قال العلامةمحمود شكري الألوسي عن جمع (حم): "ويجمع على حواميم وحاميمات ... وأما الأول فقد تقدم عدة أخبار فيه، ولا أظن أن أحدًا ينكر صحة جمعها, أو يزعم أن لفظ حواميم فيها من تحريف الرواة الأعاجم ... وذهب الجواليقي والحريري وابن الجوزي إلى أنه لا يقال حواميم، وفي الصحاح عن الفراء: "أن قول العامة الحواميم ليس من كلام العرب"(1).
وأما الذين جوزوا ذلك الجمع فقد جوزوه لأنه ورد في عدة أحاديث مجموعًا هكذا، ومن هذه الأحاديث: قوله صلى الله عليه وسلم ((الحواميم ديباج القرآن)) وكذا ((الحواميم سبع وأبواب جهنم سبع)) وكذا ((... فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم)) وكذا ((الحواميم في القرآن كمثل الحبرات في الثياب)) وقول ابن عباس رضي الله عنهما ((لكل شيء لباب، ولباب القرآن الحواميم)) قال السمين الحلبي: "فإن صحت هذه الأحاديث فهي الفصل في ذلك" (2)
ذكر ابن كثير في تفسيره أن بعض السلف منهم محمد بن سيرين قد كره أن يقال: الحواميم, وإنما يقال آل حم. ثم ذكر بعض الأحاديث التي فيها الحواميم، كأنه يلفت النظر إلى أنها وردت في لغة الحديث النبوية(3)
وذكر السيوطي عن ابن خالويه في كتاب ( ليس) أنه قال: الحواميم ليس من كلام العرب، إنما هو من كلام الصبيان، تقول: تعلمنا الحواميم، وإنما يقال: آل حاميم كما قال الكميت:
وجدنا لكم في آل حاميم أية
تأولها منا تقي ومعرب (4)
وقال الشيخ أبو حيان رحمه الله تعالى في بداية تفسير سورة غافر: "سبع الحواميم مكيات، قالوا بإجماع ... وفي الحديث (إن الحواميم ديباج القرآن) وفيه (من أراد أن يرتع في رياض مونقة من الجنة فليقرأ الحواميم) وفيه (مثل الحواميم في القرآن مثل الحبرات في الثياب) وهذه الحواميم مقصورة على المواعظ والزجر وطرق الآخرة، وهي قصار لا تلحق فيها سآمة"(5). ثم قال: "ومُنعتِ الصرفَ للعلمية، أو العلمية وشبه العجمة؛ لأن فاعيل ليس من أوزان العرب؛ وإنما وجد ذلك في العجم نحو: قابيل وهابيل، وتقدم فيما روي في الحديث جمع (حم) على الحواميم، كما جمع طس على الطواسين، وحكى صاحب زاد المسير عن شيخه ابن منصور اللغوي أنه قال: "من الخطأ أن تقول قرأت الحواميم، وليس من كلام العرب, والصواب أن يقول قرأت آل حم، وفي حديث ابن مسعود: "إذا وقعتَ في آل حميم وقعت في روضات دمثات" انتهى. فإن صح من لفظ الرسول أنه قال (الحواميم) كان حجة على من منع ذلك، وإن كان نقل بالمعنى؛ أمكن أن يكون من تحريف الأعاجم، ألا ترى لفظ ابن مسعود؛ "إذا وقعت في آل حميم" وقول الكميت: وجدنا لكم في آل حاميم آية"(6)
وحسبما وقفت عليه من الأحاديث المرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يصح حديث فيه كلمة (الحواميم), فحديث (الحواميم ديباج القرآن) قال عنه الألباني رحمه الله تعالى: موضوع، (السلسلة الضعيفة 3537) وحديث (الحواميم روضة من رياض الجنة) قال عنه: ضعيف ( ضعيف الجامع 2801) وحديث (... وأعطاني ما بين الطواسين إلى الحواميم مكان الزبور) قال عنه: ضعيف جدًا (ضعيف الجامع 3051)، وحديث (الحواميم سبع وأبواب جهنم سبع...) ضعيف (ضعيف الجامع 2802) وأما حديث (مثل الحواميم في القرآن كمثل الحبرات في الثياب) فلم أعثر عليه, ولا من تحدث عن صحته أوضعفه. والله تعالى أعلم.
--------------------------------
([1]) روح المعاني جـ 24/ ص40 باختصار.
([2]) الدر المصون جـ 9/ ص451، وانظر أيضًا تفسير اللباب لابن عادل جـ17/ ص5 .
([3]) تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ7 / ص 126,
([4]) المزهر في علوم اللغة جـ1/ ص 246.
([5]) تفسير البحر المحيط لأبي حيان 7/ 429
([6]) المرجع السابق 7/429