة ؟
    وقوله جل وعلا : (ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [31]
    فهل التطفيف و الظلم والفساد في الأرض فرض كفاية ؟ أو صرف إلى الكراهة ؟
    فإن قيل النهي عن التثليت والتطفيف والظلم والفساد في الأرض قد ثبت بأدلة أخرى خارجية ، فالجواب أن النهي عن ترك الجمعة قد ثبت كذلك بأدلة خارجية ، فصار هذا الصارف محض تكلف .
    - الدليل الثاني :
    - قالوا حديث أبي هريرة رضي الله عنه "نحن الآخرون ..." يلزم من قبلنا وليس فيه أنه يلزمنا .
    وأجيب عن هذا ، بأن التقدير فرض عليهم وعلينا فضلوا وهدينا .
    - قالوا حديث طارق بن شهاب مرسل .
    و أجيب عن هذا بأنه مرسل صحابي وهو حجة ، وإلا فالحديث صحيح بشواهده كما سيأتي .
    - الدليل الثالث :
    - واستدلوا أيضا بأدلة أخرى قد أجيب عنها بأجوبة قد ذكرها الشوكاني في نيل الأوطار فقال : "وكذلك الاعتذار بأن مسجد النبي r كان صغيرا لا يتسع هو ورحبته لكل المسلمين ، وما كانت تقام الجمعة في عهده r بأمره إلا في مسجده ، وقبائل العرب كانوا مقيمين في نواحي المدينة مسلمين ولم يؤمروا بالحضور مدفوع بأن تخلف المتخلفين عن الحضور بعد أمر الله تعالى به وأمر رسوله والتوعد الشديد لمن لم يحضر لا يكون حجة إلا على فرض تقريره r للمتخلفين على تخلفهم واختصاص الأوامر بمن حضر جمعته r من المسلمين ، وكلاهما باطل .
    أما الأول : فلا يصح نسبة التقرير إليه بعد همه بإحراق المتخلفين عن الجمعة وإخباره بالطبع على قلوبهم وجعلها كقلوب المنافقين
    وأما الثاني : فمع كونه قصرا للخطابات العامة بدون برهان ، ترده أيضا تلك التوعدات للقطع بأنه لا معنى لتوعد الحاضرين ولتصريحه r بأن ذلك الوعيد للمتخلفين ، وضيق مسجده صلى الله عليه وسلم لا يدل على عدم الفرضية إلا على فرض أن الطلب مقصور على مقدار ما يتسع له من الناس أو عدم إمكان إقامتها في البقاع التي خارجه وفي سائر البقاع ، وكلاهما باطل
    أما الأول فظاهر ، وأما الثاني فكذلك أيضا لإمكان إقامتها في تلك البقاع عقلا وشرعالا يقال عدم أمره صلى الله عليه وسلم بإقامتها في غير مسجده يدل على عدم الوجوبلأنا نقول : الطلب العام يقتضي وجوب صلاة الجمعة على كل فرد من أفراد المسلمين ، ومن لا يمكنه إقامتها في مسجده صلى الله عليه وسلم لا يمكنه الوفاء بما طلبه الشارع إلا بإقامتها في غيره ، وما لا يتم الواجب إلا به واجب كوجوبه ، كما تقرر في الأصول."[32]
    - الراجح :
    والذي يظهر أن الإجماع قائم على وجوبها على الإطلاق عينا و كفاية، والأكثر على أنها فرض عين[33]،والحق الذي لا مرية فيه أنها فرض واجب عينا وأن تركها من أعظم أسباب الخذلان بالكلية، وإذا قلنا بأن الجمعة فرض كفاية وفرض الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين والبعض أقل من عشرة ، فهل حضور هذا البعض إظهار لشعيرة هي من أهم شعائر المسلمين ؟ أم أنه سينقض عرى الإسلام عروة عروة، وإذا قلنا بسنية صلاة الجماعة و بأن الجمعة فمن يعمر مساجد الله إذن .

    [1]حاشية ابن عابدين ( 3/3) بدائع الصنائع ( 1/256 )

    [2] الشرح الصغير ( 1/493 ) مواهب الجليل ( 3/531)

    [3] الحاوي الكبير ( 2/400) مغني المحتاج ( 1/276) البيجرمي على الخطيب (2/388)

    [4] المغني ( 2/294) الشرح الكبير (5/160)

    [5] المحلى ( 5/36)

    [6]معالم السنن( 1/244) ورده العراقي بأنه خلاف ما اتفق عليه الأئمة الأربعة .

    [7]المجموع (4/349)

    [8] الأم (2/374)

    [9]بداية المجتهد (1/303)

    [10]الاستذكار (5/119)

    [11]إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/266)

    [12]عارضة الأحوذي (2/286-287)

    [13][الجمعة:9]

    [14] مصنف عبد الرزاق الصنعاني ،كتاب الجمعة ، باب السعي إلى الصلاة (5365)و البيهقي في السنن الكبرى (5867)

    [15] [الليل:4]

    [16][الإنسان:22]

    [17] [الإسراء:19]

    [18][النجم:39]

    [19] [البقرة:205]

    [20]البيهقي في السنن الكبرى(5868)

    [21]مسلم ( 652)

    [22]رواه الترمذي (500) و ابن ماجه ( 1125) وحسنه الترمذي .

    [23]رواه البخاري ، كتاب الجمعة ، باب فرض الجمعة ، 876 فاستدل به البخاري على فرضيتها .

    [24]الفتح ( 2/457)

    [25]سيأتـي بحثه إن شاء الله .

    [26]رواه النسائي 1371

    [27]الاستذكار (5/119)

    [28]نقلا عن إجماعات ابن عبد البر للبوصي (639)

    [29] [الجمعة:9]

    [30][النساء:171]

    [31][الأعراف:85]

    [32]نيل الأوطار ( 6/230)

    [33]سبل السلام ( 2/65)

  4. #4

    افتراضي رد: استشارة هامة لطلبة العلم

    المبحث الأول : وقت وجوب السعي إليها
    اختلف العلماء في وقت وجوب السعي إلى الجمعة، ومحل الخلاف فيمن منزله قريب أما من منزله بعيد: فيلزمه السعي في وقت يدركها كلها، لأنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
    وقيل : يجب السعي إليها بالأذان الأول، وهو مذهب الأحناف([1]).
    وقيل : يجب السعي إليها بالأذان الثاني، وهو قول جمهور العلماء من المالكية([2]) والشافعية([3]) والحنابلة([4]).
    أدلة القائلين بوجوب السعي بالأذان الأول:
    - استدلوا بعموم قوله جل وعلا :(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ)([5])، وبالأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين رصي الله عنهم، ومادام أن عثمان رضي الله عنه قد سن ذلك، فنحن مأمورون باتباعه، فصار داخلا في عموم النداء.



    أدلة القائلين بوجوب السعي بالأذان الثاني:
    -استدلوا بعموم قوله جل وعلا :(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ)([6])
    - عن السائب بن يزيد : (كان النداء إذا صعد الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر وعمر ، فلما كان عثمان كثر الناس، فزاد النداء الثالث على الزوراء )([7]).والزوراء موضع بالسوق بالمدينة .
    -قالوا: والنداء الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو النداء عقيب جلوس الإمام على المنبر، فتعلق الحكم به دون غيره، ولا فرق بين أن يكون ذلك قبل الزوال أو بعده . لأن الله تعالى علقه على النداء، لا على الوقت، ولأن المقصود بهذا إدراك الجمعة.
    الراجح :
    الذي يظهر أن الراجح هو قول الجمهور، لأن عموم الآية قد قيد بعمل النبيr.
    المبحث الثاني : وقت استحباب السعي إليها
    اختلف العلماء في وقت استحباب السعي إلى الجمعة على قولين :
    فقيل : يستحب السعي إليها آخر الساعة التي بعد زوال الشمس، ويكره بعد طلوع الشمس، وهو مذهب المالكية([8]) .
    وقيل : يستحب السعي إليها أول النهار إلى الزوال، وهو مذهب الجمهور([9])وهو الراجح .
    مناقشة دليل من قال: يستحب السعي إليها آخر الساعة التي بعد زوال الشمس، ويكره بعد طلوع الشمس
    - استدلوا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله eقال: " من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر "([10])
    - قالوا: بأن الساعة تطلق على جزء من الزمان غير محدود، تقول جئت ساعة كذا،ومن جهة أخرى فحقيقة الرواح إنما تكون بعد الزوال، والغدو يكون قبله ، كما قال تعالى : ﴿([11]).
    - وأجاب الجمهور عن هذا كما قال الحافظ : " وقد أنكر الأزهري على من زعم أن الرواح لا يكون إلا بعد الزوال، ونقل أن العرب تقول " راح " في جميع الأوقات بمعنى ذهب، قال: وهي لغة أهل الحجاز، ونقل أبو عبيد في " الغريبين " نحوه. قلت: وفيه رد على الزين بن المنير حيث أطلق أن الرواح لا يستعمل في المضي في أول النهار بوجه، وحيث قال إن استعمال الرواح بمعنى الغدو لم يسمع ولا ثبت ما يدل عليه. ثم إني لم أر التعبير بالرواح في شيء من طرق هذا الحديث إلا في رواية مالك هذه عن سمي، وقد رواه ابن جريج عن سمي بلفظ: "غدا " ورواه أبو سلمة عن أبي هريرة بلفظ: "المتعجل إلى الجمعة كالمهدي بدنة " الحديث وصححه ابن خزيمة، وفي حديث سمرة " ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الجمعة في التبكير كناحر صلى الله عليه وسلم البدنة " الحديث، أخرجه ابن ماجه، ولأبي داود من حديث علي مرفوعا: "إذا كان يوم الجمعة غدت الشياطين براياتها إلى الأسواق، وتغدو الملائكة فتجلس على باب المسجد فتكتب الرجل من ساعة والرجل من ساعتين " الحديث، فدل مجموع هذه الأحاديث على أن المراد بالرواح الذهاب، وقيل: النكتة في التعبير بالرواح الإشارة إلى أن الفعل المقصود إنما يكون بعد الزوال، فيسمى الذاهب إلى الجمعة رائحا وإن لم يجيء وقت الرواح، كما سمي القاصد إلى مكة حاجا. وقد اشتد إنكار أحمد وابن حبيب من المالكية ما نقل عن مالك من كراهية التبكير إلى الجمعة وقال أحمد: هذا خلاف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم."([12])
    - قالوا : لو كان ذلك المراد لاختلف الأمر في اليوم الشاتي والصائف، لأن النهار ينتهي في القصر إلى عشر ساعات وفي الطول إلى أربع عشرة.
    - واستدلوا أيضا بحديث أبي هريرة t، قال : قال النبي e: " إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول ، ومثل المهجر كمثل الذي يهدي بدنة ، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كبشا، ثم دجاجة، ثم بيضة، فإذا خرج الإمام طووا صحفهم، ويستمعون الذكر "([13]) ، فجعل البدنة بالتهجير ، والتهجير إنما هو إلاتيان بالمهاجرة ، وإنما يكون ذلك بعد الزوال .
    - وأجيب كما قال الحافظ : " وأجيب بأن المراد بالتهجير هنا التبكير كما تقدم نقله عن الخليل في المواقيت. وقال ابن المنير في الحاشية: يحتمل أن يكون مشتقا من الهجير بالكسر وتشديد الجيم وهو ملازمة ذكر الشيء، وقيل: هو من هجر المنزل وهو ضعيف لأن مصدره الهجر لا التهجير. وقال القرطبي: الحق أن التهجير هنا من الهاجرة وهو السير وقت الحر، وهو صالح لما قبل الزوال وبعده، فلا حجة فيه لمالك. وقال التوربشتي: جعل الوقت الذي يرتفع فيه النهار ويأخذ الحر في الازدياد من الهاجرة تغليبا، بخلاف ما بعد زوال الشمس فإن الحر يأخذ في الانحطاط، ومما يدل على استعمالهم التهجير في أول النهار ما أنشد ابن الأعرابي في نوادره لبعض العرب تهجرون تهجير الفجر"
    - واحتجوا أيضا بأن الساعة لو لم تطل لزم تساوي الآتين فيها، والأدلة تقتضي رجحان السابق، بخلاف ما إذا قلنا إنها لحظة لطيفة. والجواب ما قاله النووي في شرح المهذب تبعا لغيره. أن التساوي وقع في مسمى البدنة والتفاوت في صفاتها، ويؤيده أن في رواية ابن عجلان تكرير كل من المتقرب به مرتين حيث قال: "كرجل قدم بدنة، وكرجل قدم بدنة " الحديث ولا يرد على هذا أن في رواية ابن جريج صلى الله عليه وسلم: "وأول الساعة وآخرها سواء " لأن هذه التسوبة بالنسبة إلى البدنة كما تقرر. واحتج من كره التبكير أيضا بأنه يستلزم تخطي الرقاب في الرجوع لمن عرضت له حاجة فخرج لها ثم رجع، وتعقب بأنه لا حرج عليه في هذه الحالة لأنه قاصد للوصول لحقه. وإنما الحرج على من تأخر عن المجيء ثم جاء فتخطى، والله سبحانه وتعالى أعلم.([14])
    اختلف الجمهور في المراد بالساعات من أول النهار، هل أولها من طلوع الفجر ، أو من طلوع الشمس ؟
    قال الحافظ ابن رجب في الفتح :" قالت طائفة : أولها من طلوع الفجر ، وهو ظاهر مذهب الشافعي وأحمد .
    واستدلوا بقوله : (( إذا كان الجمعة ، كان على أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس الأول فالأول ))- الحديث ، كما سيأتي ذكره -أن شاء الله تعالى .وظاهره : أن ذلك يكون بعد طلوع الفجر.
    وقالت طائفة : أولها من طلوع الشمس ، وحكي عن الثوري وأبي حنيفة ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، ورجحه الخطابي وغيره، لأن ما قبله وقت للسعي إلى صلاة الفجر.ورجح هذا القول عبد الملك بن حبيب المالكي .
    وهؤلاء حملوا الساعات على ساعات النهار المعهودة ، وهو الظاهر المتبادر إلى الفهم .

    وأما ذكر الرواح، فعنه جوابان :
    أحدهما : أنه لما كان آخر الساعات بعد الزوال، وهو رواح حقيقي، سميت كلها رواحا، كما يسمى الخارج للحج والجهاد حاجا وغازيا قبل تلبسه بالحج والغزو؛ لأن أمره ينتهي إلى ذلك .
    والثاني : أن الرواح هنا اريد به القصد والذهاب، مع قطع النظر عن كونه قبل الزوال أو بعده .
    قال الأزهري وغيره : الرواح والغدو عند العرب يستعملان في السير، أي وقت كان من ليل أو نهار، يقال: راح في أول النهار وآخره، وغدا بمعناه .
    وأما التهجير، فيجاب عنه، بأنه استعمل في هذا المعنى بمعنى التبكير -أيضا - لا بمعنى الخروج في الهاجرة.وقيل : أنه ليس من الهاجرة ، بل من الهجرة ، والمراد بها : هجر الأعمال الدنيوية للسعي إلى الجمعة .
    وقد دل على استحباب التبكير من أول النهار حديث أوس بن أوس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (من اغتسل يوم الجمعة وغسل، وبكر وابتكر ، ودنا واستمع كان له بكل خطوة يخطوها اجر سنة صيامها وقيامها).خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان في( صحيحه ).وحسنه الترمذي .وله طرق متعددة ، قد ذكرناها في (( شرح الترمذي )) .وفي رواية للنسائي : ((وغدا وابتكر )) .وفي بعض رواياته : ((ومشى ولم يركب )).
    وظاهر الحديث : يدل على تقسيم يوم الجمعة إلى اثني عشر ساعة، وأن الخطبة والصلاة يقعان في السادسة منها .ومتى خرج الخطيب طوت الملائكة صحفها، ولم يكتب لأحد فضل التبكير، وهذا يدل على أنه بعد الزوال لا يكتب لأحد شيء من فضل التبكير إلى الجمعة بالكلية .
    وظاهر الحديث : يدل على تقسيم نهار الجمعة إلى اثني عشر ساعة مع طول النهار وقصره، فلا يكون المراد به الساعات المعروفة من تقسيم الليل والنهار إلى أربعة وعشرين ساعة؛ فإن ذلك يختلف باختلاف طول النهار وقصره.ويدل على هذا : حديث جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال : (يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة ، لا يوجد مسلم يسأل الله شيئا إلا آتاه إياه ، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر ) .خرجه أبو داود والنسائي بإسناد كلهم ثقات .
    وظاهره : يدل علي أن ساعة الاجابة جزء من هذه الاجزاء الاثني عشر المتساوية في جميع فصول السنة .وزعم بعض الشافعية : أنه ليس المراد بالساعات في التبكير الأربع والعشرون، بل ترتيب الدرجات، وفضل السابق على الذي يليه، لئلا يستوي في الفضيلة رجلان جاءا في طرفي ساعة .
    ورد ذلك آخرون منهم، وقالوا : من جاء في أول ساعة من هذه الساعات وآخرها مشتركان في تحصيل أصل البدنة أو البقرة أو الكبش مثلا، ولكن بدنة الأول أو بقرته أكمل مما للذي جاء في آخرها، وبدنة المتوسط متوسطة.وهذا هو الأقرب، وعليه يحمل الحديث الذي خرجه عبدالرزاق، عن ابن جريج، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال : ((إذا كان يوم الجمعة فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة، ثم غدا في أول ساعة، فله من الأجر مثل الجزور، وأول الساعة وآخرها سواء ))-وذكر مثل ذلك في الثانية، والثالثة، والرابعة، يقول : ((أولها وآخرها سواء ))،وزاد في آخر الحديث : ((ثم غفر له إذا استمع وأنصت ما بين الجمعتين ، وزيادة ثلاثة أيام )) .وفي هذه الرواية : ذكر الغدو إلى الجمعة، والغدو يكون من أول النهار"([15]).

    ([1]) الاختيار لتعليل المختار (1/85) رد المحتار (3/38) شرح فتح القدير(2/66) العناية شرح الهداية (3/107)

    ([2]) الكافي (70) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/388) الفواكه الدواني (2/621) الثمر الداني (182)

    ([3]) الحاوي الكبير(2/428)حاشية البيجرمي على الخطيب(2/389)

    ([4]) المغني(3/162)الشرح الكبير(5/245) شرح الزركشي على مختصر الخرقي (2/168) المحرر في الفقه (1/143) الإنصاف(5/277) شرح منتهى الإرادات(2/29)

    ([5]) الجمعة:9.

    ([6]) الجمعة:9.

    ([7]) البخاري(912)

    ([8]) مواهب الجليل (2/535) التاج والإكليل (2/535) الفواكه الدواني (1/410)

    ([9]) الحاوي الكبير (2/452) المجموع (4/413) مغني المحتاج (1/437) المغني(3/164) شرح الزركشي على مختصر الخرقي(2/169)

    ([10]) البخاري (881) ومسلم (850)

    ([11])سبأ:12.

    ([12]) الفتح (2/369)

    ([13]) البخاري (929) ومسلم (850)

    ([14]) الفتح (2/370)

    ([15]) فتح الباري (8/95)

  5. #5

    افتراضي رد: استشارة هامة لطلبة العلم

    المبحث الأول: شـرط دخـول الوقـت
    اختلف العلماء في وقت صلاة الجمعة على قولان :
    فقيل : أن وقت وجوبها هو وقت الزوال وهو وقت الظهر، ولا تصح قبله وهو قول الجمهور من الأحناف([1]) والمالكية([2]) والشافعية([3]) والظاهرية([4]).
    وقيل : أن وقت وجوبها هو وقت الزوال،ويجوز أن تصلى قبل الزوال، وأول وقتها هو أول وقت صلاة العيد،و هو مذهب الحنابلة([5]).وهو الراجح .
    أما آخر وقتها فهو آخر وقت الظهر عند الجمهور وهو الراجح، والأفضل أداؤها وقت الزوال خروجا من الخلاف .
    أدلة القائلين : أن وقتها وقت الزوال وهو وقت الظهر، ولا تصح قبله
    -عن أنس بن مالك رضي الله عنه " أن النبي e كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس".([6])
    -عن سلمة بن الأكوع ، قال : " كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا زالت الشمس ، ثم نرجع نتتبع الفيء "([7])
    -عن أنس بن مالك قال:" كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة"([8]).
    -فظاهره أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار، لكن طريق الجمع أولى من دعوى التعارض، وقد تقرر فيما تقدم أن التبكير يطلق على فعل الشيء في أول وقته أو تقديمه على غيره وهو المراد هنا، والمعنى أنهم كانوا يبدؤون بالصلاة قبل القيلولة، بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحر فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الإبراد، ولهذه النكتة أورد البخاري طريق حميد عن أنس عقب طريق عثمان بن عبد الرحمن عنه، وسيأتي في الترجمة التي بعد هذه التعبير بالتبكير والمراد به الصلاة في أول الوقت وهو يؤيد ما قلناه. قال الزين بن المنير في الحاشية: فسر البخاري حديث أنس الثاني بحديث أنس الأول إشارة منه إلى أنه لا تعارض بينهما([9]).
    -عن يحيى بن سعيد أنه سأل عمرة عن الغسل يوم الجمعة فقالت قالت عائشة رضي الله عنها كان الناس مهنةأنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم فقيل لهم لو اغتسلتم "([10])
    -استدل البخاري بقوله: "راحوا " على أن ذلك كان بعد الزوال لأنه حقيقة الرواح كما تقدم عن أكثر أهل اللغة، ولا يعارض هذا ما تقدم عن الأزهري أن المراد بالرواح في قوله: "من اغتسل يوم الجمعة ثم راح " الذهاب مطلقا لأنه إما أن يكون مجازا أو مشتركا، وعلى كل من التقديرين فالقرينة مخصصه وهي في قوله: "من راح في الساعة الأولى " قائمة في إرادة مطلق الذهاب، وفي هذا قائمة في الذهاب بعد الزوال لما جاء في حديث عائشة المذكور في الطريق التي في آخر الباب الذي قبل هذا حيث قالت: "يصيبهم الغبار والعرق " لأن ذلك غالبا إنما يكون بعد ما يشتد الحر، وهذا في حال مجيئهم من العوالي، فالظاهر أنهم لا يصلون إلى المسجد إلا حين الزوال أو قريبا من ذلك، وعرف بهذا توجيه إيراد حديث عائشة في هذا الباب.([11])
    -عن أبي سهيل، عن أبيه، قال :" كنت أرى طنفسة لعقيل بن أبي طالب يوم الجمعة تطرح إلى جدار المسجد الغربي ، فإذا غشي الطنفسة كلها ظل الجدار خرج عمر بن الخطاب فصلى الجمعة .قال : ثم نرجع بعد الجمعة فنقيل قائلة الضحاء"([12]).
    -قال ابن عبد البر:"ولهذا ومثله أدخل مالك حديث طنفسة عقيل ليوضح أن وقت الجمعة وقت الظهر لأنها مع قصر حيطانهم وعرض الطنفسة لا يغشاها الظل إلا وقد فاء الفيء وتمكن الوقت وبان في الأرض دلوك الشمس وعلى هذا جماعة فقهاء الأمصار الذين تدور الفتوى عليهم"([13]).
    -عن ابن عباس قال : " هجرت يوم الجمعة ، فلما زالت الشمس خرج عمر فصعد المنبر وأخذ المؤذن في أذانه "([14])
    -وأما المروي عن علي : فمن طريق إسماعيل بن سميع ، عن أبي رزين ، قال : " كنا نصلي مع علي الجمعة ، فأحيانا نجد فيئا ، وأحيانا لا نجده "([15]) .
    -وأما المروي عن النعمان بن بشير وعمرو بن حريث : فخرجه ابن أبي شيبة من طريق سماك ، قال : "كان النعمان بن بشير يصلي بنا الجمعة بعدما تزول الشمس"([16]) .
    -ومن طريق الوليد بن العيزار ، قال : "ما رأيت إماما كان أحسن صلاة للجمعة من عمرو بن حريث، وكان يصليها إذا زالت الشمس" ([17]).وقد روي هذا -أيضا- عن معاذ بن جبل ، لكن من وجه منقطع.
    -ومن جهة أخرى فالجمعة بدل عن الظهر، فوجب أن يكون وقتها وقت الظهر، وافترقت مع صلاة العيد في كون صلاة العيد لا تصلى بعد الزوال،فوجب إلحاقها بالزوال لأنه أنسب.
    أدلة القائلين : يجوز أن تصلى الجمعة قبل الزوال، وأول وقتها هو أول وقت صلاة العيد
    -عن سهل بن سعد أنه قال :"ما كنا نقيل ولا نتغذى إلا بعد الجمعة" ولا يسمى غذاء ولا قائلة إلا ما كان قبل الزوال .
    -عن سلمة بن الأكوع أنه قال :" كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل به "
    -قال أبو سهيل :"إنا كنا نرجع من الجمعة فنقيل قائلة الضحى "
    -وأجيببأن الجمهور حمل هذه الأحاديث على المبالغة في تعجيلها، وأنهم كانوا يؤخرون الغداء والقيلولة في هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة ، لأنهم ندبوا إلى التبكير إليها . فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها خافوا فوتها أو فوت التبكير إليها. أما حديث سلمة معناه ليس للحيطان ظل طويل بحيث يستظل به المار ؛ لأن حيطان المدينة كانت قصيرة فلا يظهر الظل الذي يستظل به المار إلا بعد زمان طويل.
    -ولأنها عيد لقوله عليه الصلاة والسلام " قد اجتمع لكم في هذا اليوم عيدان " فتجوز قبل الزوال كصلاة العيد
    -وأجيب بأن الجمعة بدل عن الظهر، فوجب أن يكون وقتها وقت الظهر، وافترقت مع صلاة العيد في كون صلاة العيد لا تصلى بعد الزوال، فوجب إلحاقها بالزوال لأنه أنسب، ولا يلزم من تسمية يوم الجمعة عيدا أن يشتمل على جميع أحكام العيد، بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقا سواء صام قبله أو بعده بخلاف يوم الجمعة باتفاقهم .
    -وصح عن عثمان أنه صلى الجمعة بالمدينة وصلى العصر بملل([18]) . وبين المدينة وملل اثنان وعشرون ميلا، وقيل : ثمانية عشر ميلا، ويبعد أن يلحق هذا السائر بعد زوال الشمس.
    -وأجيب بأن هذا كما قاله مالك أنه هجر بالجمعة فصلاها في أول الزوال ثم أسرع السير فصلى العصر ( ( بملل ) ) ليس في أول وقتها - والله أعلم - ولكنه صلاها والشمس لم تغرب ولعله صلاها ذلك اليوم لسرعة السير والشمس بيضاء نقية وليس في هذا ما يدل على أن عثمان صلى الجمعة قبل الزوال كما زعم من ظن ذلك واحتج بحديث مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن بن أبي سليط قال ( كنا نصلي مع عثمان بن عفان الجمعة فننصرف وما للجدر ظل ) وهذا الخبر الثاني عن عثمان ليس عند القعنبي ولا عند يحيى بن يحيى صاحبنا وهما من آخر من عرض على مالك(الموطأ) وهذا وإن احتمل ما قال فيحتمل أن يكون عثمان صلى الجمعة في أول الزوال ومعلوم أن الحجاز ليس للقائم فيها كبير ظل عند الزوال وقد ذكر أهل العلم بالتعديل أن الشمس بمكة تزول في حزيران على دون عشر أقدام وهذا أقل ما تزول الشمس عليه في سائر السنة بمكة والمدينة فإذا كان هذا أو فوقه قليلا فأي ظل يكون للجدر حينئذ بالمدينة أو مكة فإذا احتمل الوجهين لم يجز أن يضاف إلى عثمان أنه صلى الجمعة قبل الزوال إلا بيقين ولا يقين مع احتمال التأويل والمعروف عن عثمان في مثل هذا أنه كان متبعا لعمر لا يخالفه وقد ذكرنا عن علي أنه كان يصليها بعد الزوال وهو الذي يصح عن سائر الخلفاء وعليه جماعة العلماء والحمد لله([19])
    -عن جابر بن عبد الله قال :"كنا نصلى مع رسول الله eثم نرجع فنريح نواضحنا". قال حسن فقلت لجعفر في أي ساعة؟ تلك قال: زوال الشمس"([20]).و إذا كان رجوعهم زوال الشمس دل على أنه كان يفعلها قبل الزوال يقينا.
    -وأجيب بأن حديث جابر فيه إخبار بأن الصلاة والرواح كانا حين الزوال لا أن الصلاة كانت قبله.
    -عن عبد الله بن سيدان، قال :" شهدت الجمعة مع أبي بكر الصديق، فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر، فكانت صلاته وخطبته إلى أن نقول : انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان، فكانت صلاته وخطبته إلى أن نقول : مال النهار، فما رأيت أحدا عاب ذلك ولا أنكره."([21])
    -وأجيب بأن رجاله ثقات إلا عبد الله بن سيدان وهو بكسر المهملة بعدها تحتانية ساكنة فإنه تابعي كبير إلا أنه غير معروف العدالة، قال ابن عدي شبه المجهول. وقال البخاري لا يتابع على حديثه، بل عارضه ما هو أقوى منه فروى ابن أبي شيبة من طريق سويد بن غفلة أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين زالت الشمس إسناده قوي، وفي الموطأ عن مالك بن أبي عامر قال: "كنت أرى طنفسة لعقيل بن أبي طالب تطرح يوم الجمعة إلى جدار المسجد الغربي، فإذا غشيها ظل الجدار خرج عمر " إسناده صحيح، وهو ظاهر في أن عمر كان يخرج بعد زوال الشمس، وفهم منه بعضهم عكس ذلك، ولا يتجه إلا إن حمل على أن الطنفسة كانت تفرش خارج المسجد وهو بعيد، والذي يظهر أنها كانت تفرش له داخل المسجد، وعلى هذا فكان عمر يتأخر بعد الزوال قليلا، وفي حديث السقيفة عن ابن عباس قال: "فلما كان يوم الجمعة وزالت الشمس خرج عمر فجلس على المنبر"([22])
    -عن عبد الله بن سلمة، قال : صلى بنا عبد الله بن مسعود الجمعة ضحى : وقال : خشيت عليكم الحر .
    -عن سعيد بن سويد ، قال صلى بنا معاوية الجمعة ضحى ([23]).
    -عن بلال العبسي، أن عمارا صلى للناس الجمعة، والناس فريقان، بعضهم يقول : زالت الشمس، وبعضهم يقول : لم تزل ([24]).
    -عن مجاهد ، قال : ما كان للناس عيد إلا أول النهار ([25]).
    -عن عطاء ، قال : كان من كان قبلكم يصلون الجمعة وإن ظل الكعبة كما هو ([26]).
    -عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : كل عيد حين يمتد الضحى : الجمعة ، والأضحى ، والفطر ، كذلك بلغنا ([27]).

    ([1])بدائع الصنائع(1/270) شرح فتح القدير(2/54)مراقي الفلاح(191) الاختيار لتعليل المختار(1/82) البناية شرح الهداية (3/59)

    ([2])الكافي في فقه أهل المدينة(70)المنتقى(1/19) القوانين الفقهية(64) بداية المجتهد(1/365) مواهب الجليل(2/517)

    ([3])الأم(2/386)المجموع(4/377)مغني المحتاج(1/418)حواشي تحفة المنهاج(2/419) حاشية الشرقاوي على شرح التحرير(1/290) حاشية البيجرمي على الخطيب(2/405)

    ([4])المحلى(5/42)

    ([5])الانتصار في المسائل الكبار(2/575)المغني(3/159) كشاف القناع (1/501) الشرح الكبير مع الإنصاف(5/186)المحرر في الفقه(1/143)شرح منتهى الإرادات(2/11)
    قال النووي في المجموع(4/380) :" قال العبدري قال العلماء كافة لا تجوز صلاة الجمعة قبل الزوال إلا أحمد ونقل الماوردي في الحاوي عن ابن عباس كقول أحمد ونقله ابن المنذر عن عطاء واسحق " قال وروى ذلك بإسناد لا يثبت عن أبي بكر وعمر وابن مسعود ومعاوية ".


    ([6]) البخاري (904)

    ([7]) البخاري(4168)مسلم(860)

    ([8]) البخاري(905)

    ([9])فتح الباري(2/388)

    ([10]) البخاري(903)

    ([11]) فتح الباري(2/388)

    ([12]) مالك في الموطأ(13)

    ([13]) الاستذكار(1/250)

    ([14]) مصنف عبد الرزاق(5223)

    ([15]) مصنف عبد الرزاق (5230)وابن أبي شيبة(5186)

    ([16]) مصنف ابن أبي شيبة(5187)

    ([17])مصنف ابن أبي شيبة(5188)


    ([18])مالك (14)

    ([19]) الاستذكار(1/254)

    ([20]) مسلم (858)

    ([21]) أخرجه ابن أبي شيبة (5174)وعبد الرزاق(5224)

    ([22]) الفتح(387)

    ([23])مصنف ابن أبي شيبة(5177)

    ([24])مصنف ابن أبي شيبة(5182)

    ([25]) مصنف ابن أبي شيبة(5173)

    ([26]) مصنف ابن أبي شيبة(5175)

    ([27]) مصنف عبد الرزاق(5222)

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    911

    افتراضي رد: استشارة هامة لطلبة العلم

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الجليل سعيد مشاهدة المشاركة
    وقيل : أنه ليس من الهاجرة ، بل من الهجرة ، والمراد بها : هجر الأعمال الدنيوية للسعي إلى الجمعة .
    جزاك الله خيراً . فائدة جيدة
    اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •