السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،أحببت أن أساهم في هذا الموضوع مساهمة بسيطة ،وهذه المساهمة جزء من مبحث أقوم بإعداده بعنوان "ثوابت في إحياء الأمة"أسال الله أن ييسر لنا سبل الصلاح ...الترتيب هنا حسب ترتيب البحث الأصلي.
إحياء الأمة
-يتم إحياء الأمة بدعوة التوحيد الواضحة على ما كان عليه القرون الثلاثة الأولى قبل تشعب الأهواء واختلاط العقائد .
وذلك عبر مراحل نوجزها إجمالاً وهي:
- (الانتصار للتوحيد) بتصحيح مفهوم العقيدة ، وتخليصها مما شابها.
- (ملء الفراغ الديني) بدعوة الناس إلى أن يقيموا حياتهم على قاعدة الإسلام.
- (إحياء التوجه الإسلامي) بالانطلاق بهذا المفهوم انطلاقاً جاداً يتربى خلاله الأفراد على الأخلاق الإسلامية ، وخط سير الإسلام في التعامل مع كل المعسكرات والمجتمعات البشرية ، والعقبات التي كانت في طريقه ولا تزال تتزايد بشدة من معسكرات الأعداء.
فلابد من (صفوة) تحمل الحق .. و"أمة" تحمي هذا الحق . "أمة" قامت على مرتكزات عقائدية ثابتة ؛ فصار لها ولاء ثابت ، وهوية ثابتة ، وشخصية ثابتة ، وتوجه ثابت.
ولكي تصل الدعوة الإسلامية إلى (إحياء الأمة) فإنه من الضروري أن تقوم بترتيب أولويات أعمالها، وتراعي هذا الترتيب في دعوة الناس، وفي تنظيم مراحل علاج المواقع الفاسدة، والبناء للواقع الإسلامي الصالح، وذلك من خلال ما تتبناه من أفكار، ومنهاج للتربية، وأسلوب في العمل.. على النحو التالي:
1- الأفكار: لا بد أن تكون ملكاً للأمة، وليست حكراً على النخبة أو الصفوة، ومن ثم: فلا بد أن تكون باللغة التي تفهمها جماهير الأمة، وتقوم على حل مشكلات الواقع، ورسم خطة المستقبل الأفضل.. فإنها إن كـانـــت كذلك تحوّلت ـ بإذن الله ـ إلى تيار عام كاسح، يغيّر بجهاده المستمر أسس الجاهلية الفكرية والخلقية والثقافية السائدة في كثير من أحوال الأمة.
2-منهاج التربية: تربية كل فرد على الشعور بأنه (هو) المسؤول عن تغيير واقع الأمــــــة الإسلامية وليس (غيره).. وأنه يمتلك القدرة على هذا التغيير إذا سعى إليه بروح الائتلاف مع الأمة، والارتـبــاط بجذورها، وعدم العزلة عنها أو مفارقتها.. ولذلك: فإنه لا بد أن يخالط الناس ويصبر على أذاهم؛ لأن ذلك أرضى لله، وأنفع لعباده.
ولا شك أن هذا المنهاج التربوي سيُخْرِج ـ بإذن الله ـ دعاة إلى الحق يأخذون بيد كل فرد في الأمة إلى الله، ولا يحصرون أنفسهم بين الجدران، بل يتغلغلون في أوساط الأمة لتبسيط دعوتهم ودرء ما ألحقه بها الطواغيت والمبطلون.
3- أسـلــــــوب العمل: توسيع دائرة العمل للإسلام إلى أبعد حد ممكن، عبر إقامة شبكة متكاملة من الـــروابط والعلاقات، ومد جسور التواصل مع مختلف طبقات الأمة، بحيث تصبح العلاقة بـيـن (الصفوة) و(عامة) الأمة هي علاقة إيجابية تقوم على الحب المتبادل وتكامل الطاقات لخدمة الإسلام.. في صورة تتفق أو تقترب من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)(18)، وقوله: (الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا
)(19).
ولا شك أن هذا يتطلب من العاملين للإسلام (امتلاك القدرة على فقه الـتـعــامــــل مـــع المجتمعات، والانفتاح المتزن أكثر، وفـتــــح منافذ جديدة للدعوة، وامتلاك قدر أكبر من المرونة، مع الإبصار الكامل والدقيق والأمين للأهداف، والتقدير للإمكانيات.. ولايعني هذا بحال من الأحوال أن يكون دعاة الإسلام دمـــــاً جـديـــداً فـي قوة الباطل، أو أن يوظف الإسلاميون لغير الأهداف الإسلامية، وإنما يعني: النزول إلى الساحة، وفهم واقع الناس؛ حتى يجيء الأخذ بيدهم ثمرة لهذا الفهم، ذلك أن الناس هم محل الدعوة، وهم جديرون بالشفقة والإنقاذ)(20).
(18)صحيح مسلم ج4
(19)صحيح مسلم باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم.
(20) ( تحت راية أهل السنة والجماعة )د.محمد محمد بدري.